وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=16375_16361_16369_16387قال : ورحمة الله تعالى لا أفعل كذا ، أو وغضب الله ، وسخط الله ، وعذاب الله وثوابه ورضاه وعلمه ، فإنه لا يكون يمينا . والحاصل أن نقول اليمين : إما أن يكون باسم من أسماء الله تعالى أو بصفة من صفاته ، وذلك يبتني على حروف القسم فلا بد من معرفتها أولا فنقول : حروف القسم الباء والواو والتاء ، أما الباء فهي للإلصاق في الأصل ، وهي بدل عن فعل محذوف فمعنى قوله بالله أي أحلف بالله . قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56ويحلفون بالله } ، أو أقسم بالله . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53 : وأقسموا بالله } ; ولهذا يصح اقترانها بالكتابة فيقول القائل : به وبك ثم الواو تستعار للقسم بمعنى الباء لما بينهما من المشابهة صورة ومعنى ، أما صورة ; فلأن مخرج كل واحد منهما بضم الشفتين ، وأما المعنى فلأن الواو للعطف ، وفي العطف معنى الإلصاق إلا أنه لا يستقيم إظهار الفعل مع حرف الواو بأن يقول : أحلف والله ; لأن الاستعارة لتوسعة صلات الاسم لا لمعنى الإلصاق ، فإذا استعمل مع إظهار الفعل يكون بمعنى الإلصاق ، ولهذا لا يستقيم حرف الواو مع الكناية ، وإنما يستقيم مع التصريح
[ ص: 132 ] بالاسم سواء ذكر اسم الله تعالى أو اسم غير الله ، فيقول : وأبيك وأبي ، ثم التاء تستعار لمعنى الواو لما بينهما من المشابهة ، فإنهما من حروف الزوائد تستعمل العرب إحداهما بمعنى الأخرى كقولهم تراث ووارث ، ولكن هذه الاستعارة لتوسعة صلة القسم بالله خاصة ، ولهذا لا يستقيم ذكر التاء إلا مع التصريح بالله حتى لا يقال : بالرحمن ، وإنما يقال بالله خاصة . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91 : تالله لقد آثرك الله علينا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57تالله لأكيدن أصنامكم } ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=16361الحلف بأسماء الله تعالى يمين في الصحيح من الجواب ، ومن أصحابنا من يقول كل اسم لا يسمى به غير الله تعالى كقوله والله والرحمن فهو يمين
nindex.php?page=treesubj&link=16367، وما يسمى به غير الله تعالى كالحكيم والعالم فإن أراد به اليمين فهو يمين ، وإن لم يرد به اليمين لا يكون يمينا ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر المريسي يقول في قوله والرحمن : إن أراد به اسم الله تعالى فهو يمين ، وإن أراد به سورة الرحمن لا يكون يمينا ; لأنه حلف بالقرآن .
وقد بينا في كتاب الطلاق أن
nindex.php?page=treesubj&link=16376_16387_16388قوله : والقرآن لا يكون يمينا ولكن الأول أصح ; لأن تصحيح كلام المتكلم واجب ما أمكن ، ومطلق الكلام محمول على ما يفيد دون ما لا يفيد ، وذلك في أن يجعل يمينا ، ويستوي إن قال : والله أو بالله أو تالله ، وكذلك إن قال : الله ; لأن من عادة العرب حذف بعض الحروف للإيجاز ، قال القائل :
قلت لها قفي فقالت قاف لا تحسبن أني نسيت الإلحاف
أي وقفت إلا أن عند نحويي
البصرة عند حذف حرف القسم يذكر منصوبا بانتزاع حرف الخافض منه ، وعند نحويي
الكوفة يذكر مخفوضا ; لتكون كسرة الهاء دليلا على محذوفه ، وكذلك لو قال : لله ; لأن معناه بالله ، فإن الباء واللام يتقاربان . قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71آمنتم له } أي آمنتم به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : دخل
آدم الجنة فلله ما غربت الشمس حتى خرج ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15022القفال في تفسيره إذا قال له ، وعنى به اليمين يكون يمينا ، واستدل بقول القائل
لهنك من عبسية لوسيمة على هنوات كاذب من يقولها
معناه لله إنك .
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16375_16361_16369_16387قَالَ : وَرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَا أَفْعَلُ كَذَا ، أَوْ وَغَضَبِ اللَّهِ ، وَسَخَطِ اللَّهِ ، وَعَذَابِ اللَّهِ وَثَوَابِهِ وَرِضَاهُ وَعِلْمِهِ ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ يَمِينًا . وَالْحَاصِلُ أَنْ نَقُولَ الْيَمِينُ : إمَّا أَنْ يَكُونَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ ، وَذَلِكَ يَبْتَنِي عَلَى حُرُوفِ الْقَسَمِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا أَوَّلًا فَنَقُولُ : حُرُوفُ الْقَسَمِ الْبَاءُ وَالْوَاوُ وَالتَّاءُ ، أَمَّا الْبَاءُ فَهِيَ لِلْإِلْصَاقِ فِي الْأَصْلِ ، وَهِيَ بَدَلٌ عَنْ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ فَمَعْنَى قَوْلِهِ بِاَللَّهِ أَيْ أَحْلِفُ بِاَللَّهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=56وَيَحْلِفُونَ بِاَللَّهِ } ، أَوْ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=53 : وَأَقْسَمُوا بِاَللَّهِ } ; وَلِهَذَا يَصِحُّ اقْتِرَانُهَا بِالْكِتَابَةِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ : بِهِ وَبِك ثُمَّ الْوَاوُ تُسْتَعَارُ لِلْقَسَمِ بِمَعْنَى الْبَاءِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُشَابَهَةِ صُورَةً وَمَعْنًى ، أَمَّا صُورَةً ; فَلِأَنَّ مَخْرَجَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِضَمِّ الشَّفَتَيْنِ ، وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّ الْوَاوَ لِلْعَطْفِ ، وَفِي الْعَطْفِ مَعْنَى الْإِلْصَاقِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ إظْهَارُ الْفِعْلِ مَعَ حَرْفِ الْوَاوِ بِأَنْ يَقُولَ : أَحْلِفُ وَاَللَّهِ ; لِأَنَّ الِاسْتِعَارَةَ لِتَوْسِعَةِ صِلَاتِ الِاسْمِ لَا لِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ ، فَإِذَا اُسْتُعْمِلَ مَعَ إظْهَارِ الْفِعْلِ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِلْصَاقِ ، وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ حَرْفُ الْوَاوِ مَعَ الْكِنَايَةِ ، وَإِنَّمَا يَسْتَقِيمُ مَعَ التَّصْرِيحِ
[ ص: 132 ] بِالِاسْمِ سَوَاءٌ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ اسْمَ غَيْرِ اللَّهِ ، فَيَقُولُ : وَأَبِيكَ وَأَبِي ، ثُمَّ التَّاءُ تُسْتَعَارُ لِمَعْنَى الْوَاوِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمُشَابَهَةِ ، فَإِنَّهُمَا مِنْ حُرُوفِ الزَّوَائِدِ تَسْتَعْمِلُ الْعَرَبُ إحْدَاهُمَا بِمَعْنَى الْأُخْرَى كَقَوْلِهِمْ تُرَاثُ وَوَارِثُ ، وَلَكِنَّ هَذِهِ الِاسْتِعَارَةَ لِتَوْسِعَةِ صِلَةِ الْقَسَمِ بِاَللَّهِ خَاصَّةً ، وَلِهَذَا لَا يَسْتَقِيمُ ذِكْرُ التَّاءِ إلَّا مَعَ التَّصْرِيحِ بِاَللَّهِ حَتَّى لَا يُقَالَ : بِالرَّحْمَنِ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ بِاَللَّهِ خَاصَّةً . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=91 : تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا } {
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ } ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16361الْحَلِفُ بِأَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى يَمِينٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ الْجَوَابِ ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَقُولُ كُلُّ اسْمٍ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ وَالرَّحْمَنِ فَهُوَ يَمِينٌ
nindex.php?page=treesubj&link=16367، وَمَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى كَالْحَكِيمِ وَالْعَالِمِ فَإِنْ أَرَادَ بِهِ الْيَمِينَ فَهُوَ يَمِينٌ ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْيَمِينَ لَا يَكُون يَمِينًا ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=15211بِشْرٌ الْمَرِيسِيُّ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ وَالرَّحْمَنِ : إنْ أَرَادَ بِهِ اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ يَمِينٌ ، وَإِنْ أَرَادَ بِهِ سُورَةَ الرَّحْمَنِ لَا يَكُونُ يَمِينًا ; لِأَنَّهُ حَلِفٌ بِالْقُرْآنِ .
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16376_16387_16388قَوْلَهُ : وَالْقُرْآنِ لَا يَكُونُ يَمِينًا وَلَكِنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ ; لِأَنَّ تَصْحِيحَ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِ وَاجِبٌ مَا أَمْكَنَ ، وَمُطْلَقُ الْكَلَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا يُفِيدُ دُونَ مَا لَا يُفِيدُ ، وَذَلِكَ فِي أَنْ يُجْعَلَ يَمِينًا ، وَيَسْتَوِي إنْ قَالَ : وَاَللَّهِ أَوْ بِاَللَّهِ أَوْ تَاللَّهِ ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ : اللَّهِ ; لِأَنَّ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ حَذْفَ بَعْضِ الْحُرُوفُ لِلْإِيجَازِ ، قَالَ الْقَائِلُ :
قُلْت لَهَا قِفِي فَقَالَتْ قَافْ لَا تَحْسَبَنَّ أَنِّي نَسِيتُ الْإِلْحَافْ
أَيْ وَقَفْت إلَّا أَنَّ عِنْدَ نَحْوِيِّي
الْبَصْرَةِ عِنْدَ حَذْفِ حَرْفِ الْقَسَمِ يُذْكَرُ مَنْصُوبًا بِانْتِزَاعِ حَرْفِ الْخَافِضِ مِنْهُ ، وَعِنْدَ نَحْوِيِّي
الْكُوفَةِ يُذْكَرُ مَخْفُوضًا ; لِتَكُونَ كَسْرَةُ الْهَاءِ دَلِيلًا عَلَى مَحْذُوفِهِ ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ : لِلَّهِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِاَللَّهِ ، فَإِنَّ الْبَاءَ وَاللَّامَ يَتَقَارَبَانِ . قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=71آمَنْتُمْ لَهُ } أَيْ آمَنْتُمْ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا : دَخَلَ
آدَم الْجَنَّةَ فَلِلَّهِ مَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ حَتَّى خَرَجَ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15022الْقَفَّالُ فِي تَفْسِيرِهِ إذَا قَالَ لَهُ ، وَعَنَى بِهِ الْيَمِينَ يَكُونُ يَمِينًا ، وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ الْقَائِلِ
لِهَنِّكِ مِنْ عَبْسِيَّةٍ لِوَسِيمَةٍ عَلَى هَنَوَاتِ كَاذِبٍ مَنْ يَقُولُهَا
مَعْنَاهُ لِلَّهِ إنَّكَ .