قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=26فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض قال أكثر أهل العلم : " هو تحريم منع لأنهم كانوا يصبحون بحيث أمسوا ومقدار الموضع ستة فراسخ " . وقال بعض أهل العلم : يجوز أن يكون تحريم التعبد ؛ لأن التحريم أصله المنع قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وحرمنا عليه المراضع من قبل يعني به المنع ؛ قال الشاعر يصف فرسا :
حالت لتصرعني فقلت لها اقصري إني امرؤ صرعي عليك حرام
يعني : إني فارس لا يمكنك صرعي . فهذا هو أصل التحريم ، ثم أجرى تحريم التعبد عليه لأن الله تعالى قد منعه بذلك حكما وصار المحرم بمنزلة الممنوع ؛ إذ كان من حكم الله فيه أن لا يقع كما لا يقع الممنوع منه ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حرمت عليكم الميتة والدم ونحوهما تحريم حكم وتعبد لا تحريم منع في الحقيقة ويستحيل اجتماع تحريم المنع وتحريم التعبد في شيء واحد ؛ لأن الممنوع لا يجوز حظره ولا إباحته ؛ إذ هو غير مقدور عليه ، والحظر والإباحة يتعلق بأفعالنا ، ولا يكون فعل لنا إلا وقد كان قبل وقوعه منا مقدورا لنا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=26فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ قَالَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ : " هُوَ تَحْرِيمُ مَنْعٍ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُصْبِحُونَ بِحَيْثُ أَمْسَوْا وَمِقْدَارُ الْمَوْضِعِ سِتَّةُ فَرَاسِخَ " . وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَلْمِ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ تَحْرِيمُ التَّعَبُّدِ ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ أَصْلُهُ الْمَنْعُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=12وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ يَعْنِي بِهِ الْمَنْعَ ؛ قَالَ الشَّاعِرُ يَصِفُ فَرَسًا :
حَالَتْ لِتَصْرَعَنِي فَقُلْتُ لَهَا اقْصُرِي إِنِّي امْرُؤٌ صَرْعِي عَلَيْكَ حَرَامُ
يَعْنِي : إِنِّي فَارِسٌ لَا يُمْكِنُكَ صَرْعِي . فَهَذَا هُوَ أَصْلُ التَّحْرِيمِ ، ثُمَّ أَجْرَى تَحْرِيمَ التَّعَبُّدِ عَلَيْهِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ مَنَعَهُ بِذَلِكَ حُكْمًا وَصَارَ الْمُحَرَّمُ بِمَنْزِلَةِ الْمَمْنُوعِ ؛ إِذْ كَانَ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ فِيهِ أَنْ لَا يَقَعَ كَمَا لَا يَقَعُ الْمَمْنُوعُ مِنْهُ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=3حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَنَحْوُهُمَا تَحْرِيمُ حُكْمٍ وَتَعَبُّدٍ لَا تَحْرِيمَ مَنْعٍ فِي الْحَقِيقَةِ وَيَسْتَحِيلُ اجْتِمَاعُ تَحْرِيمِ الْمَنْعِ وَتَحْرِيمِ التَّعَبُّدِ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ ؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ لَا يَجُوزُ حَظْرُهُ وَلَا إِبَاحَتُهُ ؛ إِذْ هُوَ غَيْرُ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ ، وَالْحَظْرُ وَالْإِبَاحَةُ يَتَعَلَّقُ بِأَفْعَالِنَا ، وَلَا يَكُونُ فِعْلٌ لَنَا إِلَّا وَقَدْ كَانَ قَبْلَ وُقُوعِهِ مِنَّا مَقْدُورًا لَنَا .