nindex.php?page=treesubj&link=30743_29382حديث الإفك
وكان حديث الإفك في غزوة
بني المصطلق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025880لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان ببعض الطريق ، قال أهل الإفك ما قالوا ، وكان من حديثه ما روي عن عائشة ، قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ، فلما كانت غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه فخرج سهمي ، فخرج بي معه ، وكانت النساء إذ ذاك إنما يأكلن العلق لم يتفكهن [ ص: 79 ] باللحم ، وكنت إذا وصل بعيري جلست في هودجي ، ثم يأتي القوم الذين يرحلون بعيري ، فيحملون الهودج وأنا فيه ، فيضعونه على ظهر البعير ، ثم يأخذون برأس البعير ويسيرون .
قالت فلما قفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفره ذلك ، وكان قريبا من المدينة ، بات بمنزل بعض الليل ، ثم ارتحل هو والناس ، وكنت قد خرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي من جزع ظفار ، انسل من عنقي ولا أدري ، فلما رجعت التمست العقد فلم أجده ، وأخذ الناس بالرحيل ، فرجعت إلى المكان الذي كنت فيه ألتمسه فوجدته ، وجاء القوم الذين يرحلون بعيري ، فأخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه ، فاحتملوه على عادتهم وانطلقوا ، ورجعت إلى المعسكر وما فيه داع ولا مجيب ، فتلففت بجلبابي واضطجعت مكاني ، وعرفت أنهم يرجعون إلي إذا افتقدوني .
قالت : فوالله إني لمضطجعة إذ مر بي nindex.php?page=showalam&ids=4262صفوان بن المعطل السلمي ، وكان تخلف عن العسكر لحاجته ، فلم يبت مع الناس ، فلما رأى سوادي أقبل حتى وقف علي فعرفني ، وكان رآني قبل أن يضرب الحجاب ، فلما رآني استرجع وقال : ما خلفك ؟ قالت : فما كلمته ، ثم قرب البعير وقال : اركبي . فركبت ، وأخذ برأس البعير مسرعا .
فلما نزل الناس واطمأنوا طلع الرجل يقودني ، فقال أهل الإفك في ما قالوا ، فارتعج العسكر ، ولم أعلم بشيء من ذلك ، ثم قدمنا المدينة فاشتكيت شكوى شديدة ، وقد انتهى الحديث إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى أبوي ، ولا يذكران لي منه شيئا ، إلا أني أنكرت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض لطفه ، فكان إذا دخل علي وأمي تمرضني قال : كيف تيكم ؟ لا يزيد على ذلك ، فوجدت في نفسي مما رأيت من جفائه ، فاستأذنته في الانتقال إلى أمي لتمرضني ، فأذن لي ، وانتقلت ولا أعلم بشيء مما كان ، حتى نقهت من وجعي بعد بضع وعشرين ليلة .
قالت : وكنا قوما عربا لا نتخذ في بيوتنا هذه الكنف ، نعافها ونكرهها ، إنما كان النساء يخرجن كل ليلة ، فخرجت ليلة لبعض حاجتي ومعي أم مسطح ابنة أبي رهم بن المطلب ، وكانت أمها خالة nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق . قالت : فوالله إنها لتمشي إذ عثرت في مرطها فقالت : تعس مسطح . قالت : قلت : لعمر الله بئس ما قلت لرجل من المهاجرين قد شهد بدرا ! قالت : أوما بلغك الخبر ؟ قلت : وما الخبر ؟ فأخبرتني بالذي كان .
قالت : [ ص: 80 ] فوالله ما قدرت على أن أقضي حاجتي فرجعت ، فما زلت أبكي حتى ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ، وقلت لأمي : تحدث الناس بما تحدثوا ولا تذكرين لي من ذلك شيئا ؟ قالت : أي بنية ، خفضي عليك ، فوالله قل ما كانت امرأة حسناء عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن ، وكثر الناس عليها . قالت : وقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الناس فخطبهم ، ولا أعلم بذلك ، ثم قال : أيها الناس ، ما بال رجال يؤذونني في أهلي ، ويقولون عليهن غير الحق ، ويقولون ذلك لرجل والله ما علمت عليه إلا خيرا ، وما دخل بيتا من بيوتي إلا معي .
وكان كبر ذلك عند عبد الله بن أبي ابن سلول في رجال من الخزرج ، مع الذي قال مسطح وحمنة بنت جحش ، وذلك أن زينب أختها كانت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأشاعت من ذلك ما أشاعت ؛ تضارني لأختها ، فلما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة ، قال nindex.php?page=showalam&ids=168أسيد بن حضير : يا رسول الله ، إن يكونوا من الأوس نكفكهم ، وإن يكونوا من إخواننا الخزرج فمرنا بأمرك . فقال nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة : والله ما قلت هذه المقالة إلا وقد عرفت أنهم من الخزرج ، ولو كانوا من قومك ما قلت هذا . فقال أسيد : كذبت ، ولكنك منافق تجادل عن المنافقين . وتثاور الناس حتى كاد يكون بينهم شر ، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب nindex.php?page=showalam&ids=111وأسامة بن زيد فاستشارهما ، فأما أسامة فأثنى خيرا ، وأما علي فقال : إن النساء لكثير ، وسل الخادم تصدقك ، فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=216بريرة يسألها ، فقام إليها علي ، فضربها ضربا شديدا وهو يقول : اصدقي رسول الله . فقالت : والله ما أعلم إلا خيرا ، وما كنت أعيب عليها إلا أنها كانت تنام عن عجينها ، فيأتي الداجن فيأكله .
ثم دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي أبواي وامرأة من الأنصار وأنا أبكي وهي تبكي ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : يا عائشة ، إنه قد كان ما بلغك من قول الناس ، فإن كنت قارفت سوءا فتوبي إلى الله .
قالت : فوالله لقد تقلص دمعي حتى ما أحس منه شيئا ، وانتظرت أبوي أن يجيباه ، فلم يفعلا ، فقلت : ألا تجيبانه ؟ فقالا : والله ما ندري بماذا نجيبه ! وما أعلم أهل بيت دخل عليهم ما دخل على أبي بكر تلك الأيام . فلما استعجما بكيت ثم قلت : والله لا [ ص: 81 ] أتوب إلى الله مما ذكرت أبدا ، والله لئن أقررت - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقني ، ولئن أنكرت لا تصدقني . ثم التمست اسم يعقوب فلم أجده ، فقلت : ولكني أقول كما قال أبو يوسف : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ، ولشأني كأني أصغر في نفسي أن ينزل الله في قرآنا يتلى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رؤيا يكذب الله بها عني .
قالت : فوالله ما برح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مجلسه حتى جاءه الوحي ، فسجي بثوبه ، فأما أنا فوالله ما فزعت ولا باليت ، قد عرفت أني بريئة ، وأن الله غير ظالمي ، وأما أبواي فما سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى ظننت لتخرجن أنفسهما فرقا من أن يحقق الله ما قال الناس .
قالت : ثم سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإنه ليتحدر عنه مثل الجمان ، فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : nindex.php?page=treesubj&link=32384أبشري يا عائشة ، فقد أنزل الله براءتك . فقلت : بحمد الله ! ثم خرج إلى الناس فخطبهم ، وذكر لهم ما أنزل الله في من القرآن ، ثم أمر nindex.php?page=showalam&ids=7927بمسطح بن أثاثة ، nindex.php?page=showalam&ids=144وحسان بن ثابت ، وحمنة بنت جحش ، وكانوا ممن أفصح بالفاحشة ، فضربوا حدهم ، وحلف أبو بكر لا ينفق على مسطح أبدا ، فأنزل الله : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22ولا يأتل أولو الفضل منكم الآية ، فقال أبو بكر : إني أحب أن يغفر الله لي ، ورجع إلى مسطح نفقته . ثم إن nindex.php?page=showalam&ids=4262صفوان بن المعطل اعترض nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت بالسيف فضربه ، ثم قال :
تلق ذباب السيف عني فإنني غلام إذا هوجيت لست بشاعر
فوثب nindex.php?page=showalam&ids=215ثابت بن قيس بن شماس فجمع يديه إلى عنقه ، وانطلق به إلى الحارث بن الخزرج ، فلقيه nindex.php?page=showalam&ids=82عبد الله بن رواحة فقال : ما هذا ؟ فقال : ضرب حسان وما أراه إلا قتله . فقال عبد الله : هل علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشيء مما صنعت ؟ قال : لا والله ، قال : لقد اجترأت ، أطلق الرجل . فأطلقه ، فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا حسان nindex.php?page=showalam&ids=4262وصفوان بن المعطل ، فقال صفوان : هجاني يا رسول الله وآذاني ، فضربته . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحسان : أحسن يا حسان . قال : هي لك يا رسول الله ، فأعطاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عوضا منها بيرحاء - وهي قصر بني حديلة ، بالحاء المهملة - وأعطاه شيرين - أمة قبطية ، وهي أخت مارية أم إبراهيم ابن رسول الله - فولدت له ابنه عبد الرحمن ، وكان صفوان حصورا [ ص: 82 ] لا يأتي النساء ، ثم قتل بعد ذلك شهيدا .
(
مسطح بكسر الميم ، وسكون السين المهملة ، وبالطاء والحاء المهملتين ) .
nindex.php?page=treesubj&link=30743_29382حَدِيثُ الْإِفْكِ
وَكَانَ حَدِيثُ الْإِفْكِ فِي غَزْوَةِ
بَنِي الْمُصْطَلِقِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025880لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ ، قَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ مَا قَالُوا ، وَكَانَ مِنْ حَدِيثِهِ مَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا مَعَهُ ، فَلَمَّا كَانَتْ غَزْوَةُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَخَرَجَ سَهْمِي ، فَخَرَجَ بِي مَعَهُ ، وَكَانَتِ النِّسَاءُ إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا يَأْكُلْنَ الْعُلَقَ لَمْ يَتَفَكَّهْنَ [ ص: 79 ] بِاللَّحْمِ ، وَكُنْتُ إِذَا وَصَلَ بِعِيرِي جَلَسْتُ فِي هَوْدَجِي ، ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمُ الَّذِينَ يُرَحِّلُونَ بِعِيرِي ، فَيَحْمِلُونَ الْهَوْدَجَ وَأَنَا فِيهِ ، فَيَضَعُونَهُ عَلَى ظَهْرِ الْبَعِيرِ ، ثُمَّ يَأْخُذُونَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ وَيَسِيرُونَ .
قَالَتْ فَلَمَّا قَفَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ سَفَرِهِ ذَلِكَ ، وَكَانَ قَرِيبًا مِنَ الْمَدِينَةِ ، بَاتَ بِمَنْزِلٍ بَعْضَ اللَّيْلِ ، ثُمَّ ارْتَحَلَ هُوَ وَالنَّاسُ ، وَكُنْتُ قَدْ خَرَجْتُ لِبَعْضِ حَاجَتِي وَفِي عُنُقِي عِقْدٌ لِي مِنْ جَزْعِ ظَفَارٍ ، انْسَلَّ مِنْ عُنُقِي وَلَا أَدْرِي ، فَلَمَّا رَجَعْتُ الْتَمَسْتُ الْعِقْدَ فَلَمْ أَجِدْهُ ، وَأَخَذَ النَّاسُ بِالرَّحِيلِ ، فَرَجَعْتُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ أَلْتَمِسُهُ فَوَجَدْتُهُ ، وَجَاءَ الْقَوْمُ الَّذِينَ يُرَحِّلُونَ بِعِيرِي ، فَأَخَذُوا الْهَوْدَجَ وَهُمْ يَظُنُّونَ أَنِّي فِيهِ ، فَاحْتَمَلُوهُ عَلَى عَادَتِهِمْ وَانْطَلَقُوا ، وَرَجَعْتُ إِلَى الْمُعَسْكَرِ وَمَا فِيهِ دَاعٍ وَلَا مُجِيبٌ ، فَتَلَفَّفْتُ بِجِلْبَابِي وَاضْطَجَعْتُ مَكَانِي ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ يَرْجِعُونَ إِلَيَّ إِذَا افْتَقَدُونِي .
قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنِّي لَمُضْطَجِعَةٌ إِذْ مَرَّ بِي nindex.php?page=showalam&ids=4262صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ السُّلَمِيُّ ، وَكَانَ تَخَلَّفَ عَنِ الْعَسْكَرِ لِحَاجَتِهِ ، فَلَمْ يَبِتْ مَعَ النَّاسِ ، فَلَمَّا رَأَى سَوَادِي أَقْبَلَ حَتَّى وَقَفَ عَلَيَّ فَعَرَفَنِي ، وَكَانَ رَآنِي قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ ، فَلَمَّا رَآنِي اسْتَرْجَعَ وَقَالَ : مَا خَلَّفَكِ ؟ قَالَتْ : فَمَا كَلَّمْتُهُ ، ثُمَّ قَرَّبَ الْبَعِيرَ وَقَالَ : ارْكَبِي . فَرَكِبْتُ ، وَأَخَذَ بِرَأْسِ الْبَعِيرِ مُسْرِعًا .
فَلَمَّا نَزَلَ النَّاسُ وَاطْمَأَنُّوا طَلَعَ الرَّجُلُ يَقُودُنِي ، فَقَالَ أَهْلُ الْإِفْكِ فِيَّ مَا قَالُوا ، فَارْتَعَجَ الْعَسْكَرُ ، وَلَمْ أَعْلَمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَاشْتَكَيْتُ شَكْوَى شَدِيدَةً ، وَقَدِ انْتَهَى الْحَدِيثُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِلَى أَبَوَيَّ ، وَلَا يَذْكُرَانِ لِي مِنْهُ شَيْئًا ، إِلَّا أَنِّي أَنْكَرْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْضَ لُطْفِهِ ، فَكَانَ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ وَأُمِّي تُمَرِّضُنِي قَالَ : كَيْفَ تِيكُمْ ؟ لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ، فَوَجَدْتُ فِي نَفْسِي مِمَّا رَأَيْتُ مِنْ جَفَائِهِ ، فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِي الِانْتِقَالِ إِلَى أُمِّي لِتُمَرِّضَنِي ، فَأَذِنَ لِي ، وَانْتَقَلْتُ وَلَا أَعْلَمُ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ ، حَتَّى نَقِهْتُ مِنْ وَجَعِي بَعْدَ بِضْعٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً .
قَالَتْ : وَكُنَّا قَوْمًا عَرَبًا لَا نَتَّخِذُ فِي بُيُوتِنَا هَذِهِ الْكُنُفَ ، نَعَافُهَا وَنَكْرَهُهَا ، إِنَّمَا كَانَ النِّسَاءُ يَخْرُجْنَ كُلَّ لَيْلَةٍ ، فَخَرَجْتُ لَيْلَةً لِبَعْضِ حَاجَتِي وَمَعِي أُمُّ مِسْطَحٍ ابْنَةُ أَبِي رُهْمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، وَكَانَتْ أُمُّهَا خَالَةَ nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ . قَالَتْ : فَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَتَمْشِي إِذْ عَثَرَتْ فِي مِرْطِهَا فَقَالَتْ : تَعِسَ مِسْطَحٌ . قَالَتْ : قُلْتُ : لَعَمْرُ اللَّهِ بِئْسَ مَا قُلْتِ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ! قَالَتْ : أَوَمَا بَلَغَكِ الْخَبَرُ ؟ قُلْتُ : وَمَا الْخَبَرُ ؟ فَأَخْبَرَتْنِي بِالَّذِي كَانَ .
قَالَتْ : [ ص: 80 ] فَوَاللَّهِ مَا قَدَرْتُ عَلَى أَنْ أَقْضِيَ حَاجَتِي فَرَجَعْتُ ، فَمَا زِلْتُ أَبْكِي حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّ الْبُكَاءَ سَيَصْدَعُ كَبِدِي ، وَقُلْتُ لِأُمِّي : تَحَدَّثَ النَّاسُ بِمَا تَحَدَّثُوا وَلَا تَذْكُرِينَ لِي مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا ؟ قَالَتْ : أَيْ بُنَيَّةُ ، خَفِّضِي عَلَيْكِ ، فَوَاللَّهِ قَلَّ مَا كَانَتِ امْرَأَةٌ حَسْنَاءُ عِنْدَ رَجُلٍ يُحِبُّهَا لَهَا ضَرَائِرُ إِلَّا كَثَّرْنَ ، وَكَثَّرَ النَّاسُ عَلَيْهَا . قَالَتْ : وَقَدْ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ ، وَلَا أَعْلَمُ بِذَلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ ، مَا بَالُ رِجَالٍ يُؤْذُونَنِي فِي أَهْلِي ، وَيَقُولُونَ عَلَيْهِنَّ غَيْرَ الْحَقِّ ، وَيَقُولُونَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِ إِلَّا خَيْرًا ، وَمَا دَخَلَ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِي إِلَّا مَعِي .
وَكَانَ كُبْرُ ذَلِكَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ابْنِ سَلُولَ فِي رِجَالٍ مِنَ الْخَزْرَجِ ، مَعَ الَّذِي قَالَ مِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ ، وَذَلِكَ أَنَّ زَيْنَبَ أُخْتَهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَشَاعَتْ مِنْ ذَلِكَ مَا أَشَاعَتْ ؛ تُضَارُّنِي لِأُخْتِهَا ، فَلَمَّا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تِلْكَ الْمَقَالَةَ ، قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=168أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنْ يَكُونُوا مِنَ الْأَوْسِ نَكْفِكَهُمْ ، وَإِنْ يَكُونُوا مِنْ إِخْوَانِنَا الْخَزْرَجِ فَمُرْنَا بِأَمْرِكَ . فَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ : وَاللَّهِ مَا قُلْتَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ إِلَّا وَقَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُمْ مِنَ الْخَزْرَجِ ، وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَوْمِكَ مَا قُلْتَ هَذَا . فَقَالَ أُسَيْدٌ : كَذَبْتَ ، وَلَكِنَّكَ مُنَافِقٌ تُجَادِلُ عَنِ الْمُنَافِقِينَ . وَتَثَاوَرَ النَّاسُ حَتَّى كَادَ يَكُونُ بَيْنَهُمْ شَرٌّ ، وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدَعَا nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ nindex.php?page=showalam&ids=111وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَاسْتَشَارَهُمَا ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَثْنَى خَيْرًا ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ : إِنَّ النِّسَاءَ لَكَثِيرٌ ، وَسَلِ الْخَادِمَ تَصْدُقُكَ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=216بَرِيرَةَ يَسْأَلُهَا ، فَقَامَ إِلَيْهَا عَلِيٌّ ، فَضَرَبَهَا ضَرْبًا شَدِيدًا وَهُوَ يَقُولُ : اصْدُقِي رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا ، وَمَا كُنْتُ أَعِيبُ عَلَيْهَا إِلَّا أَنَّهَا كَانَتْ تَنَامُ عَنْ عَجِينِهَا ، فَيَأْتِي الدَّاجِنُ فَيَأْكُلُهُ .
ثُمَّ دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعِنْدِي أَبَوَايَ وَامْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَأَنَا أَبْكِي وَهِيَ تَبْكِي ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : يَا عَائِشَةُ ، إِنَّهُ قَدْ كَانَ مَا بَلَغَكِ مِنْ قَوْلِ النَّاسِ ، فَإِنْ كُنْتِ قَارَفْتِ سُوءًا فَتُوبِي إِلَى اللَّهِ .
قَالَتْ : فَوَاللَّهِ لَقَدْ تَقَلَّصَ دَمْعِي حَتَّى مَا أُحِسُّ مِنْهُ شَيْئًا ، وَانْتَظَرْتُ أَبَوَيَّ أَنْ يُجِيبَاهُ ، فَلَمْ يَفْعَلَا ، فَقُلْتُ : أَلَا تُجِيبَانِهِ ؟ فَقَالَا : وَاللَّهِ مَا نَدْرِي بِمَاذَا نُجِيبُهُ ! وَمَا أَعْلَمُ أَهْلَ بَيْتٍ دَخَلَ عَلَيْهِمْ مَا دَخَلَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ تِلْكَ الْأَيَّامِ . فَلَمَّا اسْتَعْجَمَا بَكَيْتُ ثُمَّ قُلْتُ : وَاللَّهِ لَا [ ص: 81 ] أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مِمَّا ذَكَرْتَ أَبَدًا ، وَاللَّهِ لَئِنْ أَقْرَرْتُ - وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَنِّي مِنْهُ بَرِيئَةٌ - لَتُصَدِّقُنِي ، وَلَئِنْ أَنْكَرْتُ لَا تُصَدِّقُنِي . ثُمَّ الْتَمَسْتُ اسْمَ يَعْقُوبَ فَلَمْ أَجِدْهُ ، فَقُلْتُ : وَلَكِنِّي أَقُولُ كَمَا قَالَ أَبُو يُوسُفَ : nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=18فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ، وَلَشَأْنِي كَأَنِّي أَصَغْرُ فِي نَفْسِي أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ فِيَّ قُرْآنًا يُتْلَى ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رُؤْيَا يُكَذِّبُ اللَّهُ بِهَا عَنِّي .
قَالَتْ : فَوَاللَّهِ مَا بَرِحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَجْلِسِهِ حَتَّى جَاءَهُ الْوَحْيُ ، فَسُجِّيَ بِثَوْبِهِ ، فَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ مَا فَزِعْتُ وَلَا بَالَيْتُ ، قَدْ عَرَفْتُ أَنِّي بَرِيئَةٌ ، وَأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ ظَالِمِي ، وَأَمَّا أَبَوَايَ فَمَا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى ظَنَنْتُ لَتَخْرُجَنَّ أَنْفُسُهُمَا فَرَقًا مِنْ أَنْ يُحَقِّقَ اللَّهُ مَا قَالَ النَّاسُ .
قَالَتْ : ثُمَّ سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ عَنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ ، فَجَعَلَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ وَيَقُولُ : nindex.php?page=treesubj&link=32384أَبْشِرِي يَا عَائِشَةُ ، فَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ . فَقُلْتُ : بِحَمْدِ اللَّهِ ! ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ فَخَطَبَهُمْ ، وَذَكَرَ لَهُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيَّ مَنِ الْقُرْآنِ ، ثُمَّ أَمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7927بِمِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=144وَحَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ ، وَحَمْنَةَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَكَانُوا مِمَّنْ أَفْصَحَ بِالْفَاحِشَةِ ، فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ ، وَحَلَفَ أَبُو بَكْرٍ لَا يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ أَبَدًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=22وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ الْآيَةَ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إِنِّي أُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لِي ، وَرَجَّعَ إِلَى مِسْطَحٍ نَفَقَتَهُ . ثُمَّ إِنَّ nindex.php?page=showalam&ids=4262صَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ اعْتَرَضَ nindex.php?page=showalam&ids=144حَسَّانَ بْنَ ثَابِتٍ بِالسَّيْفِ فَضَرَبَهُ ، ثُمَّ قَالَ :
تَلَقَّ ذُبَابَ السَّيْفِ عَنِّي فَإِنَّنِي غُلَامٌ إِذَا هُوجِيتُ لَسْتُ بِشَاعِرِ
فَوَثَبَ nindex.php?page=showalam&ids=215ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فَجَمَعَ يَدَيْهِ إِلَى عُنُقِهِ ، وَانْطَلَقَ بِهِ إِلَى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، فَلَقِيَهُ nindex.php?page=showalam&ids=82عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَقَالَ : مَا هَذَا ؟ فَقَالَ : ضَرَبَ حَسَّانَ وَمَا أَرَاهُ إِلَّا قَتَلَهُ . فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : هَلْ عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ مِمَّا صَنَعْتَ ؟ قَالَ : لَا وَاللَّهِ ، قَالَ : لَقَدِ اجْتَرَأْتَ ، أَطْلِقِ الرَّجُلَ . فَأَطْلَقَهُ ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا حَسَّانَ nindex.php?page=showalam&ids=4262وَصَفْوَانَ بْنَ الْمُعَطَّلِ ، فَقَالَ صَفْوَانُ : هَجَانِي يَا رَسُولَ اللَّهِ وَآذَانِي ، فَضَرَبْتُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِحَسَّانَ : أَحْسِنْ يَا حَسَّانُ . قَالَ : هِيَ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِوَضًا مِنْهَا بَيْرَحَاءَ - وَهِيَ قَصْرُ بَنِي حُدَيْلَةَ ، بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ - وَأَعْطَاهُ شِيرِينَ - أَمَةً قِبْطِيَّةٌ ، وَهِيَ أُخْتُ مَارِيَةَ أُمِّ إِبْرَاهِيمَ ابْنِ رَسُولِ اللَّهِ - فَوَلَدَتْ لَهُ ابْنَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَ صَفْوَانُ حَصُورًا [ ص: 82 ] لَا يَأْتِي النِّسَاءَ ، ثُمَّ قُتِلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَهِيدًا .
(
مِسْطَحٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ ، وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ ، وَبِالطَّاءِ وَالْحَاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ ) .