قال الرافضي
[1] " وقد ذكر غيره منها
[2] أشياء كثيرة ، ونحن
[3] نذكر منها شيئا يسيرا . منها ما رووه
[4] عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر أنه قال على المنبر :
إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يعتصم [5] بالوحي ، وإن لي شيطانا يعتريني ، فإن استقمت فأعينوني ، وإن زغت فقوموني ، وكيف يجوز
[6] nindex.php?page=treesubj&link=31185_7644_33532_27028إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه ، مع أن الرعية تحتاج إليه ؟ " .
[ ص: 462 ] والجواب : أن يقال : هذا الحديث من أكبر
nindex.php?page=treesubj&link=31136فضائل الصديق - رضي الله عنه - وأدلها على أنه لم يكن [ يريد علوا في الأرض ولا فسادا ، فلم يكن ]
[7] طالب رياسة ، ولا كان ظالما ، وإنه إنما كان يأمر الناس بطاعة الله ورسوله فقال لهم : إن استقمت على طاعة الله فأعينوني عليها ، وإن زغت عنها فقوموني ، كما قال أيضا : [ أيها الناس ]
[8] أطيعوني ما أطعت الله ، فإذا عصيت الله فلا طاعة لي عليكم .
والشيطان الذي يعتريه يعتري جميع بني
[9] آدم ، فإنه ما من أحد إلا [ وقد ]
[10] وكل الله به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن .
والشيطان يجري من ابن
آدم [11] مجرى الدم ، كما في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( ما من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الملائكة وقرينه من الجن " قيل : وأنت يا رسول الله ؟ قال : " وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ، فلا يأمرني إلا بخير "
[12] .
وفي الصحيح عنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651898لما مر به بعض الأنصار وهو يتحدث مع [ ص: 463 ] nindex.php?page=showalam&ids=199صفية ليلا ، قال : " على رسلكما ، إنها nindex.php?page=showalam&ids=199صفية [13] [ بنت حيي ] [14] " ثم قال : " إني خشيت أن يقذف الشيطان في قلوبكما شيئا ، إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم "
[15] .
ومقصود
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق بذلك : إني لست معصوما كالرسول - صلى الله عليه وسلم - وهذا حق .
وقول القائل : كيف تجوز إمامة من يستعين على تقويمه بالرعية ؟ كلام جاهل بحقيقة الإمامة ، فإن الإمام ليس هو ربا لرعيته
[16] حتى يستغني عنهم ، ولا هو رسول الله إليهم حتى يكون هو الواسطة بينهم وبين الله . وإنما هو والرعية شركاء يتعاونون هم وهو على مصلحة الدين والدنيا ، فلا بد له من إعانتهم ، ولا بد لهم من إعانته ، كأمير القافلة الذي يسير بهم في الطريق : إن سلك بهم الطريق اتبعوه ، وإن أخطأ عن الطريق
[17] نبهوه وأرشدوه ، وإن خرج عليهم صائل يصول عليهم تعاون هو وهم على دفعه ، لكن إذا كان أكملهم علما وقدرة ورحمة كان ذلك أصلح لأحوالهم .
[ ص: 464 ] وكذلك إمام الصلاة إن استقام صلوا بصلاته ، وإن سها سبحوا به فقوموه إذا زاغ .
وكذلك دليل الحاج إن مشى بهم في الطريق مشوا خلفه ، وإن غلط قوموه .
والناس بعد الرسول لا يتعلمون الدين من الإمام
[18] ، بل الأئمة والأمة كلهم يتعلمون الدين من الكتاب والسنة .
ولهذا لم يأمر الله عند التنازع برد الأمر إلى الأئمة ، بل قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) الآية [ سورة النساء : 59 ] ، ( 2 فأمر بالرد عند التنازع إلى الله والرسول 2 )
[19] لا إلى الأئمة وولاة الأمور ، وإنما أمر بطاعة ولاة الأمور تبعا لطاعة الرسول .
ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=656612إنما الطاعة في المعروف "
[20] ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=30912لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق "
[21] ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=679367من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه "
[22] .
[ ص: 465 ] وقول القائل : كيف تجوز إمامة من يستعين بالرعية على تقويمه ، مع أن الرعية تحتاج إليه ؟
وارد في كل متعاونين ومتشاركين يحتاج كل منهما إلى الآخر ، حتى الشركاء في التجارات والصناعات ، وإمام الصلاة هو بهذه المنزلة ، فإن المأمومين يحتاجون إليه ، وهو يحمل عنهم السهو وكذلك القراءة عند الجمهور ، وهو يستعين بهم إذا سها فينبهونه على سهوه ويقومونه ، ولو زاغ في الصلاة
[23] فخرج عن الصلاة الشرعية لم يتبعوه فيها ، ونظائره متعددة .
ثم يقال : استعانة علي برعيته وحاجته إليهم كانت أكثر من استعانة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، وكان تقويم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر لرعيته وطاعتهم له أعظم من تقويم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي لرعيته وطاعتهم له ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر كانوا إذا نازعوه أقام عليهم الحجة حتى يرجعوا إليه ، كما أقام الحجة على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في قتال مانعي الزكاة وغير ذلك .
وكانوا إذا أمرهم أطاعوه .
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي - رضي الله عنه - لما ذكر قوله في أمهات الأولاد وأنه
[24] اتفق رأيه ورأي
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على أن لا يبعن ، ثم رأى أن يبعن ، فقال له قاضيه
nindex.php?page=showalam&ids=16536عبيدة السلماني : رأيك مع
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك في الفرقة .
وكان يقول : اقضوا كما كنتم تقضون ; فإني أكره الخلاف ، حتى يكون الناس جماعة أو أموت كما مات أصحابي .
وكانت رعيته كثيرة المعصية له ، وكانوا يشيرون عليه بالرأي الذي
[ ص: 466 ] يخالفهم فيه ، ثم يتبين له أن الصواب كان معهم ، كما أشار عليه
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن بأمور ، مثل أن لا يخرج من
المدينة دون المبايعة ، وأن لا يخرج إلى
الكوفة ، وأن لا يقاتل
بصفين ، وأشار عليه أن لا يعزل
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ، وغير ذلك من الأمور .
وفي الجملة فلا يشك عاقل أن السياسة انتظمت
nindex.php?page=showalam&ids=1لأبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ما لم تنتظم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي - رضي الله عنهم - ، فإن كان هذا لكمال المتولي وكمال الرعية ، كانوا هم ورعيتهم أفضل . وإن كان لكمال المتولي وحده ، فهو أبلغ في فضلهم ، وإن كان ذلك لفرط نقص رعية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، كان رعية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي أنقص من رعية
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر - رضي الله عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان .
ورعيته هم الذين قاتلوا معه ، وأقروا بإمامته . ورعية الثلاثة كانوا مقرين بإمامتهم . فإذا كان المقرون بإمامة الثلاثة أفضل من المقرين بإمامة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، لزم أن يكون كل واحد من الثلاثة أفضل منه .
وأيضا فقد انتظمت السياسة
nindex.php?page=showalam&ids=33لمعاوية [25] ما لم تنتظم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي ، فيلزم أن تكون رعية
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية خيرا من رعية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، ورعية
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ، وفيهم
النواصب المبغضون
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي ، فتكون شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان والنواصب أفضل من شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فيلزم على كل تقدير : إما أن يكون الثلاثة أفضل من
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، وإما أن تكون شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان والنواصب أفضل من شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي والروافض .
وأيهما كان لزم فساد مذهب
الرافضة ; فإنهم يدعون أن
nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أكمل
[ ص: 467 ] من الثلاثة ، وأن شيعته الذين قاتلوا معه أفضل من الذين بايعوا الثلاثة ، فضلا عن أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية .
والمعلوم باتفاق الناس أن الأمر انتظم للثلاثة
nindex.php?page=showalam&ids=33ولمعاوية ما لم ينتظم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي ، فكيف يكون الإمام الكامل والرعية الكاملة - على رأيهم - أعظم اضطرابا وأقل انتظاما من الإمام الناقص والرعية الناقصة ؟ بل من الكافرة والفاسقة على رأيهم ؟
ولم يكن في أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=8علي من العلم والدين والشجاعة والكرم ، إلا ما هو دون ما في رعية الثلاثة . فلم يكونوا أصلح في الدنيا ولا في الدين .
ومع هذا فلم يكن
للشيعة إمام ذو سلطان معصوم بزعمهم أعظم من
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ، فإذا لم يستقيموا معه كانوا أن لا يستقيموا مع من هو دونه أولى وأحرى ، فعلم أنهم شر وأنقص
[26] من غيرهم .
وهم يقولون : المعصوم إنما وجبت عصمته لما في ذلك من اللطف بالمكلفين والمصلحة لهم . فإذا علم أن مصلحة غير
الشيعة في كل زمان خير من مصلحة
الشيعة ، واللطف لهم أعظم من اللطف
للشيعة ، علم أن ما ذكروه
[27] من
nindex.php?page=treesubj&link=21385_31309_27028إثبات العصمة باطل .
وتبين حينئذ حاجة الأئمة إلى الأمة ، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق هو الذي قال الحق وأقام العدل أكثر
[28] من غيره .
قَالَ الرَّافِضِيُّ
[1] " وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُهُ مِنْهَا
[2] أَشْيَاءَ كَثِيرَةً ، وَنَحْنُ
[3] نَذْكُرُ مِنْهَا شَيْئًا يَسِيرًا . مِنْهَا مَا رَوَوْهُ
[4] عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ عَلَى الْمِنْبَرِ :
إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَعْتَصِمُ [5] بِالْوَحْيِ ، وَإِنَّ لِي شَيْطَانًا يَعْتَرِينِي ، فَإِنِ اسْتَقَمْتُ فَأَعِينُونِي ، وَإِنْ زِغْتُ فَقَوِّمُونِي ، وَكَيْفَ يَجُوزُ
[6] nindex.php?page=treesubj&link=31185_7644_33532_27028إِمَامَةُ مَنْ يَسْتَعِينُ بِالرَّعِيَّةِ عَلَى تَقْوِيمِهِ ، مَعَ أَنَّ الرَّعِيَّةَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ ؟ " .
[ ص: 462 ] وَالْجَوَابُ : أَنْ يُقَالَ : هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَكْبَرِ
nindex.php?page=treesubj&link=31136فَضَائِلِ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَدَلِّهَا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ [ يُرِيدُ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ، فَلَمْ يَكُنْ ]
[7] طَالِبَ رِيَاسَةٍ ، وَلَا كَانَ ظَالِمًا ، وَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَأْمُرُ النَّاسَ بِطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَقَالَ لَهُمْ : إِنِ اسْتَقَمْتُ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَأَعِينُونِي عَلَيْهَا ، وَإِنْ زِغْتُ عَنْهَا فَقَوِّمُونِي ، كَمَا قَالَ أَيْضًا : [ أَيُّهَا النَّاسُ ]
[8] أَطِيعُونِي مَا أَطَعْتُ اللَّهَ ، فَإِذَا عَصَيْتُ اللَّهَ فَلَا طَاعَةَ لِي عَلَيْكُمْ .
وَالشَّيْطَانُ الَّذِي يَعْتَرِيهِ يَعْتَرِي جَمِيعَ بَنِي
[9] آدَمَ ، فَإِنَّهُ مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا [ وَقَدْ ]
[10] وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ قَرِينَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينَهُ مِنَ الْجِنِّ .
وَالشَّيْطَانُ يَجْرِي مِنِ ابْنِ
آدَمَ [11] مَجْرَى الدَّمِ ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ : ( مَا مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ قَرِينَهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَقَرِينَهُ مِنَ الْجِنِّ " قِيلَ : وَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " وَأَنَا إِلَّا أَنَّ اللَّهَ أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ ، فَلَا يَأْمُرُنِي إِلَّا بِخَيْرٍ "
[12] .
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=651898لَمَّا مَرَّ بِهِ بَعْضُ الْأَنْصَارِ وَهُوَ يَتَحَدَّثُ مَعَ [ ص: 463 ] nindex.php?page=showalam&ids=199صَفِيَّةَ لَيْلًا ، قَالَ : " عَلَى رِسْلِكُمَا ، إِنَّهَا nindex.php?page=showalam&ids=199صَفِيَّةُ [13] [ بِنْتُ حُيَيٍّ ] [14] " ثُمَّ قَالَ : " إِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا ، إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ "
[15] .
وَمَقْصُودُ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقِ بِذَلِكَ : إِنِّي لَسْتُ مَعْصُومًا كَالرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا حَقٌّ .
وَقَوْلُ الْقَائِلِ : كَيْفَ تَجُوزُ إِمَامَةُ مَنْ يَسْتَعِينُ عَلَى تَقْوِيمِهِ بِالرَّعِيَّةِ ؟ كَلَامُ جَاهِلٍ بِحَقِيقَةِ الْإِمَامَةِ ، فَإِنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ هُوَ رَبًّا لِرَعِيَّتِهِ
[16] حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْهُمْ ، وَلَا هُوَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمْ حَتَّى يَكُونَ هُوَ الْوَاسِطَةَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللَّهِ . وَإِنَّمَا هُوَ وَالرَّعِيَّةُ شُرَكَاءُ يَتَعَاوَنُونَ هُمْ وَهُوَ عَلَى مَصْلَحَةِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا ، فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ إِعَانَتِهِمْ ، وَلَا بُدَّ لَهُمْ مِنْ إِعَانَتِهِ ، كَأَمِيرِ الْقَافِلَةِ الَّذِي يَسِيرُ بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ : إِنْ سَلَكَ بِهِمُ الطَّرِيقَ اتَّبَعُوهُ ، وَإِنْ أَخْطَأَ عَنِ الطَّرِيقِ
[17] نَبَّهُوهُ وَأَرْشَدُوهُ ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ صَائِلٌ يَصُولُ عَلَيْهِمْ تَعَاوَنَ هُوَ وَهُمْ عَلَى دَفْعِهِ ، لَكِنْ إِذَا كَانَ أَكْمَلَهُمْ عِلْمًا وَقُدْرَةً وَرَحْمَةً كَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِأَحْوَالِهِمْ .
[ ص: 464 ] وَكَذَلِكَ إِمَامُ الصَّلَاةِ إِنِ اسْتَقَامَ صَلُّوا بِصَلَاتِهِ ، وَإِنْ سَهَا سَبَّحُوا بِهِ فَقَوَّمُوهُ إِذَا زَاغَ .
وَكَذَلِكَ دَلِيلُ الْحَاجِّ إِنْ مَشَى بِهِمْ فِي الطَّرِيقِ مَشَوْا خَلْفَهُ ، وَإِنْ غَلِطَ قَوَّمُوهُ .
وَالنَّاسُ بَعْدَ الرَّسُولِ لَا يَتَعَلَّمُونَ الدِّينَ مِنَ الْإِمَامِ
[18] ، بَلِ الْأَئِمَّةُ وَالْأُمَّةُ كُلُّهُمْ يَتَعَلَّمُونَ الدِّينَ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ .
وَلِهَذَا لَمْ يَأْمُرِ اللَّهُ عِنْدَ التَّنَازُعِ بِرَدِّ الْأَمْرِ إِلَى الْأَئِمَّةِ ، بَلْ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=59يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) الْآيَةَ [ سُورَةُ النِّسَاءِ : 59 ] ، ( 2 فَأَمَرَ بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّنَازُعِ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ 2 )
[19] لَا إِلَى الْأَئِمَّةِ وَوُلَاةِ الْأُمُورِ ، وَإِنَّمَا أَمَرَ بِطَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ تَبَعًا لِطَاعَةِ الرَّسُولِ .
وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=656612إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ "
[20] ، وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=30912لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ "
[21] ، وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=679367مَنْ أَمَرَكُمْ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلَا تُطِيعُوهُ "
[22] .
[ ص: 465 ] وَقَوْلُ الْقَائِلِ : كَيْفَ تَجُوزُ إِمَامَةُ مَنْ يَسْتَعِينُ بِالرَّعِيَّةِ عَلَى تَقْوِيمِهِ ، مَعَ أَنَّ الرَّعِيَّةَ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ ؟
وَارِدٌ فِي كُلِّ مُتَعَاوِنَيْنِ وَمُتَشَارِكَيْنِ يَحْتَاجُ كُلٌّ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ ، حَتَّى الشُّرَكَاءِ فِي التِّجَارَاتِ وَالصِّنَاعَاتِ ، وَإِمَامُ الصَّلَاةِ هُوَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ ، فَإِنَّ الْمَأْمُومِينَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ ، وَهُوَ يَحْمِلُ عَنْهُمُ السَّهْوَ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ ، وَهُوَ يَسْتَعِينُ بِهِمْ إِذَا سَهَا فَيُنَبِّهُونَهُ عَلَى سَهْوِهِ وَيُقَوِّمُونَهُ ، وَلَوْ زَاغَ فِي الصَّلَاةِ
[23] فَخَرَجَ عَنِ الصَّلَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فِيهَا ، وَنَظَائِرُهُ مُتَعَدِّدَةٌ .
ثُمَّ يُقَالُ : اسْتِعَانَةُ عَلِيٍّ بِرَعِيَّتِهِ وَحَاجَتُهُ إِلَيْهِمْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنِ اسْتِعَانَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، وَكَانَ تَقْوِيمُ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ لِرَعِيَّتِهِ وَطَاعَتُهُمْ لَهُ أَعْظَمَ مِنْ تَقْوِيمِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ لِرَعِيَّتِهِ وَطَاعَتِهِمْ لَهُ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ كَانُوا إِذَا نَازَعُوهُ أَقَامَ عَلَيْهِمُ الْحُجَّةَ حَتَّى يَرْجِعُوا إِلَيْهِ ، كَمَا أَقَامَ الْحُجَّةَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
وَكَانُوا إِذَا أَمَرَهُمْ أَطَاعُوهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَأَنَّهُ
[24] اتَّفَقَ رَأْيُهُ وَرَأْيُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ عَلَى أَنْ لَا يُبَعْنَ ، ثُمَّ رَأَى أَنْ يُبَعْنَ ، فَقَالَ لَهُ قَاضِيهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16536عَبِيدَةُ السَّلْمَانِيُّ : رَأْيُكَ مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ فِي الْجَمَاعَةِ أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ رَأْيِكَ وَحْدَكَ فِي الْفُرْقَةِ .
وَكَانَ يَقُولُ : اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ ; فَإِنِّي أَكْرَهُ الْخِلَافَ ، حَتَّى يَكُونَ النَّاسُ جَمَاعَةً أَوْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي .
وَكَانَتْ رَعِيَّتُهُ كَثِيرَةَ الْمَعْصِيَةِ لَهُ ، وَكَانُوا يُشِيرُونَ عَلَيْهِ بِالرَّأْيِ الَّذِي
[ ص: 466 ] يُخَالِفُهُمْ فِيهِ ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ كَانَ مَعَهُمْ ، كَمَا أَشَارَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=35الْحَسَنُ بِأُمُورٍ ، مِثْلِ أَنْ لَا يَخْرُجَ مِنَ
الْمَدِينَةِ دُونَ الْمُبَايَعَةِ ، وَأَنْ لَا يَخْرُجَ إِلَى
الْكُوفَةِ ، وَأَنْ لَا يُقَاتِلَ
بِصِفِّينَ ، وَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَعْزِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ .
وَفِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَشُكُّ عَاقِلٌ أَنَّ السِّيَاسَةَ انْتَظَمَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=1لِأَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ مَا لَمْ تَنْتَظِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - ، فَإِنْ كَانَ هَذَا لِكَمَالِ الْمُتَوَلِّي وَكَمَالِ الرَّعِيَّةِ ، كَانُوا هُمْ وَرَعِيَّتُهُمْ أَفْضَلَ . وَإِنْ كَانَ لِكَمَالِ الْمُتَوَلِّي وَحْدَهُ ، فَهُوَ أَبْلَغُ فِي فَضْلِهِمْ ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفَرْطِ نَقْصِ رَعِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، كَانَ رَعِيَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ أَنْقَصَ مِنْ رَعِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=7وَعُثْمَانَ .
وَرَعِيَّتُهُ هُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ ، وَأَقَرُّوا بِإِمَامَتِهِ . وَرَعِيَّةُ الثَّلَاثَةِ كَانُوا مُقِرِّينَ بِإِمَامَتِهِمْ . فَإِذَا كَانَ الْمُقِرُّونَ بِإِمَامَةِ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ مِنَ الْمُقِرِّينَ بِإِمَامَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، لَزِمَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَفْضَلَ مِنْهُ .
وَأَيْضًا فَقَدِ انْتَظَمَتِ السِّيَاسَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=33لِمُعَاوِيَةَ [25] مَا لَمْ تَنْتَظِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ ، فَيَلْزَمُ أَنْ تَكُونَ رَعِيَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ خَيْرًا مِنْ رَعِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَرَعِيَّةُ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ شِيعَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ ، وَفِيهِمُ
النَّوَاصِبُ الْمُبْغِضُونَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ ، فَتَكُونُ شِيعَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَالنَّوَاصِبُ أَفْضَلَ مِنْ شِيعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، فَيَلْزَمُ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ : إِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّلَاثَةُ أَفْضَلَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ شِيعَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ وَالنَّوَاصِبُ أَفْضَلَ مِنْ شِيعَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ وَالرَّوَافِضِ .
وَأَيُّهُمَا كَانَ لَزِمَ فَسَادُ مَذْهَبِ
الرَّافِضَةِ ; فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا أَكْمَلُ
[ ص: 467 ] مِنَ الثَّلَاثَةِ ، وَأَنَّ شِيعَتَهُ الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ أَفْضَلُ مِنَ الَّذِينَ بَايَعُوا الثَّلَاثَةَ ، فَضْلًا عَنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=33مُعَاوِيَةَ .
وَالْمَعْلُومُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ أَنَّ الْأَمْرَ انْتَظَمَ لِلثَّلَاثَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=33وَلِمُعَاوِيَةَ مَا لَمْ يَنْتَظِمْ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ ، فَكَيْفَ يَكُونُ الْإِمَامُ الْكَامِلُ وَالرَّعِيَّةُ الْكَامِلَةُ - عَلَى رَأْيِهِمْ - أَعْظَمَ اضْطِرَابًا وَأَقَلَّ انْتِظَامًا مِنَ الْإِمَامِ النَّاقِصِ وَالرَّعِيَّةِ النَّاقِصَةِ ؟ بَلْ مِنَ الْكَافِرَةِ وَالْفَاسِقَةِ عَلَى رَأْيِهِمْ ؟
وَلَمْ يَكُنْ فِي أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ مِنَ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالشَّجَاعَةِ وَالْكَرَمِ ، إِلَّا مَا هُوَ دُونَ مَا فِي رَعِيَّةِ الثَّلَاثَةِ . فَلَمْ يَكُونُوا أَصْلَحَ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الدِّينِ .
وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ
لِلشِّيعَةِ إِمَامٌ ذُو سُلْطَانٍ مَعْصُومٌ بِزَعْمِهِمْ أَعْظَمَ مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ، فَإِذَا لَمْ يَسْتَقِيمُوا مَعَهُ كَانُوا أَنْ لَا يَسْتَقِيمُوا مَعَ مَنْ هُوَ دُونَهُ أَوْلَى وَأَحْرَى ، فَعُلِمَ أَنَّهُمْ شَرٌّ وَأَنْقَصُ
[26] مِنْ غَيْرِهِمْ .
وَهُمْ يَقُولُونَ : الْمَعْصُومُ إِنَّمَا وَجَبَتْ عِصْمَتُهُ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنَ اللُّطْفِ بِالْمُكَلَّفِينَ وَالْمَصْلَحَةِ لَهُمْ . فَإِذَا عُلِمَ أَنَّ مَصْلَحَةَ غَيْرِ
الشِّيعَةِ فِي كُلِّ زَمَانٍ خَيْرٌ مِنْ مَصْلَحَةِ
الشِّيعَةِ ، وَاللُّطْفَ لَهُمْ أَعْظَمُ مِنَ اللُّطْفِ
لِلشِّيعَةِ ، عُلِمَ أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ
[27] مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=21385_31309_27028إِثْبَاتِ الْعِصْمَةِ بَاطِلٌ .
وَتَبَيَّنَ حِينَئِذٍ حَاجَةُ الْأَئِمَّةِ إِلَى الْأُمَّةِ ، وَأَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1الصِّدِّيقَ هُوَ الَّذِي قَالَ الْحَقَّ وَأَقَامَ الْعَدْلَ أَكْثَرَ
[28] مِنْ غَيْرِهِ .