165 - مسألة :
nindex.php?page=treesubj&link=125_103ومس الرجل المرأة والمرأة الرجل بأي عضو مس أحدهما الآخر ، إذا كان عمدا ، دون أن يحول بينهما ثوب أو غيره ، سواء أمه كانت أو ابنته ، أو مست ابنها أو أباها ، الصغير والكبير سواء ، لا معنى للذة في شيء من ذلك وكذلك لو مسها على ثوب للذة لم ينتقض وضوءه ، وبهذا يقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأصحاب الظاهر .
برهان ذلك قول الله تبارك وتعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : والملامسة فعل من فاعلين ، وبيقين ندري أن الرجال والنساء مخاطبون بهذه الآية ، لا خلاف بين أحد من الأمة في هذا لأن أول الآية وآخرها عموم للجميع من الذين آمنوا ، فصح أن هذا الحكم لازم للرجال إذا لامسوا النساء ،
[ ص: 228 ] والنساء إذا لامسن الرجال ، ولم يخص الله تعالى امرأة من امرأة ، ولا لذة من غير لذة ، فتخصيص ذلك لا يجوز ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وغيره . وادعى قوم أن اللمس المذكور في هذه الآية هو الجماع .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا تخصيص لا برهان عليه ، ومن الباطل الممتنع أن يريد الله عز وجل لماسا من لماس فلا يبينه . نعوذ بالله من هذا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : واحتج من رأى اللماس المذكور في هذه الآية هو الجماع بحديث فيه {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47598أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل ولا يتوضأ } وهذا حديث لا يصح ; لأن راويه
أبو روق وهو ضعيف ، ومن طريق رجل اسمه
عروة المزني ، وهو مجهول ، رويناه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن أصحاب له لم يسمهم عن
عروة المزني ، وهو مجهول ولو صح لما كان لهم فيه حجة لأن معنى هذا الخبر منسوخ بيقين لأنه موافق لما كان الناس عليه قبل نزول الآية ، ووردت الآية بشرع زائد لا يجوز تركه ولا تخصيصه .
وذكروا أيضا حديثين صحيحين : أحدهما من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أم المؤمنين {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47599التمست رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل فلم أجده ، فوقعت يدي على باطن قدمه وهو ساجد } .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه لأن الوضوء إنما هو على القاصد إلى اللمس ، لا على الملموس دون أن يقصد هو إلى فعل الملامسة ; لأنه لم يلامس ، ودليل آخر ، وهو أنه ليس في هذا الخبر أنه عليه السلام كان في صلاة ، وقد يسجد
[ ص: 229 ] المسلم في غير صلاة ، لأن السجود فعل خير ، وحتى لو صح لهم أنه عليه السلام كان في صلاة - وهذا ما لا يصح - فليس في الخبر أنه عليه السلام لم ينتقض وضوءه ، ولا أنه صلى صلاة مستأنفة دون تجديد وضوء ، فإذا ليس في الخبر شيء من هذا فلا متعلق لهم به أصلا . ثم لو صح أنه عليه السلام كان في صلاة ، وصح أنه عليه السلام تمادى عليها أو صلى غيرها دون تجديد وضوء - وهذا كله لا يصح أبدا - فإنه كان يكون هذا الخبر موافقا للحال التي كان الناس عليها قبل نزول الآية بلا شك ، وهي حال لا مرية في نسخها وارتفاع حكمه بنزول الآية ، ومن الباطل الأخذ بما قد تيقن نسخه وترك الناسخ ، فبطل أن يكون لهم متعلق بهذا الخبر . والحمد لله رب العالمين .
والخبر الثاني من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=60أبي قتادة {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47600أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل nindex.php?page=showalam&ids=219أمامة بنت أبي العاص - وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - على عاتقه يضعها ، إذا سجد ، ويرفعها إذا قام } قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : وهذا لا حجة لهم فيه أصلا لأنه ليس فيه نص أن يديها ورجليها لمست شيئا من بشرته عليه السلام ، إذ قد تكون موشحة برداء أو بقفازين وجوربين ، أو يكون ثوبها سابغا يواري يديها ورجليها ، وهذا الأولى أن يظن بمثلها بحضرة الرجال ، وإذا لم يكن ما ذكرنا في الحديث فلا يحل لأحد أن يزيد فيه ما ليس فيه ، فيكون كاذبا ، وإذا كان ما ظنوا ليس في الخبر وما قلنا ممكنا ، والذي لا يمكن غيره ، فقد بطل تعلقهم به ، ولم يحل ترك الآية المتيقن وجوب حكمها لظن كاذب ، وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36إن الظن لا يغني من الحق شيئا } .
وأيضا فإن هذا الخبر والذي قبله ليس فيهما أيهما كان بعد نزول الآية ، والآية متأخرة النزول ، فلو صح أنه عليه السلام مس يديها ورجليها في الصلاة لكان موافقا للحال التي كان الناس عليها قبل نزول الآية ، وعلى كل حال فنحن على يقين من أن معنى هذا الخبر - لو صح لهم كما يريدون - فإنه منسوخ بلا شك ولا يحل الرجوع إلى المتيقن أنه منسوخ وترك الناسخ . فصح أنهم يوهمون بأخبار لا متعلق لهم بشيء منها ، يرومون بها ترك اليقين من القرآن والسنن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لا ينقض الوضوء قبلة ولا ملامسة للذة كانت أو لغير لذة ، ولا
[ ص: 230 ] أن يقبض بيده على فرجها كذلك ، إلا أن يباشرها بجسده دون حائل وينعظ فهذا وحده ينقض الوضوء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : لا وضوء من
nindex.php?page=treesubj&link=102_100_107_106ملامسة المرأة الرجل ، ولا الرجل المرأة ، إذا كانت لغير شهوة ، تحت الثياب أو فوقها ، فإن كانت الملامسة للذة فعلى الملتذ منهما الوضوء سواء كان فوق الثياب أو تحتها ، أنعظ أو لم ينعظ ، والقبلة كالملامسة في كل ذلك ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كقولنا ، إلا أنه روي عنه أن مس شعر المرأة خاصة لا ينقض الوضوء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد أما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة فظاهر التناقض ، ولا يمكنه التعلق بالتأويل الذي تأوله قوم في الآية : إن الملامسة المذكورة فيها هو الجماع فقط لأنه أوجب الوضوء من المباشرة إذا كان معها إنعاظ ، وأما مناقضته فتفريقه بين القبلة يكون معها إنعاظ فلا ينقض الوضوء . وبين المباشرة يكون معها إنعاظ فتنقض الوضوء ، وهذا فرق لم يؤيده قرآن ولا سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس ، بل هو مخالف لكل ذلك ، ومن مناقضاته أيضا أنه جعل القبلة لشهوة واللمس لشهوة بمنزلة القبلة لغير الشهوة ، واللمس لغير الشهوة لا ينقض الوضوء شيء من ذلك ، ثم رأى أن القبلة لشهوة واللمس لشهوة رجعة في الطلاق ، بخلاف القبلة لغير شهوة واللمس لغير شهوة ، وهذا كما ترى لا اتباع القرآن ، ولا التعلق بالسنة ولا طرد قياس ولا سداد رأي ولا تقليد صاحب ، ونسأل الله التوفيق .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في مراعاة الشهوة واللذة ، فقول لا دليل عليه لا من قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة ، ولا قول صاحب ولا ضبط قياس ولا احتياط ، وكذلك تفريق
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بين الشعر وغيره ، فقول لا يعضده أيضا قرآن ولا سنة ولا إجماع ولا قول صاحب ولا قياس ، بل هو خلاف ذلك كله ، وهذه الأقوال الثلاثة كما أوردناها لم نعرف أنه قال بها أحد قبلهم ، وبالله تعالى التوفيق .
فإن قيل : قد رويتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي والشعبي : إذا قبل أو لمس لشهوة فعليه الوضوء وعن
حماد :
nindex.php?page=treesubj&link=105_100أي الزوجين قبل صاحبه والآخر لا يريد ذلك ، فلا وضوء على الذي لا يريد ذلك ، إلا أن يجد لذة ، وعلى القاصد لذلك الوضوء . قلنا : قد صح عن
الشعبي nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي وحماد إيجاب الوضوء من القبلة على القاصد بكل حال ، وإذ ذلك كذلك
[ ص: 231 ] فاللذة داخلة في هذا القول ، وبه نقول ، وليس ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك . والعجب أن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالكا لا يرى الوضوء من الملامسة إلا حتى يكون معها شهوة ، ثم لا يرى الوضوء يجب من الشهوة دون ملامسة فكل واحد من المعنيين لا يوجب الوضوء على انفراده فمن أين له إيجاب الوضوء عند اجتماعهما ؟
165 - مَسْأَلَةٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=125_103وَمَسُّ الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ وَالْمَرْأَةِ الرَّجُلَ بِأَيِّ عُضْوٍ مَسَّ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، إذَا كَانَ عَمْدًا ، دُونَ أَنْ يَحُولَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ أَوْ غَيْرُهُ ، سَوَاءٌ أُمُّهُ كَانَتْ أَوْ ابْنَتُهُ ، أَوْ مَسَّتْ ابْنَهَا أَوْ أَبَاهَا ، الصَّغِيرَ وَالْكَبِيرَ سَوَاءٌ ، لَا مَعْنَى لِلَّذَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لَوْ مَسَّهَا عَلَى ثَوْبٍ لِلَّذَّةِ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ ، وَبِهَذَا يَقُولُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُ الظَّاهِرِ .
بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=43أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا } . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَالْمُلَامَسَةُ فِعْلٌ مِنْ فَاعِلَيْنِ ، وَبِيَقِينٍ نَدْرِي أَنَّ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ مُخَاطَبُونَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، لَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي هَذَا لِأَنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ وَآخِرَهَا عُمُومٌ لِلْجَمِيعِ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا ، فَصَحَّ أَنَّ هَذَا الْحُكْمَ لَازِمٌ لِلرِّجَالِ إذَا لَامَسُوا النِّسَاءَ ،
[ ص: 228 ] وَالنِّسَاءِ إذَا لَامَسْنَ الرِّجَالَ ، وَلَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى امْرَأَةً مِنْ امْرَأَةٍ ، وَلَا لَذَّةً مِنْ غَيْرِ لَذَّةٍ ، فَتَخْصِيصُ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ وَغَيْرِهِ . وَادَّعَى قَوْمٌ أَنَّ اللَّمْسَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْجِمَاعُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا تَخْصِيصٌ لَا بُرْهَانَ عَلَيْهِ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُمْتَنِعِ أَنْ يُرِيدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَاسًا مِنْ لِمَاسٍ فَلَا يُبَيِّنُهُ . نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064عَلِيٌّ : وَاحْتَجَّ مَنْ رَأَى اللِّمَاسَ الْمَذْكُورَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هُوَ الْجِمَاعُ بِحَدِيثٍ فِيهِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47598أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَلَا يَتَوَضَّأُ } وَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ رَاوِيَهُ
أَبُو رَوْقٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ ، وَمِنْ طَرِيقِ رَجُلٍ اسْمُهُ
عُرْوَةُ الْمُزَنِيّ ، وَهُوَ مَجْهُولٌ ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ عَنْ أَصْحَابٍ لَهُ لَمْ يُسَمِّهِمْ عَنْ
عُرْوَةَ الْمُزَنِيِّ ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَلَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ مَنْسُوخٌ بِيَقِينٍ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَوَرَدَتْ الْآيَةُ بِشَرْعٍ زَائِدٍ لَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَلَا تَخْصِيصُهُ .
وَذَكَرُوا أَيْضًا حَدِيثَيْنِ صَحِيحَيْنِ : أَحَدُهُمَا مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47599الْتَمَسْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اللَّيْلِ فَلَمْ أَجِدْهُ ، فَوَقَعَتْ يَدَيْ عَلَى بَاطِنِ قَدَمِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ } .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّ الْوُضُوءَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْقَاصِدِ إلَى اللَّمْسِ ، لَا عَلَى الْمَلْمُوسِ دُونَ أَنْ يَقْصِدَ هُوَ إلَى فِعْلِ الْمُلَامَسَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُلَامِسْ ، وَدَلِيلٌ آخَرُ ، وَهُوَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا الْخَبَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي صَلَاةٍ ، وَقَدْ يَسْجُدُ
[ ص: 229 ] الْمُسْلِمُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ ، لِأَنَّ السُّجُودَ فِعْلُ خَيْرٍ ، وَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي صَلَاةٍ - وَهَذَا مَا لَا يَصِحُّ - فَلَيْسَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ ، وَلَا أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةً مُسْتَأْنَفَةً دُونَ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ ، فَإِذًا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِهِ أَصْلًا . ثُمَّ لَوْ صَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ فِي صَلَاةٍ ، وَصَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَمَادَى عَلَيْهَا أَوْ صَلَّى غَيْرَهَا دُونَ تَجْدِيدِ وُضُوءٍ - وَهَذَا كُلُّهُ لَا يَصِحُّ أَبَدًا - فَإِنَّهُ كَانَ يَكُونُ هَذَا الْخَبَرُ مُوَافِقًا لِلْحَالِ الَّتِي كَانَ النَّاسُ عَلَيْهَا قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ بِلَا شَكٍّ ، وَهِيَ حَالٌ لَا مِرْيَةَ فِي نَسْخِهَا وَارْتِفَاعِ حُكْمِهِ بِنُزُولِ الْآيَةِ ، وَمِنْ الْبَاطِلِ الْأَخْذُ بِمَا قَدْ تُيُقِّنَ نَسْخُهُ وَتَرْكُ النَّاسِخِ ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ لَهُمْ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا الْخَبَرِ . وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
وَالْخَبَرُ الثَّانِي مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=60أَبِي قَتَادَةَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=47600أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَمَلَ nindex.php?page=showalam&ids=219أُمَامَةَ بِنْتَ أَبِي الْعَاصِ - وَأُمَّهَا زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى عَاتِقِهِ يَضَعُهَا ، إذَا سَجَدَ ، وَيَرْفَعُهَا إذَا قَامَ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ : وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ أَصْلًا لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ أَنَّ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا لَمَسَتْ شَيْئًا مِنْ بَشَرَتِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، إذْ قَدْ تَكُونُ مُوَشَّحَةً بِرِدَاءٍ أَوْ بِقُفَّازَيْنِ وَجَوْرَبَيْنِ ، أَوْ يَكُونُ ثَوْبُهَا سَابِغًا يُوَارِي يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا ، وَهَذَا الْأَوْلَى أَنْ يُظَنَّ بِمِثْلِهَا بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَا ذَكَرْنَا فِي الْحَدِيثِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَزِيدَ فِيهِ مَا لَيْسَ فِيهِ ، فَيَكُونَ كَاذِبًا ، وَإِذَا كَانَ مَا ظَنُّوا لَيْسَ فِي الْخَبَرِ وَمَا قُلْنَا مُمْكِنًا ، وَاَلَّذِي لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ ، فَقَدْ بَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِهِ ، وَلَمْ يَحِلَّ تَرْكُ الْآيَةِ الْمُتَيَقَّنِ وُجُوبُ حُكْمِهَا لِظَنٍّ كَاذِبٍ ، وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=36إنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنْ الْحَقِّ شَيْئًا } .
وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا الْخَبَرَ وَاَلَّذِي قَبْلَهُ لَيْسَ فِيهِمَا أَيَّهُمَا كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَالْآيَةُ مُتَأَخِّرَةُ النُّزُولِ ، فَلَوْ صَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسَّ يَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا فِي الصَّلَاةِ لَكَانَ مُوَافِقًا لِلْحَالِ الَّتِي كَانَ النَّاسُ عَلَيْهَا قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّ مَعْنَى هَذَا الْخَبَرِ - لَوْ صَحَّ لَهُمْ كَمَا يُرِيدُونَ - فَإِنَّهُ مَنْسُوخٌ بِلَا شَكٍّ وَلَا يَحِلُّ الرُّجُوعُ إلَى الْمُتَيَقَّنِ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ وَتَرْكُ النَّاسِخِ . فَصَحَّ أَنَّهُمْ يُوهَمُونَ بِأَخْبَارٍ لَا مُتَعَلِّقَ لَهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا ، يَرُومُونَ بِهَا تَرْكَ الْيَقِينِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبُو حَنِيفَةَ : لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ قُبْلَةٌ وَلَا مُلَامَسَةٌ لِلَذَّةٍ كَانَتْ أَوْ لِغَيْرِ لَذَّةٍ ، وَلَا
[ ص: 230 ] أَنْ يَقْبِضَ بِيَدِهِ عَلَى فَرْجِهَا كَذَلِكَ ، إلَّا أَنْ يُبَاشِرَهَا بِجَسَدِهِ دُونَ حَائِلٍ وَيَنْعَظُ فَهَذَا وَحْدَهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : لَا وُضُوءَ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=102_100_107_106مُلَامَسَةِ الْمَرْأَةِ الرَّجُلَ ، وَلَا الرَّجُلِ الْمَرْأَةَ ، إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ ، تَحْتَ الثِّيَابِ أَوْ فَوْقَهَا ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُلَامَسَةُ لِلَّذَّةِ فَعَلَى الْمُلْتَذِّ مِنْهُمَا الْوُضُوءُ سَوَاءٌ كَانَ فَوْقَ الثِّيَابِ أَوْ تَحْتَهَا ، أَنْعَظَ أَوْ لَمْ يُنْعِظْ ، وَالْقُبْلَةُ كَالْمُلَامَسَةِ فِي كُلِّ ذَلِكَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ كَقَوْلِنَا ، إلَّا أَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّ مَسَّ شَعْرِ الْمَرْأَةِ خَاصَّةً لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13064أَبُو مُحَمَّدٍ أَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرُ التَّنَاقُضِ ، وَلَا يُمْكِنُهُ التَّعَلُّقُ بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي تَأَوَّلَهُ قَوْمٌ فِي الْآيَةِ : إنَّ الْمُلَامَسَةَ الْمَذْكُورَةَ فِيهَا هُوَ الْجِمَاعُ فَقَطْ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ مِنْ الْمُبَاشَرَةِ إذَا كَانَ مَعَهَا إنْعَاظٌ ، وَأَمَّا مُنَاقَضَتُهُ فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْقُبْلَةِ يَكُونُ مَعَهَا إنْعَاظٌ فَلَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ . وَبَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ يَكُونُ مَعَهَا إنْعَاظٌ فَتَنْقُضُ الْوُضُوءَ ، وَهَذَا فَرْقٌ لَمْ يُؤَيِّدْهُ قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ صَحِيحَةٌ وَلَا سَقِيمَةٌ ، وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ ، بَلْ هُوَ مُخَالِفٌ لِكُلِّ ذَلِكَ ، وَمِنْ مُنَاقَضَاتِهِ أَيْضًا أَنَّهُ جَعَلَ الْقُبْلَةَ لِشَهْوَةٍ وَاللَّمْسَ لِشَهْوَةٍ بِمَنْزِلَةِ الْقُبْلَةِ لِغَيْرِ الشَّهْوَةِ ، وَاللَّمْسِ لِغَيْرِ الشَّهْوَةِ لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ، ثُمَّ رَأَى أَنَّ الْقُبْلَةَ لِشَهْوَةٍ وَاللَّمْسَ لِشَهْوَةٍ رَجْعَةٌ فِي الطَّلَاقِ ، بِخِلَافِ الْقُبْلَةِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَاللَّمْسِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ ، وَهَذَا كَمَا تَرَى لَا اتِّبَاعَ الْقُرْآنِ ، وَلَا التَّعَلُّقَ بِالسُّنَّةِ وَلَا طَرْدَ قِيَاسٍ وَلَا سَدَادَ رَأْيٍ وَلَا تَقْلِيدَ صَاحِبٍ ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّوْفِيقَ .
وَأَمَّا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ فِي مُرَاعَاةِ الشَّهْوَةِ وَاللَّذَّةِ ، فَقَوْلٌ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ ، وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا ضَبْطِ قِيَاسٍ وَلَا احْتِيَاطٍ ، وَكَذَلِكَ تَفْرِيقُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ بَيْنَ الشَّعْرِ وَغَيْرِهِ ، فَقَوْلٌ لَا يُعَضِّدُهُ أَيْضًا قُرْآنٌ وَلَا سُنَّةٌ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٌ ، بَلْ هُوَ خِلَافُ ذَلِكَ كُلِّهِ ، وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ كَمَا أَوْرَدْنَاهَا لَمْ نَعْرِفْ أَنَّهُ قَالَ بِهَا أَحَدٌ قَبْلَهُمْ ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ .
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12354النَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ : إذَا قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ لِشَهْوَةٍ فَعَلَيْهِ الْوُضُوءُ وَعَنْ
حَمَّادٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=105_100أَيُّ الزَّوْجَيْنِ قَبَّلَ صَاحِبَهُ وَالْآخَرُ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ ، فَلَا وُضُوءَ عَلَى الَّذِي لَا يُرِيدُ ذَلِكَ ، إلَّا أَنْ يَجِدَ لَذَّةً ، وَعَلَى الْقَاصِدِ لِذَلِكَ الْوُضُوءُ . قُلْنَا : قَدْ صَحَّ عَنْ
الشَّعْبِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12354وَالنَّخَعِيِّ وَحَمَّادٍ إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ الْقُبْلَةِ عَلَى الْقَاصِدِ بِكُلِّ حَالٍ ، وَإِذْ ذَلِكَ كَذَلِكَ
[ ص: 231 ] فَاللَّذَّةُ دَاخِلَةٌ فِي هَذَا الْقَوْلِ ، وَبِهِ نَقُولُ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ . وَالْعَجَبُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكًا لَا يَرَى الْوُضُوءَ مِنْ الْمُلَامَسَةِ إلَّا حَتَّى يَكُونَ مَعَهَا شَهْوَةٌ ، ثُمَّ لَا يَرَى الْوُضُوءَ يَجِبُ مِنْ الشَّهْوَةِ دُونَ مُلَامَسَةٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ لَا يُوجِبُ الْوُضُوءَ عَلَى انْفِرَادِهِ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ إيجَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمَا ؟