[ ص: 273 ] فصل في جمع الطلاق الثلاث
[ ص: 274 ] [ ص: 275 ] بسم الله الرحمن الرحيم
(قال شيخ الإسلام وبحر العلوم
تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني - رحمه الله ورضي عنه -، ومن خطه نقلت) : .
فصل
nindex.php?page=treesubj&link=11753جمع الطلاق الثلاث محرم عند جمهور السلف والخلف، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد في آخر الروايتين عنه، واختيار أكثر أصحابه. ثم هل يقع عند هؤلاء أو لا يقع، أو تقع واحدة، أو يفرق بين المدخول بها وغير المدخول بها، فيه نزاع . والنزاع بين السلف إنما هو هل تقع واحدة أو ثلث. وأما القول بأنه لا يقع شيء فإنما هو منقول عن بعض أهل البدع من أهل الكلام
والرافضة.
وقالت طائفة: بل هو مباح.
والكلام في مقامين:
أحدهما: أنه محرم، والدليل على ذلك الكتاب والسنة وإجماع الصحابة، والاعتبار بالأصول المعلومة بالكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فمن وجوه:
أحدها: أنه سبحانه قال:
[ ص: 276 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدرا إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن .
ومعلوم أن هذه السورة هي سورة الطلاق، وقد ذكر الله فيها من أحكام الطلاق والرجعة والعدد ونفقة الحامل والمرضع وغير ذلك ما لم يذكره في موضع آخر، وهي تدل على تحريم جمع الثلاث من وجوه:
أحدها: أنه قال
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة إلى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف . ومعلوم أن هذا لا يكون في الطلاق الثلاث، فإن الثلاث لا إمساك بعدهن، وبعد الثلاث لا يحدث الله للزوج رجعة بدون رضاها. ولهذا قال غير واحد من الصحابة والتابعين والعلماء -
nindex.php?page=showalam&ids=11كابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=36وجابر nindex.php?page=showalam&ids=11129وفاطمة بنت قيس - وفقهاء الحديث ومن وافقهم من العلماء: إن هذا في الرجعية.
[ ص: 273 ] فَصْلٌ فِي جَمْعِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ
[ ص: 274 ] [ ص: 275 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ وَبَحْرُ الْعُلُومِ
تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْحَلِيمِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ تَيْمِيَةَ الْحَرَّانَيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ وَرَضِيَ عَنْهُ -، وَمِنْ خَطِّهِ نَقَلْتُ) : .
فَصْلٌ
nindex.php?page=treesubj&link=11753جَمْعُ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مُحَرَّمٌ عِنْدَ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=11990وَأَبِي حَنِيفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدَ فِي آخِرِ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ، وَاخْتِيَارُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ. ثُمَّ هَلْ يَقَعُ عِنْدَ هَؤُلَاءِ أَوْ لَا يَقَعُ، أَوْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ، أَوْ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا، فِيهِ نِزَاعٌ . وَالنِّزَاعُ بَيْنَ السَّلَفِ إِنَّمَا هُوَ هَلْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ أَوْ ثُلْثٌ. وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا يَقَعُ شَيْءٌ فَإِنَّمَا هُوَ مَنْقُولٌ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ
وَالرَّافِضَةِ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ هُوَ مُبَاحٌ.
وَالْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ:
أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ، وَالاعْتِبَارُ بِالْأُصُولِ الْمَعْلُومَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ. أَمَّا الْكِتَابُ فَمِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدِهَا: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ:
[ ص: 276 ] nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهَ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودُ اللَّهَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=3وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهِ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهِ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=6أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ .
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ هِيَ سُورَةُ الطَّلَاقِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِيهَا مِنْ أَحْكَامِ الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ وَالْعَدَدِ وَنَفَقَةِ الْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ وَغَيْرَ ذَلِكَ مَا لَمْ يَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَهِيَ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ جَمْعِ الثَّلَاثِ مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدِهَا: أَنَّهُ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ إِلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=1لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا nindex.php?page=tafseer&surano=65&ayano=2فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ . وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا لَا يَكُونُ فِي الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ، فَإِنَّ الثَّلَاثَ لَا إِمْسَاكَ بَعْدَهُنَّ، وَبَعْدَ الثَّلَاثِ لَا يُحْدِثُ اللَّهُ لِلزَّوْجِ رَجْعَةً بِدُونِ رِضَاهَا. وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ وَالْعُلَمَاءِ -
nindex.php?page=showalam&ids=11كَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=36وَجَابِرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11129وَفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ - وَفُقَهَاءِ الْحَدِيثِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ هَذَا فِي الرَّجْعِيَّةِ.