ومنها
nindex.php?page=treesubj&link=16231_26219_16229_15964إسلام الشاهد إذا كان المشهود عليه مسلما ، حتى لا تقبل شهادة الكافر على المسلم ; لأن الشهادة فيها معنى الولاية ، وهو تنفيذ القول على الغير ، ولا ولاية للكافر ، فلا شهادة له عليه ، وتقبل شهادة المسلم على الكافر ; لأنه من أهل أن يثبت له الولاية على المسلم فعلى الكافر أولى ( وأما ) إذا كان المشهود عليه كافرا ، فإسلام الشاهد ، هل هو شرط لقبول شهادته عليه ؟ فقد اختلف فيه ، قال أصحابنا : رضي الله عنهم " ليس بشرط " حتى تقبل شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض ، سواء اتفقت مللهم أو اختلفت بعد أن كانوا عدولا في دينهم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : شرط حتى لا تقبل شهادتهم أصلا .
واحتج بقوله سبحانه وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } نفى الله سبحانه وتعالى أن يكون للكافرين على المؤمنين سبيل ، وفي قبول شهادة بعضهم على بعض إثبات السبيل للكافرين على المؤمنين ; لأنه يجب على القاضي القضاء بشهادتهم ، وإنه منفي ; ولأن العدالة شرط قبول الشهادة ، والفسق مانع ، والكفر رأس الفسق ، فكان أولى بالمنع من القبول .
( ولنا ) قول النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23545فإذا قبلوا عقد الذمة فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين } ، وللمسلم على المسلم شهادة ، فكذا للذمي على الذمي ، فظاهره يقتضي أن يكون للذمي على المسلم شهادة كالمسلم ، إلا أن ذلك صار مخصوصا من عموم النص ، ; ولأن الحاجة مست إلى صيانة حقوق أهل الذمة .
ولا تحصل الصيانة إلا وأن يكون لبعضهم على بعض شهادة ، ولا شك أن الحاجة
[ ص: 281 ] إلى صيانة حقوقهم ماسة ; لأنهم إنما قبلوا عقد الذمة لتكون دماؤهم كدمائنا ، وأموالهم كأموالنا ، والدليل على أن الصيانة لا تحصل إلا وأن يكون لبعضهم على بعض شهادة ; لأن هذه المعاملات تكثر فيما بينهم ، والمسلمون لا يحضرون معاقدتهم ليتحملوا حوادثهم ، فلو لم يكن لبعضهم على بعض شهادة لضاعت حقوقهم عند الجحود والإنكار فدعت الحاجة إلى الصيانة بالشهادة .
وأما الآية الكريمة فوجوب القضاء لا يثبت بالشهادة وإنما يثبت بالتقليد السابق ، والشهادة شرط الوجوب ، والحكم لا يثبت بالشرط ، فلا يكون في قبول شهادة بعضهم على بعض إثبات السبيل للكافر على المؤمن ، سواء اتفقت مللهم أو اختلفت ، فتقبل شهادة النصراني على اليهودي ، واليهودي على المجوسي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابن أبي ليلى : " إن اختلفت لا تقبل " : وهذا غير سديد ; لأن الكفر وإن اختلفت أنواعه صورة ، فهو ملة واحدة حقيقة ، فتقبل شهادة بعضهم على بعض كيف ما كان ، بعد أن يكون الشاهد من أهل دار الإسلام ، حتى لا تقبل شهادة المستأمن على الذمي ; ; لأنه ليس من أهل دار الإسلام حقيقة ، وإن كان فيها صورة ; لأنه ما دخل دارنا للسكنى فيها بل ليقضي حوائجه ، ثم يعود عن قريب ، فلم يكن من أهل دار الإسلام ، والذمي من أهل دار الإسلام ، فاختلفت الداران فلم تقبل شهادة الذمي عليه بالنص الذي روينا ، وصار حكم المستأمن مع الذمي في الشهادة كحكم الذمي مع المسلم ، وشهادة المستأمن تقبل على المستأمن إن اتفقت دارهم ومللهم ، وإن اختلفت لا تقبل .
وَمِنْهَا
nindex.php?page=treesubj&link=16231_26219_16229_15964إسْلَامُ الشَّاهِدِ إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُسْلِمًا ، حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ ; لِأَنَّ الشَّهَادَةَ فِيهَا مَعْنَى الْوِلَايَةِ ، وَهُوَ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ ، وَلَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ ، فَلَا شَهَادَةَ لَهُ عَلَيْهِ ، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْكَافِرِ ; لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَى الْمُسْلِمِ فَعَلَى الْكَافِرِ أَوْلَى ( وَأَمَّا ) إذَا كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ كَافِرًا ، فَإِسْلَامُ الشَّاهِدِ ، هَلْ هُوَ شَرْطٌ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِ عَلَيْهِ ؟ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ " لَيْسَ بِشَرْطٍ " حَتَّى تُقْبَلَ شَهَادَةُ أَهْلِ الذِّمَّةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ مِلَلُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَتْ بَعْدَ أَنْ كَانُوا عُدُولًا فِي دِينِهِمْ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : شَرْطٌ حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَتُهُمْ أَصْلًا .
وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=141وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا } نَفَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلٌ ، وَفِي قَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إثْبَاتُ السَّبِيلِ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ ، وَإِنَّهُ مَنْفِيٌّ ; وَلِأَنَّ الْعَدَالَةَ شَرْطُ قَبُولِ الشَّهَادَةِ ، وَالْفِسْقُ مَانِعٌ ، وَالْكُفْرُ رَأْسُ الْفِسْقِ ، فَكَانَ أَوْلَى بِالْمَنْعِ مِنْ الْقَبُولِ .
( وَلَنَا ) قَوْلُ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23545فَإِذَا قَبِلُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ لَهُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ } ، وَلِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ شَهَادَةٌ ، فَكَذَا لِلذِّمِّيِّ عَلَى الذِّمِّيِّ ، فَظَاهِرُهُ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لِلذِّمِّيِّ عَلَى الْمُسْلِمِ شَهَادَةٌ كَالْمُسْلِمِ ، إلَّا أَنَّ ذَلِكَ صَارَ مَخْصُوصًا مِنْ عُمُومِ النَّصِّ ، ; وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ مَسَّتْ إلَى صِيَانَةِ حُقُوقِ أَهْلِ الذِّمَّةِ .
وَلَا تَحْصُلُ الصِّيَانَةُ إلَّا وَأَنْ يَكُونَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ شَهَادَةٌ ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْحَاجَةَ
[ ص: 281 ] إلَى صِيَانَةِ حُقُوقِهِمْ مَاسَّةٌ ; لِأَنَّهُمْ إنَّمَا قَبِلُوا عَقْدَ الذِّمَّةِ لِتَكُونَ دِمَاؤُهُمْ كَدِمَائِنَا ، وَأَمْوَالُهُمْ كَأَمْوَالِنَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الصِّيَانَةَ لَا تَحْصُلُ إلَّا وَأَنْ يَكُونَ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ شَهَادَةٌ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْمُعَامَلَاتِ تَكْثُرُ فِيمَا بَيْنَهُمْ ، وَالْمُسْلِمُونَ لَا يَحْضُرُونَ مُعَاقَدَتِهِمْ لِيَتَحَمَّلُوا حَوَادِثَهُمْ ، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِبَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ شَهَادَةٌ لَضَاعَتْ حُقُوقُهُمْ عِنْدَ الْجُحُودِ وَالْإِنْكَارِ فَدَعَتْ الْحَاجَةُ إلَى الصِّيَانَةِ بِالشَّهَادَةِ .
وَأَمَّا الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فَوُجُوبُ الْقَضَاءِ لَا يَثْبُتُ بِالشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ بِالتَّقْلِيدِ السَّابِقِ ، وَالشَّهَادَةُ شَرْطُ الْوُجُوبِ ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ بِالشَّرْطِ ، فَلَا يَكُونُ فِي قَبُولِ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ إثْبَاتُ السَّبِيلِ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ ، سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ مِلَلُهُمْ أَوْ اخْتَلَفَتْ ، فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى الْيَهُودِيِّ ، وَالْيَهُودِيِّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16330ابْنُ أَبِي لَيْلَى : " إنْ اخْتَلَفَتْ لَا تُقْبَلُ " : وَهَذَا غَيْرُ سَدِيدٍ ; لِأَنَّ الْكُفْرَ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَنْوَاعُهُ صُورَةً ، فَهُوَ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ حَقِيقَةً ، فَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ كَيْفَ مَا كَانَ ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ ، حَتَّى لَا تُقْبَلَ شَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِ عَلَى الذِّمِّيِّ ; ; لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ حَقِيقَةً ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا صُورَةً ; لِأَنَّهُ مَا دَخَلَ دَارَنَا لِلسُّكْنَى فِيهَا بَلْ لِيَقْضِيَ حَوَائِجَهُ ، ثُمَّ يَعُودَ عَنْ قَرِيبٍ ، فَلَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ ، وَالذِّمِّيُّ مِنْ أَهْلِ دَارِ الْإِسْلَامِ ، فَاخْتَلَفَتْ الدَّارَانِ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَةُ الذِّمِّيِّ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ الَّذِي رَوَيْنَا ، وَصَارَ حُكْمُ الْمُسْتَأْمَنِ مَعَ الذِّمِّيِّ فِي الشَّهَادَةِ كَحُكْمِ الذِّمِّيِّ مَعَ الْمُسْلِمِ ، وَشَهَادَةُ الْمُسْتَأْمَنِ تُقْبَلُ عَلَى الْمُسْتَأْمَنِ إنْ اتَّفَقَتْ دَارُهُمْ وَمِلَلُهُمْ ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ لَا تُقْبَلُ .