315 - ورد ذو تساهل في الحمل كالنوم والأداء كلا من أصل 316 - أو قبل التلقين أو قد وصفا
بالمنكرات كثرة أو عرفا 317 - بكثرة السهو وما حدث من
أصل صحيح فهو رد ثم إن 318 - بين له غلطه فما رجع
سقط عندهم حديثه جمع 319 - كذا الحميدي مع nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك رأوا في العمل 320 - قال : وفيه نظر ، نعم إذا
كان عنادا منه ما ينكر ذا
[ ما يخرم الضبط ] الثاني عشر : في
nindex.php?page=treesubj&link=29209التساهل وغيره مما يخرم الضبط .
( ورد ) عند أهل الحديث ( ذو تساهل في الحمل ) أي : التحمل للحديث وسماعه ( ك ) المتحمل حال ( النوم ) الكثير الواقع منه أو من شيخه ، مع عدم مبالاته بذلك ، فلم يقبلوا روايته .
وما وقع لهم من قبول الإمام الثقة الحجة
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب مع وصف
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني وغيره له بأنه كان رديء الأخذ .
[ ص: 104 ] وقول
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة : إنه رآه وأخوه
أبو بكر وغيرهما من الحفاظ وهو نائم في حال كونه يقرأ له على
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة ، وإن
عثمان قال
للقارئ : أنت تقرأ وصاحبك نائم ، فضحك
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة . قال
عثمان : فتركنا
ابن وهب إلى يومنا هذا ، فقيل له : ولهذا تركتموه ؟ قال : نعم ، أتريد أكثر من ذا ؟ رواه
الخطيب .
فلكونه في ذلك ماشيا على مذهب أهل بلده في تجويز الإجازة ، وأن يقال فيها : حدثني ، بل قال
أحمد : إنه كان صحيح الحديث ، يفصل السماع من العرض ، والحديث من الحديث ، ما أصح حديثه ، فقيل له : أليس كان يسيء الأخذ ؟ قال : قد كان ، ولكنك إذا نظرت في حديثه عن مشايخه وجدته صحيحا .
ثم إنه لا يضر في كل من التحمل والأداء النعاس الخفيف الذي لا يختل معه فهم الكلام ، لا سيما من الفطن ، فقد كان الحافظ
المزي ربما ينعس في حال إسماعه ، ويغلط
القارئ أو يزل فيبادر للرد عليه ، وكذا شاهدت شيخنا غير مرة ، بل بلغني عن بعض العلماء الراسخين في العربية أنه كان يقرئ شرح ألفية النحو لابن المصنف وهو ناعس .
وما يوجد في الطباق من التنبيه على نعاس السامع أو المسمع لعله فيمن جهل حاله ، أو علم بعدم الفهم .
وأما امتناع التقي
ابن دقيق العيد من التحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=12912ابن المقير مع صحة سماعه منه ; لكونه شك هل نعس حال السماع أم لا ، فلورعه ; فقد كان من
[ ص: 105 ] الورع بمكان .
ونحوه أنه قيل
nindex.php?page=showalam&ids=16599لعلي بن الحسن بن شقيق المروزي : أسمعت الكتاب الفلاني ؟ فقال : نعم ، ولكن نهق حمار يوما فاشتبه علي حديث ، ولم أعرف تعيينه ، فتركت الكتاب كله . ( و ) كذلك رد عندهم ذو تساهل في حالة ( الأداء ) أي : التحديث ( ك ) المؤدي ( لا من أصل ) صحيح مع كونه هو أو القارئ أو بعض السامعين غير حافظ ، حسبما يأتي في بابه .
ومن ذلك من كان يحدث بعد ذهاب أصوله واختلال حفظه ، كفعل
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة فيما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، فقال : جاء قوم ومعهم جزء فقالوا : سمعناه من
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، فنظرت فلم أجد فيه حديثا واحدا من حديثه ، فأتيته وأعلمته بذلك ، فقال : ما أصنع ؟ يجيئوني بكتاب فيقولون : هذا من حديثك ، فأحدثهم به .
ونحوه ما وقع
لمحمد بن خلاد الإسكندراني ، جاءه رجل بعد أن ذهبت كتبه بنسخة
ضمام بن إسماعيل ويعقوب بن عبد الرحمن ، فقال له : أليس هما سماعك ؟ قال : نعم ، قال : فحدثني بهما ، قال : قد ذهبت كتبي ، ولا أحدث من غير أصل ، فما زال حتى خدعه ، ولذا من سمع منه قديما قبل ذهاب كتبه كان صحيح الحديث ، ومن تأخر فلا .
وممن وصف بالتساهل فيهما
قرة بن عبد الرحمن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : إنه كان يتساهل في السماع وفي الحديث ، وليس بكذاب .
[ ص: 106 ] والظاهر أن الرد بذلك ليس على إطلاقه ، وإلا فقد عرف جماعة من الأئمة المقبولين به ، فإما أن يكون لما انضم إليهم من الثقة وعدم المجيء بما ينكر ، وكلام
أحمد الماضي قريبا يشهد له ، أو لكون التساهل يختلف ، فمنه ما يقدح ، ومنه ما لا يقدح .
وكذا من اختل ضبطه بحيث أكثر من القلب أو الإدراج ، أو رفع الموقوف ، أو وصل المرسل ( أو قبل التلقين ) الباطل ممن يلقنه إياه في الحديث إسنادا أو متنا ، وبادر إلى التحديث بذلك ولو مرة ; لدلالته على مجازفته وعدم تثبته وسقوط الوثوق بالمتصف به ، لا سيما وقد كان غير واحد يفعله اختبارا وتجربة لحفظ الراوي وضبطه وحذقه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد فيما رواه
أبو يعلى في مسنده : لقنت
سلمة بن علقمة حديثا ، فحدثني به ، ثم رجع فيه وقال : إذا أردت أن تكذب صاحبك ; أي : تعرف كذبه ، فلقنه .
وكذا قال
قتادة : إذا أردت أن تكذب صاحبك فلقنه .
ومنهم من يفعله ليرويه بعد ذلك عمن لقنه ، وهذا من أعظم القدح في فاعله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16511عبدان الأهوازي : كان البغداديون ،
nindex.php?page=showalam&ids=16505كعبد الوهاب بن عطاء ، يلقنون المشايخ ، وكنت أمنعهم .
[ ص: 107 ] وكذا قال
أبو داود : كان فضلك يدور على أحاديث
nindex.php?page=showalam&ids=12153أبي مسهر وغيره ، يلقنها
nindex.php?page=showalam&ids=17246هشام بن عمار ، يعني : بعد ما كبر ، بحيث كان كلما دفع إليه قرأه ، وكلما لقن تلقن ، ويحدثه بها .
قال : وكنت أخشى أن يفتق في الإسلام فتقا ، ولكن قد قال
عبد الله بن محمد بن سيار : لما لمته على قبول التلقين ، قال : أنا أعرف حديثي ، ثم قال لي بعد ساعة : إن كنت تشتهي أن تعلم فأدخل إنسانا في شيء . فتفقدت الأسانيد التي فيها قليل اضطراب ، فسألته عنها ، فكان يمر فيها ، وكان أيضا يقول : قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه .
ومن الأول ما وقع
لحفص بن غياث ، فإنه لقي هو
nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان وغيرهما
موسى بن دينار المكي ، فجعل
حفص يضع له الحديث فيقول : حدثتك
nindex.php?page=showalam&ids=16270عائشة بنت طلحة عن
عائشة بكذا وكذا ، فيقول : حدثتني
عائشة ، ويقول له : وحدثك
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن
عائشة بمثله ، فيقول : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد عن
عائشة بمثله ، أو يقول : حدثك
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بمثله ، فيقول : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بمثله .
فلما فرغ
حفص مد يده لبعض من حضر ممن لم يعلم المقصد ، وليست له نباهة ، فأخذ
[ ص: 108 ] ألواحه التي كتب فيها ومحاها ، وبين له كذب
موسى .
ومن الثاني من عمد من أصحاب الرأي إلى مسائل عن
أبي حنيفة ، فجعلوا لها أسانيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد عن
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ووضعوها في كتب
nindex.php?page=showalam&ids=15787خارجة بن مصعب ، فصار يحدث بها في جماعة ممن كان يقبل التلقين . أفردوا بالتأليف ( أو قد وصفا ) من الأئمة ( ب ) رواية ( المنكرات ) أو الشواذ ( كثرة ) أي : حال كونها ذات كثرة .
( أو عرفا بكثرة السهو ) والغلط في روايته ، كما نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في الرسالة ، حال كونه حدث من حفظه ( وما حدث من أصل صحيح فهو ) أي : المتصف بشيء مما ذكر ( رد ) أي : مردود عندهم ; لأن الاتصاف بذلك كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح يخرم الثقة بالراوي وضبطه . قال
شعبة : لا يجيئك الحديث الشاذ إلا من الرجل الشاذ .
وقيل له أيضا :
nindex.php?page=treesubj&link=29174من الذي نترك الرواية عنه ؟ قال : إذا أكثر من الرواية عن المعروف بما لا يعرف ، وأكثر الغلط .
وقال القاضي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني ، فيما حكاه
الخطيب عنه : " من عرف بكثرة السهو والغلط وقلة الضبط رد حديثه " .
قال : وكذا يرد خبر من عرف بالتساهل في الحديث النبوي ، دون المتساهل في حديثه عن نفسه وأمثاله ، وما ليس بحكم في الدين ، يعني : لأمن الخلل فيه ،
[ ص: 109 ] وتبعه غيره من الأصوليين فيه .
ويخالفه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13362ابن النفيس : من تشدد في الحديث وتساهل في غيره فالأصح أن روايته ترد ، قال : لأن الظاهر أنه إنما تشدد في الحديث لغرض ، وإلا للزم التشدد مطلقا ، وقد يتغير ذلك الغرض أو يحصل بدون تشدد ، فيكذب - انتهى .
إلا أن يحمل على التساهل فيما هو حكم في الدين ، ولم ينفرد
nindex.php?page=showalam&ids=13362ابن النفيس بهذا ، بل سبقه إليه الإمام
أحمد وغيره ; لأنه قد يجر إلى التساهل في الحديث ، وينبغي أن يكون محل الخلاف في تساهل لا يفضي إلى الخروج عن العدالة ، ولو فيما يكون به خارما للمروءة ، فاعلمه .
أما من لم يكثر شذوذه ولا مناكيره ، أو كثر ذلك مع تمييزه له وبيانه ، أو حدث مع اتصافه بكثرة السهو من أصل صحيح ، بحيث زال المحذور في تحديثه من حفظه فلا ، وكذا إذا حدث سيئ الحفظ عن شيخ عرف فيه بخصوصه بالضبط والإتقان ،
nindex.php?page=showalam&ids=12434كإسماعيل بن عياش ; حيث قبل في الشاميين خاصة دون غيرهم .
على أن بعض المتأخرين توقف في رد من كثرت المناكير وشبهها في حديثه ; لكثرة وقوع ذلك في حديث كثير من الأئمة ، ولم ترد روايتهم .
ولكن الظاهر أن المراد من كثر ذلك في رواياته مع ظهور إلصاق ذلك به لجلالة باقي رجال السند .
( ثم إن بين له ) بضم أوله ونون ساكنة مدغمة في اللام ; أي : الراوي الذي سها أو غلط ولو مرة ( غلطه فما رجع ) عن خطئه ، بل أصر عليه ( سقط
[ ص: 110 ] عندهم ) أي : المحدثين ( حديثه ) ، بل مرويه ( جمع ) بضم الجيم وزن مضر . وممن صرح بذلك
شعبة وغيره كما سيأتي آخر المقالة .
و ( كذا )
عبد الله بن الزبير (
الحميدي مع
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل ) الإمام أحمد (
nindex.php?page=showalam&ids=16418وابن المبارك ) عبد الله وغيرهم ( رأوا ) إسقاط حديث المتصف بهذا ( في العمل ) احتجاجا ورواية ، حتى تركوا الكتابة عنه ( قال )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح : ( وفيه نظر ) ، وكأنه لكونه قد لا يثبت عنده ما قيل له ، إما لعدم اعتقاده علم المبين له ، وعدم أهليته ، أو لغير ذلك ، قال : ( نعم ، إذا كان ) عدم رجوعه ( عنادا ) محضا ( منه ) ، لا حجة له فيه ، ولا مطعن عنده يبديه ، ف ( ما ينكر ذا ) أي : القول بسقوط رواياته وعدم الكتابة عنه .
ويرشد لذلك قول
شعبة حين سأله
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي : من الذي تترك الرواية عنه ؟ ما نصه : إذا تمادى في غلط مجتمع عليه ، ولم يتهم نفسه عند اجتماعهم ، أو رجل يتهم بالكذب .
ونحوه قول
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : " من يبين له خطؤه ، وعلم فلم يرجع وتمادى في ذلك ، كان كذابا بعلم صحيح " .
قال
التاج التبريزي : لأن المعاند كالمستخف بالحديث بترويج قوله بالباطل ، وأما إذا كان عن جهل فأولى بالسقوط ; لأنه ضم إلى جهله إنكاره الحق .
وكان هذا فيمن يكون في نفسه جاهلا مع اعتقاده علم من أخبره .
315 - وَرُدَّ ذُو تَسَاهُلٍ فِي الْحَمْلِ كَالنَّوْمِ وَالْأَدَاءِ كُلًّا مِنْ أَصْلِ 316 - أَوْ قَبِلَ التَّلْقِينَ أَوْ قَدْ وُصِفَا
بِالْمُنْكَرَاتِ كَثْرَةً أَوْ عُرِفَا 317 - بِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَمَا حَدَّثَ مِنْ
أَصْلٍ صَحِيحٍ فَهْوَ رَدٌّ ثُمَّ إِنْ 318 - بُيِّنْ لَهُ غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ
سَقَطَ عِنْدَهُمْ حَدِيثُهُ جُمَعْ 319 - كَذَا الْحُمَيْدِيُّ مَعَ nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنِ حَنْبَلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنُ الْمُبَارَكِ رَأَوْا فِي الْعَمَلِ 320 - قَالَ : وَفِيهِ نَظَرٌ ، نَعَمْ إِذَا
كَانَ عِنَادًا مِنْهُ مَا يُنْكَرُ ذَا
[ مَا يَخْرِمُ الضَّبْطَ ] الثَّانِيَ عَشَرَ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29209التَّسَاهُلِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَخْرِمُ الضَّبْطَ .
( وَرُدَّ ) عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ ( ذُو تَسَاهُلٍ فِي الْحَمْلِ ) أَيِ : التَّحَمُّلِ لِلْحَدِيثِ وَسَمَاعِهِ ( كَ ) الْمُتَحَمِّلِ حَالَ ( النَّوْمِ ) الْكَثِيرِ الْوَاقِعِ مِنْهُ أَوْ مِنْ شَيْخِهِ ، مَعَ عَدَمِ مُبَالَاتِهِ بِذَلِكَ ، فَلَمْ يَقْبَلُوا رِوَايَتَهُ .
وَمَا وَقَعَ لَهُمْ مِنْ قَبُولِ الْإِمَامِ الثِّقَةِ الْحُجَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ مَعَ وَصْفِ
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِ لَهُ بِأَنَّهُ كَانَ رَدِيءَ الْأَخْذِ .
[ ص: 104 ] وَقَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=16544عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ : إِنَّهُ رَآهُ وَأَخُوهُ
أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ يُقْرَأُ لَهُ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَإِنَّ
عُثْمَانَ قَالَ
لِلْقَارِئِ : أَنْتَ تَقْرَأُ وَصَاحِبُكَ نَائِمٌ ، فَضَحِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ . قَالَ
عُثْمَانُ : فَتَرَكْنَا
ابْنَ وَهْبٍ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا ، فَقِيلَ لَهُ : وَلِهَذَا تَرَكْتُمُوهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَتُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَا ؟ رَوَاهُ
الْخَطِيبُ .
فَلِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي تَجْوِيزِ الْإِجَازَةِ ، وَأَنْ يُقَالَ فِيهَا : حَدَّثَنِي ، بَلْ قَالَ
أَحْمَدُ : إِنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ ، يَفْصِلُ السَّمَاعَ مِنَ الْعَرْضِ ، وَالْحَدِيثَ مِنَ الْحَدِيثِ ، مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ ، فَقِيلَ لَهُ : أَلَيْسَ كَانَ يُسِيءُ الْأَخْذَ ؟ قَالَ : قَدْ كَانَ ، وَلَكِنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَشَايِخِهِ وَجَدْتَهُ صَحِيحًا .
ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كُلِّ مِنَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ النُّعَاسُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يَخْتَلُّ مَعَهُ فَهْمُ الْكَلَامِ ، لَا سِيَّمَا مِنَ الْفَطِنِ ، فَقَدْ كَانَ الْحَافِظُ
الْمِزِّيُّ رُبَّمَا يَنْعَسُ فِي حَالِ إِسْمَاعِهِ ، وَيَغْلَطُ
الْقَارِئُ أَوْ يَزِلُّ فَيُبَادِرُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ ، وَكَذَا شَاهَدْتُ شَيْخَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ ، بَلْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُقْرِئُ شَرْحَ أَلْفِيَّةِ النَّحْوِ لِابْنِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ نَاعِسٌ .
وَمَا يُوجَدُ فِي الطِّبَاقِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى نُعَاسِ السَّامِعِ أَوِ الْمُسْمِعِ لَعَلَّهُ فِيمَنْ جُهِلَ حَالُهُ ، أَوْ عُلِمَ بِعَدَمِ الْفَهْمِ .
وَأَمَّا امْتِنَاعُ التَّقِيِّ
ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنَ التَّحْدِيثِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12912ابْنِ الْمُقَيَّرِ مَعَ صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ ; لِكَوْنِهِ شَكَّ هَلْ نَعِسَ حَالَ السَّمَاعِ أَمْ لَا ، فَلِوَرَعِهِ ; فَقَدْ كَانَ مِنْ
[ ص: 105 ] الْوَرَعِ بِمَكَانٍ .
وَنَحْوُهُ أَنَّهُ قِيلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16599لِعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنَ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيِّ : أَسَمِعْتَ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنْ نَهَقَ حِمَارٌ يَوْمًا فَاشْتَبَهَ عَلَيَّ حَدِيثٌ ، وَلَمْ أَعْرِفْ تَعْيِينَهُ ، فَتَرَكْتُ الْكِتَابَ كُلَّهُ . ( وَ ) كَذَلِكَ رُدَّ عِنْدَهُمْ ذُو تَسَاهُلٍ فِي حَالَةِ ( الْأَدَاءِ ) أَيِ : التَّحْدِيثِ ( كَ ) الْمُؤَدِّي ( لَا مِنْ أَصْلٍ ) صَحِيحٍ مَعَ كَوْنِهِ هُوَ أَوِ الْقَارِئِ أَوْ بَعْضِ السَّامِعِينَ غَيْرَ حَافِظٍ ، حَسْبَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ .
وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ كَانَ يُحَدِّثُ بَعْدَ ذَهَابِ أُصُولِهِ وَاخْتِلَالِ حِفْظِهِ ، كَفِعْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابْنِ لَهِيعَةَ فِيمَا حَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17240هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، فَقَالَ : جَاءَ قَوْمٌ وَمَعَهُمْ جُزْءٌ فَقَالُوا : سَمِعْنَاهُ مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابْنِ لَهِيعَةَ ، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ حَدِيثًا وَاحِدًا مِنْ حَدِيثِهِ ، فَأَتَيْتُهُ وَأَعْلَمْتُهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ : مَا أَصْنَعُ ؟ يَجِيئُونِي بِكِتَابٍ فَيَقُولُونَ : هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ ، فَأُحَدِّثُهُمْ بِهِ .
وَنَحْوُهُ مَا وَقَعَ
لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ ، جَاءَهُ رَجُلٌ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَتْ كُتُبُهُ بِنُسْخَةِ
ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَيَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَ لَهُ : أَلَيْسَ هُمَا سَمَاعَكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قَالَ : فَحَدِّثْنِي بِهِمَا ، قَالَ : قَدْ ذَهَبَتْ كُتُبِي ، وَلَا أُحَدِّثُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ ، فَمَا زَالَ حَتَّى خَدَعَهُ ، وَلِذَا مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا قَبْلَ ذِهَابِ كُتُبِهِ كَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا .
وَمِمَّنْ وُصِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِيهِمَا
قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : إِنَّهُ كَانَ يَتَسَاهَلُ فِي السَّمَاعِ وَفِي الْحَدِيثِ ، وَلَيْسَ بِكَذَّابٍ .
[ ص: 106 ] وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّدَّ بِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ ، وَإِلَّا فَقَدْ عُرِفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ بِهِ ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمَّا انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الثِّقَةِ وَعَدَمِ الْمَجِيءِ بِمَا يُنْكَرُ ، وَكَلَامُ
أَحْمَدَ الْمَاضِيَ قَرِيبًا يَشْهَدُ لَهُ ، أَوْ لِكَوْنِ التَّسَاهُلِ يَخْتَلِفُ ، فَمِنْهُ مَا يَقْدَحُ ، وَمِنْهُ مَا لَا يَقْدَحُ .
وَكَذَا مَنِ اخْتَلَّ ضَبْطُهُ بِحَيْثُ أَكْثَرَ مِنَ الْقَلْبِ أَوِ الْإِدْرَاجِ ، أَوْ رَفَعِ الْمَوْقُوفِ ، أَوْ وَصَلِ الْمُرْسَلِ ( أَوْ قَبِلَ التَّلْقِينَ ) الْبَاطِلَ مِمَّنْ يُلَقِّنُهُ إِيَّاهُ فِي الْحَدِيثِ إِسْنَادًا أَوْ مَتْنًا ، وَبَادَرَ إِلَى التَّحْدِيثِ بِذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً ; لِدَلَالَتِهِ عَلَى مُجَازَفَتِهِ وَعَدَمِ تَثَبُّتِهِ وَسُقُوطِ الْوُثُوقِ بِالْمُتَّصِفِ بِهِ ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ يَفْعَلُهُ اخْتِبَارًا وَتَجْرِبَةً لِحِفْظِ الرَّاوِي وَضَبْطِهِ وَحِذْقِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15743حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِيمَا رَوَاهُ
أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ : لَقَّنْتُ
سَلَمَةَ بْنَ عَلْقَمَةَ حَدِيثًا ، فَحَدَّثَنِي بِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ وَقَالَ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُكَذِّبَ صَاحِبَكَ ; أَيْ : تَعْرِفَ كَذِبَهُ ، فَلَقِّنْهُ .
وَكَذَا قَالَ
قَتَادَةُ : إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُكَذِّبَ صَاحِبَكَ فَلَقِّنْهُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهُ لِيَرْوِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَمَّنْ لَقَّنَهُ ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ فِي فَاعِلِهِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16511عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ : كَانَ الْبَغْدَادِيُّونَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16505كَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ ، يُلَقِّنُونَ الْمَشَايِخَ ، وَكُنْتُ أَمْنَعُهُمْ .
[ ص: 107 ] وَكَذَا قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : كَانَ فَضْلُكَ يَدُورُ عَلَى أَحَادِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12153أَبِي مُسْهِرٍ وَغَيْرِهِ ، يُلَقِّنُهَا
nindex.php?page=showalam&ids=17246هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، يَعْنِي : بَعْدَ مَا كَبِرَ ، بِحَيْثُ كَانَ كُلَّمَا دُفِعَ إِلَيْهِ قَرَأَهُ ، وَكُلَّمَا لُقِّنَ تَلَقَّنَ ، وَيُحَدِّثُهُ بِهَا .
قَالَ : وَكُنْتُ أَخْشَى أَنْ يَفْتِقَ فِي الْإِسْلَامِ فَتْقًا ، وَلَكِنْ قَدْ قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَيَّارٍ : لَمَّا لُمْتُهُ عَلَى قَبُولِ التَّلْقِينِ ، قَالَ : أَنَا أَعْرِفُ حَدِيثِي ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْدَ سَاعَةٍ : إِنْ كُنْتَ تَشْتَهِي أَنْ تَعْلَمَ فَأَدْخِلْ إِنْسَانًا فِي شَيْءٍ . فَتَفَقَّدْتُ الْأَسَانِيدَ الَّتِي فِيهَا قَلِيلُ اضْطِرَابٍ ، فَسَأَلْتُهُ عَنْهَا ، فَكَانَ يَمُرُّ فِيهَا ، وَكَانَ أَيْضًا يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=180فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ .
وَمِنِ الْأَوَّلِ مَا وَقَعَ
لِحَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ ، فَإِنَّهُ لَقِيَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=17293وَيَحْيَى الْقَطَّانُ وَغَيْرُهُمَا
مُوسَى بْنَ دِينَارٍ الْمَكِّيَّ ، فَجَعَلَ
حَفْصٌ يَضَعُ لَهُ الْحَدِيثَ فَيَقُولُ : حَدَّثَتْكَ
nindex.php?page=showalam&ids=16270عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ
عَائِشَةَ بِكَذَا وَكَذَا ، فَيَقُولُ : حَدَّثَتْنَي
عَائِشَةُ ، وَيَقُولُ لَهُ : وَحَدَّثَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ ، فَيَقُولُ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=14946الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ
عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ ، أَوْ يَقُولُ : حَدَّثَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ ، فَيَقُولُ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِمِثْلِهِ .
فَلَمَّا فَرَغَ
حَفْصٌ مَدَّ يَدَهُ لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ مِمَّنْ لَمْ يَعْلَمِ الْمَقْصِدَ ، وَلَيْسَتْ لَهُ نَبَاهَةٌ ، فَأَخَذَ
[ ص: 108 ] أَلْوَاحَهُ الَّتِي كَتَبَ فِيهَا وَمَحَاهَا ، وَبَيَّنَ لَهُ كَذِبَ
مُوسَى .
وَمِنَ الثَّانِي مَنْ عَمِدَ مِنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ إِلَى مَسَائِلَ عَنْ
أَبِي حَنِيفَةَ ، فَجَعَلُوا لَهَا أَسَانِيدَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17347يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَوَضَعُوهَا فِي كُتُبِ
nindex.php?page=showalam&ids=15787خَارِجَةَ بْنِ مُصْعَبٍ ، فَصَارَ يُحَدِّثُ بِهَا فِي جَمَاعَةٍ مِمَّنْ كَانَ يَقْبَلُ التَّلْقِينَ . أَفْرَدُوا بِالتَّأْلِيفِ ( أَوْ قَدْ وُصِفَا ) مِنَ الْأَئِمَّةِ ( بِ ) رِوَايَةِ ( الْمُنْكَرَاتِ ) أَوِ الشَّوَاذِّ ( كَثْرَةً ) أَيْ : حَالَ كَوْنِهَا ذَاتَ كَثْرَةٍ .
( أَوْ عُرْفًا بِكَثْرَةٍ السَّهْوِ ) وَالْغَلَطِ فِي رِوَايَتِهِ ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي الرِّسَالَةِ ، حَالَ كَوْنِهِ حَدَّثَ مِنْ حِفْظِهِ ( وَمَا حَدَّثَ مِنْ أَصْلٍ صَحِيحٍ فَهْوَ ) أَيِ : الْمُتَّصِفُ بِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ ( رَدٌّ ) أَيْ : مَرْدُودٌ عِنْدَهُمْ ; لِأَنَّ الِاتِّصَافَ بِذَلِكَ كَمَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ يَخْرِمُ الثِّقَةَ بِالرَّاوِي وَضَبْطِهِ . قَالَ
شُعْبَةُ : لَا يَجِيئُكَ الْحَدِيثُ الشَّاذُّ إِلَّا مِنَ الرَّجُلِ الشَّاذِّ .
وَقِيلَ لَهُ أَيْضًا :
nindex.php?page=treesubj&link=29174مَنِ الَّذِي نَتْرُكُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ ؟ قَالَ : إِذَا أَكْثَرَ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنِ الْمَعْرُوفِ بِمَا لَا يُعْرَفُ ، وَأَكْثَرَ الْغَلَطَ .
وَقَالَ الْقَاضِي
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ ، فِيمَا حَكَاهُ
الْخَطِيبُ عَنْهُ : " مَنْ عُرِفَ بِكَثْرَةِ السَّهْوِ وَالْغَلَطِ وَقِلَّةِ الضَّبْطِ رُدَّ حَدِيثُهُ " .
قَالَ : وَكَذَا يُرَدُّ خَبَرُ مَنْ عُرِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ ، دُونَ الْمُتَسَاهِلِ فِي حَدِيثِهِ عَنْ نَفْسِهِ وَأَمْثَالِهِ ، وَمَا لَيْسَ بِحُكْمٍ فِي الدِّينِ ، يَعْنِي : لِأَمْنِ الْخَلَلِ فِيهِ ،
[ ص: 109 ] وَتَبِعَهُ غَيْرُهُ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ فِيهِ .
وَيُخَالِفُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13362ابْنِ النَّفِيسِ : مَنْ تَشَدَّدَ فِي الْحَدِيثِ وَتَسَاهَلَ فِي غَيْرِهِ فَالْأَصَحُّ أَنَّ رِوَايَتَهُ تُرَدُّ ، قَالَ : لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ إِنَّمَا تَشَدَّدَ فِي الْحَدِيثِ لِغَرَضٍ ، وَإِلَّا لَلَزِمَ التَّشَدُّدُ مُطْلَقًا ، وَقَدْ يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ الْغَرَضُ أَوْ يَحْصُلُ بِدُونِ تَشَدُّدٍ ، فَيَكْذِبُ - انْتَهَى .
إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّسَاهُلِ فِيمَا هُوَ حُكْمٌ فِي الدِّينِ ، وَلَمْ يَنْفَرِدِ
nindex.php?page=showalam&ids=13362ابْنُ النَّفِيسِ بِهَذَا ، بَلْ سَبَقَهُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ
أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ يَجُرُّ إِلَى التَّسَاهُلِ فِي الْحَدِيثِ ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَسَاهُلٍ لَا يُفْضِي إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الْعَدَالَةِ ، وَلَوْ فِيمَا يَكُونُ بِهِ خَارِمًا لِلْمُرُوءَةِ ، فَاعْلَمْهُ .
أَمَّا مَنْ لَمْ يَكْثُرْ شُذُوذُهُ وَلَا مَنَاكِيرُهُ ، أَوْ كَثُرَ ذَلِكَ مَعَ تَمْيِيزِهِ لَهُ وَبَيَانِهِ ، أَوْ حَدَّثَ مَعَ اتِّصَافِهِ بِكَثْرَةِ السَّهْوِ مِنْ أَصْلٍ صَحِيحٍ ، بِحَيْثُ زَالَ الْمَحْذُورُ فِي تَحْدِيثِهِ مِنْ حِفْظِهِ فَلَا ، وَكَذَا إِذَا حَدَّثَ سَيِّئُ الْحِفْظِ عَنْ شَيْخٍ عُرِفَ فِيهِ بِخُصُوصِهِ بِالضَّبْطِ وَالْإِتْقَانِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12434كَإِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ ; حَيْثُ قُبِلَ فِي الشَّامِيِّينَ خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ .
عَلَى أَنَّ بَعْضَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَوَقَّفَ فِي رَدِ مَنْ كَثُرَتِ الْمَنَاكِيرُ وَشَبَهُهَا فِي حَدِيثِهِ ; لِكَثْرَةِ وُقُوعِ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ كَثِيرٍ مِنَ الْأَئِمَّةِ ، وَلَمْ تُرَدْ رِوَايَتُهُمْ .
وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ مَنْ كَثُرَ ذَلِكَ فِي رِوَايِاتِهِ مَعَ ظُهُورِ إِلْصَاقِ ذَلِكَ بِهِ لِجَلَالَةِ بَاقِي رِجَالِ السَّنَدِ .
( ثُمَّ إِنْ بُيِّنْ لَهُ ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَنُونٍ سَاكِنَةٍ مُدْغَمَةٍ فِي اللَّامِ ; أَيِ : الرَّاوِي الَّذِي سَهَا أَوْ غَلَطَ وَلَوْ مَرَّةً ( غَلَطُهُ فَمَا رَجَعْ ) عَنْ خَطَئِهِ ، بَلْ أَصَرَّ عَلَيْهِ ( سَقَطَ
[ ص: 110 ] عِنْدَهُمْ ) أَيِ : الْمُحَدِّثِينَ ( حَدِيثُهُ ) ، بَلْ مَرْوِيُّهُ ( جُمَعْ ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَزْنَ مُضَرَ . وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ
شُعْبَةُ وَغَيْرُهُ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْمَقَالَةِ .
وَ ( كَذَا )
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ (
الْحُمَيْدِيُّ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنِ حَنْبَلِ ) الْإِمَامِ أَحْمَدَ (
nindex.php?page=showalam&ids=16418وَابْنِ الْمُبَارَكِ ) عَبْدِ اللَّهِ وَغَيْرِهِمْ ( رَأَوْا ) إِسْقَاطَ حَدِيثِ الْمُتَّصِفِ بِهَذَا ( فِي الْعَمَلِ ) احْتَجَاجًا وَرِوَايَةً ، حَتَّى تَرَكُوا الْكِتَابَةَ عَنْهُ ( قَالَ )
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابْنُ الصَّلَاحِ : ( وَفِيهِ نَظَرٌ ) ، وَكَأَنَّهُ لِكَوْنِهِ قَدْ لَا يَثْبُتُ عِنْدَهُ مَا قِيلَ لَهُ ، إِمَّا لِعَدَمِ اعْتِقَادِهِ عِلْمَ الْمُبَيَّنِ لَهُ ، وَعَدْمَ أَهْلِيَّتِهِ ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ ، قَالَ : ( نَعَمْ ، إِذَا كَانَ ) عَدَمُ رُجُوعِهِ ( عِنَادًا ) مَحْضًا ( مِنْهُ ) ، لَا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ ، وَلَا مَطْعَنَ عِنْدَهُ يُبْدِيهِ ، فَ ( مَا يُنْكَرُ ذَا ) أَيِ : الْقَوْلُ بِسُقُوطِ رِوَايَاتِهِ وَعَدَمِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ .
وَيُرْشِدُ لِذَلِكَ قَوْلُ
شُعْبَةَ حِينَ سَأَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابْنُ مَهْدِيٍّ : مَنِ الَّذِي تَتْرُكُ الرِّوَايَةَ عَنْهُ ؟ مَا نَصُّهُ : إِذَا تَمَادَى فِي غَلَطٍ مُجْتَمَعٍ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَتَّهِمْ نَفْسَهُ عِنْدَ اجْتِمَاعِهِمْ ، أَوْ رَجُلٌ يُتَّهَمُ بِالْكَذِبِ .
وَنَحْوُهُ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابْنِ حِبَّانَ : " مَنْ يُبَيَّنُ لَهُ خَطَؤُهُ ، وَعَلِمَ فَلَمْ يَرْجِعْ وَتَمَادَى فِي ذَلِكَ ، كَانَ كَذَّابًا بِعِلْمٍ صَحِيحٍ " .
قَالَ
التَّاجُ التِّبْرِيزِيُّ : لِأَنَّ الْمُعَانِدَ كَالْمُسْتَخِفِّ بِالْحَدِيثِ بِتَرْوِيجِ قَوْلِهِ بِالْبَاطِلِ ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَنْ جَهْلٍ فَأَوْلَى بِالسُّقُوطِ ; لِأَنَّهُ ضَمَّ إِلَى جَهْلِهِ إِنْكَارَهُ الْحَقَّ .
وَكَانَ هَذَا فِيمَنْ يَكُونُ فِي نَفْسِهِ جَاهِلًا مَعَ اعْتِقَادِهِ عِلْمَ مَنْ أَخْبَرَهُ .