nindex.php?page=treesubj&link=25864الفصل الثامن : في العفو عنه ، قال الله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم ) ( البقرة : 237 ) ، أي : لهن ، ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إلا أن يعفون ) ، أي : يعفو النساء الرشيدات عن النصف فيسقط ، وهو متفق عليه ، ثم قال :
nindex.php?page=treesubj&link=25864_28973 ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ) ، قال
مالك : هو الأب في ابنته والسيد في أمته ، وقال الأئمة : وهو الزوج ; لأنه مروي عنه - عليه السلام - ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=25864إسقاط الولي مال المولية خلاف الأصل ، والجواب عن الأول : أنه ضعيف سلمنا صحته لكن لا نسلم أنه تفسير للآية بل إخبار عن حال الزوج قبل الطلاق .
وعن الثاني : أن حكم الولاية بتصرف الولي بما هو أحسن للمولى عليه ، وقد يكون العفو أحسن لاطلاع الولي على ذلك يرغب فيها من في وصلته غبطة عظيمة ، ثم الآية تدل لنا من عشرة أوجه : أحدها : أن الاستثناء من النفي إثبات ، ومن الإثبات نفي ، والمتقدم قبل
[ ص: 372 ] إلا إثبات للنصف فعلى رأينا ينتفي فتطرد القاعدة ، وعلى رأيهم يعفو الزوج فيكمل الصداق فيكون الاستثناء من الإثبات ، وهو خلاف القاعدة ، وثانيها : الأصل في العطف بأو : التشريك في المعنى لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إلا أن يعفون ) معناه : الإسقاط ،
nindex.php?page=treesubj&link=25864_28973وقوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أو يعفو الذي ) على رأينا للإسقاط ، فيحصل التشريك ، وعلى رأيهم فيكون قولنا أرجح ، وثالثها : أن المفهوم من قولنا إلا أن يكون كذا وكذا تنويع ذلك الكائن إلى شيئين ، والتنويع فرع الاشتراك في المعنى ، ولا مشترك بين الإسقاط والإعطاء فحسن تنويعه ، وعلى رأينا المتنوع الإسقاط إلى إسقاط المرأة أو الولي ، ورابعها : أن العفو ظاهر في الإسقاط ، وهو ما ذكرناه ، وعلى رأيهم يكون التزام ما سقط بالطلاق ، والتزام ما لم يجب لا يسمى عفوا .
وخامسها : أن إقامة الظاهر مقام المضمر خلاف الأصل ، فلو كان المراد الزوج لقيل : إلا أن يعفون أو تعفون عما استحق لكم ، فلما عدل إلى الظاهر دل على أن المراد غيرهم ، وسادسها : أن المفهوم من قولنا بيده كذا ، أي : يتصرف فيه ، والزوج لا يتصرف في عقد النكاح ، بل كان يتصرف في الحل ، والولي الآن هو المتصرف في العقد فتناوله اللفظ دون الزوج .
وسابعها : سلمنا أن الزوج بيده عقدة النكاح لكن باعتبار ما كان ومضى فهو مجاز ، والولي بيده الآن فهو حقيقة فتقدم على المجاز ، وثامنها : أن المراد بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إلا أن يعفون ) : الرشيدات اتفاقا ; إذ المحجور عليها لا ينفذ الشرع تصرفها ، فالذي يحسن مقابلتهن بهن : المحجورات على أيدي أوليائهن أما بالأزواج فلا مناسبة ، وتاسعها : أن الخطاب كان مع الأزواج بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وقد فرضتم ) ، وهو خطاب مشافهة فلو كانوا مرادين في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237الذي بيده عقدة النكاح ) ، وهو خطاب غيبة للزم تغيير الكلام من الخطاب إلى الغيبة ، وهو خلاف الأصل ، وعاشرها : أن وجوب الصداق أو بعضه قبل المسيس خلاف الأصل ; لأن استحقاق تسليم العوض
[ ص: 373 ] يقتضي بقاء المعوض قابلا للتسليم أما مع تعذره فلا ، فالاستشهاد بشهادة البيع ، والإجارة بإسقاط الأولياء للنصف على وفق الأصل ، وتكميل الزوج على خلافه ، وموافقة الأصول أولى .
تفريع : في الكتاب : قال
مالك :
nindex.php?page=treesubj&link=25864ولا يجوز ذلك للأب قبل الطلاق ، قال
ابن القاسم : إلا بوجه نظر من عسر الزوج أو غيره ، ولا يلحق الوصي بالأب ، وفي الجلاب : لا عفو ولا تصرف لولي الثيب معها ، ولولي البكر المطالبة دون الإسقاط إلا بإذنها ، وللأب أن يعفو إذا طلقت قبل البناء ; لأنه مورد النص دون قبل الطلاق أو بعد الدخول ، والفرق أن استحقاقه بعد الطلاق قبل الدخول على خلاف الأصل فسلط الأب عليه إذا رآه نظرا بخلاف الدخول أو قبل الطلاق لتعيين الاستحقاق فغلب حق الزوجة .
nindex.php?page=treesubj&link=25864الْفَصْلُ الثَّامِنُ : فِي الْعَفْوِ عَنْهُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ ) ( الْبَقَرَةِ : 237 ) ، أَيْ : لَهُنَّ ، ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) ، أَيْ : يَعْفُوَ النِّسَاءُ الرَّشِيدَاتُ عَنِ النِّصْفِ فَيَسْقُطَ ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=25864_28973 ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) ، قَالَ
مَالِكٌ : هُوَ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ : وَهُوَ الزَّوْجُ ; لِأَنَّهُ مَرْوِيٌّ عَنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=25864إِسْقَاطَ الْوَلِيِّ مَالَ الْمُوَلِّيَةِ خِلَافُ الْأَصْلِ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ : أَنَّهُ ضَعِيفٌ سَلَّمْنَا صِحَّتَهُ لَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِلْآيَةِ بَلْ إِخْبَارٌ عَنْ حَالِ الزَّوْجِ قَبْلَ الطَّلَاقِ .
وَعَنِ الثَّانِي : أَنَّ حُكْمَ الْوِلَايَةِ بِتَصَرُّفِ الْوَلِيِّ بِمَا هُوَ أَحْسَنُ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَفْوُ أَحْسَنَ لِاطِّلَاعِ الْوَلِيِّ عَلَى ذَلِكَ يُرَغِّبُ فِيهَا مَنْ فِي وَصْلَتِهِ غِبْطَةٌ عَظِيمَةٌ ، ثُمَّ الْآيَةُ تَدُلُّ لَنَا مِنْ عَشْرَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنَ النَّفْيِ إِثْبَاتٌ ، وَمِنِ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ ، وَالْمُتَقَدِّمُ قَبْلَ
[ ص: 372 ] إِلَّا إِثْبَاتٌ لِلنِّصْفِ فَعَلَى رَأْيِنَا يَنْتَفِي فَتَطَّرِدُ الْقَاعِدَةُ ، وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَعْفُو الزَّوْجُ فَيُكْمِلُ الصَّدَاقَ فَيَكُونُ الِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْإِثْبَاتِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْقَاعِدَةِ ، وَثَانِيهَا : الْأَصْلُ فِي الْعَطْفِ بِأَوِ : التَّشْرِيكُ فِي الْمَعْنَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) مَعْنَاهُ : الْإِسْقَاطُ ،
nindex.php?page=treesubj&link=25864_28973وَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي ) عَلَى رَأْيِنَا لِلْإِسْقَاطِ ، فَيَحْصُلُ التَّشْرِيكُ ، وَعَلَى رَأْيِهِمْ فَيَكُونُ قَوْلُنَا أَرْجَحَ ، وَثَالِثُهَا : أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِنَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ كَذَا وَكَذَا تَنْوِيعُ ذَلِكَ الْكَائِنِ إِلَى شَيْئَيْنِ ، وَالتَّنْوِيعُ فَرْعُ الِاشْتِرَاكِ فِي الْمَعْنَى ، وَلَا مُشْتَرِكَ بَيْنَ الْإِسْقَاطِ وَالْإِعْطَاءِ فَحَسُنَ تَنْوِيعُهُ ، وَعَلَى رَأْيِنَا الْمُتَنَوِّعُ الْإِسْقَاطُ إِلَى إِسْقَاطِ الْمَرْأَةِ أَوِ الْوَلِيِّ ، وَرَابِعُهَا : أَنَّ الْعَفْوَ ظَاهِرٌ فِي الْإِسْقَاطِ ، وَهُوَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَعَلَى رَأْيِهِمْ يَكُونُ الْتِزَامُ مَا سَقَطَ بِالطَّلَاقِ ، وَالْتِزَامُ مَا لَمْ يَجِبْ لَا يُسَمَّى عَفْوًا .
وَخَامِسُهَا : أَنَّ إِقَامَةَ الظَّاهِرِ مَقَامَ الْمُضْمَرِ خِلَافُ الْأَصْلِ ، فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ الزَّوْجَ لَقِيلَ : إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ تَعْفُونَ عَمَّا اسْتُحِقَّ لَكُمْ ، فَلَمَّا عَدَلَ إِلَى الظَّاهِرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ غَيْرُهُمْ ، وَسَادِسُهَا : أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِنَا بِيَدِهِ كَذَا ، أَيْ : يَتَصَرَّفُ فِيهِ ، وَالزَّوْجُ لَا يَتَصَرَّفُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ، بَلْ كَانَ يَتَصَرَّفُ فِي الْحَلِّ ، وَالْوَلِيُّ الْآنَ هُوَ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْعَقْدِ فَتَنَاوَلَهُ اللَّفْظُ دُونَ الزَّوْجِ .
وَسَابِعُهَا : سَلَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ لَكِنْ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَمَضَى فَهُوَ مُجَازٌ ، وَالْوَلِيُّ بِيَدِهِ الْآنَ فَهُوَ حَقِيقَةٌ فَتُقَدَّمُ عَلَى الْمَجَازِ ، وَثَامِنُهَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ ) : الرَّشِيدَاتُ اتِّفَاقًا ; إِذِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهَا لَا يُنْفِذُ الشَّرْعُ تَصَرُّفَهَا ، فَالَّذِي يَحْسُنُ مُقَابَلَتُهُنَّ بِهِنَّ : الْمَحْجُورَاتُ عَلَى أَيْدِي أَوْلِيَائِهِنَّ أَمَّا بِالْأَزْوَاجِ فَلَا مُنَاسَبَةَ ، وَتَاسِعُهَا : أَنَّ الْخِطَابَ كَانَ مَعَ الْأَزْوَاجِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237وَقَدْ فَرَضْتُمْ ) ، وَهُوَ خِطَابُ مُشَافَهَةٍ فَلَوْ كَانُوا مُرَادِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=237الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ) ، وَهُوَ خِطَابُ غَيْبَةٍ لَلَزِمَ تَغْيِيرُ الْكَلَامِ مِنِ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ ، وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ ، وَعَاشِرُهَا : أَنَّ وُجُوبَ الصَّدَاقِ أَوْ بَعْضِهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ خِلَافُ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ تَسْلِيمِ الْعِوَضِ
[ ص: 373 ] يَقْتَضِي بَقَاءَ الْمُعَوَّضِ قَابِلًا لِلتَّسْلِيمِ أَمَّا مَعَ تَعَذُّرِهِ فَلَا ، فَالِاسْتِشْهَادُ بِشَهَادَةِ الْبَيْعِ ، وَالْإِجَارَةِ بِإِسْقَاطِ الْأَوْلِيَاءِ لِلنِّصْفِ عَلَى وَفْقِ الْأَصْلِ ، وَتَكْمِيلُ الزَّوْجِ عَلَى خِلَافِهِ ، وَمُوَافَقَةُ الْأُصُولِ أَوْلَى .
تَفْرِيعٌ : فِي الْكِتَابِ : قَالَ
مَالِكٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=25864وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِلْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِلَّا بِوَجْهِ نَظَرٍ مِنْ عُسْرِ الزَّوْجِ أَوْ غَيْرِهِ ، وَلَا يَلْحَقُ الْوَصِيُّ بِالْأَبِ ، وَفِي الْجُلَّابِ : لَا عَفْوَ وَلَا تَصَرُّفَ لِوَلِيِّ الثَّيِّبِ مَعَهَا ، وَلِوَلِيِّ الْبِكْرِ الْمُطَالَبَةُ دُونَ الْإِسْقَاطِ إِلَّا بِإِذْنِهَا ، وَلِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ إِذَا طُلِّقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ ; لِأَنَّهُ مَوْرِدُ النَّصِّ دُونَ قَبْلِ الطَّلَاقِ أَوْ بَعْدِ الدُّخُولِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ بَعْدَ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ فَسُلِّطَ الْأَبُ عَلَيْهِ إِذَا رَآهُ نَظَرًا بِخِلَافِ الدُّخُولِ أَوْ قَبْلَ الطَّلَاقِ لِتَعْيِينِ الِاسْتِحْقَاقِ فَغَلَبَ حَقُّ الزَّوْجَةِ .