مسألة : قال
الشافعي رحمه الله : " ولا بأس
nindex.php?page=treesubj&link=10_26بالوضوء من ماء مشرك وبفضل وضوئه ما لم يعلم نجاسته فقد توضأ
عمر - رضي الله عنه - من ماء في جرة نصرانية " .
وقال
الماوردي : وهذا كما قال .
nindex.php?page=treesubj&link=548_549_550المشركون على أصل الطهارة في أبدانهم ، وثيابهم ، وأوانيهم ، وهو قول جمهور الفقهاء . وحكى عن
أحمد وإسحاق وداود أنهم أنجاس يحرم استعمال ما لقوه بأجسادهم استدلالا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [ التوبة : 28 ] . فنص على نجاستهم .
ودليلنا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [ المائدة : 5 ] . ومعلوم أن طعامهم مصنوع بأيديهم ومياههم وفي أوانيهم فدل على طهارة ذلك كله .
وروي
أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء من مزادة وثنية وروي أن
عمر رضي الله عنه توضأ من جر نصرانية ولأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يأذن للمشركين في دخول مسجده وربط
ثمامة بن أثال حين أسره على سارية في المسجد ، ولو كان نجسا لكان أولى الأمور به تطهير مسجده منه ، ولأن
nindex.php?page=treesubj&link=547الاعتقاد لا يؤثر في تنجيس الأعيان ، ولو كان بسوء معتقده ينجس ما كان طاهرا لكان حسن معتقدنا يطهر ما كان نجسا .
فأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إنما المشركون نجس [ التوبة : 28 ] . ففيه تأويلان :
أحدهما : أنهم أنجاس الأبدان كنجاسة الكلب والخنزير ، وهذا قول
عمر بن عبد العزيز .
وقال
الحسن البصري كذلك ، وأوجب الوضوء على من صافحهم .
[ ص: 81 ] والثاني : وهو قول الجمهور أنه سماهم نجسا ، لأنهم لا يغتسلون من الجنابة فصاروا لما وجب عليهم الغسل كالنجاسة التي يجب غسلها لا أنهم في أبدانهم أنجاس .
فإذا ثبت طهارة المشركين فهم على ثلاثة أضرب .
[ الأول ] : ضرب منهم يرون اجتناب الأنجاس
كاليهود والنصارى ،
nindex.php?page=treesubj&link=1341واستعمال مياههم والصلاة في ثيابهم جائزة .
و [ الثاني ] : ضرب منهم لا يرون اجتنابها ولا يعتقدون العبادة في استعمالها كالدهرية والزنادقة ، فيجوز استعمال مياههم والصلاة في ثيابهم ، لأن الأصل فيها الطهارة ، ونكرهها خوفا من حلول النجاسة .
والضرب الثالث : أن لا يجتنبوها ويرون العبادة في استعمالها
كالبراهمة من
الهند ، وطائفة من
المجوس يرون استعمال الأبوال قربة ، فاستعمال مياههم جائز وإن كان مكروها ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=549_1341الصلاة في ثيابهم فيجوز فيما لم يلبسوه كثيرا كاليوم أو بعضه ، وأما ما كثر لباسهم لها حتى طال زمانهم فيها ، ففي جواز الصلاة فيها وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق المروزي ، لا يجوز الصلاة فيها ، ومن صلى فيها فعليه الإعادة ، لأن الغالب فيها حلول النجاسة كالمسلم الذي لا يخلو لباسه إذا طال عليه من حلول الماء فيه ، لأنه يستعمله عبادة فلم ينفك منه .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أن الصلاة فيها جائزة وإن كرهت لأن الأصل فيها الطهارة ، فلم يجز أن يحكم نجاستها بالشك ، وأشد ما يكره من ثياب من لا يجتنب الأنجاس الميارز والسراويلات ، فأما
nindex.php?page=treesubj&link=839أواني المشركين ، فمن كان منهم لا يرى أكل لحم الخنزير جاز استعمال أوانيهم ، ومن كان يرى أكله ، ففي جواز استعمالها إذا طال استعمالهم لها وجهان :
أحدهما : وهو قول
أبي إسحاق لا يجوز ، لأن الظاهر نجاستها ، وقد روى
أبو قلابة ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920613عن أبي ثعلبة الخشني قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : إنا بأرض أهل الكتاب ، وأنا محتاج إلى آنيتهم ، فقال : فارحضوها بالماء ثم اطبخوا فيها .
والوجه الثاني : وهو قول
أبي علي بن أبي هريرة أن استعمالها جائز ، وإن كرهت اعتبارا بالأصل في طهارتها ، وإسقاطها بحكم الشك في نجاستها غير مستحب . والله أعلم .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " وَلَا بَأْسَ
nindex.php?page=treesubj&link=10_26بِالْوُضُوءِ مِنْ مَاءِ مُشْرِكٍ وَبِفَضْلِ وُضُوئِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ نَجَاسَتُهُ فَقَدْ تَوَضَّأَ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَهُ عَنْهُ - مِنْ مَاءٍ فِي جَرَّةٍ نَصْرَانِيَّةٍ " .
وَقَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَهَذَا كَمَا قَالَ .
nindex.php?page=treesubj&link=548_549_550الْمُشْرِكُونَ عَلَى أَصْلِ الطَّهَارَةِ فِي أَبْدَانِهِمْ ، وَثِيَابِهِمْ ، وَأَوَانِيهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ . وَحَكَى عَنْ
أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَدَاوُدَ أَنَّهُمْ أَنْجَاسٌ يَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ مَا لَقَوْهُ بِأَجْسَادِهِمُ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا [ التَّوْبَةِ : 28 ] . فَنَصَّ عَلَى نَجَاسَتِهِمْ .
وَدَلِيلُنَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ [ الْمَائِدَةِ : 5 ] . وَمَعْلُومٌ أَنَّ طَعَامَهُمْ مَصْنُوعٌ بِأَيْدِيهِمْ وَمِيَاهِهِمْ وَفِي أَوَانِيهِمْ فَدَلَّ عَلَى طَهَارَةِ ذَلِكَ كُلِّهِ .
وَرُوِيَ
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرِبَ مَاءً مِنْ مَزَادَةِ وَثَنِيَّةٍ وَرُوِيَ أَنَّ
عُمْرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ مِنْ جَرِّ نَصْرَانِيَّةٍ وَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ يَأْذَنُ لِلْمُشْرِكِينَ فِي دُخُولِ مَسْجِدِهِ وَرَبَطَ
ثُمَامَةَ بْنَ أَثَالٍ حِينَ أَسَرَهُ عَلَى سَارِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَكَانَ أَوْلَى الْأُمُورِ بِهِ تَطْهِيرُ مَسْجِدِهِ مِنْهُ ، وَلِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=547الِاعْتِقَادَ لَا يُؤَثِّرُ فِي تَنْجِيسِ الْأَعْيَانِ ، وَلَوْ كَانَ بِسُوءِ مُعْتَقَدِهِ يُنَجِّسُ مَا كَانَ طَاهِرًا لَكَانَ حُسْنُ مُعْتَقَدِنَا يُطَهِّرُ مَا كَانَ نَجِسًا .
فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=28إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ [ التَّوْبَةِ : 28 ] . فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّهُمْ أَنْجَاسُ الْأَبْدَانِ كَنَجَاسَةِ الْكَلْبِ وَالْخِنْزِيرِ ، وَهَذَا قَوْلُ
عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ .
وَقَالَ
الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ كَذَلِكَ ، وَأَوْجَبَ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ صَافَحَهُمْ .
[ ص: 81 ] وَالثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ سَمَّاهُمْ نَجَسًا ، لِأَنَّهُمْ لَا يَغْتَسِلُونَ مِنَ الْجَنَابَةِ فَصَارُوا لَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِمُ الْغُسْلُ كَالنَّجَاسَةِ الَّتِي يَجِبُ غَسْلُهَا لَا أَنَّهُمْ فِي أَبْدَانِهِمْ أَنْجَاسٌ .
فَإِذَا ثَبَتَ طَهَارَةُ الْمُشْرِكِينَ فَهُمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ .
[ الْأَوَّلُ ] : ضَرْبٌ مِنْهُمْ يَرَوْنَ اجْتِنَابَ الْأَنْجَاسِ
كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ،
nindex.php?page=treesubj&link=1341وَاسْتِعْمَالُ مِيَاهِهِمْ وَالصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ جَائِزَةٌ .
وَ [ الثَّانِي ] : ضَرْبٌ مِنْهُمْ لَا يَرَوْنَ اجْتِنَابَهَا وَلَا يَعْتَقِدُونَ الْعِبَادَةَ فِي اسْتِعْمَالِهَا كَالدَّهْرِيَّةِ وَالزَّنَادِقَةِ ، فَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ مِيَاهِهِمْ وَالصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ ، لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الطَّهَارَةُ ، وَنَكْرَهُهَا خَوْفًا مِنْ حُلُولِ النَّجَاسَةِ .
وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ : أَنْ لَا يَجْتَنِبُوهَا وَيَرَوْنَ الْعِبَادَةَ فِي اسْتِعْمَالِهَا
كَالْبَرَاهِمَةِ مِنَ
الْهِنْدِ ، وَطَائِفَةٌ مِنَ
الْمَجُوسِ يَرَوْنَ اسْتِعْمَالَ الْأَبْوَالِ قُرْبَةً ، فَاسْتِعْمَالُ مِيَاهِهِمْ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=549_1341الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِهِمْ فَيَجُوزُ فِيمَا لَمْ يَلْبَسُوهُ كَثِيرًا كَالْيَوْمِ أَوْ بَعْضِهِ ، وَأَمَّا مَا كَثُرَ لِبَاسُهُمْ لَهَا حَتَّى طَالَ زَمَانُهُمْ فِيهَا ، فَفِي جَوَازِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ ، لَا يَجُوزُ الصَّلَاةُ فِيهَا ، وَمَنْ صَلَّى فِيهَا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ ، لِأَنَّ الْغَالِبَ فِيهَا حُلُولُ النَّجَاسَةِ كَالْمُسْلِمِ الَّذِي لَا يَخْلُو لِبَاسُهُ إِذَا طَالَ عَلَيْهِ مِنْ حُلُولِ الْمَاءِ فِيهِ ، لِأَنَّهُ يَسْتَعْمِلُهُ عِبَادَةً فَلَمْ يَنْفَكَّ مِنْهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا جَائِزَةٌ وَإِنْ كُرِهَتْ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا الطَّهَارَةُ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ نَجَاسَتَهَا بِالشَّكِّ ، وَأَشَدُّ مَا يُكْرَهُ مِنْ ثِيَابِ مَنْ لَا يَجْتَنِبُ الْأَنْجَاسَ الْمَيَارِزَ وَالسَّرَاوِيلَاتِ ، فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=839أَوَانِي الْمُشْرِكِينَ ، فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ لَا يَرَى أَكْلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ جَازَ اسْتِعْمَالُ أَوَانِيهِمْ ، وَمَنْ كَانَ يَرَى أَكْلَهُ ، فَفِي جَوَازِ اسْتِعْمَالِهَا إِذَا طَالَ اسْتِعْمَالُهُمْ لَهَا وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي إِسْحَاقَ لَا يَجُوزُ ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ نَجَاسَتُهَا ، وَقَدْ رَوَى
أَبُو قِلَابَةَ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=920613عَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيِّ قَالَ : سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : إِنَّا بِأَرْضِ أَهْلِ الْكِتَابِ ، وَأَنَا مُحْتَاجٌ إِلَى آنِيَتِهِمْ ، فَقَالَ : فَارْحَضُوهَا بِالْمَاءِ ثُمَّ اطْبُخُوا فِيهَا .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ اسْتِعْمَالَهَا جَائِزٌ ، وَإِنْ كُرِهَتِ اعْتِبَارًا بِالْأَصْلِ فِي طَهَارَتِهَا ، وَإِسْقَاطُهَا بِحُكْمِ الشَّكِّ فِي نَجَاسَتِهَا غَيْرُ مُسْتَحَبٍّ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .