فصل وأما
nindex.php?page=treesubj&link=28982من قال : { nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } إنه محمد صلى الله عليه وسلم كما قاله طائفة من
السلف فقد يريدون بذلك التمثيل لا التخصيص فإن المفسرين كثيرا ما يريدون ذلك
ومحمد هو أول من كان على بينة من ربه وتلاه شاهد منه وكذلك الأنبياء وهو أفضلهم وإمامهم والمؤمنون تبع له وبه صاروا على بينة من ربهم .
والخطاب قد يكون لفظه له ومعناه عام كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4162&ayano=39لئن أشركت ليحبطن عملك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6191&ayano=94فإذا فرغت فانصب } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3690&ayano=34قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي } ونحو ذلك وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29634الأصل فيما خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أمر به ونهي عنه وأبيح له سار في حق أمته كمشاركة أمته له في الأحكام وغيرها حتى يقوم دليل التخصيص فما ثبت في حقه من الأحكام ثبت في حق الأمة إذا لم يخصص هذا مذهب السلف والفقهاء ودلائل ذلك كثيرة كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3603&ayano=33فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها } الآية ولما أباح له الموهوبة قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3616&ayano=33خالصة لك من دون المؤمنين } الآية .
فإذا كان هذا مع كون الصيغة خاصة فكيف تجعل الصيغة العامة له وللمؤمنين مختصة به ؟ ولفظ " من " أبلغ صيغ العموم ; لا سيما إذا كانت شرطا أو استفهاما كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6244&ayano=99فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6245&ayano=99ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3703&ayano=35أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا } وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=917&ayano=6أومن كان ميتا فأحييناه } وقوله {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=47أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله } .
و " أيضا " : فقد ذكر بعد ذلك قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أولئك يؤمنون به ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده } وذكر بعد هذا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1508&ayano=11مثل الفريقين } وقد تقدم قبل هذا ذكر الفريقين وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=2أولئك يؤمنون به } إشارة إلى جماعة ولم يقدم قبل هذا ما يصلح أن يكون مشارا إليه إلا ( من والضمير يعود تارة إلى لفظ ( من وتارة إلى معناها كقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4608&ayano=6ومنهم من يستمع إليك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1416&ayano=10ومنهم من يستمعون إليك } {
nindex.php?page=tafseer&surano=621&ayano=4ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2014&ayano=16من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة } الآية .
وأما الإشارة إلى معناها فهو أظهر من الضمير . فقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=2أولئك يؤمنون به } دليل على أن الذي على بينة من ربه كثيرون لا واحد قال
ابن أبي حاتم : ثنا
عامر بن صالح عن أبيه عن
الحسن البصري : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أفمن كان على بينة من ربه } . قال : المؤمن على بينة من ربه وهذا الذي قاله
الحسن البصري هو الصواب والرسول هو أول المؤمنين كما قال : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1478&ayano=10وأمرت أن أكون من المؤمنين } .
ومن قال : إن الشاهد من الله هو
محمد كما رواه
ابن أبي حاتم ثنا
الأشج ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11804أبو أسامة عن
عوف عن
سليمان الفلاني عن
nindex.php?page=showalam&ids=14129الحسين بن علي : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11ويتلوه شاهد منه } يعني
محمدا شاهدا من الله فهنا معنى كونه شاهدا من الله هو معنى كونه رسول الله وهو يشهد للمؤمنين بأنهم على حق وإن كان يشهد لنفسه بأنه رسول الله فشهادته لنفسه معلومة قد علم أنه صادق فيها بالبراهين الدالة على نبوته وأما شهادته للمؤمنين فهو أنها إنما تعلم من جهته بما بلغه من القرآن ويخبر به عن
[ ص: 84 ] ربه فهو إذا شهد كان شاهدا من الله .
فَصْلٌ وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=28982مَنْ قَالَ : { nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } إنَّهُ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ
السَّلَفِ فَقَدْ يُرِيدُونَ بِذَلِكَ التَّمْثِيلَ لَا التَّخْصِيصَ فَإِنَّ الْمُفَسِّرِينَ كَثِيرًا مَا يُرِيدُونَ ذَلِكَ
وَمُحَمَّدٌ هُوَ أَوَّلُ مَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَتَلَاهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْأَنْبِيَاءُ وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ وَإِمَامُهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ تَبَعٌ لَهُ وَبِهِ صَارُوا عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِمْ .
وَالْخِطَابُ قَدْ يَكُونُ لَفْظُهُ لَهُ وَمَعْنَاهُ عَامٌّ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1468&ayano=10فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إلَيْكَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=4162&ayano=39لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6191&ayano=94فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=3690&ayano=34قُلْ إنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي } وَنَحْوُ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28749_29634الْأَصْلَ فِيمَا خُوطِبَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُلِّ مَا أُمِرَ بِهِ وَنُهِيَ عَنْهُ وَأُبِيحَ لَهُ سَارَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ كَمُشَارَكَةِ أُمَّتِهِ لَهُ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا حَتَّى يَقُومَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ فَمَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ مِنْ الْأَحْكَامِ ثَبَتَ فِي حَقِّ الْأُمَّةِ إذَا لَمْ يُخَصِّصْ هَذَا مَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْفُقَهَاءِ وَدَلَائِلُ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3603&ayano=33فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا } الْآيَةُ وَلَمَّا أَبَاحَ لَهُ الْمَوْهُوبَةَ قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3616&ayano=33خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ } الْآيَةُ .
فَإِذَا كَانَ هَذَا مَعَ كَوْنِ الصِّيغَةِ خَاصَّةً فَكَيْفَ تُجْعَلُ الصِّيغَةُ الْعَامَّةُ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ مُخْتَصَّةً بِهِ ؟ وَلَفْظُ " مَنْ " أَبْلَغُ صِيَغِ الْعُمُومِ ; لَا سِيَّمَا إذَا كَانَتْ شَرْطًا أَوْ اسْتِفْهَامًا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=6244&ayano=99فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=6245&ayano=99وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3703&ayano=35أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا } وَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=917&ayano=6أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ } وَقَوْلِهِ {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=47أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ } .
و " أَيْضًا " : فَقَدْ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ قَوْلَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1508&ayano=11مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ } وَقَدْ تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا ذِكْرُ الْفَرِيقَيْنِ وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=2أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } إشَارَةٌ إلَى جَمَاعَةٍ وَلَمْ يُقَدِّمْ قَبْلَ هَذَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مُشَارًا إلَيْهِ إلَّا ( مَنْ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ تَارَةً إلَى لَفْظِ ( مَنْ وَتَارَةً إلَى مَعْنَاهَا كَقَوْلِهِ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4608&ayano=6وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إلَيْكَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=1416&ayano=10وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إلَيْكَ } {
nindex.php?page=tafseer&surano=621&ayano=4وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } {
nindex.php?page=tafseer&surano=2014&ayano=16مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } الْآيَةُ .
وَأَمَّا الْإِشَارَةُ إلَى مَعْنَاهَا فَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ الضَّمِيرِ . فَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=2أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَثِيرُونَ لَا وَاحِدٌ قَالَ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : ثِنَا
عَامِرُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ
الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4606&ayano=11أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ } . قَالَ : الْمُؤْمِنُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ هُوَ الصَّوَابُ وَالرَّسُولُ هُوَ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قَالَ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1478&ayano=10وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } .
وَمَنْ قَالَ : إنَّ الشَّاهِدَ مِنْ اللَّهِ هُوَ
مُحَمَّدٌ كَمَا رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ثِنَا
الْأَشَجُّ ثِنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11804أَبُو أُسَامَةَ عَنْ
عَوْفٍ عَنْ
سُلَيْمَانَ الْفُلَانِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14129الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=1501&ayano=11وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ } يَعْنِي
مُحَمَّدًا شَاهِدًا مِنْ اللَّهِ فَهُنَا مَعْنَى كَوْنِهِ شَاهِدًا مِنْ اللَّهِ هُوَ مَعْنَى كَوْنِهِ رَسُولَ اللَّهِ وَهُوَ يَشْهَدُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ عَلَى حَقٍّ وَإِنْ كَانَ يَشْهَدُ لِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَشَهَادَتُهُ لِنَفْسِهِ مَعْلُومَةٌ قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِيهَا بِالْبَرَاهِينِ الدَّالَّةِ عَلَى نُبُوَّتِهِ وَأَمَّا شَهَادَتُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ فَهُوَ أَنَّهَا إنَّمَا تُعْلَمُ مِنْ جِهَتِهِ بِمَا بَلَغَهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَيُخْبِرُ بِهِ عَنْ
[ ص: 84 ] رَبِّهِ فَهُوَ إذَا شَهِدَ كَانَ شَاهِدًا مِنْ اللَّهِ .