فصل
ثم كان صلى الله عليه وسلم ينهض على صدور قدميه وركبتيه معتمدا على فخذيه كما ذكر
[ ص: 233 ] عنه :
وائل nindex.php?page=showalam&ids=3وأبو هريرة ، ولا يعتمد على الأرض بيديه ، وقد ذكر عنه
مالك بن الحويرث أنه (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000270كان لا ينهض حتى يستوي جالسا ) . وهذه هي التي تسمى
nindex.php?page=treesubj&link=1583جلسة الاستراحة .
واختلف الفقهاء فيها: هل هي من سنن الصلاة فيستحب لكل أحد أن يفعلها ، أو ليست من السنن ، وإنما يفعلها من احتاج إليها ؟ على قولين هما روايتان عن
أحمد رحمه الله .
قال
الخلال : رجع أحمد إلى حديث
مالك بن الحويرث في جلسة الاستراحة وقال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=17410يوسف بن موسى ، أن
أبا أمامة سئل عن النهوض فقال : على صدور القدمين على حديث
رفاعة .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=17000ابن عجلان ما يدل على أنه كان ينهض على صدور قدميه ، وقد روي عن عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وسائر من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم لم يذكر هذه الجلسة ، وإنما ذكرت في حديث
أبي حميد ،
ومالك بن الحويرث .
ولو كان هديه صلى الله عليه وسلم فعلها دائما لذكرها كل من وصف صلاته صلى الله عليه وسلم ، ومجرد فعله صلى الله عليه وسلم لها لا يدل على أنها من سنن الصلاة ، إلا إذا علم أنه فعلها على أنها سنة يقتدى به فيها ، وأما إذا قدر أنه
[ ص: 234 ] فعلها للحاجة ، لم يدل على كونها سنة من سنن الصلاة ، فهذا من تحقيق المناط في هذه المسألة .
وكان إذا نهض افتتح القراءة ولم يسكت، كما كان يسكت عند افتتاح الصلاة ، فاختلف الفقهاء : هل هذا موضع استعاذة أم لا؟ بعد اتفاقهم على أنه ليس موضع استفتاح، وفي ذلك قولان، هما روايتان عن
أحمد ، وقد بناهما بعض أصحابه على أن
nindex.php?page=treesubj&link=1563قراءة الصلاة هل هي قراءة واحدة ؟ فيكفي فيها استعاذة واحدة ، أو قراءة كل ركعة مستقلة برأسها .
ولا نزاع بينهم أن
nindex.php?page=treesubj&link=1562الاستفتاح لمجموع الصلاة ،
nindex.php?page=treesubj&link=1563والاكتفاء باستعاذة واحدة أظهر للحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000271كان إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بـ ( nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الحمد لله رب العالمين ) ) ولم يسكت ، وإنما يكفي استعاذة واحدة ؛ لأنه لم يتخلل القراءتين سكوت ، بل تخللهما ذكر ، فهي كالقراءة الواحدة إذا تخللها حمد الله أو تسبيح أو تهليل أو صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، ونحو ذلك .
[ ص: 235 ] وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الثانية كالأولى سواء ، إلا في أربعة أشياء : السكوت ، والاستفتاح ، وتكبيرة الإحرام ، وتطويلها كالأولى ، فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يستفتح ، ولا يسكت ، ولا يكبر للإحرام فيها ، ويقصرها عن الأولى ، فتكون الأولى أطول منها في كل صلاة كما تقدم .
فإذا جلس للتشهد وضع يده اليسرى على فخذه اليسرى ، ووضع يده اليمنى على فخذه اليمنى وأشار بأصبعه السبابة ، وكان لا ينصبها نصبا ، ولا ينيمها ، بل يحنيها شيئا ، ويحركها شيئا ، كما تقدم في حديث وائل بن حجر ، وكان يقبض أصبعين وهما الخنصر والبنصر ، ويحلق حلقة وهي الوسطى مع الإبهام ، ويرفع السبابة يدعو بها ، ويرمي ببصره إليها ، ويبسط الكف اليسرى على الفخذ اليسرى ، ويتحامل عليها .
وأما صفة جلوسه فكما تقدم بين السجدتين سواء ، يجلس على رجله اليسرى وينصب اليمنى . ولم يرو عنه في هذه الجلسة غير هذه الصفة .
وأما حديث
عبد الله بن الزبير رضي الله عنه الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000272أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى ) فهذا في التشهد الأخير كما يأتي وهو أحد الصفتين اللتين رويتا عنه ، ففي " الصحيحين " من حديث
أبي حميد في
nindex.php?page=treesubj&link=32605صفة صلاته صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000273فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب الأخرى ، وإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب اليمنى وقعد على مقعدته ) فذكر
أبو [ ص: 236 ] حميد أنه كان ينصب اليمنى . وذكر
ابن الزبير أنه كان يفرشها ، ولم يقل أحد عنه صلى الله عليه وسلم : إن هذه
nindex.php?page=treesubj&link=32605_1576صفة جلوسه في التشهد الأول ، ولا أعلم أحدا قال به ، بل من الناس من قال : يتورك في التشهدين ، وهذا مذهب
مالك رحمه الله .
ومنهم من قال : يفترش فيهما فينصب اليمنى ، ويفترش اليسرى ويجلس عليها ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رحمه الله ، ومنهم من قال :
nindex.php?page=treesubj&link=1578يتورك في كل تشهد يليه السلام ، ويفترش في غيره ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : ومنهم من قال:
nindex.php?page=treesubj&link=1578يتورك في كل صلاة فيها تشهدان في الأخير منهما؛ فرقا بين الجلوسين ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله .
ومعنى حديث
ابن الزبير رضي الله عنه أنه فرش قدمه اليمنى : أنه كان يجلس في هذا الجلوس على مقعدته ، فتكون قدمه اليمنى مفروشة ، وقدمه اليسرى بين فخذه وساقه ، ومقعدته على الأرض ، فوقع الاختلاف في قدمه اليمنى في هذا الجلوس ، هل كانت مفروشة أو منصوبة ؟ وهذا - والله أعلم - ليس اختلافا في الحقيقة ، فإنه كان لا يجلس على قدمه ، بل يخرجها عن يمينه فتكون بين المنصوبة والمفروشة ، فإنها تكون على باطنها الأيمن ، فهي مفروشة بمعنى أنه ليس ناصبا لها جالسا على عقبه ، ومنصوبة بمعنى أنه ليس جالسا على باطنها، وظهرها إلى الأرض ، فصح قول
أبي حميد ومن معه ، وقول
عبد الله بن الزبير ، أو يقال : إنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل هذا وهذا ، فكان ينصب قدمه وربما فرشها أحيانا ، وهذا أروح لها . والله أعلم .
ثم كان صلى الله عليه وسلم يتشهد دائما في هذه الجلسة ، ويعلم أصحابه أن يقولوا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000274التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) .
[ ص: 237 ] وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث
أبي الزبير عن
جابر قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000275nindex.php?page=treesubj&link=1550_1554كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن ، بسم الله وبالله ، التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أسأل الله الجنة ، وأعوذ بالله من النار ) .
ولم تجئ
nindex.php?page=treesubj&link=1554_1550التسمية في أول التشهد إلا في هذا الحديث ، وله علة غير عنعنة
أبي الزبير .
وكان صلى الله عليه وسلم يخفف هذا التشهد جدا حتى كأنه على الرضف - وهي الحجارة المحماة - ولم ينقل عنه في حديث قط أنه صلى عليه وعلى آله في هذا التشهد ، ولا كان أيضا يستعيذ فيه من عذاب القبر وعذاب النار ، وفتنة المحيا والممات ، وفتنة المسيح الدجال ، ومن استحب ذلك فإنما فهمه من عمومات وإطلاقات قد صح تبيين موضعها وتقييدها بالتشهد الأخير .
ثم كان ينهض مكبرا على صدور قدميه وعلى ركبتيه معتمدا على فخذه كما تقدم ، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله
[ ص: 238 ] عنهما أنه كان يرفع يديه في هذا الموضع ، وهي في بعض طرق
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا ، على أن هذه الزيادة ليست متفقا عليها في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، فأكثر رواته لا يذكرونها ، وقد جاء ذكرها مصرحا به في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي قال : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000276كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ، ثم رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ويقيم كل عضو في موضعه ، ثم يقرأ ، ثم يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثم يركع ويضع راحتيه على ركبتيه معتدلا لا يصوب رأسه ولا يقنع به ، ثم يقول : سمع الله لمن حمده ، ويرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، حتى يقر كل عظم إلى موضعه ، ثم يهوي إلى الأرض ، ويجافي يديه عن جنبيه ، ثم يرفع رأسه ، ويثني رجله فيقعد عليها ، ويفتخ أصابع رجليه إذا سجد ، ثم يكبر ويجلس على رجله اليسرى ، حتى يرجع كل عظم إلى موضعه ، ثم يقوم فيصنع في الأخرى مثل ذلك ، ثم إذا قام من الركعتين رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما يصنع عند افتتاح الصلاة ، ثم يصلي بقية صلاته هكذا ، حتى إذا كانت السجدة التي فيها التسليم ، أخرج رجليه وجلس على شقه الأيسر متوركا ) .
هذا سياق
أبي [ ص: 239 ] حاتم في " صحيحه " وهو في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " أيضا ، وقد ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مصححا له من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه في هذه المواطن أيضا .
ثم كان يقرأ الفاتحة وحدها ، ولم يثبت عنه أنه قرأ في الركعتين الأخريين بعد الفاتحة شيئا ، وقد ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في أحد قوليه وغيره إلى استحباب
nindex.php?page=treesubj&link=1566القراءة بما زاد على الفاتحة في الأخريين ، واحتج لهذا القول بحديث
أبي سعيد الذي في " الصحيح " : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000277حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر في الركعتين الأوليين قدر قراءة ( الم تنزيل ) السجدة ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك ، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الركعتين الأخريين من الظهر ، وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك ) .
وحديث
أبي قتادة المتفق عليه ظاهر في الاقتصار على فاتحة الكتاب في الركعتين الأخريين .
قال أبو قتادة رضي الله عنه : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000278وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ، ويسمعنا الآية أحيانا ) .
زاد
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : ويقرأ في الأخريين بفاتحة الكتاب ، والحديثان غير
[ ص: 240 ] صريحين في محل النزاع .
وأما حديث
أبي سعيد ، فإنما هو حزر منهم وتخمين ، ليس إخبارا عن تفسير نفس فعله صلى الله عليه وسلم .
وأما حديث
أبي قتادة ، فيمكن أن يراد به أنه كان يقتصر على الفاتحة ، وأن يراد به أنه لم يكن يخل بها في الركعتين الأخريين ، بل كان يقرؤها فيهما كما كان يقرؤها في الأوليين ، فكان يقرأ الفاتحة في كل ركعة ، وإن كان حديث
أبي قتادة في الاقتصار أظهر ، فإنه في معرض التقسيم ، فإذا قال : كان يقرأ في الأوليين بالفاتحة والسورة ، وفي الأخريين بالفاتحة ، كان كالتصريح في اختصاص كل قسم بما ذكر فيه ، وعلى هذا فيمكن أن يقال : إن هذا أكثر فعله ، وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشيء فوق الفاتحة كما دل عليه حديث
أبي سعيد ، وهذا كما أن هديه صلى الله عليه وسلم كان
nindex.php?page=treesubj&link=857تطويل القراءة في الفجر ، وكان يخففها أحيانا ،
nindex.php?page=treesubj&link=889وتخفيف القراءة في المغرب ، وكان يطيلها أحيانا ، وترك
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555القنوت في الفجر ، وكان يقنت فيها أحيانا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568والإسرار في الظهر والعصر بالقراءة ، وكان يسمع الصحابة الآية فيها أحيانا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567وترك الجهر بالبسملة ، وكان يجهر بها أحيانا .
والمقصود أنه كان يفعل في الصلاة شيئا أحيانا لعارض لم يكن من فعله الراتب ، ومن هذا لما بعث صلى الله عليه وسلم فارسا طليعة ، ثم قام إلى الصلاة وجعل
[ ص: 241 ] يلتفت في الصلاة إلى الشعب الذي يجيء منه الطليعة ، ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=treesubj&link=26612الالتفات في الصلاة ، وفي " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000279سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الالتفات في الصلاة ؟ فقال : ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب nindex.php?page=hadith&LINKID=16000280عن أنس رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا بني، إياك والالتفات في الصلاة ، فإن الالتفات في الصلاة هلكة ، فإن كان ولا بد ففي التطوع ، لا في الفرض ) ولكن للحديث علتان
إحداهما : إن رواية
سعيد عن
أنس لا تعرف .
الثانية : إن في طريقه
nindex.php?page=showalam&ids=16621علي بن زيد بن جدعان ، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار في مسنده من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9228يوسف بن عبد الله بن سلام عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000281لا صلاة للملتفت ) .
فأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000282إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلحظ [ ص: 242 ] في الصلاة يمينا وشمالا ، ولا يلوي عنقه خلف ظهره " فهذا حديث لا يثبت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فيه : حديث غريب . ولم يزد .
وقال
الخلال : أخبرني
الميموني أن
أبا عبد الله قيل له : إن بعض الناس أسند أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة . فأنكر ذلك إنكارا شديدا حتى تغير وجهه، وتغير لونه وتحرك بدنه ، ورأيته في حال ما رأيته في حال قط أسوأ منها ، وقال : النبي صلى الله عليه وسلم كان يلاحظ في الصلاة ؟ ! يعني أنه أنكر ذلك ، وأحسبه قال : ليس له إسناد ، وقال : من روى هذا ؟ إنما هذا من
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، ثم قال لي بعض أصحابنا : إن
أبا عبد الله وهن حديث
سعيد هذا وضعف إسناده ، وقال : إنما هو عن رجل عن
سعيد ، وقال
عبد الله بن أحمد : حدثت أبي بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=15712حسان بن إبراهيم عن
عبد الملك الكوفي قال : سمعت
العلاء قال : سمعت
مكحولا يحدث عن
أبي أمامة وواثلة : (
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة لم يلتفت يمينا ولا شمالا ، ورمى ببصره في موضع سجوده ) فأنكره جدا وقال : اضرب عليه .
فأحمد رحمه الله أنكر هذا وهذا ، وكان إنكاره للأول أشد ؛ لأنه باطل سندا ومتنا .
والثاني : إنما أنكر سنده ، وإلا فمتنه غير منكر ، والله أعلم .
ولو ثبت الأول لكان حكاية فعل فعله ، لعله كان لمصلحة تتعلق
[ ص: 243 ] بالصلاة ككلامه عليه السلام هو
وأبو بكر وعمر وذو اليدين في الصلاة لمصلحتها أو لمصلحة المسلمين ، كالحديث الذي رواه
أبو داود عن
أبي كبشة السلولي عن
سهل بن الحنظلية قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000284ثوب بالصلاة يعني صلاة الصبح ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب .
قال
أبو داود : يعني وكان أرسل فارسا إلى الشعب من الليل يحرس ، فهذا الالتفات من الاشتغال بالجهاد في الصلاة ، وهو يدخل في مداخل العبادات كصلاة الخوف ، وقريب منه قول
عمر : إني لأجهز جيشي وأنا في الصلاة . فهذا جمع بين الجهاد والصلاة . ونظيره
nindex.php?page=treesubj&link=18648_25353التفكر في معاني القرآن واستخراج كنوز العلم منه في الصلاة ، فهذا جمع بين الصلاة والعلم ، فهذا لون ، والتفات الغافلين اللاهين وأفكارهم لون آخر ، وبالله التوفيق .
nindex.php?page=treesubj&link=32605_31001فهديه الراتب صلى الله عليه وسلم إطالة الركعتين الأوليين من الرباعية على الأخريين ، وإطالة الأولى من الأوليين على الثانية ، ولهذا قال
سعد لعمر : أما أنا فأطيل في الأوليين ، وأحذف في الأخريين ، ولا آلو أن أقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وكذلك
nindex.php?page=treesubj&link=31001_32605كان هديه صلى الله عليه وسلم إطالة صلاة الفجر على سائر الصلوات كما تقدم .
قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000285فرض الله الصلاة ركعتين ركعتين ، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد في صلاة الحضر إلا الفجر ، فإنها أقرت على حالها من أجل طول القراءة ، والمغرب لأنها وتر النهار ) رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم بن حبان في " صحيحه "
[ ص: 244 ] وأصله في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " .
وهذا كان هديه صلى الله عليه وسلم في سائر صلاته؛ إطالة أولها على آخرها كما فعل في الكسوف ، وفي قيام الليل لما صلى ركعتين طويلتين ، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، ثم ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ، حتى أتم صلاته .
ولا يناقض هذا
nindex.php?page=treesubj&link=32839افتتاحه صلى الله عليه وسلم صلاة الليل بركعتين خفيفتين وأمره بذلك ، لأن هاتين الركعتين مفتاح قيام الليل ، فهما بمنزلة سنة الفجر وغيرها ، وكذلك الركعتان اللتان كان يصليهما أحيانا بعد وتره تارة جالسا وتارة قائما مع قوله : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000286اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) فإن هاتين الركعتين لا تنافيان هذا الأمر ، كما أن المغرب وتر للنهار ، وصلاة السنة شفعا بعدها لا يخرجها عن كونها وترا للنهار ، وكذلك الوتر لما كان عبادة مستقلة وهو وتر الليل كانت الركعتان بعده جاريتين مجرى سنة المغرب من المغرب ، ولما كان المغرب فرضا كانت محافظته عليه السلام على سنتها أكثر من محافظته على سنة الوتر ، وهذا على أصل من يقول
nindex.php?page=treesubj&link=1232بوجوب الوتر ظاهر جدا ، وسيأتي مزيد كلام في هاتين الركعتين إن شاء الله تعالى ، وهي مسألة شريفة لعلك لا تراها في مصنف وبالله التوفيق .
[ ص: 245 ]
فَصْلٌ
ثُمَّ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَرُكْبَتَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى فَخِذَيْهِ كَمَا ذَكَرَ
[ ص: 233 ] عَنْهُ :
وائل nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبُو هُرَيْرَةَ ، وَلَا يَعْتَمِدُ عَلَى الْأَرْضِ بِيَدَيْهِ ، وَقَدْ ذَكَرَ عَنْهُ
مالك بن الحويرث أَنَّهُ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000270كَانَ لَا يَنْهَضُ حَتَّى يَسْتَوِيَ جَالِسًا ) . وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تُسَمَّى
nindex.php?page=treesubj&link=1583جِلْسَةَ الِاسْتِرَاحَةِ .
وَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا: هَلْ هِيَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ فَيُسْتَحَبُّ لِكُلِّ أَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَهَا ، أَوْ لَيْسَتْ مِنَ السُّنَنِ ، وَإِنَّمَا يَفْعَلُهَا مَنِ احْتَاجَ إِلَيْهَا ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ
أحمد رَحِمَهُ اللَّهُ .
قَالَ
الخلال : رَجَعَ أَحْمَدُ إِلَى حَدِيثِ
مالك بن الحويرث فِي جِلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ وَقَالَ : أَخْبَرَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17410يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، أَنَّ
أبا أمامة سُئِلَ عَنِ النُّهُوضِ فَقَالَ : عَلَى صُدُورِ الْقَدَمَيْنِ عَلَى حَدِيثِ
رفاعة .
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=17000ابْنِ عَجْلَانَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَنْهَضُ عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَسَائِرُ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْجِلْسَةَ ، وَإِنَّمَا ذُكِرَتْ فِي حَدِيثِ
أبي حميد ،
ومالك بن الحويرث .
وَلَوْ كَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَهَا دَائِمًا لَذَكَرَهَا كُلُّ مَنْ وَصَفَ صَلَاتَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمُجَرَّدُ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا مِنْ سُنَنِ الصُّلَاةِ ، إِلَّا إِذَا عُلِمَ أَنَّهُ فَعَلَهَا عَلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ يُقْتَدَى بِهِ فِيهَا ، وَأَمَّا إِذَا قُدِّرَ أَنَّهُ
[ ص: 234 ] فَعَلَهَا لِلْحَاجَةِ ، لَمْ يَدُلَّ عَلَى كَوْنِهَا سُنَّةً مِنْ سُنَنِ الصَّلَاةِ ، فَهَذَا مِنْ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ .
وَكَانَ إِذَا نَهَضَ افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ وَلَمْ يَسْكُتْ، كَمَا كَانَ يَسْكُتُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، فَاخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ : هَلْ هَذَا مَوْضِعُ اسْتِعَاذَةٍ أَمْ لَا؟ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ اسْتِفْتَاحٍ، وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، هُمَا رِوَايَتَانِ عَنْ
أحمد ، وَقَدْ بَنَاهُمَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1563قِرَاءَةَ الصَّلَاةِ هَلْ هِيَ قِرَاءَةٌ وَاحِدَةٌ ؟ فَيَكْفِي فِيهَا اسْتِعَاذَةٌ وَاحِدَةٌ ، أَوْ قِرَاءَةُ كُلِّ رَكْعَةٍ مُسْتَقِلَّةٌ بِرَأْسِهَا .
وَلَا نِزَاعَ بَيْنَهُمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1562الِاسْتِفْتَاحَ لِمَجْمُوعِ الصَّلَاةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1563وَالِاكْتِفَاءَ بِاسْتِعَاذَةٍ وَاحِدَةٍ أَظْهَرُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000271كَانَ إِذَا نَهَضَ مِنَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ اسْتَفْتَحَ الْقِرَاءَةَ بِـ ( nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=2الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) ) وَلَمْ يَسْكُتْ ، وَإِنَّمَا يَكْفِي اسْتِعَاذَةٌ وَاحِدَةٌ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَخَلَّلِ الْقِرَاءَتَيْنِ سُكُوتٌ ، بَلْ تَخَلَّلَهُمَا ذِكْرٌ ، فَهِيَ كَالْقِرَاءَةِ الْوَاحِدَةِ إِذَا تَخَلَّلَهَا حَمْدُ اللَّهِ أَوْ تَسْبِيحٌ أَوْ تَهْلِيلٌ أَوْ صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْوُ ذَلِكَ .
[ ص: 235 ] وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الثَّانِيَةَ كَالْأُولَى سَوَاءً ، إِلَّا فِي أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : السُّكُوتِ ، وَالِاسْتِفْتَاحِ ، وَتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ ، وَتَطْوِيلِهَا كَالْأُولَى ، فَإِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَسْتَفْتِحُ ، وَلَا يَسْكُتُ ، وَلَا يُكَبِّرُ لِلْإِحْرَامِ فِيهَا ، وَيَقْصِرُهَا عَنِ الْأُولَى ، فَتَكُونُ الْأُولَى أَطْوَلَ مِنْهَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ كَمَا تَقَدَّمَ .
فَإِذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ وَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى ، وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَأَشَارَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ ، وَكَانَ لَا يَنْصِبُهَا نَصْبًا ، وَلَا يُنِيمُهَا ، بَلْ يَحْنِيهَا شَيْئًا ، وَيُحَرِّكُهَا شَيْئًا ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ ، وَكَانَ يَقْبِضُ أُصْبُعَيْنِ وَهُمَا الْخِنْصِرُ وَالْبِنْصِرُ ، وَيُحَلِّقُ حَلْقَةً وَهِيَ الْوُسْطَى مَعَ الْإِبْهَامِ ، وَيَرْفَعُ السَّبَّابَةَ يَدْعُو بِهَا ، وَيَرْمِي بِبَصَرِهِ إِلَيْهَا ، وَيَبْسُطُ الْكَفَّ الْيُسْرَى عَلَى الْفَخِذِ الْيُسْرَى ، وَيَتَحَامَلُ عَلَيْهَا .
وَأَمَّا صِفَةُ جُلُوسِهِ فَكَمَا تَقَدَّمَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ سَوَاءٌ ، يَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ الْيُمْنَى . وَلَمْ يُرْوَ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ غَيْرُ هَذِهِ الصِّفَةِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
عبد الله بن الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الَّذِي رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فِي " صَحِيحِهِ " (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000272أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَعَدَ فِي الصَّلَاةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ) فَهَذَا فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ أَحَدُ الصِّفَتَيْنِ اللَّتَيْنِ رُوِيَتَا عَنْهُ ، فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ حَدِيثِ
أبي حميد فِي
nindex.php?page=treesubj&link=32605صِفَةِ صَلَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000273فَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ جَلَسَ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْأُخْرَى ، وَإِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَنَصَبَ الْيُمْنَى وَقَعَدَ عَلَى مَقْعَدَتِهِ ) فَذَكَرَ
أبو [ ص: 236 ] حميد أَنَّهُ كَانَ يَنْصِبُ الْيُمْنَى . وَذَكَرَ
ابن الزبير أَنَّهُ كَانَ يَفْرِشُهَا ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ هَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=32605_1576صِفَةُ جُلُوسِهِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ ، وَلَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَ بِهِ ، بَلْ مِنَ النَّاسِ مَنْ قَالَ : يَتَوَرَّكُ فِي التَّشَهُّدَيْنِ ، وَهَذَا مَذْهَبُ
مالك رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : يَفْتَرِشُ فِيهِمَا فَيَنْصِبُ الْيُمْنَى ، وَيَفْتَرِشُ الْيُسْرَى وَيَجْلِسُ عَلَيْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=1578يَتَوَرَّكُ فِي كُلِّ تَشَهُّدٍ يَلِيهِ السَّلَامُ ، وَيَفْتَرِشُ فِي غَيْرِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=1578يَتَوَرَّكُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ فِيهَا تَشَهُّدَانِ فِي الْأَخِيرِ مِنْهُمَا؛ فَرْقًا بَيْنَ الْجُلُوسَيْنِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251الْإِمَامِ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ .
وَمَعْنَى حَدِيثِ
ابن الزبير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ فَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى : أَنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ فِي هَذَا الْجُلُوسِ عَلَى مَقْعَدَتِهِ ، فَتَكُونُ قَدَمُهُ الْيُمْنَى مَفْرُوشَةً ، وَقَدَمُهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ ، وَمَقْعَدَتُهُ عَلَى الْأَرْضِ ، فَوَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي قَدَمِهِ الْيُمْنَى فِي هَذَا الْجُلُوسِ ، هَلْ كَانَتْ مَفْرُوشَةً أَوْ مَنْصُوبَةً ؟ وَهَذَا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - لَيْسَ اخْتِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ ، فَإِنَّهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ عَلَى قَدَمِهِ ، بَلْ يُخْرِجُهَا عَنْ يَمِينِهِ فَتَكُونُ بَيْنَ الْمَنْصُوبَةِ وَالْمَفْرُوشَةِ ، فَإِنَّهَا تَكُونُ عَلَى بَاطِنِهَا الْأَيْمَنِ ، فَهِيَ مَفْرُوشَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ نَاصِبًا لَهَا جَالِسًا عَلَى عَقِبِهِ ، وَمَنْصُوبَةٌ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ جَالِسًا عَلَى بَاطِنِهَا، وَظَهْرُهَا إِلَى الْأَرْضِ ، فَصَحَّ قَوْلُ
أبي حميد وَمَنْ مَعَهُ ، وَقَوْلُ
عبد الله بن الزبير ، أَوْ يُقَالُ : إِنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ هَذَا وَهَذَا ، فَكَانَ يَنْصِبُ قَدَمَهُ وَرُبَّمَا فَرَشَهَا أَحْيَانًا ، وَهَذَا أَرْوَحُ لَهَا . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ كَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَشَهَّدُ دَائِمًا فِي هَذِهِ الْجِلْسَةِ ، وَيُعَلِّمُ أَصْحَابَهُ أَنْ يَقُولُوا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000274التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ) .
[ ص: 237 ] وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ
أبي الزبير عَنْ
جابر قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000275nindex.php?page=treesubj&link=1550_1554كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا التَّشَهُّدَ كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ الْقُرْآنِ ، بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللِّهِ ، التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيَّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، أَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ ) .
وَلَمْ تَجِئِ
nindex.php?page=treesubj&link=1554_1550التَّسْمِيَةُ فِي أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَلَهُ عِلَّةٌ غَيْرُ عَنْعَنَةِ
أبي الزبير .
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَفِّفُ هَذَا التَّشَهُّدَ جِدًّا حَتَّى كَأَنَّهُ عَلَى الرَّضْفِ - وَهِيَ الْحِجَارَةُ الْمُحْمَاةُ - وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ فِي حَدِيثٍ قَطُّ أَنَّهُ صَلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ فِي هَذَا التَّشَهُّدِ ، وَلَا كَانَ أَيْضًا يَسْتَعِيذُ فِيهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ النَّارِ ، وَفِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ ، وَفِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ ، وَمَنِ اسْتَحَبَّ ذَلِكَ فَإِنَّمَا فَهِمَهُ مِنْ عُمُومَاتٍ وَإِطْلَاقَاتٍ قَدْ صَحَّ تَبْيِينُ مَوْضِعِهَا وَتَقْيِيدُهَا بِالتَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ .
ثُمَّ كَانَ يَنْهَضُ مُكَبِّرًا عَلَى صُدُورِ قَدَمَيْهِ وَعَلَى رُكْبَتَيْهِ مُعْتَمِدًا عَلَى فَخِذِهِ كَمَا تَقَدَّمَ ، وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم فِي " صَحِيحِهِ " مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رَضِيَ اللَّهُ
[ ص: 238 ] عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، وَهِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَيْضًا ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ مُتَّفَقًا عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، فَأَكْثَرُ رُوَاتِهِ لَا يَذْكُرُونَهَا ، وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُهَا مُصَرَّحًا بِهِ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=187أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000276كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ كَبَّرَ ، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، وَيُقِيمُ كُلَّ عُضْوٍ فِي مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ يَقْرَأُ ، ثُمَّ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، ثُمَّ يَرْكَعُ وَيَضَعُ رَاحَتَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ مُعْتَدِلًا لَا يُصَوِّبُ رَأْسَهُ وَلَا يُقْنِعُ بِهِ ، ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ ، حَتَّى يَقَرَّ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ يَهْوِي إِلَى الْأَرْضِ ، وَيُجَافِي يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ ، ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ، وَيَثْنِي رِجْلَهُ فَيَقْعُدُ عَلَيْهَا ، وَيَفْتَخُ أَصَابِعَ رِجْلَيْهِ إِذَا سَجَدَ ، ثُمَّ يُكَبِّرُ وَيَجْلِسُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى ، حَتَّى يَرْجِعَ كُلُّ عَظْمٍ إِلَى مَوْضِعِهِ ، ثُمَّ يَقُومُ فَيَصْنَعُ فِي الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ، ثُمَّ إِذَا قَامَ مِنَ الرَّكْعَتَيْنِ رَفَعَ يَدَيْهِ حَتَى يُحَاذِيَ بِهِمَا مَنْكِبَيْهِ كَمَا يَصْنَعُ عِنْدَ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ ، ثُمَّ يُصَلِّي بَقِيَّةَ صَلَاتِهِ هَكَذَا ، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِيهَا التَّسْلِيمُ ، أَخْرَجَ رِجْلَيْهِ وَجَلَسَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ مُتَوَرِّكًا ) .
هَذَا سِيَاقُ
أبي [ ص: 239 ] حاتم فِي " صَحِيحِهِ " وَهُوَ فِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم " أَيْضًا ، وَقَدْ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مُصَحِّحًا لَهُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ أَيْضًا .
ثُمَّ كَانَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ وَحْدَهَا ، وَلَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ أَنَّهُ قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ شَيْئًا ، وَقَدْ ذَهَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَغَيْرُهُ إِلَى اسْتِحْبَابِ
nindex.php?page=treesubj&link=1566الْقِرَاءَةِ بِمَا زَادَ عَلَى الْفَاتِحَةِ فِي الْأُخْرَيَيْنِ ، وَاحْتَجَّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِحَدِيثِ
أبي سعيد الَّذِي فِي " الصَّحِيحِ " : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000277حَزَرْنَا قِيَامَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الظُّهْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ قِرَاءَةِ ( الم تَنْزِيلُ ) السَّجْدَةِ ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ قَدْرَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ، وَحَزَرْنَا قِيَامَهُ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى قَدْرِ قِيَامِهِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الظُّهْرِ ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ ) .
وَحَدِيثُ
أبي قتادة الْمُتَّفَقُ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى فَاتِحَةِ الْكِتَابِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ .
قَالَ أَبُو قَتَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000278وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي بِنَا فَيَقْرَأُ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَتَيْنِ ، وَيُسْمِعُنَا الْآيَةَ أَحْيَانًا ) .
زَادَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم : وَيَقْرَأُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ ، وَالْحَدِيثَانِ غَيْرُ
[ ص: 240 ] صَرِيحَيْنِ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
أبي سعيد ، فَإِنَّمَا هُوَ حَزْرٌ مِنْهُمْ وَتَخْمِينٌ ، لَيْسَ إِخْبَارًا عَنْ تَفْسِيرِ نَفْسِ فِعْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَأَمَّا حَدِيثُ
أبي قتادة ، فَيُمْكِنُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقْتَصِرُ عَلَى الْفَاتِحَةِ ، وَأَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُخِلُّ بِهَا فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ ، بَلْ كَانَ يَقْرَؤُهَا فِيهِمَا كَمَا كَانَ يَقْرَؤُهَا فِي الْأُولَيَيْنِ ، فَكَانَ يَقْرَأُ الْفَاتِحَةَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ
أبي قتادة فِي الِاقْتِصَارِ أَظْهَرَ ، فَإِنَّهُ فِي مَعْرِضِ التَّقْسِيمِ ، فَإِذَا قَالَ : كَانَ يَقْرَأُ فِي الْأُولَيَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ ، وَفِي الْأُخْرَيَيْنِ بِالْفَاتِحَةِ ، كَانَ كَالتَّصْرِيحِ فِي اخْتِصَاصِ كُلِّ قِسْمٍ بِمَا ذُكِرَ فِيهِ ، وَعَلَى هَذَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ هَذَا أَكْثَرُ فِعْلِهِ ، وَرُبَّمَا قَرَأَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُخْرَيَيْنِ بِشَيْءٍ فَوْقَ الْفَاتِحَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ
أبي سعيد ، وَهَذَا كَمَا أَنَّ هَدْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=857تَطْوِيلَ الْقِرَاءَةِ فِي الْفَجْرِ ، وَكَانَ يُخَفِّفُهَا أَحْيَانًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=889وَتَخْفِيفَ الْقِرَاءَةِ فِي الْمَغْرِبِ ، وَكَانَ يُطِيلُهَا أَحْيَانًا ، وَتَرْكَ
nindex.php?page=treesubj&link=858_1555الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ ، وَكَانَ يَقْنُتُ فِيهَا أَحْيَانًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568وَالْإِسْرَارَ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِالْقِرَاءَةِ ، وَكَانَ يُسْمِعُ الصَّحَابَةَ الْآيَةَ فِيهَا أَحْيَانًا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1564_1567وَتَرْكَ الْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ ، وَكَانَ يَجْهَرُ بِهَا أَحْيَانًا .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ فِي الصَّلَاةِ شَيْئًا أَحْيَانًا لِعَارِضٍ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِهِ الرَّاتِبِ ، وَمِنْ هَذَا لَمَّا بَعَثَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَارِسًا طَلِيعَةً ، ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَجَعَلَ
[ ص: 241 ] يَلْتَفِتُ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الشِّعْبِ الَّذِي يَجِيءُ مِنْهُ الطَّلِيعَةُ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْ هَدْيِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=26612الِالْتِفَاتُ فِي الصَّلَاةِ ، وَفِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000279سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الِالْتِفَاتِ فِي الصَّلَاةِ ؟ فَقَالَ : ( هُوَ اخْتِلَاسٌ يَخْتَلِسُهُ الشَّيْطَانُ مِنْ صَلَاةِ الْعَبْدِ ) .
وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ nindex.php?page=hadith&LINKID=16000280عَنْ أنس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَالِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ ، فَإِنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ هَلَكَةٌ ، فَإِنْ كَانَ وَلَا بُدَّ فَفِي التَّطَوُّعِ ، لَا فِي الْفَرْضِ ) وَلَكِنْ لِلْحَدِيثِ عِلَّتَانِ
إِحْدَاهُمَا : إِنَّ رِوَايَةَ
سعيد عَنْ
أنس لَا تُعْرَفُ .
الثَّانِيَةُ : إِنَّ فِي طَرِيقِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=16621عَلِيَّ بْنَ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، وَقَدْ ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=9228يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000281لَا صَلَاةَ لِلْمُلْتَفِتِ ) .
فَأَمَّا حَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000282إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَلْحَظُ [ ص: 242 ] فِي الصَّلَاةِ يَمِينًا وَشِمَالًا ، وَلَا يَلْوِي عُنُقَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ " فَهَذَا حَدِيثٌ لَا يَثْبُتُ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي فِيهِ : حَدِيثٌ غَرِيبٌ . وَلَمْ يَزِدْ .
وَقَالَ
الخلال : أَخْبَرَنِي
الميموني أَنَّ
أبا عبد الله قِيلَ لَهُ : إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ أَسْنَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُلَاحِظُ فِي الصَّلَاةِ . فَأَنْكَرَ ذَلِكَ إِنْكَارًا شَدِيدًا حَتَّى تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَتَحَرَّكَ بَدَنُهُ ، وَرَأَيْتُهُ فِي حَالٍ مَا رَأَيْتُهُ فِي حَالٍ قَطُّ أَسْوَأَ مِنْهَا ، وَقَالَ : النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُلَاحِظُ فِي الصَّلَاةِ ؟ ! يَعْنِي أَنَّهُ أَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَأَحْسَبُهُ قَالَ : لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ ، وَقَالَ : مَنْ رَوَى هَذَا ؟ إِنَّمَا هَذَا مِنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، ثُمَّ قَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا : إِنَّ
أبا عبد الله وَهَّنَ حَدِيثَ
سعيد هَذَا وَضَعَّفَ إِسْنَادَهُ ، وَقَالَ : إِنَّمَا هُوَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ
سعيد ، وَقَالَ
عبد الله بن أحمد : حَدَّثْتُ أَبِي بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=15712حَسَّانَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
عبد الملك الكوفي قَالَ : سَمِعْتُ
العلاء قَالَ : سَمِعْتُ
مكحولا يُحَدِّثُ عَنْ
أبي أمامة وواثلة : (
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ لَمْ يَلْتَفِتْ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا ، وَرَمَى بِبَصَرِهِ فِي مَوْضِعِ سُجُودِهِ ) فَأَنْكَرَهُ جِدًّا وَقَالَ : اضْرِبْ عَلَيْهِ .
فأحمد رَحِمَهُ اللَّهُ أَنْكَرَ هَذَا وَهَذَا ، وَكَانَ إِنْكَارُهُ لِلْأَوَّلِ أَشَدَّ ؛ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ سَنَدًا وَمَتْنًا .
وَالثَّانِي : إِنَّمَا أَنْكَرَ سَنَدُهُ ، وَإِلَّا فَمَتْنُهُ غَيْرُ مُنْكَرٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَلَوْ ثَبَتَ الْأَوَّلُ لَكَانَ حِكَايَةَ فِعْلٍ فَعَلَهُ ، لَعَلَّهُ كَانَ لِمَصْلَحَةٍ تَتَعَلَّقُ
[ ص: 243 ] بِالصَّلَاةِ كَكَلَامِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ
وأبو بكر وعمر وذو اليدين فِي الصَّلَاةِ لِمَصْلَحَتِهَا أَوْ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ
أبو داود عَنْ
أبي كبشة السلولي عَنْ
سهل بن الحنظلية قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000284ثُوِّبَ بِالصَّلَاةِ يَعْنِي صَلَاةَ الصُّبْحِ ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى الشِّعْبِ .
قَالَ
أبو داود : يَعْنِي وَكَانَ أَرْسَلَ فَارِسًا إِلَى الشِّعْبِ مِنَ اللَّيْلِ يَحْرُسُ ، فَهَذَا الِالْتِفَاتُ مِنَ الِاشْتِغَالِ بِالْجِهَادِ فِي الصَّلَاةِ ، وَهُوَ يَدْخُلُ فِي مَدَاخِلِ الْعِبَادَاتِ كَصَلَاةِ الْخَوْفِ ، وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ
عمر : إِنِّي لَأُجَهِّزُ جَيْشِي وَأَنَا فِي الصَّلَاةِ . فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ . وَنَظِيرُهُ
nindex.php?page=treesubj&link=18648_25353التَّفَكُّرُ فِي مَعَانِي الْقُرْآنِ وَاسْتِخْرَاجُ كُنُوزِ الْعِلْمِ مِنْهُ فِي الصَّلَاةِ ، فَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالْعِلْمِ ، فَهَذَا لَوْنٌ ، وَالْتِفَاتُ الْغَافِلِينَ اللَّاهِينَ وَأَفْكَارُهُمْ لَوْنٌ آخَرُ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
nindex.php?page=treesubj&link=32605_31001فَهَدْيُهُ الرَّاتِبُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطَالَةُ الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ مِنَ الرُّبَاعِيَّةِ عَلَى الْأُخْرَيَيْنِ ، وَإِطَالَةُ الْأُولَى مِنَ الْأُولَيَيْنِ عَلَى الثَّانِيَةِ ، وَلِهَذَا قَالَ
سعد لعمر : أَمَّا أَنَا فَأُطِيلُ فِي الْأُولَيَيْنِ ، وَأَحْذِفُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ ، وَلَا آلُو أَنْ أَقْتَدِيَ بِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=31001_32605كَانَ هَدْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِطَالَةَ صَلَاةِ الْفَجْرِ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ .
قَالَتْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000285فَرَضَ اللَّهُ الصَّلَاةَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ ، فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زِيدَ فِي صَلَاةِ الْحَضَرِ إِلَّا الْفَجْرَ ، فَإِنَّهَا أُقِرَّتْ عَلَى حَالِهَا مِنْ أَجْلِ طُولِ الْقِرَاءَةِ ، وَالْمَغْرِبَ لِأَنَّهَا وِتْرُ النَّهَارِ ) رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13053أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ فِي " صَحِيحِهِ "
[ ص: 244 ] وَأَصْلُهُ فِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " .
وَهَذَا كَانَ هَدْيَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَائِرِ صَلَاتِهِ؛ إِطَالَةُ أَوَّلِهَا عَلَى آخِرِهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْكُسُوفِ ، وَفِي قِيَامِ اللَّيْلِ لَمَّا صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا ، حَتَّى أَتَمَّ صَلَاتَهُ .
وَلَا يُنَاقِضُ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=32839افْتِتَاحَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ اللَّيْلِ بِرَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وَأَمْرَهُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ مِفْتَاحُ قِيَامِ اللَّيْلِ ، فَهُمَا بِمَنْزِلَةِ سُنَّةِ الْفَجْرِ وَغَيْرِهَا ، وَكَذَلِكَ الرَّكْعَتَانِ اللَّتَانِ كَانَ يُصَلِّيهِمَا أَحْيَانًا بَعْدَ وِتْرِهِ تَارَةً جَالِسًا وَتَارَةً قَائِمًا مَعَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=hadith&LINKID=16000286اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ بِاللَّيْلِ وِتْرًا ) فَإِنَّ هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ لَا تُنَافِيَانِ هَذَا الْأَمْرَ ، كَمَا أَنَّ الْمَغْرِبَ وِتْرٌ لِلنَّهَارِ ، وَصَلَاةُ السُّنَّةِ شَفْعًا بَعْدَهَا لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا وِتْرًا لِلنَّهَارِ ، وَكَذَلِكَ الْوِتْرُ لَمَّا كَانَ عِبَادَةً مُسْتَقِلَّةً وَهُوَ وِتْرُ اللَّيْلِ كَانَتِ الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ جَارِيَتَيْنِ مَجْرَى سُنَّةِ الْمَغْرِبِ مِنَ الْمَغْرِبِ ، وَلَمَّا كَانَ الْمَغْرِبُ فَرْضًا كَانَتْ مُحَافَظَتُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى سُنَّتِهَا أَكْثَرَ مِنْ مُحَافَظَتِهِ عَلَى سُنَّةِ الْوِتْرِ ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مَنْ يَقُولُ
nindex.php?page=treesubj&link=1232بِوُجُوبِ الْوِتْرِ ظَاهِرٌ جِدًّا ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ كَلَامٍ فِي هَاتَيْنِ الرَّكْعَتَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ شَرِيفَةٌ لَعَلَّكَ لَا تَرَاهَا فِي مُصَنَّفٍ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .
[ ص: 245 ]