الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25644_461 5 - ( وعن nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان { nindex.php?page=hadith&LINKID=6248أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيه وهو جنب فحاد عنه فاغتسل ثم جاء ، فقال : كنت جنبا ، فقال : إن المسلم لا ينجس } رواه الجماعة إلا nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري والترمذي . وروى الجماعة كلهم نحوه من حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة )
حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المشار إليه له ألفاظ منها { nindex.php?page=hadith&LINKID=4311أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة وهو جنب فانخنس منه فذهب فاغتسل ثم جاء ، فقال له : أين كنت يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ؟ قال : كنت جنبا فكرهت أن أجالسك وأنا على غير طهارة ، فقال : سبحان الله إن المؤمن لا ينجس } قوله : ( وهو جنب ) يعني نفسه .
وفي رواية أبي داود ( وأنا جنب ) وهذه [ ص: 35 ] اللفظة تقع على الواحد المذكر والمؤنث والاثنين والجمع بلفظ واحد .
قوله : ( لا ينجس ) فيه لغتان ضم الجيم وفتحها ، وفي ماضيه أيضا لغتان نجس ونجس بكسر الجيم وضمها ، فمن كسرها في الماضي فتحها في المضارع ، ومن ضمها في الماضي ضمها في المضارع أيضا قال النووي : وهذا قياس مطرد ومعروف عند أهل العربية إلا أحرفا مستثناة من الكسر قوله : ( إن المسلم ) تمسك بمفهومه بعض أهل الظاهر وحكاه في البحر عن الهادي والقاسم والناصر nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك فقالوا : إن nindex.php?page=treesubj&link=548الكافر نجس عين وقووا ذلك بقوله تعالى : { nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس } وأجاب عن ذلك الجمهور بأن المراد منه أن nindex.php?page=treesubj&link=11006_547_25644المسلم طاهر الأعضاء لاعتياده مجانبة النجاسة بخلاف المشرك لعدم تحفظه عن النجاسة ، وعن الآية بأن المراد أنهم نجس في الاعتقاد والاستقذار ، وحجتهم على صحة هذا التأويل أن الله أباح نساء أهل الكتاب ، ومعلوم أن عرقهن لا يسلم منه من يضاجعهن ، ومع ذلك فلا يجب من غسل الكتابية إلا مثل ما يجب عليهم من غسل المسلمة ، ومن جملة ما استدل به القائلون بنجاسة الكافر حديث إنزاله صلى الله عليه وسلم وفد ثقيف المسجد ، وتقريره لقول الصحابة : قوم أنجاس لما رأوه أنزلهم المسجد .
وقوله لأبي ثعلبة لما قال له : { nindex.php?page=hadith&LINKID=43450يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم قال : إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها ، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها } وسيأتي في باب آنية الكفار ، وأجاب الجمهور عن حديث إنزال وفد ثقيف بأنه حجة عليهم لا لهم ; لأن قوله ليس على الأرض من أنجاس القوم شيء إنما أنجاس القوم على أنفسهم بعد قول الصحابة : قوم أنجاس صريح في نفي النجاسة الحسية التي هي محل النزاع ، ودليل على أن المراد نجاسة الاعتقاد والاستقذار .
وعن حديث أبي ثعلبة بأن الأمر بغسل الآنية ليس لتلوثها برطوباتهم بل لطبخهم الخنزير وشربهم الخمر فيها . يدل على ذلك ما عند nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبي nindex.php?page=showalam&ids=15854داود من حديث أبي ثعلبة أيضا بلفظ : إن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف نصنع بآنيتهم وقدورهم ؟ وسيأتي .
ومن أجوبة الجمهور عن الآية ومفهوم حديث الباب بأن ذلك تنفير عن الكفار وإهانة لهم ، وهذا وإن كان مجازا فقرينته ما ثبت في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من مزادة مشركة ، وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد . وأكل من الشاة التي أهدتها له يهودية من خيبر . وأكل من الجبن المجلوب من بلاد النصارى كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وأبو داود من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وأكل من خبز الشعير والإهالة لما دعاه إلى ذلك يهودي ، .
وسيأتي في باب آنية الكفار ، وما سلف من مباشرة الكتابيات ، والإجماع على [ ص: 36 ] جواز مباشرة المسبية قبل إسلامها ، وتحليل طعام أهل الكتاب ونسائهم بآية المائدة وهي آخر ما نزل ، وإطعامه صلى الله عليه وسلم وأصحابه للوفد من الكفار من دون غسل للآنية ، ولا أمر به ، ولم ينقل توقي رطوبات الكفار عن السلف الصالح ولو توقوها لشاع . قال ابن عبد السلام ليس من التقشف أن يقول أشتري من سمن المسلم لا من سمن الكافر ; لأن الصحابة لم يلتفتوا إلى ذلك .
وقد زعم المقبلي في المنار أن الاستدلال بالآية المذكورة على nindex.php?page=treesubj&link=554_584_547نجاسة الكافر وهم ; لأنه حمل لكلام الله ورسوله على اصطلاح حادث وبين النجس في اللغة والنجس في عرف المتشرعة عموم وخصوص من وجه فالأعمال السيئة نجسة لغة لا عرفا ، والخمر نجس عرفا وهو أحد الأطيبين عند أهل اللغة ، والعذرة نجس في العرفين فلا دليل في الآية انتهى .
ولا يخفاك أن مجرد تخالف اللغة والاصطلاح في هذه الأفراد لا يستلزم عدم صحة الاستدلال بالآية على المطلوب ، والذي في كتب اللغة أن النجس ضد الطاهر ، قال في القاموس : النجس بالفتح وبالكسر وبالتحريك وككتف وعضد ضد الطاهر انتهى .
فالذي ينبغي التعويل عليه في عدم صحة الاحتجاج بها هو ما عرفناك ، وحديث الباب أصل في nindex.php?page=treesubj&link=22662_513_25644طهارة المسلم حيا وميتا ، أما الحي فإجماع ، وأما الميت ففيه خلاف . فذهب nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ومن أهل البيت الهادي والقاسم والمؤيد بالله وأبو طالب إلى نجاسته ، وذهب غيرهم إلى طهارته ، واستدل صاحب البحر للأولين على النجاسة بنزح زمزم من الحبش ، وهذا مع كونه من فعل nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، كما أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني عنه ، وقول الصحابي وفعله لا ينتهض للاحتجاج به على الخصم محتمل أن يكون للاستقذار لا للنجاسة ، ومعارض بحديث الباب ، وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس نفسه عند nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري تعليقا بلفظ : { nindex.php?page=hadith&LINKID=11494المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا } وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة المتقدم . وبحديث nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا عند nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي { nindex.php?page=hadith&LINKID=12210إن ميتكم يموت طاهرا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم } وترجيح رأي الصحابي على روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواية غيره من الغرائب التي لا يدرى ما الحامل عليها .
وفي الحديث من الفوائد مشروعية nindex.php?page=treesubj&link=282الطهارة عند ملابسة الأمور العظيمة ، nindex.php?page=treesubj&link=27343_27347واحترام أهل الفضل وتوقيرهم ، ومصاحبتهم على أكمل الهيئات ، وإنما حاد nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم وانخنس nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ; لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعتاد مماسحة أصحابه إذا لقيهم والدعاء لهم ، هكذا رواه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من حديث nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة ، فلما ظنا أن الجنب يتنجس بالحدث خشيا ، أن يماسحهما كعادته فبادرا إلى الاغتسال ، وإنما ذكر nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف رحمه اللههذا الحديث في باب طهارة الماء المتوضأ به لقصد تكميل الاستدلال على عدم nindex.php?page=treesubj&link=25644_461نجاسة الماء المتوضأ به ; لأنه إذا ثبت أن المسلم لا ينجس فلا وجه لجعل الماء نجسا بمجرد مماسته له ، وسيأتي في هذا الكتاب باب معقود لعدم نجاسة المسلم بالموت ، وسيشير nindex.php?page=showalam&ids=13028المصنف إلى هذا الحديث هنالك .
من نجباء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم- وهو صاحب السر .
واسم اليمان : حسل - ويقال : حسيل- بن جابر العبسي اليماني ، أبو عبد الله . حليف الأنصار ، من أعيان المهاجرين .
حدث عنه : أبو وائل ; وزر بن حبيش ، وزيد بن وهب ، وربعي بن حراش ، وصلة بن زفر ، وثعلبة بن زهدم ، وأبو العالية الرياحي ، وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومسلم بن نذير ، وأبو إدريس الخولاني ، وقيس بن عباد ، وأبو البختري الطائي ، ونعيم بن أبي هند ، وهمام بن الحارث ; وخلق سواهم .
له في " الصحيحين " اثنا عشر حديثا ، وفي " البخاري " ثمانية ، وفي مسلم سبعة عشر حديثا . [ ص: 362 ]
وكان والده " حسل " قد أصاب دما في قومه ، فهرب إلى المدينة ، وحالف بني عبد الأشهل ، فسماه قومه " اليمان " لحلفه لليمانية ، وهم الأنصار .
شهد هو وابنه حذيفة أحدا ، فاستشهد يومئذ . قتله بعض الصحابة غلطا ، ولم يعرفه ; لأن الجيش يختفون في لأمة الحرب ، ويسترون وجوههم ; فإن لم يكن لهم علامة بينة ، وإلا ربما قتل الأخ أخاه ، ولا يشعر .
ولما شدوا على اليمان يومئذ بقي حذيفة يصيح : أبي ! أبي ! يا قوم ! فراح خطأ . فتصدق حذيفة عليهم بديته .
قال الواقدي : آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بين حذيفة وعمار . وكذا قال ابن إسحاق . إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن رجل ، عن حذيفة : أنه أقبل هو [ ص: 363 ] وأبوه ، فلقيهم أبو جهل ، قال : إلى أين ؟ قالا : حاجة لنا . قال : ما جئتم إلا لتمدوا محمدا . فأخذوا عليهما موثقا ألا يكثرا عليهم . فأتيا رسول الله ، فأخبراه . ابن جريج : أخبرني أبو حرب بن أبي الأسود ، عن أبي الأسود ; قال : وعن رجل ، عن زاذان : أن عليا سئل عن حذيفة ، فقال : علم المنافقين ، وسأل عن المعضلات ; فإن تسألوه تجدوه بها عالما . أبو عوانة ، عن سليمان ، عن ثابت أبي المقدام ، عن أبي يحيى ، قال : سأل رجل حذيفة ، وأنا عنده ، فقال : ما النفاق ؟ قال : أن تتكلم بالإسلام ولا تعمل به . سلام بن مسكين ، عن ابن سيرين : أن عمر كتب في عهد حذيفة على المدائن : اسمعوا له وأطيعوا ، وأعطوه ما سألكم . فخرج من عند عمر على حمار موكف ، تحته زاده . فلما قدم استقبله الدهاقين وبيده رغيف ، وعرق من لحم . [ ص: 364 ]
ولي حذيفة إمرة المدائن لعمر ، فبقي عليها إلى بعد مقتل عثمان ، وتوفي بعد عثمان بأربعين ليلة .
قال حذيفة : ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي ، فأخذنا كفار قريش ، فقالوا : إنكم تريدون محمدا ؟ فقلنا : ما نريد إلا المدينة ; فأخذوا العهد علينا : لننصرفن إلى المدينة ولا نقاتل معه . فأخبرنا النبي - صلى الله عليه وسلم- فقال : نفي بعهدهم ، ونستعين الله عليهم .
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم- قد أسر إلى حذيفة أسماء المنافقين ، وضبط عنه الفتن الكائنة في الأمة . وقد ناشده عمر : أأنا من المنافقين ؟ فقال : لا ، ولا أزكي أحدا بعدك . وحذيفة هو الذي ندبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ليلة الأحزاب ليجس له خبر العدو . وعلى يده فتح الدينور عنوة . ومناقبه تطول ، رضي الله عنه . أبو إسحاق ، عن مسلم بن نذير ، عن حذيفة ، قال : أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم- [ ص: 365 ] بعضلة ساقي فقال : الائتزار هاهنا ، فإن أبيت فأسفل ، فإن أبيت فلا حق للإزار فيما أسفل من الكعبين .
وفي لفظ : فلا حق للإزار في الكعبين .
عقيل ، ويونس ، عن الزهري : أخبرني أبو إدريس : سمع حذيفة يقول : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة . قال حذيفة : كان الناس يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم- عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر ، مخافة أن يدركني . الأعمش ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، قال : قام فينا رسول الله مقاما ، فحدثنا بما هو كائن إلى قيام الساعة ، فحفظه من حفظه ، ونسيه من نسيه . [ ص: 366 ]
قلت : قد كان - صلى الله عليه وسلم- يرتل كلامه ويفسره ; فلعله قال في مجلسه ذلك ما يكتب في جزء ; فذكر أكبر الكوائن ، ولو ذكر أكثر ما هو كائن في الوجود ، لما تهيأ أن يقوله في سنة ، بل ولا في أعوام ، ففكر في هذا .
مات حذيفة بالمدائن سنة ست وثلاثين ، وقد شاخ .
قال ابن سيرين : بعث عمر حذيفة على المدائن ، فقرأ عهده عليهم ، فقالوا : سل ما شئت . قال : طعاما آكله ، وعلف حماري هذا - ما دمت فيكم- من تبن .
فأقام فيهم ، ما شاء الله ; ثم كتب إليه عمر : اقدم .
فلما بلغ عمر قدومه ، كمن له على الطريق ; فلما رآه على الحال التي خرج عليها ، أتاه فالتزمه ، وقال : أنت أخي ، وأنا أخوك . مالك بن مغول ، عن طلحة : قدم حذيفة المدائن على حمار سادلا رجليه ، وبيده عرق ورغيف . سعيد بن مسروق الثوري ، عن عكرمة : هو ركوب الأنبياء ، يسدل رجليه من جانب . أبو بكر بن عياش : سمعت أبا إسحاق يقول : كان حذيفة يجيء كل جمعة من المدائن إلى الكوفة . قال أبو بكر : فقلت له : يمكن هذا ؟ قال : كانت له بغلة فارهة . ابن سعد : أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي : حدثنا عبد الجبار بن [ ص: 367 ] العباس ، عن أبي عاصم الغطفاني ، قال : كان حذيفة لا يزال يحدث الحديث يستفظعونه . فقيل له : يوشك أن تحدثنا : أنه يكون فينا مسخ ! قال : نعم ! ليكونن فيكم مسخ : قردة وخنازير . أبو وائل ، عن حذيفة ، قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس . فكتبنا له ألفا وخمسمائة . سفيان ، عن الأعمش ، عن موسى بن عبد الله بن يزيد ، عن أمه : قالت : كان في خاتم حذيفة : كركيان ، بينهما : الحمد لله . عيسى بن يونس ، عن الأعمش ، عن موسى ، عن أمه ، قالت : كان خاتم حذيفة من ذهب فيه فص ياقوت أسمانجونه ; فيه : كركيان متقابلان ; بينهما : الحمد لله . حماد بن سلمة : أخبرنا علي بن زيد ، عن الحسن ، عن جندب : أن [ ص: 368 ] حذيفة قال : ما كلام أتكلم به ، يرد عني عشرين سوطا ، إلا كنت متكلما به . خالد ، عن أبي قلابة ، عن حذيفة ، قال : إني لأشتري ديني بعضه ببعض ، مخافة أن يذهب كله . أبو نعيم : حدثنا سعد بن أوس ، عن بلال بن يحيى ، قال : بلغني أن حذيفة كان يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض . قالوا : وأنت ؟ قال : وأنا والله ، إني لأدخل على أحدهم - وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ - فأذكر من محاسنه ، وأعرض عما سوى ذلك ، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء ، فأقول : إني صائم ، ولست بصائم . جماعة ، عن الحسن ، قال : لما حضر حذيفة الموت ، قال : حبيب جاء على فاقة ; لا أفلح من ندم! أليس بعدي ما أعلم! الحمد لله الذي سبق بي الفتنة! قادتها وعلوجها . شعبة : أخبرنا عبد الملك بن ميسرة ، عن النزال بن سبرة ، قال : قلت لأبي مسعود الأنصاري : ماذا قال حذيفة عند موته ؟ قال : لما كان عند السحر ، قال : أعوذ بالله من صباح إلى النار . ثلاثا . ثم قال : اشتروا لي ثوبين أبيضين ; فإنهما لن يتركا علي إلا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما ، أو أسلبهما سلبا قبيحا . [ ص: 369 ] شعبة - أيضا- عن أبي إسحاق ، عن صلة بن زفر ، عن حذيفة ، قال : ابتاعوا لي كفنا . فجاءوا بحلة ثمنها ثلاثمائة ، فقال : لا ، اشتروا لي ثوبين أبيضين .
وعن جزي بن بكير ، قال : لما قتل عثمان ، فزعنا إلى حذيفة ، فدخلنا عليه .
قال ابن سعد : مات حذيفة بالمدائن بعد عثمان وله عقب ، وقد شهد أخوه صفوان بن اليمان أحدا .