الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الانتكاسة والتقصير في العبادة دليل على غضب الله؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا إنسانة أحب ديني، وأريد التقرب من الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد كنت ملتزمة بصلواتي في وقتها، وكنت دائمًا أستمع إلى القرآن، وعندي رهبة وخوف من ربي، وأحسب كل كلمة أو موقف، ولكن منذ سنة تقريبًا تغيَّر حالي؛ وقصَّرْتُ في عبادتي وصلاتي، وهذا ما جعلني أعاتب نفسي، وأتساءل: هل الله غاضب علي؟

يعلم الله أني أحبه، ولكن هل هذا التغيُّر بسبب العين أم الحسد، أم هو غضب من الله؟

وللعلم: فأنا لست محجبة، على الرغم من حبي للحجاب الشرعي، وأسأل الله الهداية والثبات والستر قبل الموت، كما أن الله قد منّ عليّ برؤية النبي -عليه الصلاة والسلام- في منامي، ولكن حالتي هذه جعلتني أخاف، وأسأل الله الهداية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم أمان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نسأل الله تعالى أن يُعينك على الطاعة، وييسّرها لك، ونوصيك بالإكثار من الدعاء الذي علَّمه النبي ﷺ لمن يُحبُّه من الصحابة -وهو معاذُ بن جبل- قال: "يا معاذ إني أُحبُّك، فلا تدعنَّ أن تقول دُبر كل صلاةٍ: اللهم أعنّي على ذِكْرِك وشُكرك وحُسن عبادتك".

فالعون من الله، وإذا يسّر الله تعالى الأمر صار يسيرًا، ولذلك نحن نقرأ في كل ركعةٍ في صلاتنا: {إيَّاك نعبدُ وإيَّاك نستعينُ}، فينبغي أن يستحضر القلب حاجته إلى الله تعالى، وفقره إليه، ويسأله الإعانة على فعل الطاعة، فإذا صحّ عون الله تعالى للإنسان سَهُلَ عليه كل عسير بإذن الله.

ثانيًا: قد أحسنت -أختنا العزيزة- حين أدركت بأن الحفاظ على الصلوات في أوقاتها فرض، ولا ينبغي للإنسان أن يستكثر عمله هذا، ويظُنُّ أنه قد أدّى كلَّ ما عليه، أو تقرَّب إلى الله تعالى بكل ما يمكن التقرُّب به، فهذه فريضة لا بد من أدائها والاعتناء بأحكامها وحقوقها وحدودها، ثم بعد ذلك ينبغي للإنسان أن يستكثر من السُّنن والمستحبَّات بقدر استطاعته، لينفع نفسه، والله تعالى غني عن طاعة الطائعين.

وهذا يجرُّنا إلى التنبيه إلى أمرٍ مهمّ جدًّا، وهو الحذر من أن يخدعنا الشيطان ويغرّنا في الله سبحانه وتعالى، ويُهيئ لنا أن حُبَّنا لله تعالى وتعلُّقنا به سيكفينا، فإن الله سبحانه وتعالى جعل ميزانًا تُعرفُ به المحبَّة الصادقة، فقال سبحانه: {قل إن كنتم تُحبُّون الله فاتبعوني يُحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}، فالحب الصادق لله تعالى يتمثّل على أرض الواقع بطاعته وطاعة رسوله ﷺ، وتنفيذ التوجيهات والتعليمات الإلهية التي تأتي إلى هذا العبد، فهذا عنوان المحبة الصادق.

أمَّا أن يُعظّم لنا الشيطان مبدأ المحبة، مع تسهيله للذنوب، والمعاصي، والتفريط في الواجبات؛ فهذا غرور من الشيطان، والله تعالى حذّرنا من أن يغرّنا في ديننا الشيطان، فقال سبحانه وتعالى: {ولا يغرّنكم بالله الغرور} والغرور هو الشيطان.

فليحذر الإنسان من وساوس الشيطان، وإيحاءاته الكاذبة، ويحاسب نفسه على فرائض الله تعالى، ويُبادِرْ إلى فعل ما قصّر فيه من الواجبات، وقضاء ما فات منه، وبالاستمرار على هذا فإنه سيصل -بإذن الله تعالى- إلى الحالة المطلوبة.

والذي يُحرّك دافع الخوف في الإنسان هو أن يتذكّر لقاء الله، ويتذكّر الجنّة والنار، ويتذكّر أحوال النار، والناس يُقحمون فيها بسبب أعمالهم، كما أخبر بذلك الرسول ﷺ ويتذكّر أحوال الجنّة وأهلها، الذين يدخلون الجنّة بسبب أعمالهم أيضًا، كما نطقت بذلك آيات القرآن الكريم.

فإذا تذكّر الإنسان عقاب الله، وتذكّر أنه ربما يموت قبل أن يتمكّن من التوبة، وإصلاح الحال؛ فإن هذا اليقين، وهذا الإيمان يدفعه نحو تحسين عمله، والتوبة إلى الله تعالى.

فبادري إلى التوبة إلى الله تعالى من ذنوبك، ومنها ذنب عدم ارتداء الحجاب؛ فإن ارتداء الحجاب الشرعي فرض على المرأة المسلمة، ويجب أن تحتجب عن الرجال الأجانب الذين ليسوا من أقاربها المحرّمين عليها.

وخيرُ ما نوصيك، وننصحك به الرُّفقة الصالحة؛ فإن الإنسان يتأثر بجلسائه وأصدقائه، فحاولي أن تتعرّفي إلى النساء الصالحات، والفتيات الطيبات، وأن تُكثري من التواصل معهنَّ، وقضاء الأوقات معهنَّ، فإن ذلك سيُؤثّر في حياتك -بإذن الله-.

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً