فصل : وإذ قد مضى ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مخصوصا به في مناكحه نصا : فقد اختلف أصحابنا في جواز
nindex.php?page=treesubj&link=22271الاجتهاد فيما يجوز أن يكون مخصوصا به في مناكحه من طريق الاجتهاد والنص ، فكان
أبو علي بن خيران يمتنع من جواز الاجتهاد لنقصه وكذلك في الإمامة : لأن الاجتهاد إنما يجوز عند الضرورة في النوازل الحادثة ، وذهب سائر أصحابنا إلى جواز الاجتهاد في ذلك : ليتوصل به إلى معرفة الأحكام ، وإن لم تدع إليها ضرورة ، كما اجتهدوا فيما لم يحدث من النوازل ، فاجتهدوا في سبع مسائل أفضى بهم الاجتهاد إلى الاختلاف فيها :
فأحدها : أن اختلفوا
nindex.php?page=treesubj&link=11471_11472هل كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح بغير ولي ولا شهود ؟ على وجهين :
أحدهما : لم يكن له ذلك ، وهو وغيره سواء في ألا ينكح إلا بولي وشاهدين : لقوله صلى الله عليه وسلم :
كل نكاح لم يحضره أربعة فهو سفاح ، فلم يجز أن يتوجه ذلك إلى مناكحه .
والوجه الثاني : أن يجوز له أن ينكح بغير ولي ولا شاهدين : لقول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم [ الأحزاب : 6 ] ولأن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=923820خطب nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة فقالت : ما لي ولي حاضر ، فقال ما يكرهني من أوليائك حاضر ولا غائب ، ثم قال لابنها عمر - وكان غير بالغ - : قم زوج أمك . وقد أنكر
أحمد بن حنبل على من قال غير بالغ ، وهو قول الأكثرين ، ولأن الولي إنما يراد لالتماس الأكفاء ، والرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الأكفاء ، والشهود إنما يرادون حذر التناكر ، وهذا غير موهوم في الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون منه أو له ، فلذلك لم يفتقر نكاحه إلى ولي ولا شهود .
فَصْلٌ : وَإِذْ قَدْ مَضَى مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْصُوصًا بِهِ فِي مَنَاكِحِهِ نَصًّا : فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي جَوَازِ
nindex.php?page=treesubj&link=22271الِاجْتِهَادِ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَخْصُوصًا بِهِ فِي مَنَاكِحِهِ مِنْ طَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَالنَّصِّ ، فَكَانَ
أَبُو عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ يَمْتَنِعُ مِنْ جَوَازِ الِاجْتِهَادِ لِنَقْصِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْإِمَامَةِ : لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ إِنَّمَا يَجُوزُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ فِي النَّوَازِلِ الْحَادِثَةِ ، وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى جَوَازِ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ : لِيُتَوَصَّلَ بِهِ إِلَى مَعْرِفَةِ الْأَحْكَامِ ، وَإِنْ لَمْ تَدْعُ إِلَيْهَا ضَرُورَةٌ ، كَمَا اجْتَهَدُوا فِيمَا لَمْ يَحْدُثْ مِنَ النَّوَازِلِ ، فَاجْتَهَدُوا فِي سَبْعِ مَسَائِلَ أَفْضَى بِهِمُ الِاجْتِهَادُ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِيهَا :
فَأَحَدُهَا : أَنِ اخْتَلَفُوا
nindex.php?page=treesubj&link=11471_11472هَلْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، وَهُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي أَلَّا يَنْكِحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْنِ : لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
كُلُّ نِكَاحٍ لَمْ يَحْضُرْهُ أَرْبَعَةٌ فَهُوَ سِفَاحٌ ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَوَجَّهَ ذَلِكَ إِلَى مَنَاكِحِهِ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : أَنْ يَجُوزَ لَهُ أَنْ يَنْكِحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ وَلَا شَاهِدِينَ : لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=6النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ [ الْأَحْزَابِ : 6 ] وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=923820خَطَبَ nindex.php?page=showalam&ids=54أُمَّ سَلَمَةَ فَقَالَتْ : مَا لِي وَلِيٌّ حَاضِرٌ ، فَقَالَ مَا يَكْرَهُنِي مِنْ أَوْلِيَائِكِ حَاضِرٌ وَلَا غَائِبٌ ، ثُمَّ قَالَ لِابْنِهَا عُمَرَ - وَكَانَ غَيْرَ بَالِغٍ - : قُمْ زَوِّجْ أُمَّكَ . وَقَدْ أَنْكَرَ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلَ عَلَى مَنْ قَالَ غَيْرَ بَالِغٍ ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِينَ ، وَلِأَنَّ الْوَلِيَّ إِنَّمَا يُرَادُ لِالْتِمَاسِ الْأَكْفَاءِ ، وَالرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ الْأَكْفَاءِ ، وَالشُّهُودُ إِنَّمَا يُرَادُونَ حَذَرَ التَّنَاكُرِ ، وَهَذَا غَيْرُ مَوْهُومٍ فِي الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَوْ لَهُ ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَفْتَقِرْ نِكَاحُهُ إِلَى وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ .