النظر الثاني : في الأحكام :
في نفسه وولده وماله وجنايته والجناية عليه ، فهذه خمسة أحكام : الأول : نفسه ، ففي الجواهر يهدر دمه إن لم يتب ، فإن تاب عصمها ، وتوبته رجوعه ، وتغير حاله برجوع المتظاهر عن التظاهر ، بل يظهر ضده من الإيمان ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=25005الزنديق ( وهو الذي يظهر الإيمان ويسر الكفر ) ، أو ظهرنا عليه في حال زندقته فأذعن ، فلا يرجع بمجرد دعواه حتى يظهر صدقه ; لأنه بدعواه لم يخرج عن عادته من التقية ، ولذلك نقول :
nindex.php?page=treesubj&link=25008لا تقبل توبته ; لأنها لا تعرف ، ولا نقول لا تقبل فلو جاء تائبا قبل الظهور ، ولم نعلم كفره إلا من قوله
[ ص: 38 ] قبلناه ، وعدم قبولها شاذ في المذهب ، وكذلك الساحر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي : قال
ابن القاسم : سواء في الزنديق ولد على ذلك أم لا ، وسواء الرجل والمرأة والعبد و ( ش ) ، ومن يزيد ، ومن في الذمة لا يقتل . قال
مالك : لأنه خرج من كفر إلى كفر . وقال
عبد الملك : يقتل ; لأنه دين لا يقر عليه بجزية ، وقال ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل : نقبل توبته ظهرنا عليه أم لا ، وعند ( ح ) الروايتان .
لنا : قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853من بدل دينه فاقتلوه ) و (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349854لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان . . . . )
احتجوا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، ولم يخص المجاهر بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ) ، وبقوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349855فإذا قالوا عصموا مني دماءهم ) الحديث ، وقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسلام
عبد الله بن أبي مع علمه
[ ص: 39 ] بزندقته ، وكذلك غيره من المنافقين ، والقياس على غيره من الكفار . وفي
مسلم قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
لأسامة في رجل قتله وهو يقول لا إله إلا الله : من لك بلا إله إلا الله ، قال : فقلت : يا رسول الله ، إنما قالها فرقا من السلاح ، فقال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349856هلا شققت عن قلبه ) ، إشارة إلى تعلق الحكم بالظاهر دون الباطن .
والجواب عن الأول : بحمله على المجاهر جمعا بينه وبين قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا ) ، أو على أحكام الآخرة ، وهو الجواب عن الثاني والثالث .
وعن الرابع : انعقاد الإجماع اليوم على أن من علم نفاقه ; لا يقر ، فنقول : عندنا وعندهم يستتاب ، وإنما فعله - عليه السلام - لئلا يتحدث الناس أن
محمدا يقتل أصحابه ، ولو ثبت ذلك لقتلهم لقيام الحجة له - عليه السلام - كما كان يقتلهم في الزنا وغيره لقيام البينة ، وعلمه هو وحده ويقر مع علمه ، فخاص به عندنا وعندكم .
وعن الخامس : الفرق بأن توبة هذا لا تثير ظنا ; لأن حالته مستترة بخلاف مظهر الكفر .
وعن السادس : أن
nindex.php?page=treesubj&link=24925الإكراه على الإسلام في الحربي مشروع إجماعا ، ويثبت إسلامه مع الإكراه ، بخلاف غيره لا بد من الإسلام من باطن القلب .
فرع :
في الجواهر :
nindex.php?page=treesubj&link=9960عرض التوبة على المرتد واجب ، والنظر أنه يمهل ثلاثة أيام فيكون
[ ص: 40 ] الإمهال واجبا أو مستحبا . ( روايتان ) . قال
مالك : وما علمت في استتابته تجويعا ولا تعطيشا ، وأرى أن يقات من الطعام ما لا ضرر له معه ، ولا عقوبة عليه إن تاب : كان حرا أو عبدا ، ذكرا أو أنثى ، ارتد عن إسلام أصلي أو طارئ . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي : فإن قتله أحد قبل عرض التوبة فلا قصاص ولا دية . قال
القاضي أبو الحسن : يعزر عندي في المرة الثالثة ; لأنه في ردته الثانية بعد مباشرة الإسلام ، وانتفاء الشبهة بالإسلام الطارئ بعد المرة الأولى ، وقال ( ح ) : عرض التوبة ليس بواجب وإن طلب التأجيل ، وعن ( ش ) وأحمد قولان ، وقال
عبد العزيز بن أبي مسلمة : لا يمهل ويقتل وإن تاب . ودليل وجوب عرض التوبة قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ) ، والأمر للوجوب ; ولأنه إجماع الصحابة ; ولأنه يحتمل أن تكون عرضت له شبهة ، فتأول أو يزيلها عنه . احتجوا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ) ، وجوابه : القول بالموجب ، فلعلهم الممتنعون عن التوبة .
فرع :
وافقنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد على
nindex.php?page=treesubj&link=9963قتل المرتدة ، وقال ( ح ) : تقتل ، وتحبس إن كانت في دار الإسلام حتى تسلم ، فإن لحقت بدار الحرب استرقت ، أو كانت
nindex.php?page=treesubj&link=24925أمة جبرها سيدها على الإسلام ، إلا أن تكون الملكة أو الساحرة ، وسابة النبي
[ ص: 41 ] - صلى الله عليه وسلم - تقتل . وأصل المسألة أن القتل حد للحرابة ، وهي تقاتل ، أو للكفر .
لنا : قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853من بدل دينه فاقتلوه ) ; ولأنها تقتل بالزنا كالرجل ، فكذلك الردة . وهي تجبر على الإسلام فتقتل كالرجل . أجابوا عن قوله - عليه السلام - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853من بدل دينه فاقتلوه ) أن المراد به الرجل فقط ; لأنه لم يقل : من بدلت ، ولا ، دينها ولا فاقتلوها ، ومفهومه إذ خصصه بضمير الرجل أن لا تقتل المرأة ، وأن الرجل جنى على الإسلام ; لأنه كان عاصما لدمه ، والمرأة لا يعصم دمها الإسلام ; لأنها لا تقتل بالكفر الأصلي ; ولأنه - عليه السلام - نهى عن قتل النساء . وقياسا على كفرها الأصلي ، وناقصة العقل فلا تقتل كالصبي .
والجواب عن الأول : أن الضمائر إنما ذكرت للفظ من ; لأنه مذكر ، ويشمل الفريقين ; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=123من يعمل سوءا يجز به ) .
وعن الثاني : النقض بالشيوخ والزمنى ، فإنهم يقتلون بالردة دون الكفر الأصلي .
وعن الثالث : أن خبرنا علق فيه الحكم بالمعنى ، وفي خبركم بالاسم ، والمعنى أقوى فيقدم .
وعن الرابع : الفرق بأن الردة بعد الاطلاع على محاسن الإسلام ، فهي أقبح ، ولذلك لا يقر عليها بالجزية .
وعن الخامس : الفرق بالتكليف فيها دونه .
[ ص: 42 ] فرع :
في النوادر : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=9960ارتد أهل مدينة وغلبوا استتيبوا ، فإن لم يتوبوا قتلوا ، ولا يسبوا ولا يسترقوا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون : يستتاب من بلغ من أولادهم ، ويكره الصغار على الإسلام ، وقيل : يسبى من بلغ كالحربي ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=25370لحق المرتد بدار الحرب وحارب فظفرنا به يستتاب ، وليس كالمحارب يظفر به قبل التوبة ; لأن أهل الردة قبلت توبتهم .
النَّظَرُ الثَّانِي : فِي الْأَحْكَامِ :
فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ وَجِنَايَتِهِ وَالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَحْكَامٍ : الْأَوَّلُ : نَفْسُهُ ، فَفِي الْجَوَاهِرِ يُهْدَرُ دَمُهُ إِنْ لَمْ يَتُبْ ، فَإِنْ تَابَ عَصَمَهَا ، وَتَوْبَتُهُ رُجُوعُهُ ، وَتَغَيُّرُ حَالِهِ بِرُجُوعِ الْمُتَظَاهِرِ عَنِ التَّظَاهُرِ ، بَلْ يُظْهِرُ ضِدَّهُ مِنَ الْإِيمَانِ ، وَأَمَا
nindex.php?page=treesubj&link=25005الزِّنْدِيقُ ( وَهُوَ الَّذِي يُظْهِرُ الْإِيمَانَ وَيُسِرُّ الْكُفْرَ ) ، أَوْ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ فِي حَالِ زَنْدَقَتِهِ فَأَذْعَنَ ، فَلَا يَرْجِعُ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ حَتَّى يَظْهَرَ صِدْقُهُ ; لِأَنَّهُ بِدَعْوَاهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ عَادَتِهِ مِنَ التَقِيَّةِ ، وَلِذَلِكَ نَقُولُ :
nindex.php?page=treesubj&link=25008لَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ ; لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ ، وَلَا نَقُولُ لَا تُقْبَلُ فَلَوْ جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الظُّهُورِ ، وَلَمْ نَعْلَمْ كُفْرَهُ إِلَّا مِنْ قَوْلِهِ
[ ص: 38 ] قَبِلْنَاهُ ، وَعَدَمُ قَبُولِهَا شَاذٌّ فِي الْمَذْهَبِ ، وَكَذَلِكَ السَّاحِرُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطَّرْطُوشِيُّ : قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : سَوَاءٌ فِي الزِّنْدِيقِ وُلِدَ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا ، وَسَوَاءٌ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَ ( ش ) ، وَمَنْ يَزِيدُ ، وَمَنْ فِي الذِّمَّةِ لَا يُقْتَلُ . قَالَ
مَالِكٌ : لِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ كُفْرٍ إِلَى كُفْرٍ . وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : يُقْتَلُ ; لِأَنَّهُ دِينٌ لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ بِجِزْيَةٍ ، وَقَالَ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ : نَقْبَلُ تَوْبَتَهُ ظَهَرْنَا عَلَيْهِ أَمْ لَا ، وَعِنْدَ ( ح ) الرِّوَايَتَانِ .
لَنَا : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) وَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349854لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ : كُفْرٍ بَعْدَ إِيمَانٍ . . . . )
احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ، وَلَمْ يَخُصَّ الْمُجَاهِرَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=5فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) ، وَبِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349855فَإِذَا قَالُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ ) الْحَدِيثَ ، وَقَبِلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِسْلَامَ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ مَعَ عِلْمِهِ
[ ص: 39 ] بِزَنْدَقَتِهِ ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَالْقِيَاسُ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْكُفَّارِ . وَفِي
مُسْلِمٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
لِأُسَامَةَ فِي رَجُلٍ قَتَلَهُ وَهُوَ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ : مَنْ لَكَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّمَا قَالَهَا فَرَقًا مِنَ السِّلَاحِ ، فَقَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349856هَلَّا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ ) ، إِشَارَةٌ إِلَى تَعَلُّقِ الْحُكْمِ بِالظَّاهِرِ دُونَ الْبَاطِنِ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : بِحَمْلِهِ عَلَى الْمُجَاهِرِ جَمْعًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ) ، أَوْ عَلَى أَحْكَامِ الْآخِرَةِ ، وَهُوَ الْجَوَابُ عَنِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ .
وَعَنِ الرَّابِعِ : انْعِقَادُ الْإِجْمَاعِ الْيَوْمَ عَلَى أَنَّ مَنْ عُلِمَ نِفَاقُهُ ; لَا يُقَرُّ ، فَنَقُولُ : عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ يُسْتَتَابُ ، وَإِنَّمَا فِعْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِئَلَّا يَتَحَدَّثَ النَّاسُ أَنَّ
مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ ، وَلَوْ ثَبَتَ ذَلِكَ لَقَتَلَهُمْ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَمَا كَانَ يَقْتُلُهُمْ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ لِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ ، وَعَلِمَهُ هُوَ وَحْدَهُ وَيُقِرُّ مَعَ عِلْمِهِ ، فَخَاصٌّ بِهِ عِنْدَنَا وَعِنْدَكُمْ .
وَعَنِ الْخَامِسِ : الْفَرْقُ بِأَنَّ تَوْبَةَ هَذَا لَا تُثِيرُ ظَنًا ; لِأَنَّ حَالَتَهُ مُسْتَتِرَةٌ بِخِلَافِ مُظْهِرِ الْكُفْرِ .
وَعَنِ السَّادِسِ : أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=24925الْإِكْرَاهَ عَلَى الْإِسْلَامِ فِي الْحَرْبِيِّ مَشْرُوعٌ إِجْمَاعًا ، وَيَثْبُتُ إِسْلَامُهُ مَعَ الْإِكْرَاهِ ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ لَا بُدَّ مِنَ الْإِسْلَامِ مِنْ بَاطِنِ الْقَلْبِ .
فَرْعٌ :
فِي الْجَوَاهِرِ :
nindex.php?page=treesubj&link=9960عَرْضُ التَّوْبَةِ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَاجِبٌ ، وَالنَّظَرُ أَنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَيَكُونُ
[ ص: 40 ] الْإِمْهَالُ وَاجِبًا أَوْ مُسْتَحَبًّا . ( رِوَايَتَانِ ) . قَالَ
مَالِكٌ : وَمَا عَلِمْتُ فِي اسْتِتَابَتِهِ تَجْوِيعًا وَلَا تَعْطِيشًا ، وَأَرَى أَنْ يُقَاتَ مِنَ الطَّعَامِ مَا لَا ضَرَرَ لَهُ مَعَهُ ، وَلَا عُقُوبَةَ عَلَيْهِ إِنْ تَابَ : كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا ، ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ، ارْتَدَّ عَنْ إِسْلَامٍ أَصْلِيٍّ أَوْ طَارِئٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطَّرْطُوشِيُّ : فَإِنْ قَتْلَهُ أَحَدٌ قَبْلَ عَرْضِ التَّوْبَةِ فَلَا قَصَاصَ وَلَا دِيَةَ . قَالَ
الْقَاضِي أَبُو الْحَسَنِ : يُعَزَّرُ عِنْدِي فِي الْمَرَّةِ الثَّالِثَةِ ; لِأَنَّهُ فِي رِدَّتِهِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ مُبَاشَرَةِ الْإِسْلَامِ ، وَانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ بِالْإِسْلَامِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْمَرَّةِ الْأُولَى ، وَقَالَ ( ح ) : عَرْضُ التَّوْبَةِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِنْ طَلَبَ التَّأْجِيلَ ، وَعَنْ ( ش ) وَأَحْمَدَ قَوْلَانِ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي مَسْلَمَةَ : لَا يُمْهَلُ وَيُقْتَلُ وَإِنْ تَابَ . وَدَلِيلُ وُجُوبِ عَرْضِ التَّوْبَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) ، وَالْأَمْرُ لِلْوُجُوبِ ; وَلِأَنَّهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ ; وَلِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَرَضَتْ لَهُ شُبْهَةٌ ، فَتَأَوَّلَ أَوْ يُزِيلُهَا عَنْهُ . احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=137إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ) ، وَجَوَابُهُ : الْقَوْلُ بِالْمُوجِبِ ، فَلَعَلَّهُمُ الْمُمْتَنِعُونَ عَنِ التَّوْبَةِ .
فَرْعٌ :
وَافَقَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=9963قَتْلِ الْمُرْتَدَّةِ ، وَقَالَ ( ح ) : تُقْتَلُ ، وَتُحْبَسُ إِنْ كَانَتْ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ حَتَّى تُسْلِمَ ، فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ اسْتُرِقَّتْ ، أَوْ كَانَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=24925أَمَةٌ جَبَرَهَا سَيِّدُهَا عَلَى الْإِسْلَامِ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَلِكَةُ أَوِ السَّاحِرَةُ ، وَسَابَّةُ النَّبِيِّ
[ ص: 41 ] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تُقْتَلُ . وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَتَلَ حَدٌّ لِلْحَرَابَةِ ، وَهِيَ تُقَاتِلُ ، أَوْ لِلْكُفْرِ .
لَنَا : قَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) ; وَلِأَنَّهَا تُقْتَلُ بِالزِّنَا كَالرَّجُلِ ، فَكَذَلِكَ الرِّدَّةُ . وَهِيَ تُجْبَرُ عَلَى الْإِسْلَامِ فَتُقْتَلُ كَالرَّجُلِ . أَجَابُوا عَنْ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349853مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ ) أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّجُلُ فَقَطْ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : مَنْ بَدَّلَتْ ، وَلَا ، دِينَهَا وَلَا فَاقْتُلُوهَا ، وَمَفْهُومُهُ إِذْ خَصَّصَهُ بِضَمِيرِ الرَّجُلِ أَنْ لَا تُقْتَلَ الْمَرْأَةُ ، وَأَنَّ الرَّجُلَ جَنَى عَلَى الْإِسْلَامِ ; لِأَنَّهُ كَانَ عَاصِمًا لِدَمِهِ ، وَالْمَرْأَةُ لَا يَعْصِمُ دَمَهَا الْإِسْلَامُ ; لِأَنَّهَا لَا تُقْتَلُ بِالْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ ; وَلِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - نَهَى عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ . وَقِيَاسًا عَلَى كُفْرِهَا الْأَصْلِيِّ ، وَنَاقِصَةِ الْعَقْلِ فَلَا تُقْتَلُ كَالصَّبِيِّ .
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّ الضَّمَائِرَ إِنَّمَا ذُكِّرَتْ لِلَفْظِ مَنْ ; لِأَنَّهُ مُذَكَّرٌ ، وَيَشْمَلُ الْفَرِيقَيْنِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=123مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ ) .
وَعَنِ الثَّانِي : النَّقْضُ بِالشُّيُوخِ وَالزَّمْنَى ، فَإِنَّهُمْ يَقْتُلُونَ بِالرِّدَّةِ دُونَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ .
وَعَنِ الثَّالِثِ : أَنْ خَبَرَنَا عُلِّقَ فِيهِ الْحُكْمُ بِالْمَعْنَى ، وَفِي خَبَرِكُمْ بِالِاسْمِ ، وَالْمَعْنَى أَقْوَى فَيُقَدَّمُ .
وَعَنِ الرَّابِعِ : الْفَرْقُ بِأَنَّ الرِّدَّةَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى مَحَاسِنِ الْإِسْلَامِ ، فَهِيَ أَقْبَحُ ، وَلِذَلِكَ لَا يُقَرُّ عَلَيْهَا بِالْجِزْيَةِ .
وَعَنِ الْخَامِسِ : الْفَرْقُ بِالتَّكْلِيفِ فِيهَا دُونَهُ .
[ ص: 42 ] فَرْعٌ :
فِي النَّوَادِرِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=9960ارْتَدَّ أَهْلُ مَدِينَةِ وَغَلَبُوا اسْتُتِيبُوا ، فَإِنْ لَمْ يَتُوبُوا قُتِلُوا ، وَلَا يُسْبَوْا وَلَا يُسْتَرَقُّوا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ : يُسْتَتَابُ مَنْ بَلَغَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ ، وَيُكْرَهُ الصِّغَارُ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَقِيلَ : يُسْبَى مَنْ بَلَغَ كَالْحَرْبِيِّ ، وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=25370لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ وَحَارَبَ فَظَفِرْنَا بِهِ يُسْتَتَابُ ، وَلَيْسَ كَالْمُحَارِبِ يُظْفَرُ بِهِ قَبْلَ التَّوْبَةِ ; لِأَنَّ أَهْلَ الرِّدَّةِ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُمْ .