(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28972الرحمن الرحيم ) تقدم الكلام عليهما في البسملة ، وهما مع قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رب العالمين ) صفات مدح ; لأن ما قبلهما علم لم يعرض في التسمية به اشتراك فيخصص ، وبدأ أولا بالوصف بالربوبية ، فإن كان الرب بمعنى السيد أو بمعنى المالك أو بمعنى المعبود كان صفة فعل للموصوف بها التصريف في المسود والمملوك والعابد بما أراد من الخير والشر ، فناسب ذلك الوصف بالرحمانية والرحيمية ، لينبسط أمل العبد في العفو إن زل ، ويقوى رجاؤه إن هفا ، ولا يصح أن يكون الرب بمعنى الثابت ولا بمعنى الصاحب ; لامتناع إضافته إلى العالمين ، وإن كان بمعنى المصلح كان الوصف بالرحمة مشعرا بقلة الإصلاح ; لأن الحامل للشخص على إصلاح حال الشخص رحمته له . ومضمون الجملة والوصف أن من كان موصوفا بالربوبية والرحمة للمربوبين كان مستحقا للحمد . وخفض (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم ) الجمهور ، ونصبهما
أبو العالية وابن السميفع وعيسى بن عمرو ، ورفعهما
أبو رزين العقيلي nindex.php?page=showalam&ids=14355والربيع بن خيثم nindex.php?page=showalam&ids=12107وأبو عمران الجوني ، فالخفض على النعت ، وقيل في الخفض : إنه بدل أو عطف بيان ، وتقدم شيء من هذا ، والنصب والرفع للقطع . وفي تكرار
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرحمن الرحيم إن كانت
nindex.php?page=treesubj&link=28971_20762التسمية آية من الفاتحة تنبيه على عظم قدر هاتين الصفتين وتأكيد أمرهما ، وجعل مكي تكرارها دليلا على أن التسمية ليست بآية من الفاتحة ، قال : إذ لو كانت آية لكنا قد أتينا بآيتين متجاورتين بمعنى واحد ، وهذا لا يوجد إلا بفواصل تفصل بين الأولى والثانية . قال : والفصل بينهما بـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ) كلا فصل ، قال : لأنه مؤخر يراد به التقديم تقديره الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين ، وإنما قلنا بالتقديم لأن مجاورة الرحمة بالحمد أولى ، ومجاورة الملك بالملك أولى . قال :
[ ص: 20 ] والتقديم والتأخير كثير في القرآن ، وكلام مكي مدخول من غير وجه ، ولولا جلالة قائله نزهت كتابي هذا عن ذكره . والترتيب القرآني جاء في غاية الفصاحة لأنه - تعالى - وصف نفسه بصفة الربوبية وصفة الرحمة ، ثم ذكر شيئين أحدهما ملكه يوم الجزاء ، والثاني العبادة . فناسب الربوبية الملك ، والرحمة العبادة . فكان الأول للأول والثاني للثاني .
وقد ذكر المفسرون
nindex.php?page=treesubj&link=28953في علم التفسير الوقف ، وقد اختلف في أقسامه ، فقيل : تام وكاف وقبيح وغير ذلك . وقد صنف الناس في ذلك كتبا مرتبة على السور ، ككتاب
nindex.php?page=showalam&ids=12111أبي عمرو الداني وكتاب
الكرماني وغيرهما ، ومن كان عنده حظ في علم العربية استغنى عن ذلك .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28972الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِمَا فِي الْبَسْمَلَةِ ، وَهُمَا مَعَ قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2رَبِّ الْعَالَمِينَ ) صِفَاتُ مَدْحٍ ; لِأَنَّ مَا قَبْلَهُمَا عَلَمٌ لَمْ يَعْرِضْ فِي التَّسْمِيَةِ بِهِ اشْتَرَاكٌ فَيُخَصَّصُ ، وَبَدَأَ أَوَّلًا بِالْوَصْفِ بِالرُّبُوبِيَّةِ ، فَإِنْ كَانَ الرَّبُّ بِمَعْنَى السَّيِّدِ أَوْ بِمَعْنَى الْمَالِكِ أَوْ بِمَعْنَى الْمَعْبُودِ كَانَ صِفَةَ فِعْلٍ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا التَّصْرِيفُ فِي الْمَسُودِ وَالْمَمْلُوكِ وَالْعَابِدِ بِمَا أَرَادَ مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ ، فَنَاسَبَ ذَلِكَ الْوَصْفُ بِالرَّحْمَانِيَّةِ وَالرَّحِيمِيَّةِ ، لِيَنْبَسِطَ أَمَلُ الْعَبْدِ فِي الْعَفْوِ إِنْ زَلَّ ، وَيَقْوَى رَجَاؤُهُ إِنْ هَفَا ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ بِمِعْنَى الثَّابِتِ وَلَا بِمَعْنَى الصَّاحِبِ ; لِامْتِنَاعِ إِضَافَتِهِ إِلَى الْعَالَمِينَ ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُصْلِحِ كَانَ الْوَصْفُ بِالرَّحْمَةِ مُشْعِرًا بِقِلَّةِ الْإِصْلَاحِ ; لِأَنَّ الْحَامِلَ لِلشَّخْصِ عَلَى إِصْلَاحِ حَالِ الشَّخْصِ رَحْمَتُهُ لَهُ . وَمَضْمُونُ الْجُمْلَةِ وَالْوَصْفِ أَنَّ مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالرُّبُوبِيَّةِ وَالرَّحْمَةِ لِلْمَرْبُوبِينَ كَانَ مُسْتَحِقًّا لِلْحَمْدِ . وَخَفَضَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) الْجُمْهُورُ ، وَنَصَبَهُمَا
أَبُو الْعَالِيَةِ وَابْنُ السَّمَيْفَعِ وَعِيسَى بْنُ عَمْرٍو ، وَرَفَعَهُمَا
أَبُو رَزِينٍ الْعُقَيْلِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14355وَالرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ nindex.php?page=showalam&ids=12107وَأَبُو عِمْرَانَ الْجُونِيُّ ، فَالْخَفْضُ عَلَى النَّعْتِ ، وَقِيلَ فِي الْخَفْضِ : إِنَّهُ بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ ، وَتَقَدَّمَ شَيْءٌ مِنْ هَذَا ، وَالنَّصْبُ وَالرَّفْعُ لِلْقَطْعِ . وَفِي تَكْرَارِ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=3الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إِنْ كَانَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=28971_20762التَّسْمِيَةُ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ تَنْبِيهٌ عَلَى عِظَمِ قَدْرِ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ وَتَأْكِيدُ أَمْرِهِمَا ، وَجَعَلَ مَكِّيٌّ تَكْرَارَهَا دَلِيلًا عَلَى أَنَّ التَّسْمِيَةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنَ الْفَاتِحَةِ ، قَالَ : إِذْ لَوْ كَانَتْ آيَةً لَكُنَّا قَدْ أَتَيْنَا بِآيَتَيْنِ مُتَجَاوِرَتَيْنِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، وَهَذَا لَا يُوجَدُ إِلَّا بِفَوَاصِلَ تَفْصِلُ بَيْنَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ . قَالَ : وَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِـ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) كَلَا فَصْلٍ ، قَالَ : لِأَنَّهُ مُؤَخَّرٌ يُرَادُ بِهِ التَّقْدِيمُ تَقْدِيرُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَإِنَّمَا قُلْنَا بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّ مُجَاوَرَةَ الرَّحْمَةِ بِالْحَمْدِ أَوْلَى ، وَمُجَاوَرَةَ الْمَلِكِ بِالْمُلْكِ أَولَى . قَالَ :
[ ص: 20 ] وَالتَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ ، وَكَلَامُ مَكِّيٍّ مَدْخُولٌ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، وَلَوْلَا جَلَالَةُ قَائِلِهِ نَزَّهْتُ كِتَابِي هَذَا عَنْ ذِكْرِهِ . وَالتَّرْتِيبُ الْقُرْآنِيُّ جَاءَ فِي غَايَةِ الْفَصَاحَةِ لِأَنَّهُ - تَعَالَى - وَصَفَ نَفْسَهُ بِصِفَةِ الرُّبُوبِيَّةِ وَصِفَةِ الرَّحْمَةِ ، ثُمَّ ذَكَرَ شَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا مِلْكُهُ يَوْمَ الْجَزَاءِ ، وَالثَّانِي الْعِبَادَةُ . فَنَاسَبَ الرُّبُوبِيَّةَ الْمُلْكُ ، وَالرَّحْمَةَ الْعِبَادَةُ . فَكَانَ الْأَوَّلُ لِلْأَوَّلِ وَالثَّانِي لِلثَّانِي .
وَقَدْ ذَكَرَ الْمُفَسِّرُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=28953فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ الْوَقْفَ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي أَقْسَامِهِ ، فَقِيلَ : تَامٌّ وَكَافٌّ وَقَبِيحٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ . وَقَدْ صَنَّفَ النَّاسُ فِي ذَلِكَ كُتُبًا مُرَتَّبَةً عَلَى السُّوَرِ ، كَكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=12111أَبِي عَمْرٍو الدَّانِيِّ وَكِتَابِ
الْكِرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِمَا ، وَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ حَظٌّ فِي عِلْمِ الْعَرَبِيَّةِ اسْتَغْنَى عَنْ ذَلِكَ .