الفرع السادس : في الجواهر : لا يضمن خمر الذمي ، ولا ما نقصت
nindex.php?page=treesubj&link=10759الملاهي بكسرها وتغييرها عن حالها ، وقاله الأئمة
[ ص: 281 ] الفرع السابع : قال : منفعة الأعيان لا تضمن بالفوات تحت اليد العادية عند
ابن القاسم ، وقال
أشهب وغيره : عليه الكراء إذا غلق الدار ، وبور الأرض ، ولم يستخدم العبد ، ووقف الدابة ، وقال
ابن حبيب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=23652باع الغاصب أو وهب غرم الغلة التي اغتل المشتري والموهوب ، فإن يغرم ما حرم ربها من تلك الغلات بغصبه ; لأنه المستهلك ، ووافق
ابن القاسم ( ح ) ،
وأشهب ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وأصل الفرع : أن المنافع هل هي مال في نفسها فتضمن بالفوات ، أو لا تكون مالا إلا بعقد أو شبهة عقد كالإجارة الفاسدة فإن فيها أجرة المثل ، فلا تضمن بالفوات ، ونقض ( ش ) أصله بمنافع الحر .
لنا : قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349382الخراج بالضمان ) ، والأعيان مضمونة فتكون منافعها للضمان فلا يضمنها وهو المطلوب ، والحديث وإن كان إنما ورد في الرد بالعيب ، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، والقياس على فوات منافع بضع الأمة إذا حبسها عن التزويج ، وعلى منافع الحر ، وفرق ( ش ) بأن منافع الحر تحت يده ; لأنه صاحب يد فلا تتحقق يد الغاصب بخلاف العقار والحيوان البهيم لا يد فقبلت منافعه يد الغاصب ، ويدلنا على المنافع أنها ليست مالا : خمسة أوجه : أحدها : لا تقوم على المفلس ، وثانيها : لا تجب فيها الزكاة ، وثالثها : لو
nindex.php?page=treesubj&link=16760توانى الوصي في عقار اليتامى لم يؤجره لم يضمن ، ولو تسبب أو أهمل شيئا من ماله ضمنه ، ورابعها : على أصلهم ، لو قال : خذ هذه الحنطة فازرعها لنفسك ، ضمنت الحنطة دون المنفعة ، وخامسها : أن المريض إذا أهمل دوره أو عبيده في مرض موته ، لا يقوم عليه ذلك في الثلث ، ولأن الضمان يتعلق بالإتلاف ، والمنافع قبل وجودها يستحيل إتلافها لأنها معدومة ، وبعد وجودها لا
[ ص: 282 ] تبقى لأنها أعراض لا تبقى زمانين فهي تنعدم بنفسها فيتصور فيها التلف لا الإتلاف ; لأن الإتلاف قطع البقاء ، ولا بقاء فلا إتلاف ، بخلاف الأعيان فإنها باقية ، ويخالف ذلك الضمان في الإجارة ; لأنه ضمان بشرط ، لا ضمان إتلاف ، وبخلاف بطش اليد ، ومشي الرجل ، ومنافع الأعضاء ; لأنه عندنا ضمان الأعيان القائمة لا الأعراض الفانية ، ومنافع البضع لأنها عندنا في حكم الأجزاء ، ولا يلزمنا غاصب السكنى دون الرقبة فإنه يضمنها ; لأنها مستغلة . وكلامنا في البائع لأصل مضمون ، ولا ما إذا غصب ثوبا ففتقه وأخرج خيوطه ; لأنه من باب تغيير العين لا من باب المنافع ، ولأن القابض للسوم يضمن العين دون منفعتها ، فعلم أنه لا يجتمع ضمان العين والمنفعة لمالك واحد ، وبهذه النكتة تندفع النقوض . احتجوا على أن المنافع أموال : بأنها تملك بالإرث والوصية ، ولأن الوصي يجوز له بذل مال اليتيم فيها ، ولأنها مال تملك بالإرث والوصية ، ولأن الوصي يجوز له بذل مال اليتيم فيها ، ولأنها مال بالعقد ، والعقد لا يصير ما ليس بمال مالا ، بل صحته متوقفة على المالية ، فلو توقفت المالية لزم الدور ، ولأنها يدخلها الإذن والإباحة كسائر الأموال ، ولقوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " والقيمة مثل في المالية ، فيجب توفية بالنص بحسب الإمكان ، ولأنها تضمن بالعقد وشبهة العقد ، فتضمن بالإتلاف كالأعيان ، ولأن العين إنما تضمن لتضمنها المنافع ; لأن ما لا منفعة فيه لا يضمن ، فإذا كانت هي أصل الضمان فهي أولى أن تضمن ، والجواب عن الأول والثاني والثالث والرابع : النقض بمنفعة البضع ، فإنها تجري مجرى المال في الضمان بالمسمى في العقد الصحيح ، وبالمثل في العقد الفاسد ، ومع ذلك فلا تضمن بالغصب ، وعن الخامس : أنها واردة في الدماء ; لأنها نزلت في قصة أحد لما مثل المشركون بالمسلمين ، قال المسلمون : لنمثلن بهم مثلة ما سمعت في العرب فنزلت الآية ، ولأن قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فمن اعتدى عليكم " وهو ظاهر في نفوسنا دون أموالنا فلا حجة فيها ، وعن السادس : نقضه بمنفعة البضع ، فإنه يضمن بالمسمى في العقد
[ ص: 283 ] الصحيح ، وبالمثل في الفاسد ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=10713_23651غصب أمة أو حبس حرة وماتت في يده لم يجب ضمان بضعها ، وبالحربي يضمن مال المسلم المسمى في العقد الصحيح ، ولا يضمن من غير عقد ولا شبهة ، وبالبضع يضمنه الزوج بالمسمى في العقد ، والمرأة تضمنه بالمسمى في الخلع ، ولا يضمنه بالردة بعد الدخول ، وعن السابع : أن المنافع هي سبب صيرورة الأعيان بسبب الضمان عند الإتلاف ، وسبب السبب للشيء لا يلزم أن يكون سبب الشيء ; لأن الأعضاء سبب الطاعة ، والطاعة سبب دخول الجنة ، والأعضاء ليست سبب الجزاء بالجنة ; لأنها ليست من كسب العبد ، وما ليس من كسبه لا يجازى عليه ، وكذلك العقل سبب الإيمان والمعارف والعلوم ، وهي سبب الجزاء بالسعادة الدائمة ، وهو لا يكون سبب الجزاء ; لكونه ليس من كسبه ، والصحيح من أصول الفقه عدم التعليل بالحكمة مع أنها سبب علية العلة ، ونظائره كثيرة .
الفرع الثامن :
nindex.php?page=treesubj&link=10740زوائد العين المغصوبة في يد الغاصب كالسمن وتعلم الصنعة وعلو القيمة ، ثم يذهب ذلك ، لا يضمنه الغاصب ، وتأخذ سلعتك ، ولا شيء لك ، وكذلك الولد بخلاف ما كان عند الغصب ، وقال ( ح ) : خلافا لـ ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وأصل المسألة : أن الغصب هل هو إثبات اليد العادية وهي موجودة فيضمن ، أو إثباتها مع رفع اليد المحقة ، ولم ترفع عن الزوائد يدا محقة فلا يضمن .
لنا : أنه حصل في يده بغير شبهة فلم يضمنه قياسا على الثوب تلقيه الريح في بيته أو حجر إذا قعد في الطريق عدوانا وهو يكتسب ، احتجوا : بأن اليد تثبت على الولد وغيره تبعا لأن اليد في كل شيء على جنسه عادة كما تثبت يد المشتري وغيره على ولد الأمة تبعا في سائر العقود ، وقياسا على الزيادة الحاصلة عند الغصب ، ولأنه غاصب في الاستمرار كما هو غاصب ابتداء بدليل الحقيقة والحكم والاسم ،
[ ص: 284 ] أما الحقيقة : فالغصب للاستيلاء على ملك الغير قهرا وعدوانا ، وهذه الحقيقة مستمرة بالتفسيق والضمان والعقوبة ابتداء ودواما ، وأما الاسم فهو يسمى غاصبا انتهاء وابتداء ، ولأنها إذا تلفت تقوم حاملا وسمينة وغير ذلك ، ولولا ثبوت اليد والضمان لم تقوم بذلك ، ولأنه إنما حدث عن أصل مضمون بيد عادية فيضمن كنماء الصيد في حق المحرم ، فإنه إذا سمن الصيد عنده أو حمل ، ثم مات الولد أو هزل فإنه يضمنه ، وكلاهما مأمور بالترك في كل وقت ، ولأن هذه الأشياء تحت يده فيضمنها كأصولها ، والجواب عن الأول : الفرق بين العقود تشترى للزوائد تبعا أنها تتناول الملك ، والغصب لا يتناول الملك إنما يسري للمنع والعقود تقتضي المنع والملك فكانت أقوى ، فلذلك امتنعت الزوائد ، وعن الثاني : الفرق بأنها تتناولها بعد الغصب ، ولم يتجدد فعل عند حدوث هذه حتى يتناولها ، وعن الثالث : أن الغصب حقيقة كالسرقة والشراء وغيرها ، فكما أن السارق لا يعد سارقا بما في يده في كل زمان مضى عليه ، وإلا لثبت الحد عليه بعد سقوطه ، كما إذا سرق دون النصاب ، ثم صار نصابا بزيادة القيمة في يده ، والمشتري لا يعد مشتريا في كل زمان ; بدليل أن أهلية العقد قد تنفك عنه بالجنون وغيره ، فكذلك الغاصب ، فإن قيل : الغصب فعل واستدامة الفعل فعل . كمن حلف لا يلبس ثوبا وهو لابس فإنه يحنث ، والشراء قول ، واستدامة القول ليست قولا . قلنا : يبطل بالسرقة والاصطياد والاحتشاش ، ولا يسمى صائدا ; لأنه قد يصير محرما فلا يلزمه جزاء . ولا محتشا ; لأنه قد تذهب قدرته ولا فعل مع القدرة فتبطل الحقيقة والاسم والحكم إلا ما أجمعنا عليه ، فهو بالإجماع لا
[ ص: 285 ] بما ذكرتموه ، وعن الرابع : منع الحكم ، بل القيمة يوم الغصب ، وعن الخامس : منع الحكم أيضا ، وقولكم : إنه مأمور بالرد ، ففي الأصل دون الزيادة ، كمن غصب درهما وبيده درهما لصاحبه وديعة ، فإنه مأمور بالرد ولا يتمكن إلا برد الجميع .
الفرع التاسع :
nindex.php?page=treesubj&link=10695_10707العقار عندنا يضمن بالغصب ، وكذلك الأشجار من النخيل وغيرها إذا تلفت بصنعة أو بغير صنعة . وقاله ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل . وقال ( ح ) : لا يضمن بالغصب . وأصل المسألة : أن الغصب عندنا الاستيلاء على مال الغير عدوانا ، وعنده لا بد مع ذلك من النقل ، وهو متعذر في العقار ، وهذا الفرع وإن لم يكن من المتردد بين المالية وعدمها لكنه مما يختص بهذا الركن ; لكونه مما يجب فيه .
لنا : قوله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إنما السبيل على الذين يظلمون الناس " وهذا ظالم فعليه كل سبيل ; لأن الألف واللام للعموم ، ولقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349606من غصب شبرا من الأرض ) الحديث ، فسماه غاصبا ، ولأن العادة أن يقول القائل : غصبني أرضي . والأصل في الاستعمال : الحقيقة ، ولأن الغصب الحيلولة وقد وجد في العقار كالمنقول ، ولأن انتقال ضمانها للمشتري بالقبض فتكون قابلة لوضع اليد ، فإذا كانت عدوانا فهو الغصب ، وكذلك في الهبة والوصية والرهن ، وبجعل رأس مال السلم وهو يستدعي انتقالا في الأيدي والأملاك ، وإلا بطل السلم ، ولأنه يجري فيه ضمان الرجوع عن الشهادة ، وضمان الجحود في الوديعة ، وضمان القبض بالشراء الفاسد . وهو قبض عدواني ، ولأن الضمان لا يتوقف على النقل ; لأن الملتقط إن أخذ لنفسه ضمن ، أو للتعريف لا يضمن ، والصورة واحدة وإنما نشأ الضمان عن القصد ، وكذلك حائز الوديعة لم ينتقلها ، ولأنه يضمن بالعقود فيضمن بالغصب كالمنقول ، أو نقول : يضمن
[ ص: 286 ] بالإتلاف فيضمن بالغصب كالمنقول ، احتجوا : بأنه منع المالك من ملكه بغير نقل ، فلا يضمن كما لو حبسه حتى هلك ماله ، ولم يكن يعرض لماله ، والعقار لا يتحقق فيه إلا الحيلولة بين المالك وبينه . ولو أنه دخل دارا يظنها داره لم يضمنها مع أنه وضع يده واستولى عليها ، ولو نقل شيئا من هذه الدار ضمنه ، فعلم أن سبب الضمان النقل ; ولأن موضع الإجماع في الغصب حيث وجد وضع اليد عدوانا مع النقل ، وهو أتم من وضع اليد من غير نقل ; لأن النقل يوجب التعرض للتلف ، والقاصر عن موضع الإجماع لا يلحق به ، ولأنه لا تصح سرقته فلا يصح غصبه كالحر ، أو لأنه يمكن نقله فلا يمكن غصبه كمنعه البضع ، والجواب عن الأول : أن حبسه عن متاعه وزانه حبسه حتى انهدمت داره من غير تعرض للدار ولا تسبب ، وأما في صورة النزاع : فاستولى وقصد العقار بوضع اليد والاستيلاء وفعل ذلك فيضمن كالمنقول ، وعن الثاني : أن قصور صورة النزاع عن صورة الإجماع ( لا يمنع من لحوقها بموضع الإجماع ) ; لدلالة الدليل على أن السبب هو المشترك بينهما بدليل خمر الوديعة وما ذكر معها ، فإنه لم يتحقق هناك نقل مع صورة الضمان . وعن الثالث : أن
nindex.php?page=treesubj&link=10167الحر عندنا تصح سرقته إذا كان صغيرا أو نائما ، ثم الفرق : أن الحر ليس بمال ، والعقار مال ، ومن وجه آخر :
nindex.php?page=treesubj&link=10201السرقة لا بد فيها من الإخراج من الحرز ، وهو متعذر في العقار ، والغصب الاستيلاء عدوانا ، وهو متيسر فيه ، وعن الرابع : الفرق : أن منفعة البضع ليس بمال ، بدليل أنها لا تستباح بالإباحة ، ولا يملك بالإذن والوصية ، ثم نقول : كما استوت المنقولات في النقل واختلفت في ضمان الغصب فتضمن الأمة القن دون أم الولد عندكم ; ليستوي البضع والعقار في عدم النقل ، ويختلفان في الغصب .
الْفَرْعُ السَّادِسُ : فِي الْجَوَاهِرِ : لَا يُضْمَنُ خَمْرُ الذِّمِّيِّ ، وَلَا مَا نَقَصَتِ
nindex.php?page=treesubj&link=10759الْمَلَاهِي بِكَسْرِهَا وَتَغْيِيرِهَا عَنْ حَالِهَا ، وَقَالَهُ الْأَئِمَّةُ
[ ص: 281 ] الْفَرْعُ السَّابِعُ : قَالَ : مَنْفَعَةُ الْأَعْيَانِ لَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ تَحْتَ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ وَغَيْرُهُ : عَلَيْهِ الْكِرَاءُ إِذَا غَلَّقَ الدَّارَ ، وَبَوَّرَ الْأَرْضَ ، وَلَمْ يَسْتَخْدِمِ الْعَبْدَ ، وَوَقَفَ الدَّابَّةَ ، وَقَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=23652بَاعَ الْغَاصِبُ أَوْ وَهَبَ غَرِمَ الْغَلَّةَ الَّتِي اغْتَلَّ الْمُشْتَرِيَ وَالْمَوْهُوبَ ، فَإِنْ يَغْرَمُ مَا حَرَّمَ رَبُّهَا مِنْ تِلْكَ الْغَلَّاتِ بِغَصْبِهِ ; لِأَنَّهُ الْمُسْتَهْلِكُ ، وَوَافَقَ
ابْنَ الْقَاسِمِ ( ح ) ،
وَأَشْهَبَ ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَأَصْلُ الْفَرْعِ : أَنَّ الْمَنَافِعَ هَلْ هِيَ مَالٌ فِي نَفْسِهَا فَتُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ ، أَوْ لَا تَكُونُ مَالًا إِلَّا بِعَقْدٍ أَوْ شُبْهَةِ عَقْدٍ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ فَإِنَّ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ ، فَلَا تُضْمَنُ بِالْفَوَاتِ ، وَنَقَضَ ( ش ) أَصْلَهُ بِمَنَافِعِ الْحُرِّ .
لَنَا : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349382الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ ) ، وَالْأَعْيَانُ مَضْمُونَةٌ فَتَكُونُ مَنَافِعُهَا لِلضَّمَانِ فَلَا يَضْمَنُهَا وَهُوَ الْمَطْلُوبُ ، وَالْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ، فَالْعِبْرَةُ بِعُمُومِ اللَّفْظِ لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى فَوَاتِ مَنَافِعِ بُضْعِ الْأَمَةِ إِذَا حَبَسَهَا عَنِ التَّزْوِيجِ ، وَعَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ ، وَفَرَّقَ ( ش ) بِأَنَّ مَنَافِعَ الْحُرِّ تَحْتَ يَدِهِ ; لِأَنَّهُ صَاحِبُ يَدٍ فَلَا تَتَحَقَّقُ يَدُ الْغَاصِبِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ الْبَهِيمِ لَا يَدَ فَقَبِلَتْ مَنَافِعَهُ يَدُ الْغَاصِبِ ، وَيَدُلُّنَا عَلَى الْمَنَافِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا : خَمْسَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : لَا تُقَوَّمُ عَلَى الْمُفَلَّسِ ، وَثَانِيهَا : لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ ، وَثَالِثُهَا : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=16760تَوَانَى الْوَصِيُّ فِي عَقَارِ الْيَتَامَى لَمْ يُؤَجِّرْهُ لَمْ يَضْمَنْ ، وَلَوْ تَسَبَّبَ أَوْ أَهْمَلَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ ضَمِنَهُ ، وَرَابِعُهَا : عَلَى أَصْلِهِمْ ، لَوْ قَالَ : خُذْ هَذِهِ الْحِنْطَةَ فَازْرَعْهَا لِنَفْسِكَ ، ضُمِنَتِ الْحِنْطَةُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ ، وَخَامِسُهَا : أَنَّ الْمَرِيضَ إِذَا أَهْمَلَ دُورَهُ أَوْ عَبِيدَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ ، لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي الثُّلُثِ ، وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِتْلَافِ ، وَالْمَنَافِعُ قَبْلَ وُجُودِهَا يَسْتَحِيلُ إِتْلَافُهَا لِأَنَّهَا مَعْدُومَةٌ ، وَبَعْدَ وُجُودِهَا لَا
[ ص: 282 ] تَبْقَى لِأَنَّهَا أَعْرَاضٌ لَا تَبْقَى زَمَانَيْنِ فَهِيَ تَنْعَدِمُ بِنَفْسِهَا فَيُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّلَفُ لَا الْإِتْلَافُ ; لِأَنَّ الْإِتْلَافَ قَطْعُ الْبَقَاءِ ، وَلَا بَقَاءَ فَلَا إِتْلَافَ ، بِخِلَافِ الْأَعْيَانِ فَإِنَّهَا بَاقِيَةٌ ، وَيُخَالِفُ ذَلِكَ الضَّمَانُ فِي الْإِجَارَةِ ; لِأَنَّهُ ضَمَانٌ بِشَرْطٍ ، لَا ضَمَانُ إِتْلَافٍ ، وَبِخِلَافِ بَطْشِ الْيَدِ ، وَمَشْيِ الرِّجْلِ ، وَمَنَافِعِ الْأَعْضَاءِ ; لِأَنَّهُ عِنْدَنَا ضَمَانُ الْأَعْيَانِ الْقَائِمَةِ لَا الْأَعْرَاضِ الْفَانِيَةِ ، وَمَنَافِعُ الْبُضْعِ لِأَنَّهَا عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْأَجْزَاءِ ، وَلَا يَلْزَمُنَا غَاصِبُ السُّكْنَى دُونَ الرَّقَبَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا ; لِأَنَّهَا مُسْتَغَلَّةٌ . وَكَلَامُنَا فِي الْبَائِعِ لِأَصْلٍ مَضْمُونٍ ، وَلَا مَا إِذَا غَصَبَ ثَوْبًا فَفَتَقَهُ وَأَخْرَجَ خُيُوطَهُ ; لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ تَغْيِيرِ الْعَيْنِ لَا مِنْ بَابِ الْمَنَافِعِ ، وَلِأَنَّ الْقَابِضَ لِلسَّوْمِ يَضْمَنُ الْعَيْنَ دُونَ مَنْفَعَتِهَا ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَجْتَمِعُ ضَمَانُ الْعَيْنِ وَالْمَنْفَعَةُ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ ، وَبِهَذِهِ النُّكْتَةِ تَنْدَفِعُ النُّقُوضُ . احْتَجُّوا عَلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ أَمْوَالٌ : بِأَنَّهَا تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا ، وَلِأَنَّهَا مَالٌ تُمَلَّكُ بِالْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ ، وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ يَجُوزُ لَهُ بَذْلُ مَالِ الْيَتِيمِ فِيهَا ، وَلِأَنَّهَا مَالٌ بِالْعَقْدِ ، وَالْعَقْدُ لَا يُصَيِّرُ مَا لَيْسَ بِمَالٍ مَالًا ، بَلْ صِحَّتُهُ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْمَالِيَّةِ ، فَلَوْ تَوَقَّفَتِ الْمَالِيَّةُ لَزِمَ الدَّوْرُ ، وَلِأَنَّهَا يَدْخُلُهَا الْإِذْنُ وَالْإِبَاحَةُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ " وَالْقِيمَةُ مِثْلٌ فِي الْمَالِيَّةِ ، فَيَجِبُ تَوْفِيَةٌ بِالنَّصِّ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ ، وَلِأَنَّهَا تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ وَشُبْهَةِ الْعَقْدِ ، فَتُضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ كَالْأَعْيَانِ ، وَلِأَنَّ الْعَيْنَ إِنَّمَا تُضْمَنُ لِتَضَمُّنِهَا الْمَنَافِعَ ; لِأَنَّ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يُضْمَنُ ، فَإِذَا كَانَتْ هِيَ أَصْلَ الضَّمَانِ فَهِيَ أَوْلَى أَنْ تُضْمَنَ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالثَّالِثِ وَالرَّابِعِ : النَّقْضُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ ، فَإِنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْمَالِ فِي الضَّمَانِ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْعَقْدِ الْفَاسِدِ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ ، وَعَنِ الْخَامِسِ : أَنَّهَا وَارِدَةٌ فِي الدِّمَاءِ ; لِأَنَّهَا نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ أُحُدٍ لَمَّا مَثَّلَ الْمُشْرِكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ ، قَالَ الْمُسْلِمُونَ : لَنُمَثِّلَنَّ بِهِمْ مُثْلَةً مَا سُمِعَتْ فِي الْعَرَبِ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=194فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ " وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي نُفُوسِنَا دُونَ أَمْوَالِنَا فَلَا حُجَّةَ فِيهَا ، وَعَنِ السَّادِسِ : نَقْضُهُ بِمَنْفَعَةِ الْبُضْعِ ، فَإِنَّهُ يُضْمَنُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ
[ ص: 283 ] الصَّحِيحِ ، وَبِالْمِثْلِ فِي الْفَاسِدِ ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=10713_23651غَصَبَ أَمَةً أَوْ حَبَسَ حُرَّةً وَمَاتَتْ فِي يَدِهِ لَمْ يَجِبْ ضَمَانُ بُضْعِهَا ، وَبِالْحَرْبِيِّ يُضْمَنُ مَالُ الْمُسْلِمِ الْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ الصَّحِيحِ ، وَلَا يُضْمَنُ مِنْ غَيْرِ عَقْدٍ وَلَا شُبْهَةٍ ، وَبِالْبُضْعِ يَضْمَنُهُ الزَّوْجُ بِالْمُسَمَّى فِي الْعَقْدِ ، وَالْمَرْأَةُ تَضْمَنُهُ بِالْمُسَمَّى فِي الْخُلْعِ ، وَلَا يَضْمَنُهُ بِالرِّدَّةِ بَعْدَ الدُّخُولِ ، وَعَنِ السَّابِعِ : أَنَّ الْمَنَافِعَ هِيَ سَبَبُ صَيْرُورَةِ الْأَعْيَانِ بِسَبَبِ الضَّمَانِ عِنْدَ الْإِتْلَافِ ، وَسَبَبُ السَّبَبِ لِلشَّيْءِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبَ الشَّيْءِ ; لِأَنَّ الْأَعْضَاءَ سَبَبُ الطَّاعَةِ ، وَالطَّاعَةُ سَبَبُ دُخُولِ الْجَنَّةِ ، وَالْأَعْضَاءُ لَيْسَتْ سَبَبَ الْجَزَاءِ بِالْجَنَّةِ ; لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِ الْعَبْدِ ، وَمَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ لَا يُجَازَى عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الْعَقْلُ سَبَبُ الْإِيمَانِ وَالْمَعَارِفِ وَالْعُلُومِ ، وَهِيَ سَبَبُ الْجَزَاءِ بِالسَّعَادَةِ الدَّائِمَةِ ، وَهُوَ لَا يَكُونُ سَبَبَ الْجَزَاءِ ; لِكَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ كَسْبِهِ ، وَالصَّحِيحُ مِنْ أَصُولِ الْفِقْهِ عَدَمُ التَّعْلِيلِ بِالْحِكْمَةِ مَعَ أَنَّهَا سَبَبُ عِلِّيَّةِ الْعِلَّةِ ، وَنَظَائِرُهُ كَثِيرَةٌ .
الْفَرْعُ الثَّامِنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=10740زَوَائِدُ الْعَيْنِ الْمَغْصُوبَةِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ كَالسَّمْنِ وَتَعَلُّمِ الصَّنْعَةِ وَعُلُوِّ الْقِيمَةِ ، ثُمَّ يَذْهَبُ ذَلِكَ ، لَا يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ ، وَتَأْخُذُ سِلْعَتَكَ ، وَلَا شَيْءَ لَكَ ، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ بِخِلَافِ مَا كَانَ عِنْدَ الْغَصْبِ ، وَقَالَ ( ح ) : خِلَافًا لِـ ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ الْغَصْبَ هَلْ هُوَ إِثْبَاتُ الْيَدِ الْعَادِيَّةِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فَيُضْمَنُ ، أَوْ إِثْبَاتُهَا مَعَ رَفْعِ الْيَدِ الْمُحِقَّةِ ، وَلَمْ تَرْفَعْ عَنِ الزَّوَائِدِ يَدًا مُحِقَّةً فَلَا يُضْمَنُ .
لَنَا : أَنَّهُ حَصَلَ فِي يَدِهِ بِغَيْرِ شُبْهَةٍ فَلَمْ يَضْمَنْهُ قِيَاسًا عَلَى الثَّوْبِ تُلْقِيهِ الرِّيحُ فِي بَيْتِهِ أَوْ حَجْرٌ إِذَا قَعَدَ فِي الطَّرِيقِ عُدْوَانًا وَهُوَ يَكْتَسِبُ ، احْتَجُّوا : بِأَنَّ الْيَدَ تَثْبُتُ عَلَى الْوَلَدِ وَغَيْرِهِ تَبَعًا لِأَنَّ الْيَدَ فِي كُلِّ شَيْءٍ عَلَى جِنْسِهِ عَادَةً كَمَا تَثْبُتُ يَدُ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِهِ عَلَى وَلَدِ الْأَمَةِ تَبَعًا فِي سَائِرِ الْعُقُودِ ، وَقِيَاسًا عَلَى الزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ عِنْدَ الْغَصْبِ ، وَلِأَنَّهُ غَاصِبٌ فِي الِاسْتِمْرَارِ كَمَا هُوَ غَاصِبٌ ابْتِدَاءً بِدَلِيلِ الْحَقِيقَةِ وَالْحُكْمِ وَالِاسْمِ ،
[ ص: 284 ] أَمَّا الْحَقِيقَةُ : فَالْغَصْبُ لِلِاسْتِيلَاءِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ قَهْرًا وَعُدْوَانًا ، وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ مُسْتَمِرَّةٌ بِالتَّفْسِيقِ وَالضَّمَانِ وَالْعُقُوبَةِ ابْتِدَاءً وَدَوَامًا ، وَأَمَّا الِاسْمُ فَهُوَ يُسَمَّى غَاصِبًا انْتِهَاءً وَابْتِدَاءً ، وَلِأَنَّهَا إِذَا تَلِفَتْ تُقَوَّمُ حَامِلًا وَسَمِينَةً وَغَيْرَ ذَلِكَ ، وَلَوْلَا ثُبُوتُ الْيَدِ وَالضَّمَانِ لَمْ تُقَوَّمْ بِذَلِكَ ، وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا حَدَثَ عَنْ أَصْلٍ مَضْمُونٍ بِيَدٍ عَادِيَّةٍ فَيُضْمَنُ كَنَمَاءِ الصَّيْدِ فِي حَقِّ الْمُحْرِمِ ، فَإِنَّهُ إِذَا سَمَّنَ الصَّيْدَ عِنْدَهُ أَوْ حَمَلَ ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ أَوْ هَزَلَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ ، وَكِلَاهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّرْكِ فِي كُلِّ وَقْتٍ ، وَلِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَحْتَ يَدِهِ فَيَضْمَنُهَا كَأُصُولِهَا ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : الْفَرْقُ بَيْنَ الْعُقُودِ تُشْتَرَى لِلزَّوَائِدِ تَبَعًا أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ ، وَالْغَصْبُ لَا يَتَنَاوَلُ الْمِلْكَ إِنَّمَا يَسْرِي لِلْمَنْعِ وَالْعُقُودُ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَالْمِلْكَ فَكَانَتْ أَقْوَى ، فَلِذَلِكَ امْتَنَعَتِ الزَّوَائِدُ ، وَعَنِ الثَّانِي : الْفَرْقُ بِأَنَّهَا تَتَنَاوَلُهَا بَعْدَ الْغَصْبِ ، وَلَمْ يَتَجَدَّدْ فِعْلٌ عِنْدَ حُدُوثِ هَذِهِ حَتَّى يَتَنَاوَلَهَا ، وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ الْغَصْبَ حَقِيقَةٌ كَالسَّرِقَةِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِهَا ، فَكَمَا أَنَّ السَّارِقَ لَا يُعَدُّ سَارِقًا بِمَا فِي يَدِهِ فِي كُلِّ زَمَانٍ مَضَى عَلَيْهِ ، وَإِلَّا لَثَبَتَ الْحَدُّ عَلَيْهِ بَعْدَ سُقُوطِهِ ، كَمَا إِذَا سَرَقَ دُونَ النِّصَابِ ، ثُمَّ صَارَ نِصَابًا بِزِيَادَةِ الْقِيمَةِ فِي يَدِهِ ، وَالْمُشْتَرِي لَا يُعَدُّ مُشْتَرِيًا فِي كُلِّ زَمَانٍ ; بِدَلِيلِ أَنَّ أَهْلِيَّةَ الْعَقْدِ قَدْ تَنْفَكُّ عَنْهُ بِالْجُنُونِ وَغَيْرِهِ ، فَكَذَلِكَ الْغَاصِبُ ، فَإِنْ قِيلَ : الْغَصْبُ فِعْلٌ وَاسْتِدَامَةُ الْفِعْلِ فِعْلٌ . كَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَهُوَ لَابِسٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ ، وَالشِّرَاءُ قَوْلٌ ، وَاسْتِدَامَةُ الْقَوْلِ لَيْسَتْ قَوْلًا . قُلْنَا : يَبْطُلُ بِالسَّرِقَةِ وَالِاصْطِيَادِ وَالِاحْتِشَاشِ ، وَلَا يُسَمَّى صَائِدًا ; لِأَنَّهُ قَدْ يَصِيرُ مُحَرَّمًا فَلَا يَلْزَمُهُ جَزَاءٌ . وَلَا مُحْتَشًّا ; لِأَنَّهُ قَدْ تَذْهَبُ قُدْرَتُهُ وَلَا فِعْلَ مَعَ الْقُدْرَةِ فَتَبْطُلُ الْحَقِيقَةُ وَالِاسْمُ وَالْحُكْمُ إِلَّا مَا أَجْمَعْنَا عَلَيْهِ ، فَهُوَ بِالْإِجْمَاعِ لَا
[ ص: 285 ] بِمَا ذَكَرْتُمُوهُ ، وَعَنِ الرَّابِعِ : مَنْعُ الْحُكْمِ ، بَلِ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ ، وَعَنِ الْخَامِسِ : مَنْعُ الْحُكْمِ أَيْضًا ، وَقَوْلُكُمْ : إِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ ، فَفِي الْأَصْلِ دُونَ الزِّيَادَةِ ، كَمَنْ غَصَبَ دِرْهَمًا وَبِيَدِهِ دِرْهَمًا لِصَاحِبِهِ وَدِيعَةٌ ، فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّدِّ وَلَا يَتَمَكَّنُ إِلَّا بِرَدِّ الْجَمِيعِ .
الْفَرْعُ التَّاسِعُ :
nindex.php?page=treesubj&link=10695_10707الْعَقَارُ عِنْدَنَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ ، وَكَذَلِكَ الْأَشْجَارُ مِنَ النَّخِيلِ وَغَيْرِهَا إِذَا تَلِفَتْ بِصَنْعَةٍ أَوْ بِغَيْرِ صَنْعَةٍ . وَقَالَهُ ( ش ) ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ . وَقَالَ ( ح ) : لَا يُضْمَنُ بِالْغَصْبِ . وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ : أَنَّ الْغَصْبَ عِنْدَنَا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ عُدْوَانًا ، وَعِنْدَهُ لَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنَ النَّقْلِ ، وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ ، وَهَذَا الْفَرْعُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُتَرَدِّدِ بَيْنَ الْمَالِيَّةِ وَعَدَمِهَا لَكِنَّهُ مِمَّا يَخْتَصُّ بِهَذَا الرُّكْنِ ; لِكَوْنِهِ مِمَّا يَجِبُ فِيهِ .
لَنَا : قَوْلُهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=42إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ " وَهَذَا ظَالِمٌ فَعَلَيْهِ كُلُّ سَبِيلٍ ; لِأَنَّ الْأَلِفَ وَاللَّامَ لِلْعُمُومِ ، وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349606مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنَ الْأَرْضِ ) الْحَدِيثَ ، فَسَمَّاهُ غَاصِبًا ، وَلِأَنَّ الْعَادَةَ أَنْ يَقُولَ الْقَائِلُ : غَصَبَنِي أَرْضِي . وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِعْمَالِ : الْحَقِيقَةُ ، وَلِأَنَّ الْغَصْبَ الْحَيْلُولَةُ وَقَدْ وُجِدَ فِي الْعَقَارِ كَالْمَنْقُولِ ، وَلِأَنَّ انْتِقَالَ ضَمَانِهَا لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ فَتَكُونُ قَابِلَةً لِوَضْعِ الْيَدِ ، فَإِذَا كَانَتْ عُدْوَانًا فَهُوَ الْغَصْبُ ، وَكَذَلِكَ فِي الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالرَّهْنِ ، وَبِجَعْلِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَهُوَ يَسْتَدْعِي انْتِقَالًا فِي الْأَيْدِي وَالْأَمْلَاكِ ، وَإِلَّا بَطَلَ السَّلَمُ ، وَلِأَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ ضَمَانُ الرُّجُوعِ عَنِ الشَّهَادَةِ ، وَضَمَانُ الْجَحُودِ فِي الْوَدِيعَةِ ، وَضَمَانُ الْقَبْضِ بِالشِّرَاءِ الْفَاسِدِ . وَهُوَ قَبْضٌ عُدْوَانِيٌّ ، وَلِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى النَّقْلِ ; لِأَنَّ الْمُلْتَقِطَ إِنْ أَخَذَ لِنَفَسِهِ ضَمِنَ ، أَوْ لِلتَّعْرِيفِ لَا يَضْمَنُ ، وَالصُّورَةُ وَاحِدَةٌ وَإِنَّمَا نَشَأَ الضَّمَانُ عَنِ الْقَصْدِ ، وَكَذَلِكَ حَائِزُ الْوَدِيعَةِ لَمْ يَنْتَقِلْهَا ، وَلِأَنَّهُ يُضْمَنُ بِالْعُقُودِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ ، أَوْ نَقُولُ : يُضْمَنُ
[ ص: 286 ] بِالْإِتْلَافِ فَيُضْمَنُ بِالْغَصْبِ كَالْمَنْقُولِ ، احْتَجُّوا : بِأَنَّهُ مَنَعَ الْمَالِكَ مِنْ مِلْكِهِ بِغَيْرِ نَقْلٍ ، فَلَا يُضْمَنُ كَمَا لَوْ حَبَسَهُ حَتَّى هَلَكَ مَالُهُ ، وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِضُ لِمَالِهِ ، وَالْعَقَارُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ إِلَّا الْحَيْلُولَةُ بَيْنَ الْمَالِكِ وَبَيْنَهُ . وَلَوْ أَنَّهُ دَخَلَ دَارًا يَظُنُّهَا دَارَهُ لَمْ يَضْمَنْهَا مَعَ أَنَّهُ وَضَعَ يَدَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهَا ، وَلَوْ نَقَلَ شَيْئًا مِنْ هَذِهِ الدَّارِ ضَمِنَهُ ، فَعَلِمَ أَنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ النَّقْلُ ; وَلِأَنَّ مَوْضِعَ الْإِجْمَاعِ فِي الْغَصْبِ حَيْثُ وُجِدَ وَضْعُ الْيَدِ عُدْوَانًا مَعَ النَّقْلِ ، وَهُوَ أَتَمُّ مِنْ وَضْعِ الْيَدِ مِنْ غَيْرِ نَقْلٍ ; لِأَنَّ النَّقْلَ يُوجِبُ التَّعَرُّضَ لِلتَّلَفِ ، وَالْقَاصِرُ عَنْ مَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ لَا يَلْحَقُ بِهِ ، وَلِأَنَّهُ لَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ فَلَا يَصِحُّ غَصْبُهُ كَالْحُرِّ ، أَوْ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ نَقْلُهُ فَلَا يُمْكِنُ غَصْبُهُ كَمَنْعِهِ الْبُضْعَ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ حَبْسَهُ عَنْ مَتَاعِهِ وِزَانُهُ حَبْسُهُ حَتَّى انْهَدَمَتْ دَارُهُ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلدَّارِ وَلَا تَسَبُّبٍ ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ النِّزَاعِ : فَاسْتَوْلَى وَقَصَدَ الْعَقَارَ بِوَضْعِ الْيَدِ وَالِاسْتِيلَاءِ وَفِعْلِ ذَلِكَ فَيُضْمَنُ كَالْمَنْقُولِ ، وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ قُصُورَ صُورَةِ النِّزَاعِ عَنْ صُورَةِ الْإِجْمَاعِ ( لَا يَمْنَعُ مِنْ لُحُوقِهَا بِمَوْضِعِ الْإِجْمَاعِ ) ; لِدَلَالَةِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا بِدَلِيلِ خَمْرِ الْوَدِيعَةِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهَا ، فَإِنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هُنَاكَ نَقْلٌ مَعَ صُورَةِ الضَّمَانِ . وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=10167الْحُرَّ عِنْدَنَا تَصِحُّ سَرِقَتُهُ إِذَا كَانَ صَغِيرًا أَوْ نَائِمًا ، ثُمَّ الْفَرْقُ : أَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ ، وَالْعَقَارَ مَالٌ ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ :
nindex.php?page=treesubj&link=10201السَّرِقَةُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنَ الْإِخْرَاجِ مِنَ الْحِرْزِ ، وَهُوَ مُتَعَذَّرٌ فِي الْعَقَارِ ، وَالْغَصْبُ الِاسْتِيلَاءُ عُدْوَانًا ، وَهُوَ مُتَيَسَّرٌ فِيهِ ، وَعَنِ الرَّابِعِ : الْفَرْقُ : أَنَّ مَنْفَعَةَ الْبُضْعِ لَيْسَ بِمَالٍ ، بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تُسْتَبَاحُ بِالْإِبَاحَةِ ، وَلَا يُمَلَّكُ بِالْإِذْنِ وَالْوَصِيَّةِ ، ثُمَّ نَقُولُ : كَمَا اسْتَوَتِ الْمَنْقُولَاتُ فِي النَّقْلِ وَاخْتَلَفَتْ فِي ضَمَانِ الْغَصْبِ فَتُضْمَنُ الْأَمَةُ الْقِنُّ دُونَ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَكُمْ ; لِيَسْتَوِيَ الْبُضْعُ وَالْعَقَارُ فِي عَدَمِ النَّقْلِ ، وَيَخْتَلِفَانِ فِي الْغَصْبِ .