الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ميل المرأة لرجل بسبب الوسواس يعد خيانة لزوجها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خير الجزاء.

لديّ سؤال: هل ميل القلب أمرٌ إرادي؟ قبل يومين تواصلت مع أحد الرجال الصالحين، وطرحت عليه استفسارًا بخصوص الأحلام وتفسيرها. لم يكن بيننا أي كلام خارج هذا الإطار، ولكن وجدت في قلبي ميلًا نحوه، بل شعرت بانجذاب، رغم أنني لم أتحدث معه إلا بما يرضي الله، وكان حديثنا فقط حول المنام والوسواس، وقد نصحني بأن لا أسترسل مع الوسواس.

مع العلم أن زوجي قد حلف عليّ ألّا أقيم علاقة محرّمة مع أي رجل، وأنا ملتزمة بذلك، ولم أتجاوز حدود الأدب والشرع في حديثي، كما أنني لم أستخدم ألفاظًا غير لائقة، مثل "يا حبيبي" أو غيرها من العبارات المحرّمة.

أنا امرأة ملتزمة -والحمد لله-، لكني أعاني من وساوس وخوف دائم من الوقوع في المعصية أو مخالفة الشرع، وخاصة بعد حلف زوجي، حتى إنني أصبحت أحسب مجرد طرحي لهذا السؤال عليكم الآن كأنه نوع من العلاقة المحرّمة! رغم أننا ذهبنا سابقًا إلى أحد مشايخ أهل السنة والجماعة، وأخبرنا أن زوجي لم يقصد الطلاق، بل كان يهددني للتخويف فقط.

أنا لا أمارس حياتي بشكل طبيعي، خوفاً من أن أكون قد وقعت في علاقة محرّمة، رغم أنه لم يكن هناك أي حديث خارج حدود النصيحة، ولا توجد أي علاقة فعلية بيني وبين هذا الرجل سوى سؤال واستشارة.

قد أخبرت زوجي بتفاصيل تواصلي مع هذا الشخص، وقلت له: إنني لم أتكلم معه بشيء محرم، فقال لي: "أعرف، لكن لا تتواصلي مع أحد دون أن تعرفي من هو".

علمًا أن بعض مفسري الأحلام طلبوا مني مالًا مقابل "أسرار من القرآن"؛ للمحافظة على زوجي، فرفضت ذلك خوفًا من الوقوع في المعصية، والتجأت إلى هذا الشخص لأنه معروف بالصلاح، ودائمًا ينشر التوجيهات الإسلامية النافعة.

لقد خفت على نفسي من التعلّق به، فبادرت بحظره فورًا، مخافة أن يزداد تعلّقي، أو أن أقع في ما يغضب الله، فأنا أخاف الله، وأخاف أن أؤذي زوجي، ولو بكلمة أو شعور، فهل ما قمت به يعدّ علاقة محرّمة؟ وهل في قلقي هذا دليل على الوقوع في معصية؟

أشكركم على وقتكم، وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سلمى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

اطمئني واهدئي وقري عيناً، فلم تقعي في محرم حتى تخافي على نفسك التهلكة والعنت، وحتى سؤالك لنا ليس فيه ما يقلقك، فكوني مطمئنة من هذا الباب، ونحن ننصحك بما يلي:

أولاً: الميل القلبي هو من ألاعيب الشيطان، ولكن ما دام حديث نفس فلن تحاسبي عليه، ولا يعد من قبيل الخيانة، ولا يتعلق به حكم شرعي، ما دام حديث نفس عابر، وهذا -أختنا- كميل الصائم إلى الطعام والشراب، ولكنه لا يفعل ذلك، فلا يعد مفطراً، وعليه فلا شيء عليك، المهم أن تغلقي باب الشيطان هذا، كما فعلت، ولا تتصلي به مرة أخرى، ولا تتابعيه.

ثانياً: علاج الوسواس لا يكون بمصاحبة الوسواس، ولا بمجاراته وتتبع فرعياته، وإنما يكون بتجاهله، فالوساوس لا تناقش، بل نقول لك: إن من أخطر ما يقع الناس فيه من الأخطاء محاولة تحليل الوساوس ومناقشتها، بل حتى الرد عليها، ذلك أن أحد أهداف الوسواس إشغالك به، وبما يوسوس لك به، فانتبهي فإن الوسواس حين تناقشينه وتخضعينه للمنطق، تبدأ وساوس أخرى متفرعة عنه، وهذا ما يديم حياته.

عليه فالعلاج يكون عن طريق التحقير، وعدم التفكير فيه، وإشغال الذهن دائماً بما هو مفيد ونافع، والابتعاد عن الفراغ، وخاصة الفراغ الذهني.

ثالثاً: نريدك أن تضعي لنفسك بعض الأهداف العلمية أو الاجتماعية، وأن تجتهدي في تحقيقها، فمثلاً: هدف حفظ كتاب الله، يمكن أن يكون هذا هدفاً يحدد له وقت معين، حسب ظروفك؛ بحيث لا يمر يوم عليك إلا وقد حفظت شيئاً من كتاب الله تعالى، واحرصي أن تتابعي حفظك هذا مع محفظة لكتاب الله تعالى، وهن كثر، و-الحمد لله- هذا مثال، ويمكنك تحديد أهداف أخرى.

اطمئني، فلا مجال للخوف ولا القلق، فلم تفعلي بهذا ما حرم الله تعالى، وقد أحسنت حين أغلقت عنك هذا الباب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً