قوله تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بل عجبت ويسخرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=13وإذا ذكروا لا يذكرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=14وإذا رأوا آية يستسخرون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=15وقالوا إن هذا إلا سحر مبين nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=16أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=17أوآباؤنا الأولون
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فاستفتهم أي سلهم يعني
أهل مكة ، مأخوذ من استفتاء المفتي . أهم أشد خلقا أم من خلقنا قال
مجاهد : أي : من خلقنا من السماوات والأرض والجبال والبحار . وقيل : يدخل فيه الملائكة ومن سلف من الأمم الماضية . يدل على ذلك أنه أخبر عنهم " بمن " قال
سعيد بن جبير : الملائكة . وقال غيره : " من " الأمم الماضية وقد هلكوا وهم أشد خلقا منهم . نزلت في
أبي الأشد بن كلدة ، وسمي
بأبي الأشد لشدة بطشه وقوته . وسيأتي في [ البلد ] ذكره . ونظير هذه : لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أأنتم أشد خلقا أم السماء ) .
قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11إنا خلقناهم من طين لازب أي لاصق ، قاله
ابن عباس . ومنه قول
علي - رضي الله عنه - :
[ ص: 64 ] تعلم فإن الله زادك بسطة وأخلاق خير كلها لك لازب
وقال
قتادة وابن زيد : معنى لازب : لازق .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق : هو الذي قد لصق بعضه ببعض ، واللازق : هو الذي يلتزق بما أصابه . وقال
عكرمة : لازب : لزج .
سعيد بن جبير : أي : جيد حر يلصق باليد .
مجاهد : لازب : لازم . والعرب تقول : طين لازب ولازم ، تبدل الباء من الميم . ومثله قولهم : لاتب ولازم . على إبدال الباء بالميم . واللازب الثابت ، تقول : صار الشيء ضربة لازب ، وهو أفصح من لازم . قال
النابغة :
ولا يحسبون الخير لا شر بعده ولا يحسبون الشر ضربة لازب
وحكى
الفراء عن العرب : طين لاتب بمعنى لازم . واللاتب الثابت ، تقول منه : لتب يلتب لتبا ولتوبا ، مثل لزب يلزب بالضم لزوبا ، وأنشد
أبو الجراح في اللاتب :
فإن يك هذا من نبيذ شربته فإني من شرب النبيذ لتائب
صداع وتوصيم العظام وفترة وغم مع الإشراق في الجوف لاتب
واللاتب أيضا : اللاصق مثل اللازب ، عن
الأصمعي حكاه
الجوهري . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي والكلبي في اللازب : إنه الخالص .
مجاهد والضحاك : إنه المنتن .
قوله تعالى : " بل عجبت " قراءة
أهل المدينة وأبي عمرو وعاصم بفتح التاء خطابا للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، أي : بل عجبت مما نزل عليك من القرآن وهم يسخرون به . وهي قراءة
شريح وأنكر قراءة الضم وقال : إن الله لا يعجب من شيء ، وإنما يعجب من لا يعلم . وقيل : المعنى بل عجبت من إنكارهم للبعث . وقرأ الكوفيون إلا
عاصما بضم التاء . واختارها
أبو عبيد والفراء ، وهي مروية عن
علي nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، رواه
شعبة عن
الأعمش عن
أبي وائل عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه قرأ : " بل عجبت " بضم التاء . ويروى عن
ابن عباس . قال
الفراء في قوله - سبحانه - :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بل عجبت ويسخرون قرأها الناس بنصب التاء ورفعها ، والرفع أحب إلي ; لأنها عن
علي وعبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وقال
أبو زكريا الفراء :
nindex.php?page=treesubj&link=29622العجب إن أسند إلى الله - عز وجل - فليس معناه من الله كمعناه من العباد ، وكذلك قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15الله يستهزئ بهم ليس ذلك من الله كمعناه من العباد . وفي هذا بيان الكسر لقول
شريح حيث أنكر القراءة بها . روى
جرير nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش عن
أبي وائل شقيق بن سلمة قال : قرأها
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله ، يعني : ابن مسعود بل عجبت ويسخرون
[ ص: 65 ] قال
شريح : إن الله لا يعجب من شيء ، إنما يعجب من لا يعلم . قال
الأعمش : فذكرته
لإبراهيم فقال : إن
شريحا كان يعجبه رأيه ، إن
عبد الله كان أعلم من
شريح وكان يقرؤها
عبد الله " بل عجبت " . قال
الهروي : وقال بعض الأئمة : معنى قوله : " بل عجبت " بل جازيتهم على عجبهم ; لأن الله تعالى أخبر عنهم في غير موضع بالتعجب من الحق ، فقال : وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5إن هذا لشيء عجاب ، أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل منهم فقال تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بل عجبت " بل جازيتهم على التعجب .
قلت : وهذا تمام معنى قول
الفراء واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي . وقال
علي بن سليمان : معنى القراءتين واحد ، التقدير : قيل يا
محمد بل عجبت ; لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - مخاطب بالقرآن .
النحاس : وهذا قول حسن ، وإضمار القول كثير .
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : والأول أصح .
المهدوي : ويجوز أن يكون إخبار الله عن نفسه بالعجب محمولا على أنه أظهر من أمره وسخطه على من كفر به ما يقوم مقام العجب من المخلوقين ، كما يحمل إخباره تعالى عن نفسه بالضحك لمن يرضى عنه - على ما جاء في الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - على أنه أظهر له من رضاه عنه ما يقوم له مقام الضحك من المخلوقين مجازا واتساعا . قال
الهروي : ويقال معنى ( عجب ربكم ) أي : رضي وأثاب ، فسماه عجبا وليس بعجب في الحقيقة ، كما قال تعالى : " ويمكر الله " معناه ويجازيهم الله على مكرهم ، ومثله في الحديث
عجب ربكم من إلكم وقنوطكم . وقد يكون العجب بمعنى وقوع ذلك العمل عند الله عظيما . فيكون معنى قوله : " بل عجبت " أي : بل عظم فعلهم عندي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : ويشبه أن يكون هذا معنى حديث
عقبة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864788عجب ربك من شاب ليست له صبوة وكذلك ما خرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830982عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل قال
[ ص: 66 ] nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وقد يكون هذا الحديث وما ورد من أمثاله أنه يعجب ملائكته من كرمه ورأفته بعباده ، حين حملهم على الإيمان به بالقتال والأسر في السلاسل ، حتى إذا آمنوا أدخلهم الجنة . وقيل : معنى " بل عجبت " بل أنكرت . حكاه
النقاش . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل : التعجب من الله إنكار الشيء وتعظيمه ، وهو لغة العرب . وقد جاء في الخبر
عجب ربكم من إلكم وقنوطكم . ويسخرون قيل : الواو واو الحال ، أي : عجبت منهم في حال سخريتهم . وقيل : تم الكلام عند قوله : بل عجبت ثم استأنف فقال : ويسخرون أي : مما جئت به إذا تلوته عليهم . وقيل : يسخرون منك إذا دعوتهم .
قوله تعالى : وإذا ذكروا أي : وعظوا بالقرآن في قول
قتادة : لا يذكرون لا ينتفعون به . وقال
سعيد بن جبير : أي : إذا ذكر لهم ما حل بالمكذبين من قبلهم أعرضوا عنه ولم يتدبروا . وإذا رأوا آية أي معجزة يستسخرون أي يسخرون في قول
قتادة . ويقولون إنها سحر . واستسخر وسخر بمعنى ، مثل استقر وقر ، واستعجب ، وعجب . وقيل : يستسخرون أي : يستدعون السخرية من غيرهم . وقال
مجاهد : يستهزئون . وقيل : أي : يظنون أن تلك الآية سخرية .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=15وقالوا إن هذا إلا سحر مبين أي : إذا عجزوا عن مقابلة المعجزات بشيء قالوا هذا سحر وتخييل وخداع .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=16أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون أي أنبعث إذا متنا ؟ . فهو استفهام إنكار منهم وسخرية . أوآباؤنا الأولون أي : أوتبعث آباؤنا ، دخلت ألف الاستفهام على حرف العطف . وقرأ
نافع : " أو آباؤنا " بسكون الواو . وقد مضى هذا في سورة ( الأعراف ) . في قوله تعالى : أفأمن أهل القرى
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=29008nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=13وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=14وَإِذَا رَأَوْا آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=15وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=16أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=17أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11فَاسْتَفْتِهِمْ أَيْ سَلْهُمْ يَعْنِي
أَهْلَ مَكَّةَ ، مَأْخُوذٌ مِنِ اسْتِفْتَاءِ الْمُفْتِي . أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا قَالَ
مُجَاهِدٌ : أَيْ : مَنْ خَلَقْنَا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ وَالْبِحَارِ . وَقِيلَ : يَدْخُلُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَمَنْ سَلَفَ مِنَ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ . يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْهُمْ " بِمَنْ " قَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : الْمَلَائِكَةُ . وَقَالَ غَيْرُهُ : " مَنْ " الْأُمَمُ الْمَاضِيَةُ وَقَدْ هَلَكُوا وَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا مِنْهُمْ . نَزَلَتْ فِي
أَبِي الْأَشَدِّ بْنِ كِلْدَةَ ، وَسُمِّيَ
بِأَبِي الْأَشَدِّ لِشِدَّةِ بَطْشِهِ وَقُوَّتِهِ . وَسَيَأْتِي فِي [ الْبَلَدِ ] ذِكْرُهُ . وَنَظِيرُ هَذِهِ : لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=27أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=11إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ أَيْ لَاصِقٍ ، قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ . وَمِنْهُ قَوْلُ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - :
[ ص: 64 ] تَعَلَّمْ فَإِنَّ اللَّهَ زَادَكَ بَسْطَةً وَأَخْلَاقَ خَيْرٍ كُلُّهَا لَكَ لَازِبُ
وَقَالَ
قَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ : مَعْنَى لَازِبٌ : لَازِقٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ اللَّاصِقِ وَاللَّازِقِ أَنَّ اللَّاصِقَ : هُوَ الَّذِي قَدْ لَصِقَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ ، وَاللَّازِقَ : هُوَ الَّذِي يَلْتَزِقُ بِمَا أَصَابَهُ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : لَازِبٌ : لَزِجٌ .
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : أَيْ : جَيِّدٌ حُرٌّ يَلْصَقُ بِالْيَدِ .
مُجَاهِدٌ : لَازِبٌ : لَازِمٌ . وَالْعَرَبُ تَقُولُ : طِينٌ لَازِبٌ وَلَازِمٌ ، تُبْدِلُ الْبَاءَ مِنَ الْمِيمِ . وَمِثْلُهُ قَوْلُهُمْ : لَاتِبٌ وَلَازِمٌ . عَلَى إِبْدَالِ الْبَاءِ بِالْمِيمِ . وَاللَّازِبُ الثَّابِتُ ، تَقُولُ : صَارَ الشَّيْءُ ضَرْبَةِ لَازِبٍ ، وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ لَازِمٍ . قَالَ
النَّابِغَةُ :
وَلَا يَحْسَبُونَ الْخَيْرَ لَا شَرَ بَعْدَهُ وَلَا يَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لَازِبِ
وَحَكَى
الْفَرَّاءُ عَنِ الْعَرَبِ : طِينٌ لَاتِبٌ بِمَعْنَى لَازِمٍ . وَاللَّاتِبُ الثَّابِتُ ، تَقُولُ مِنْهُ : لَتَبَ يَلْتُبُ لَتْبًا وَلُتُوبًا ، مِثْلَ لَزُبَ يَلْزُبُ بِالضَّمِّ لُزُوبًا ، وَأَنْشَدَ
أَبُو الْجَرَّاحِ فِي اللَّاتِبِ :
فَإِنْ يَكُ هَذَا مِنْ نَبِيذٍ شَرِبْتُهُ فَإِنِّيَ مِنْ شُرْبِ النَّبِيذِ لَتَائِبُ
صُدَاعٌ وَتَوْصِيمُ الْعِظَامِ وَفَتْرَةٌ وَغَمٌّ مَعَ الْإِشْرَاقِ فِي الْجَوْفِ لَاتِبُ
وَاللَّاتِبُ أَيْضًا : اللَّاصِقُ مِثْلُ اللَّازِبِ ، عَنِ
الْأَصْمَعِيِّ حَكَاهُ
الْجَوْهَرِيُّ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ وَالْكَلْبِيُّ فِي اللَّازِبِ : إِنَّهُ الْخَالِصُ .
مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ : إِنَّهُ الْمُنْتِنُ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : " بَلْ عَجِبْتَ " قِرَاءَةُ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ بِفَتْحِ التَّاءِ خِطَابًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، أَيْ : بَلْ عَجِبْتَ مِمَّا نَزَلَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ وَهُمْ يَسْخَرُونَ بِهِ . وَهِيَ قِرَاءَةُ
شُرَيْحٍ وَأَنْكَرَ قِرَاءَةَ الضَّمِّ وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ ، وَإِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لَا يَعْلَمُ . وَقِيلَ : الْمَعْنَى بَلْ عَجِبْتَ مِنْ إِنْكَارِهِمْ لِلْبَعْثِ . وَقَرَأَ الْكُوفِيُّونَ إِلَّا
عَاصِمًا بِضَمِّ التَّاءِ . وَاخْتَارَهَا
أَبُو عُبَيْدٍ وَالْفَرَّاءُ ، وَهِيَ مَرْوِيَّةٌ عَنْ
عَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ، رَوَاهُ
شُعْبَةُ عَنِ
الْأَعْمَشِ عَنْ
أَبِي وَائِلٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ : " بَلْ عَجِبْتُ " بِضَمِّ التَّاءِ . وَيُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ
الْفَرَّاءُ فِي قَوْلِهِ - سُبْحَانَهُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ قَرَأَهَا النَّاسُ بِنَصْبِ التَّاءِ وَرَفْعِهَا ، وَالرَّفْعُ أَحَبُّ إِلَيَّ ; لِأَنَّهَا عَنْ
عَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَالَ
أَبُو زَكَرِيَّا الْفَرَّاءُ :
nindex.php?page=treesubj&link=29622الْعَجَبُ إِنْ أُسْنِدَ إِلَى اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - فَلَيْسَ مَعْنَاهُ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=15اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ لَيْسَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ كَمَعْنَاهُ مِنَ الْعِبَادِ . وَفِي هَذَا بَيَانُ الْكَسْرِ لِقَوْلِ
شُرَيْحٍ حَيْثُ أَنْكَرَ الْقِرَاءَةَ بِهَا . رَوَى
جَرِيرٌ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ عَنْ
أَبِي وَائِلٍ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ : قَرَأَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ ، يَعْنِي : ابْنَ مَسْعُودٍ بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ
[ ص: 65 ] قَالَ
شُرَيْحٌ : إِنَّ اللَّهَ لَا يَعْجَبُ مِنْ شَيْءٍ ، إِنَّمَا يَعْجَبُ مَنْ لَا يَعْلَمُ . قَالَ
الْأَعْمَشُ : فَذَكَرْتُهُ
لِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ : إِنَّ
شُرَيْحًا كَانَ يُعْجِبُهُ رَأْيُهُ ، إِنَّ
عَبْدَ اللَّهِ كَانَ أَعْلَمَ مِنْ
شُرَيْحٍ وَكَانَ يَقْرَؤُهَا
عَبْدُ اللَّهِ " بَلْ عَجِبْتُ " . قَالَ
الْهَرَوِيُّ : وَقَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ : مَعْنَى قَوْلِهِ : " بَلْ عَجِبْتُ " بَلْ جَازَيْتُهُمْ عَلَى عَجَبِهِمْ ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ عَنْهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ بِالتَّعَجُّبِ مِنَ الْحَقِّ ، فَقَالَ : وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=5إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ ، أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ فَقَالَ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=12بَلْ عَجِبْتُ " بَلْ جَازَيْتُهُمْ عَلَى التَّعَجُّبِ .
قُلْتُ : وَهَذَا تَمَامُ مَعْنَى قَوْلِ
الْفَرَّاءِ وَاخْتَارَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ . وَقَالَ
عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ : مَعْنَى الْقِرَاءَتَيْنِ وَاحِدٌ ، التَّقْدِيرُ : قِيلَ يَا
مُحَمَّدُ بَلْ عَجِبْتَ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخَاطَبٌ بِالْقُرْآنِ .
النَّحَّاسُ : وَهَذَا قَوْلٌ حَسَنٌ ، وَإِضْمَارُ الْقَوْلِ كَثِيرٌ .
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ .
الْمَهْدَوِيُّ : وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إِخْبَارُ اللَّهِ عَنْ نَفْسِهِ بِالْعَجَبِ مَحْمُولًا عَلَى أَنَّهُ أَظْهَرَ مِنْ أَمْرِهِ وَسُخْطِهِ عَلَى مَنْ كَفَرَ بِهِ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْعَجَبِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ ، كَمَا يُحْمَلُ إِخْبَارُهُ تَعَالَى عَنْ نَفْسِهِ بِالضَّحِكِ لِمَنْ يَرْضَى عَنْهُ - عَلَى مَا جَاءَ فِي الْخَبَرِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنَّهُ أَظْهَرَ لَهُ مِنْ رِضَاهُ عَنْهُ مَا يَقُومُ لَهُ مَقَامَ الضَّحِكِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ مَجَازًا وَاتِّسَاعًا . قَالَ
الْهَرَوِيُّ : وَيُقَالُ مَعْنَى ( عَجِبَ رَبُّكُمْ ) أَيْ : رَضِيَ وَأَثَابَ ، فَسَمَّاهُ عَجَبًا وَلَيْسَ بِعَجَبٍ فِي الْحَقِيقَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَيَمْكُرُ اللَّهُ " مَعْنَاهُ وَيُجَازِيهِمُ اللَّهُ عَلَى مَكْرِهِمْ ، وَمِثْلُهُ فِي الْحَدِيثِ
عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكُمْ وَقُنُوطِكُمْ . وَقَدْ يَكُونُ الْعَجَبُ بِمَعْنَى وُقُوعِ ذَلِكَ الْعَمَلِ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا . فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ : " بَلْ عَجِبْتُ " أَيْ : بَلْ عَظُمَ فِعْلُهُمْ عِنْدِي . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَعْنَى حَدِيثِ
عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=864788عَجِبَ رَبُّكَ مِنْ شَابٍّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ وَكَذَلِكَ مَا خَرَّجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=830982عَجِبَ اللَّهُ مِنْ قَوْمٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ فِي السَّلَاسِلِ قَالَ
[ ص: 66 ] nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَقَدْ يَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ وَمَا وَرَدَ مِنْ أَمْثَالِهِ أَنَّهُ يَعْجَبُ مَلَائِكَتُهُ مِنْ كَرَمِهِ وَرَأْفَتِهِ بِعِبَادِهِ ، حِينَ حَمَلَهُمْ عَلَى الْإِيمَانِ بِهِ بِالْقِتَالِ وَالْأَسْرِ فِي السَّلَاسِلِ ، حَتَّى إِذَا آمَنُوا أَدْخَلَهُمُ الْجَنَّةَ . وَقِيلَ : مَعْنَى " بَلْ عَجِبْتُ " بَلْ أَنْكَرْتُ . حَكَاهُ
النَّقَّاشُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ : التَّعَجُّبُ مِنَ اللَّهِ إِنْكَارُ الشَّيْءِ وَتَعْظِيمُهُ ، وَهُوَ لُغَةُ الْعَرَبِ . وَقَدْ جَاءَ فِي الْخَبَرِ
عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ إِلِّكُمْ وَقُنُوطِكُمْ . وَيَسْخَرُونَ قِيلَ : الْوَاوُ وَاوُ الْحَالِ ، أَيْ : عَجِبْتُ مِنْهُمْ فِي حَالِ سُخْرِيَتِهِمْ . وَقِيلَ : تَمَّ الْكَلَامُ عِنْدَ قَوْلِهِ : بَلْ عَجِبْتَ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ فَقَالَ : وَيَسْخَرُونَ أَيْ : مِمَّا جِئْتَ بِهِ إِذَا تَلَوْتَهُ عَلَيْهِمْ . وَقِيلَ : يَسْخَرُونَ مِنْكَ إِذَا دَعَوْتَهُمْ .
قَوْلُهُ تَعَالَى : وَإِذَا ذُكِّرُوا أَيْ : وُعِظُوا بِالْقُرْآنِ فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ : لَا يَذْكُرُونَ لَا يَنْتَفِعُونَ بِهِ . وَقَالَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : أَيْ : إِذَا ذُكِرَ لَهُمْ مَا حَلَّ بِالْمُكَذِّبِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَلَمْ يَتَدَبَّرُوا . وَإِذَا رَأَوْا آيَةً أَيْ مُعْجِزَةً يَسْتَسْخِرُونَ أَيْ يَسْخَرُونَ فِي قَوْلِ
قَتَادَةَ . وَيَقُولُونَ إِنَّهَا سِحْرٌ . وَاسْتَسْخَرَ وَسَخِرَ بِمَعْنًى ، مِثْلٌ اسْتَقَرَّ وَقَرَّ ، وَاسْتَعْجَبَ ، وَعَجِبَ . وَقِيلَ : يَسْتَسْخِرُونَ أَيْ : يَسْتَدْعُونَ السُّخْرِيَةَ مِنْ غَيْرِهِمْ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : يَسْتَهْزِئُونَ . وَقِيلَ : أَيْ : يَظُنُّونَ أَنَّ تِلْكَ الْآيَةَ سُخْرِيَةٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=15وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ أَيْ : إِذَا عَجَزُوا عَنْ مُقَابَلَةِ الْمُعْجِزَاتِ بِشَيْءٍ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَتَخْيِيلٌ وَخِدَاعٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=16أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ أَيْ أَنُبْعَثُ إِذَا مِتْنَا ؟ . فَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ مِنْهُمْ وَسُخْرِيَةٌ . أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ أَيْ : أَوَتُبْعَثُ آبَاؤُنَا ، دَخَلَتْ أَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ عَلَى حَرْفِ الْعَطْفِ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ : " أَوْ آبَاؤُنَا " بِسُكُونِ الْوَاوِ . وَقَدْ مَضَى هَذَا فِي سُورَةِ ( الْأَعْرَافِ ) . فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى