(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين )
[ ص: 63 ] اعلم أن الله تعالى بعد أن ذكر أمر
إبراهيم عليه السلام وما أجراه على يده من شرائف شرائعه التي ابتلاه بها ، ومن بناء بيته وأمره بحج عباد الله إليه وما جبله الله تعالى عليه من الحرص على مصالح عباده ودعائه بالخير لهم ، وغير ذلك من الأمور التي سلف في هذه الآية السالفة عجب الناس فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130ومن يرغب عن ملة إبراهيم ) والإيمان بما أتى من شرائعه فكان في ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=32429_32416_29254توبيخ اليهود والنصارى ومشركي العرب لأن
اليهود إنما يفتخرون به ويوصلون بالوصلة التي بينهم وبينه من نسب
إسرائيل ،
والنصارى فافتخارهم ليس
بعيسى وهو منتسب من جانب الأم إلى
إسرائيل ، وأما
قريش فإنهم إنما نالوا كل خير في الجاهلية بالبيت الذي بناه فصاروا لذلك يدعون إلى كتاب الله ، وسائر العرب وهم العدنانيون فمرجعهم إلى
إسماعيل وهم يفتخرون على القحطانيين
بإسماعيل بما أعطاه الله تعالى من النبوة ، فرجع عند التحقيق افتخار الكل
بإبراهيم عليه السلام ، ولما ثبت أن
إبراهيم عليه السلام هو الذي طلب من الله تعالى بعثة هذا الرسول في آخر الزمان وهو الذي تضرع إلى الله تعالى في تحصيل هذا المقصود ، فالعجب ممن أعظم مفاخره وفضائله الانتساب إلى
إبراهيم عليه السلام ، ثم إنه لا يؤمن بالرسول الذي هو دعوة
إبراهيم عليه السلام ومطلوبه بالتضرع لا شك أن هذا مما يستحق أن يتعجب منه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ )
[ ص: 63 ] اعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ أَمْرَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَا أَجْرَاهُ عَلَى يَدِهِ مِنْ شَرَائِفِ شَرَائِعِهِ الَّتِي ابْتَلَاهُ بِهَا ، وَمِنْ بِنَاءِ بَيْتِهِ وَأَمْرِهِ بِحَجِّ عِبَادِ اللَّهِ إِلَيْهِ وَمَا جَبَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ مِنَ الْحِرْصِ عَلَى مَصَالِحِ عِبَادِهِ وَدُعَائِهِ بِالْخَيْرِ لَهُمْ ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي سَلَفَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ السَّالِفَةِ عَجَّبَ النَّاسَ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=130وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ) وَالْإِيمَانُ بِمَا أَتَى مِنْ شَرَائِعِهِ فَكَانَ فِي ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=32429_32416_29254تَوْبِيخُ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَمُشْرِكِي الْعَرَبِ لِأَنَّ
الْيَهُودَ إِنَّمَا يَفْتَخِرُونَ بِهِ وَيُوصَلُونَ بِالْوَصْلَةِ الَّتِي بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مِنْ نَسَبِ
إِسْرَائِيلَ ،
وَالنَّصَارَى فَافْتِخَارُهُمْ لَيْسَ
بِعِيسَى وَهُوَ مُنْتَسِبٌ مِنْ جَانِبِ الْأُمِّ إِلَى
إِسْرَائِيلَ ، وَأَمَّا
قُرَيْشٌ فَإِنَّهُمْ إِنَّمَا نَالُوا كُلَّ خَيْرٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بِالْبَيْتِ الَّذِي بَنَاهُ فَصَارُوا لِذَلِكَ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ ، وَسَائِرُ الْعَرَبِ وَهُمُ الْعَدْنَانِيُّونَ فَمَرْجِعُهُمْ إِلَى
إِسْمَاعِيلَ وَهُمْ يَفْتَخِرُونَ عَلَى الْقَحْطَانِيِّينَ
بِإِسْمَاعِيلَ بِمَا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنَ النُّبُوَّةِ ، فَرَجَعَ عِنْدَ التَّحْقِيقِ افْتِخَارُ الْكُلِّ
بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي طَلَبَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بَعْثَةَ هَذَا الرَّسُولِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَهُوَ الَّذِي تَضَرَّعَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْمَقْصُودِ ، فَالْعَجَبُ مِمَّنْ أَعْظَمُ مَفَاخِرِهِ وَفَضَائِلِهِ الِانْتِسَابُ إِلَى
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، ثُمَّ إِنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِالرَّسُولِ الَّذِي هُوَ دَعْوَةُ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَمَطْلُوبُهُ بِالتَّضَرُّعِ لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِمَّا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَعَجَّبَ مِنْهُ .