قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
فيه ثلاث مسائل :
الأولى : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=261الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله قيل : إنها نزلت في
عثمان بن عفان رضي الله عنه . قال
عبد الرحمن بن سمرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837863جاء عثمان بألف دينار في جيش العسرة فصبها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته يدخل يده فيها ويقلبها ويقول : ما ضر ابن عفان ما عمل بعد اليوم اللهم لا تنس هذا اليوم لعثمان . وقال
أبو سعيد الخدري :
رأيت nindex.php?page=treesubj&link=31279النبي صلى الله عليه وسلم رافعا يديه يدعو لعثمان يقول : يا رب عثمان إني رضيت عن عثمان فارض عنه فما زال يدعو حتى طلع الفجر فنزلت : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى الآية .
الثانية : لما تقدم في الآية التي قبل ذكر الإنفاق في سبيل الله على العموم بين في هذه الآية أن ذلك الحكم والثواب إنما هو لمن لا يتبع إنفاقه منا ولا أذى ؛ لأن
nindex.php?page=treesubj&link=23515المن والأذى مبطلان لثواب الصدقة كما أخبر تعالى في الآية بعد هذا ، وإنما على المرء أن يريد وجه الله تعالى وثوابه بإنفاقه على المنفق عليه ، ولا يرجو منه شيئا ولا ينظر من أحواله في حال سوى أن يراعي استحقاقه ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . ومتى
nindex.php?page=treesubj&link=23515_23477_18697أنفق ليريد من المنفق عليه جزاء بوجه من الوجوه فهذا لم يرد وجه الله ، فهذا إذا أخلف ظنه فيه من بإنفاقه وآذى . وكذلك من أنفق مضطرا دافع غرم إما لمانة للمنفق عليه أو لقرينة أخرى من اعتناء معتن فهذا لم يرد وجه الله . وإنما يقبل ما كان عطاؤه لله وأكثر قصده ابتغاء ما عند الله ، كالذي حكي عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أعرابيا أتاه فقال :
يا عمر الخير جزيت الجنه اكس بنياتي وأمهنه وكن لنا من الزمان جنه
أقسم بالله لتفعلنه
[ ص: 280 ] قال
عمر : إن لم أفعل يكون ماذا ؟ قال :
إذا أبا حفص لأذهبنه
قال : إذا ذهبت يكون ماذا ؟ - قال :
تكون عن حالي لتسألنه يوم تكون الأعطيات هنه
وموقف المسئول بينهنه إما إلى نار وإما جنه
فبكى
عمر حتى اخضلت لحيته ثم قال : يا غلام ، أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره والله لا أملك غيره . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : وإذا كان العطاء على هذا الوجه خاليا من طلب جزاء وشكر وعريا عن امتنان ونشر كان ذلك أشرف للباذل وأهنأ للقابل . فأما
nindex.php?page=treesubj&link=18697_23515المعطي إذا التمس بعطائه الجزاء ، وطلب به الشكر والثناء ، كان صاحب سمعة ورياء ، وفي هذين من الذم ما ينافي السخاء . وإن طلب الجزاء كان تاجرا مربحا لا يستحق حمدا ولا مدحا . وقد قال
ابن عباس في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6ولا تمنن تستكثر أي لا تعط عطية تلتمس بها أفضل منها . وذهب
ابن زيد إلى أن هذه الآية إنما هي في الذين لا يخرجون في الجهاد بل ينفقون وهم قعود ، وإن الآية التي قبلها هي في الذين يخرجون بأنفسهم ، قال : ولذلك شرط على هؤلاء ولم يشترط على الأولين . قال
ابن عطية : وفي هذا القول نظر ؛ لأن التحكم فيه باد .
الثالثة : قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262منا ولا أذى المن ذكر النعمة على معنى التعديد لها والتقريع بها مثل أن يقول : قد أحسنت إليك ونعشتك وشبهه . وقال بعضهم : المن : التحدث بما أعطى حتى يبلغ ذلك المعطى فيؤذيه . والمن من الكبائر ، ثبت ذلك في صحيح
مسلم وغيره ، وأنه أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831683ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة العاق لوالديه والمرأة المترجلة تتشبه بالرجال والديوث ، وثلاثة لا يدخلون الجنة العاق لوالديه والمدمن الخمر [ ص: 281 ] والمنان بما أعطى . وفي بعض طرق
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831684المنان هو الذي لا يعطي شيئا إلا منة . والأذى : السب والتشكي ، وهو أعم من المن لأن المن جزء من الأذى لكنه نص عليه لكثرة وقوعه . وقال
ابن زيد : لئن ظننت أن سلامك يثقل على من أنفقت عليه تريد وجه الله فلا تسلم عليه . وقالت له امرأة : يا
أبا أسامة دلني على رجل يخرج في سبيل الله حقا فإنهم إنما يخرجون يأكلون الفواكه فإن عندي أسهما وجعبة . فقال : لا بارك الله في أسهمك وجعبتك فقد آذيتهم قبل أن تعطيهم .
قال علماؤنا رحمة الله عليهم : فمن أنفق في سبيل الله ولم يتبعه منا ولا أذى كقوله : ما أشد إلحاحك وخلصنا الله منك ، وأمثال هذا فقد تضمن الله له بالأجر ، والأجر الجنة ، ونفى عنه الخوف بعد موته لما يستقبل ، والحزن على ما سلف من دنياه ؛ لأنه يغتبط بآخرته فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون . وكفى بهذا فضلا وشرفا للنفقة في سبيل الله تعالى . وفيها دلالة لمن
nindex.php?page=treesubj&link=29544فضل الغني على الفقير حسب ما يأتي بيانه إن شاء الله تعالى .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
فِيهِ ثَلَاثُ مَسَائِلَ :
الْأُولَى : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=261الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ : إِنَّهَا نَزَلَتْ فِي
عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَمُرَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=837863جَاءَ عُثْمَانُ بِأَلْفِ دِينَارٍ فِي جَيْشِ الْعُسْرَةِ فَصَبَّهَا فِي حِجْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَأَيْتُهُ يُدْخِلُ يَدَهُ فِيهَا وَيُقَلِّبُهَا وَيَقُولُ : مَا ضَرَّ ابْنَ عَفَّانَ مَا عَمِلَ بَعْدَ الْيَوْمِ اللَّهُمَّ لَا تَنْسَ هَذَا الْيَوْمَ لِعُثْمَانَ . وَقَالَ
أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ :
رَأَيْتُ nindex.php?page=treesubj&link=31279النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَافِعًا يَدَيْهِ يَدْعُو لِعُثْمَانَ يَقُولُ : يَا رَبَّ عُثْمَانَ إِنِّي رَضِيتُ عَنْ عُثْمَانَ فَارْضَ عَنْهُ فَمَا زَالَ يَدْعُو حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَنَزَلَتْ : nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى الْآيَةَ .
الثَّانِيَةُ : لَمَّا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلُ ذِكْرُ الْإِنْفَاقِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَلَى الْعُمُومِ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ ذَلِكَ الْحُكْمَ وَالثَّوَابَ إِنَّمَا هُوَ لِمَنْ لَا يُتْبِعُ إِنْفَاقَهُ مَنًّا وَلَا أَذًى ؛ لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=23515الْمَنَّ وَالْأَذَى مُبْطِلَانِ لِثَوَابِ الصَّدَقَةِ كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى فِي الْآيَةِ بَعْدَ هَذَا ، وَإِنَّمَا عَلَى الْمَرْءِ أَنْ يُرِيدَ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى وَثَوَابَهُ بِإِنْفَاقِهِ عَلَى الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ ، وَلَا يَرْجُو مِنْهُ شَيْئًا وَلَا يَنْظُرُ مِنْ أَحْوَالِهِ فِي حَالٍ سِوَى أَنْ يُرَاعِيَ اسْتِحْقَاقَهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=9لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا . وَمَتَى
nindex.php?page=treesubj&link=23515_23477_18697أَنْفَقَ لِيُرِيدَ مِنَ الْمُنْفَقِ عَلَيْهِ جَزَاءً بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ فَهَذَا لَمْ يُرِدْ وَجْهَ اللَّهِ ، فَهَذَا إِذَا أَخْلَفَ ظَنَّهُ فِيهِ مَنَّ بِإِنْفَاقِهِ وَآذَى . وَكَذَلِكَ مَنْ أَنْفَقَ مُضْطَرًّا دَافِعَ غُرْمٍ إِمَّا لِمَانَّةٍ لِلْمُنْفَقِ عَلَيْهِ أَوْ لِقَرِينَةٍ أُخْرَى مِنَ اعْتِنَاءِ مُعْتَنٍ فَهَذَا لَمْ يُرِدْ وَجْهَ اللَّهِ . وَإِنَّمَا يُقْبَلُ مَا كَانَ عَطَاؤُهُ لِلَّهِ وَأَكْثَرُ قَصْدِهِ ابْتِغَاءَ مَا عِنْدَ اللَّهِ ، كَالَّذِي حُكِيَ عَنْ
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ أَعْرَابِيًّا أَتَاهُ فَقَالَ :
يَا عُمَرَ الْخَيْرِ جُزِيَتَ الْجَنَّهْ اكْسُ بُنَيَّاتِي وَأُمَّهُنَّهْ وَكُنْ لَنَا مِنَ الزَّمَانِ جُنَّهْ
أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَتَفْعَلَنَّهْ
[ ص: 280 ] قَالَ
عُمَرُ : إِنْ لَمْ أَفْعَلْ يَكُونُ مَاذَا ؟ قَالَ :
إِذًا أَبَا حَفْصٍ لَأَذْهَبَنَّهْ
قَالَ : إِذَا ذَهَبْتَ يَكُونُ مَاذَا ؟ - قَالَ :
تَكُونُ عَنْ حَالِي لَتُسْأَلَنَّهْ يَوْمَ تَكُونُ الْأُعْطِيَاتُ هَنَّهْ
وَمَوْقِفُ الْمَسْئُولِ بَيْنَهُنَّهْ إِمَّا إِلَى نَارٍ وَإِمَّا جَنَّهْ
فَبَكَى
عُمَرُ حَتَّى اخْضَلَّتْ لِحْيَتُهُ ثُمَّ قَالَ : يَا غُلَامُ ، أَعْطِهِ قَمِيصِي هَذَا لِذَلِكَ الْيَوْمِ لَا لِشِعْرِهِ وَاللَّهِ لَا أَمْلِكُ غَيْرَهُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15151الْمَاوَرْدِيُّ : وَإِذَا كَانَ الْعَطَاءُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ خَالِيًا مِنْ طَلَبِ جَزَاءٍ وَشُكْرٍ وَعُرْيًا عَنِ امْتِنَانٍ وَنَشْرٍ كَانَ ذَلِكَ أَشْرَفَ لِلْبَاذِلِ وَأَهْنَأَ لِلْقَابِلِ . فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=18697_23515الْمُعْطِي إِذَا الْتَمَسَ بِعَطَائِهِ الْجَزَاءَ ، وَطَلَبَ بِهِ الشُّكْرَ وَالثَّنَاءَ ، كَانَ صَاحِبَ سُمْعَةٍ وَرِيَاءٍ ، وَفِي هَذَيْنِ مِنَ الذَّمِّ مَا يُنَافِي السَّخَاءَ . وَإِنْ طَلَبَ الْجَزَاءَ كَانَ تَاجِرًا مُرْبِحًا لَا يَسْتَحِقُّ حَمْدًا وَلَا مَدْحًا . وَقَدْ قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=6وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ أَيْ لَا تُعْطِ عَطِيَّةً تَلْتَمِسُ بِهَا أَفْضَلَ مِنْهَا . وَذَهَبَ
ابْنُ زَيْدٍ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ إِنَّمَا هِيَ فِي الَّذِينَ لَا يَخْرُجُونَ فِي الْجِهَادِ بَلْ يُنْفِقُونَ وَهُمْ قُعُودٌ ، وَإِنَّ الْآيَةَ الَّتِي قَبْلَهَا هِيَ فِي الَّذِينَ يَخْرُجُونَ بِأَنْفُسِهِمْ ، قَالَ : وَلِذَلِكَ شُرِطَ عَلَى هَؤُلَاءِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْأَوَّلِينَ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَفِي هَذَا الْقَوْلِ نَظَرٌ ؛ لِأَنَّ التَّحَكُّمَ فِيهِ بَادٍ .
الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262مَنًّا وَلَا أَذًى الْمَنُّ ذِكْرُ النِّعْمَةِ عَلَى مَعْنَى التَّعْدِيدِ لَهَا وَالتَّقْرِيعِ بِهَا مِثْلَ أَنْ يَقُولَ : قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكَ وَنَعَشْتُكَ وَشِبْهَهُ . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : الْمَنُّ : التَّحَدُّثُ بِمَا أَعْطَى حَتَّى يَبْلُغَ ذَلِكَ الْمُعْطَى فَيُؤْذِيَهُ . وَالْمَنُّ مِنَ الْكَبَائِرِ ، ثَبَتَ ذَلِكَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ ، وَأَنَّهُ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ عَنِ
ابْنِ عُمَرَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831683ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمَرْأَةُ الْمُتَرَجِّلَةُ تَتَشَبَّهُ بِالرِّجَالِ وَالدَّيُّوثُ ، وَثَلَاثَةٌ لَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ الْعَاقُّ لِوَالِدَيْهِ وَالْمُدْمِنُ الْخَمْرَ [ ص: 281 ] وَالْمَنَّانُ بِمَا أَعْطَى . وَفِي بَعْضِ طُرُقِ
مُسْلِمٍ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=831684الْمَنَّانُ هُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي شَيْئًا إِلَّا مِنَّةً . وَالْأَذَى : السَّبُّ وَالتَّشَكِّي ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنَ الْمَنِّ لِأَنَّ الْمَنَّ جُزْءٌ مِنَ الْأَذَى لَكِنَّهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : لَئِنْ ظَنَنْتَ أَنَّ سَلَامَكَ يُثْقِلُ عَلَى مَنْ أَنْفَقْتَ عَلَيْهِ تُرِيدُ وَجْهَ اللَّهِ فَلَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ . وَقَالَتْ لَهُ امْرَأَةٌ : يَا
أَبَا أُسَامَةَ دُلَّنِي عَلَى رَجُلٍ يَخْرُجُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَقًّا فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا يَخْرُجُونَ يَأْكُلُونَ الْفَوَاكِهَ فَإِنَّ عِنْدِي أَسْهُمًا وَجَعْبَةً . فَقَالَ : لَا بَارَكَ اللَّهُ فِي أَسْهُمِكِ وَجَعْبَتِكِ فَقَدْ آذَيْتِهُمْ قَبْلَ أَنْ تُعْطِيَهُمْ .
قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ : فَمَنْ أَنْفَقَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَمْ يُتْبِعْهُ مَنًّا وَلَا أَذًى كَقَوْلِهِ : مَا أَشَدَّ إِلْحَاحَكَ وَخَلَّصَنَا اللَّهُ مِنْكَ ، وَأَمْثَالُ هَذَا فَقَدْ تَضَمَّنَ اللَّهُ لَهُ بِالْأَجْرِ ، وَالْأَجْرُ الْجَنَّةُ ، وَنَفَى عَنْهُ الْخَوْفَ بَعْدَ مَوْتِهِ لِمَا يَسْتَقْبِلُ ، وَالْحُزْنَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْ دُنْيَاهُ ؛ لِأَنَّهُ يَغْتَبِطُ بِآخِرَتِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=262لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ . وَكَفَى بِهَذَا فَضْلًا وَشَرَفًا لِلنَّفَقَةِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى . وَفِيهَا دَلَالَةٌ لِمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29544فَضَّلَ الْغَنِيَّ عَلَى الْفَقِيرِ حَسَبَ مَا يَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .