( فحيث ) بالضم ويجوز الفتح والكسر مع إبدال يائه واوا أو ألفا وهي دالة على المكان حقيقة أو مجازا كما في {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124الله أعلم حيث يجعل رسالته } بتضمين أعلم معنى ما يتعدى إلى الظرف أي الله أنفذ علما حيث يجعل أي هو نافذ العلم في هذا الموضع فاندفع ما قيل يتعين أنها مفعول به على السعة ؛ لأن أفعل التفضيل لا ينصبه لا ظرف لأنه تعالى لا يكون في مكان أعلم منه في مكان ، ولأن المعنى أنه يعلم نفس المكان المستحق لوضع الرسالة لا شيئا في المكان قيل وكما هنا وهو عجيب إذ التقدير فكل مكان من هذا الكتاب (
أقول ) فيه .
وزعم
الأخفش أنها ترد للزمان ( الأظهر أو المشهور
[ ص: 50 ] فمن ) متعلق بالأظهر أو المشهور لكونه كالوصف له أي فأحدهما كائن من جملة ( القولين أو الأقوال فإن قوي الخلاف ) لقوة مدرك غير الراجح منه بظهور دليله وعدم شذوذه وتكافؤ دليلهما في أصل الظهور ، ويمتاز الراجح بأن عليه المعظم أو بكون دليله أوضح ، وقد لا يقع تمييز ( قلت الأظهر ) لإشعاره بظهور مقابله ( وإلا ) يقو مدركه ( فالمشهور ) هو الذي أعبر به لإشعاره بخفاء مقابله ، ويقع للمؤلف تناقض بين كتبه في الترجيح ينشأ عن تغير اجتهاده فليعتن بتحرير ذلك من يريد تحقيق الأشياء على وجهها ( وحيث أقول الأصح أو الصحيح فمن الوجهين أو الأوجه ) ثم إن كانت من واحد فالترجيح بما مر في الأقوال أو من أكثر فهو بترجيح مجتهد آخر ( فإن قوي الخلاف ) بنظير ما مر في الأقوال ( قلت الأصح ) لإشعاره بصحة مقابله وكان المراد بصحته مع الحكم عليه بالضعف ومع استحالة اجتماع حكمين متضادين على موضوع واحد في آن واحد أن مدركه له حظ من النظر بحيث يحتاج في رده إلى غوص على المعاني الدقيقة والأدلة الخفية بخلاف مقابل الصحيح الآتي فإنه ليس كذلك بل يرده الناظر ويستهجنه من أول وهلة
[ ص: 51 ] فكان ذلك صحيحا بالاعتبار المذكور ، وإن كان ضعيفا بالحقيقة لا يجوز العمل به فلم يجتمع حكمان كما ذكر فتأمل ذلك وأعرض عما وقع هنا من إشكالات وأجوبة لا ترضي .
وقد يقع
للمصنف أنه في بعض كتبه يعبر بالأظهر وفي بعضها يعبر عن ذلك بالأصح فإن عرف أن الخلاف أقوال أو أوجه فواضح ، والأرجح الدال على أنه أقوال ؛ لأن مع قائله زيادة علم بنقله عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه بخلاف نافيه عنه ( وإلا ) يقو ( فالصحيح ) هو الذي أعبر به لإشعاره بانتفاء اعتبارات الصحة عن مقابله ، وأنه فاسد ولم يعبر بنظيره في الأقوال بل أثبت لنظيره الخفاء ، وأن القصور في فهمه إنما هو منا فحسب تأدبا مع
nindex.php?page=showalam&ids=13790الإمام الشافعي كما قال وفرقا بين مقام المجتهد المطلق والمقيد فإن قلت إطباقهم هنا على أن التعبير بالصحيح قاض بفساد مقابله يقتضي أن كل ما عبر فيه به لا يسن الخروج من خلافه لأن شرط الخروج ومنه عدم فساده كما صرحوا به وقد صرحوا في مسائل عبروا فيها بالصحيح بسن الخروج من الخلاف فيها قلت يجاب بأن الفساد قد يكون من حيث الاستدلال الذي استدل به لا مطلقا فهو فساد اعتباري وبفرض أنه حقيقي قد يكون بالنسبة لقواعدنا دون قواعد غيرنا ولما ظهر
للمصنف مثلا والذي ظهر لغيره قوته فندب الخروج منه ( وحيث
أقول المذهب فمن الطريقين أو الطرق ) كأن يحكي بعض القطع أي أنه لا نص سواه وبعض قولا أو وجها أو أكثر ، وبعض ذلك أو بعضه أو غيره مطلقا أو باعتبار كما مر ثم الراجح المعبر عنه بالمذهب قد يكون طريق القطع
[ ص: 52 ] أو موافقها من طريق الخلاف أو مخالفها ، لكن قيل الغالب أنه الموافق والاستقراء الناقص المفيد للظن يؤيده .
وربما وقع للمجموع كالعزيز استعمال الطريقين موضع الوجهين وعكسه ( وحيث أقول النص فهو نص ) الإمام القرشي المطلبي الملتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في جده الرابع
عبد مناف محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف ( الشافعي ) نسبة
لشافع المذكور ،
وشافع هذا أسلم هو وأبوه
السائب صاحب راية
قريش يوم
بدر ( رضي الله تعالى عنه ) إمام الأئمة علما وعملا وورعا وزهدا ومعرفة وذكاء وحفظا ونسبا فإنه برع في كل مما ذكر وفاق فيه أكثر من سبقه لا سيما مشايخه
nindex.php?page=showalam&ids=16867كمالك nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة ومشايخهم ، واجتمع له من تلك الأنواع وكثرة الأتباع في أكثر أقطار الأرض .
وتقدم مذهبه وأهله فيها لا سيما في
الحرمين والأرض المقدسة ، وهذه الثلاثة وأهلها أفضل الأرض وأهلها ما لم يجتمع لغيره وهذا هو حكمة تخصيصه في الحديث المعمول به في مثل ذلك ، وزعم وضعه حسد أو غلط فاحش وهو قوله صلى الله عليه وسلم {
عالم قريش يملأ طباق الأرض علما } قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره من أئمة الحديث والفقه نراه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أي لأنه لم يجتمع لقرشي من الشهرة كما ذكر ما اجتمع له فلم ينزل الحديث إلا عليه وكاشف أصحابه بوقائع وقعت بعد موته كما أخبر ورأى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أعطاه ميزانا فأولت له بأن مذهبه أعدل المذاهب وأوفقها للسنة الغراء التي هي أعدل الملل وأوفقها للحكمة العلمية والعملية ولد
بغزة على الأصح سنة خمسين ومائة ثم أجيز بالإفتاء وهو ابن نحو خمس عشرة سنة ، ثم رحل
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك فأقام عنده مدة
[ ص: 53 ] ثم
لبغداد ولقب ناصر السنة لما ناظر أكابرها وظفر عليهم
كمحمد بن الحسن وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف إذ ذاك ميتا ثم بعد عامين رجع
لمكة ثم
لبغداد سنة ثمان وتسعين ثم بعد سنة
لمصر فأقام بها كهفا لأهلها إلى أن تقطب .
ومن الخوارق التي لم يقع نظيرها لمجتهد غيره استنباطه وتحريره لمذهبه الجديد على سعته المفرطة في نحو أربع سنين وتوفي سنة أربع ومائتين بها ، وأريد بعد أزمنة نقله منها
لبغداد فظهر من قبره لما فتح روائح طيبة عطلت الحاضرين عن إحساسهم فتركوه ، وقد أكثر الناس التصانيف في ترجمته حتى بلغت نحو أربعين مصنفا ذكرت خلاصتها في شرح المشكاة وليتنبه لكثير مما في رحلته
للرازي nindex.php?page=showalam&ids=13933كالبيهقي فإن فيها موضوعات كثيرة ( ويكون هناك وجه ) مقابل له ( ضعيف ) لا يعتمد وإن كان في مدركه قوة بالاعتبار السابق ( أو قول ) له بناء على أن المخرج ينسب إليه وفيه خلاف الأصح لا لأنه لو عرض عليه لربما أبدى فارقا إلا مقيدا كما أفاده قوله ( مخرج ) من نصه في نظير المسألة على حكم مخالف بأن ينقل بعض أصحابه نص كل إلى الأخرى فيجتمع في كل منصوص ومخرج ، ثم الراجح إما المخرج وإما المنصوص وإما تقرير النصين والفرق وهو الأغلب ومنه النص في مضغة قال القوابل لو بقيت لتصورت على انقضاء العدة بها ؛ لأن مدارها على تيقن براءة الرحم ، وقد وجد وعدم حصول أمية الولد بها ؛ لأن مدارها على وجود اسم الولد ، ولم يوجد ( وحيث أقول الجديد ) وهو ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه
بمصر ومنه المختصر
nindex.php?page=showalam&ids=13920والبويطي والأم خلافا لمن شذ .
وقيل ما قاله بعد خروجه من
بغداد إلى
مصر ( فالقديم )
[ ص: 54 ] وهو ما قاله قبل دخولها ( خلافه ) ومنه كتابه الحجة ( أو ) أقول ( القديم أو في قول قديم ) لا ينافيه عدم وقوع هذه في كلامه ؛ لأنه لم يذكر أنه قالها بل إن صدرت فهي كسابقها ( فالجديد خلافه ) والعمل عليه إلا في نحو عشرين ، وعبر بعضهم بنيف وثلاثين مسألة يأتي بيان كثير منها ، وأنه لنحو صحة الحديث به عملا بما تواتر عن وصية
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أنه إذا صح الحديث من غير معارض فهو مذهبه ، ولو نص فيه على ما لم ينص عليه في الجديد ، وجب اعتماده ؛ لأنه لم يثبت رجوعه عن هذا بخصوصه ( وحيث أقول وقيل كذا ) فهو وجه ضعيف
( والصحيح أو الأصح خلافه وحيث أقول وفي قول كذا فالراجح خلافه ) وكان تركه لبيان قوة الخلاف وضعفه فيهما لعدم ظهوره له أو لإغراء الطالب على تأمله والبحث عنه ليقوى نظره في المدارك والمآخذ ووصف الوجه بالضعف دون القول تأدبا
( فَحَيْثُ ) بِالضَّمِّ وَيَجُوزُ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ مَعَ إبْدَالِ يَائِهِ وَاوًا أَوْ أَلِفًا وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الْمَكَانِ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا كَمَا فِي {
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=124اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } بِتَضْمِينِ أَعْلَمُ مَعْنَى مَا يَتَعَدَّى إلَى الظَّرْفِ أَيْ اللَّهُ أَنْفَذُ عِلْمًا حَيْثُ يَجْعَلُ أَيْ هُوَ نَافِذُ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَتَعَيَّنُ أَنَّهَا مَفْعُولٌ بِهِ عَلَى السَّعَةِ ؛ لِأَنَّ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ لَا يَنْصِبُهُ لَا ظَرْفٌ لِأَنَّهُ تَعَالَى لَا يَكُونُ فِي مَكَان أَعْلَمَ مِنْهُ فِي مَكَان ، وَلِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَعْلَمُ نَفْسَ الْمَكَانِ الْمُسْتَحِقَّ لِوَضْعِ الرِّسَالَةِ لَا شَيْئًا فِي الْمَكَانِ قِيلَ وَكَمَا هُنَا وَهُوَ عَجِيبٌ إذْ التَّقْدِيرُ فَكُلُّ مَكَان مِنْ هَذَا الْكِتَابِ (
أَقُولُ ) فِيهِ .
وَزَعَمَ
الْأَخْفَشُ أَنَّهَا تَرِدُ لِلزَّمَانِ ( الْأَظْهَرُ أَوْ الْمَشْهُورُ
[ ص: 50 ] فَمِنْ ) مُتَعَلِّقٌ بِالْأَظْهَرِ أَوْ الْمَشْهُورِ لِكَوْنِهِ كَالْوَصْفِ لَهُ أَيْ فَأَحَدُهُمَا كَائِنٌ مِنْ جُمْلَةِ ( الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ ) لِقُوَّةِ مُدْرَكِ غَيْرِ الرَّاجِحِ مِنْهُ بِظُهُورِ دَلِيلِهِ وَعَدَمِ شُذُوذِهِ وَتَكَافُؤِ دَلِيلِهِمَا فِي أَصْلِ الظُّهُورِ ، وَيَمْتَازُ الرَّاجِحُ بِأَنَّ عَلَيْهِ الْمُعْظَمَ أَوْ بِكَوْنِ دَلِيلِهِ أَوْضَحَ ، وَقَدْ لَا يَقَعُ تَمْيِيزٌ ( قُلْت الْأَظْهَرُ ) لِإِشْعَارِهِ بِظُهُورِ مُقَابِلِهِ ( وَإِلَّا ) يَقْوَ مُدْرِكُهُ ( فَالْمَشْهُورُ ) هُوَ الَّذِي أُعَبِّرُ بِهِ لِإِشْعَارِهِ بِخَفَاءِ مُقَابِلِهِ ، وَيَقَعُ لِلْمُؤَلِّفِ تَنَاقُضٌ بَيْنَ كُتُبِهِ فِي التَّرْجِيحِ يَنْشَأُ عَنْ تَغَيُّرِ اجْتِهَادِهِ فَلْيَعْتَنِ بِتَحْرِيرِ ذَلِكَ مَنْ يُرِيدُ تَحْقِيقَ الْأَشْيَاءِ عَلَى وَجْهِهَا ( وَحَيْثُ أَقُولُ الْأَصَحُّ أَوْ الصَّحِيحُ فَمِنْ الْوَجْهَيْنِ أَوْ الْأَوْجُهِ ) ثُمَّ إنْ كَانَتْ مِنْ وَاحِدٍ فَالتَّرْجِيحُ بِمَا مَرَّ فِي الْأَقْوَالِ أَوْ مِنْ أَكْثَرَ فَهُوَ بِتَرْجِيحِ مُجْتَهِدٍ آخَرَ ( فَإِنْ قَوِيَ الْخِلَافُ ) بِنَظِيرِ مَا مَرَّ فِي الْأَقْوَالِ ( قُلْت الْأَصَحُّ ) لِإِشْعَارِهِ بِصِحَّةِ مُقَابِلِهِ وَكَانَ الْمُرَادُ بِصِحَّتِهِ مَعَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالضَّعْفِ وَمَعَ اسْتِحَالَةِ اجْتِمَاعِ حُكْمَيْنِ مُتَضَادَّيْنِ عَلَى مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ فِي آنٍ وَاحِدٍ أَنَّ مُدْرِكَهُ لَهُ حَظٌّ مِنْ النَّظَرِ بِحَيْثُ يَحْتَاجُ فِي رَدِّهِ إلَى غَوْصٍ عَلَى الْمَعَانِي الدَّقِيقَةِ وَالْأَدِلَّةِ الْخَفِيَّةِ بِخِلَافِ مُقَابِلِ الصَّحِيحِ الْآتِي فَإِنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَرُدُّهُ النَّاظِرُ وَيَسْتَهْجِنُهُ مِنْ أَوَّلِ وَهْلَةٍ
[ ص: 51 ] فَكَانَ ذَلِكَ صَحِيحًا بِالِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ ، وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا بِالْحَقِيقَةِ لَا يَجُوزُ الْعَمَلُ بِهِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ حُكْمَانِ كَمَا ذُكِرَ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ وَأَعْرِضْ عَمَّا وَقَعَ هُنَا مِنْ إشْكَالَاتٍ وَأَجْوِبَةٍ لَا تُرْضِي .
وَقَدْ يَقَعُ
لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ فِي بَعْضِ كُتُبِهِ يُعَبِّرُ بِالْأَظْهَرِ وَفِي بَعْضِهَا يُعَبِّرُ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَصَحِّ فَإِنْ عَرَفَ أَنَّ الْخِلَافَ أَقْوَالٌ أَوْ أَوْجُهٌ فَوَاضِحٌ ، وَالْأَرْجَحُ الدَّالُّ عَلَى أَنَّهُ أَقْوَالٌ ؛ لِأَنَّ مَعَ قَائِلِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ بِنَقْلِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِخِلَافِ نَافِيهِ عَنْهُ ( وَإِلَّا ) يَقْوَ ( فَالصَّحِيحُ ) هُوَ الَّذِي أُعَبِّرُ بِهِ لِإِشْعَارِهِ بِانْتِفَاءِ اعْتِبَارَاتِ الصِّحَّةِ عَنْ مُقَابِلِهِ ، وَأَنَّهُ فَاسِدٌ وَلَمْ يُعَبِّرْ بِنَظِيرِهِ فِي الْأَقْوَالِ بَلْ أَثْبَتَ لِنَظِيرِهِ الْخَفَاءَ ، وَأَنَّ الْقُصُورَ فِي فَهْمِهِ إنَّمَا هُوَ مِنَّا فَحَسْبُ تَأَدُّبًا مَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ كَمَا قَالَ وَفَرْقًا بَيْنَ مَقَامِ الْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ فَإِنْ قُلْت إطْبَاقُهُمْ هُنَا عَلَى أَنَّ التَّعْبِيرَ بِالصَّحِيحِ قَاضٍ بِفَسَادِ مُقَابِلِهِ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَا عُبِّرَ فِيهِ بِهِ لَا يُسَنُّ الْخُرُوجُ مِنْ خِلَافِهِ لِأَنَّ شَرْطَ الْخُرُوجِ وَمِنْهُ عَدَمُ فَسَادِهِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَقَدْ صَرَّحُوا فِي مَسَائِلَ عَبَّرُوا فِيهَا بِالصَّحِيحِ بِسَنِّ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِيهَا قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ الْفَسَادَ قَدْ يَكُونُ مِنْ حَيْثُ الِاسْتِدْلَال الَّذِي اسْتَدَلَّ بِهِ لَا مُطْلَقًا فَهُوَ فَسَادٌ اعْتِبَارِيٌّ وَبِفَرْضِ أَنَّهُ حَقِيقِيٌّ قَدْ يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِقَوَاعِدِنَا دُونَ قَوَاعِدِ غَيْرِنَا وَلِمَا ظَهَرَ
لِلْمُصَنِّفِ مَثَلًا وَاَلَّذِي ظَهَرَ لِغَيْرِهِ قُوَّتُهُ فَنُدِبَ الْخُرُوجُ مِنْهُ ( وَحَيْثُ
أَقُولُ الْمَذْهَبُ فَمِنْ الطَّرِيقَيْنِ أَوْ الطُّرُقِ ) كَأَنْ يَحْكِيَ بَعْضٌ الْقَطْعَ أَيْ أَنَّهُ لَا نَصَّ سِوَاهُ وَبَعْضٌ قَوْلًا أَوْ وَجْهًا أَوْ أَكْثَرَ ، وَبَعْضٌ ذَلِكَ أَوْ بَعْضَهُ أَوْ غَيْرَهُ مُطْلَقًا أَوْ بِاعْتِبَارٍ كَمَا مَرَّ ثُمَّ الرَّاجِحُ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ بِالْمَذْهَبِ قَدْ يَكُونُ طَرِيقُ الْقَطْعِ
[ ص: 52 ] أَوْ مُوَافِقُهَا مِنْ طَرِيقِ الْخِلَافِ أَوْ مُخَالِفَهَا ، لَكِنْ قِيلَ الْغَالِبُ أَنَّهُ الْمُوَافِقُ وَالِاسْتِقْرَاءُ النَّاقِصُ الْمُفِيدُ لِلظَّنِّ يُؤَيِّدُهُ .
وَرُبَّمَا وَقَعَ لِلْمَجْمُوعِ كَالْعَزِيزِ اسْتِعْمَالُ الطَّرِيقَيْنِ مَوْضِعَ الْوَجْهَيْنِ وَعَكْسُهُ ( وَحَيْثُ أَقُولُ النَّصُّ فَهُوَ نَصُّ ) الْإِمَامِ الْقُرَشِيِّ الْمُطَّلِبِيِّ الْمُلْتَقِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَدِّهِ الرَّابِعِ
عَبْدِ مَنَافٍ مُحَمَّدِ بْنِ إدْرِيسَ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ شَافِعِ بْنِ السَّائِبِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَبْدِ يَزِيدَ بْنِ هَاشِمِ بْنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ ( الشَّافِعِيِّ ) نِسْبَةً
لِشَافِعٍ الْمَذْكُورِ ،
وَشَافِعٌ هَذَا أَسْلَمَ هُوَ وَأَبُوهُ
السَّائِبُ صَاحِبُ رَايَةِ
قُرَيْشٍ يَوْمَ
بَدْرٍ ( رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ) إمَامُ الْأَئِمَّةِ عِلْمًا وَعَمَلًا وَوَرَعًا وَزُهْدًا وَمَعْرِفَةً وَذَكَاءً وَحِفْظًا وَنَسَبًا فَإِنَّهُ بَرَعَ فِي كُلٍّ مِمَّا ذُكِرَ وَفَاقَ فِيهِ أَكْثَرَ مَنْ سَبَقَهُ لَا سِيَّمَا مَشَايِخُهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867كَمَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=16008وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَمَشَايِخِهِمْ ، وَاجْتَمَعَ لَهُ مِنْ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ وَكَثْرَةِ الْأَتْبَاعِ فِي أَكْثَرِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ .
وَتَقَدَّمَ مَذْهَبُهُ وَأَهْلُهُ فِيهَا لَا سِيَّمَا فِي
الْحَرَمَيْنِ وَالْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ وَأَهْلُهَا أَفْضَلُ الْأَرْضِ وَأَهْلُهَا مَا لَمْ يَجْتَمِعْ لِغَيْرِهِ وَهَذَا هُوَ حِكْمَةُ تَخْصِيصِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَعْمُولِ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ ، وَزَعْمُ وَضْعِهِ حَسَدٌ أَوْ غَلَطٌ فَاحِشٌ وَهُوَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
عَالِمُ قُرَيْشٍ يَمْلَأُ طِبَاقَ الْأَرْضِ عِلْمًا } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ نَرَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْتَمِعْ لِقُرَشِيٍّ مِنْ الشُّهْرَةِ كَمَا ذُكِرَ مَا اجْتَمَعَ لَهُ فَلَمْ يَنْزِلْ الْحَدِيثُ إلَّا عَلَيْهِ وَكَاشَفَ أَصْحَابَهُ بِوَقَائِعَ وَقَعَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ كَمَا أَخْبَرَ وَرَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَعْطَاهُ مِيزَانًا فَأُوِّلَتْ لَهُ بِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَعْدَلُ الْمَذَاهِبِ وَأَوْفَقُهَا لِلسُّنَّةِ الْغَرَّاءِ الَّتِي هِيَ أَعْدَلُ الْمِلَلِ وَأَوْفَقُهَا لِلْحِكْمَةِ الْعِلْمِيَّةِ وَالْعَمَلِيَّةِ وُلِدَ
بِغَزَّةَ عَلَى الْأَصَحِّ سَنَةَ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ ثُمَّ أُجِيزَ بِالْإِفْتَاءِ وَهُوَ ابْنُ نَحْوِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً ، ثُمَّ رَحَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكٍ فَأَقَامَ عِنْدَهُ مُدَّةً
[ ص: 53 ] ثُمَّ
لِبَغْدَادَ وَلُقِّبَ نَاصِرَ السُّنَّةِ لَمَّا نَاظَرَ أَكَابِرَهَا وَظَفِرَ عَلَيْهِمْ
كَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ إذْ ذَاكَ مَيِّتًا ثُمَّ بَعْدَ عَامَيْنِ رَجَعَ
لِمَكَّةَ ثُمَّ
لِبَغْدَادَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ ثُمَّ بَعْدَ سَنَةٍ
لَمِصْرَ فَأَقَامَ بِهَا كَهْفًا لِأَهْلِهَا إلَى أَنْ تَقَطَّبَ .
وَمِنْ الْخَوَارِقِ الَّتِي لَمْ يَقَعْ نَظِيرُهَا لِمُجْتَهِدٍ غَيْرِهِ اسْتِنْبَاطُهُ وَتَحْرِيرُهُ لِمَذْهَبِهِ الْجَدِيدِ عَلَى سَعَتِهِ الْمُفْرِطَةِ فِي نَحْوِ أَرْبَعِ سِنِينَ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَتَيْنِ بِهَا ، وَأُرِيدَ بَعْدَ أَزْمِنَةٍ نَقْلُهُ مِنْهَا
لِبَغْدَادَ فَظَهَرَ مِنْ قَبْرِهِ لَمَّا فُتِحَ رَوَائِحُ طَيِّبَةٌ عَطَّلَتْ الْحَاضِرِينَ عَنْ إحْسَاسِهِمْ فَتَرَكُوهُ ، وَقَدْ أَكْثَرَ النَّاسُ التَّصَانِيفَ فِي تَرْجَمَتِهِ حَتَّى بَلَغَتْ نَحْوَ أَرْبَعِينَ مُصَنَّفًا ذُكِرَتْ خُلَاصَتُهَا فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ وَلْيُتَنَبَّهْ لِكَثِيرٍ مِمَّا فِي رِحْلَتِهِ
لِلرَّازِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=13933كَالْبَيْهَقِيِّ فَإِنَّ فِيهَا مَوْضُوعَاتٍ كَثِيرَةً ( وَيَكُونُ هُنَاكَ وَجْهٌ ) مُقَابِلٌ لَهُ ( ضَعِيفٌ ) لَا يُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ فِي مُدْرِكِهِ قُوَّةٌ بِالِاعْتِبَارِ السَّابِقِ ( أَوْ قَوْلٌ ) لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُخَرَّجَ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَفِيهِ خِلَافٌ الْأَصَحُّ لَا لِأَنَّهُ لَوْ عُرِضَ عَلَيْهِ لَرُبَّمَا أَبْدَى فَارِقًا إلَّا مُقَيَّدًا كَمَا أَفَادَهُ قَوْلُهُ ( مُخَرَّجٌ ) مِنْ نَصِّهِ فِي نَظِيرِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى حُكْمٍ مُخَالِفٍ بِأَنْ يَنْقُلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ نَصَّ كُلٍّ إلَى الْأُخْرَى فَيَجْتَمِعُ فِي كُلٍّ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجٌ ، ثُمَّ الرَّاجِحُ إمَّا الْمُخَرَّجُ وَإِمَّا الْمَنْصُوصُ وَإِمَّا تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ وَالْفَرْقِ وَهُوَ الْأَغْلَبُ وَمِنْهُ النَّصُّ فِي مُضْغَةٍ قَالَ الْقَوَابِلُ لَوْ بَقِيَتْ لَتُصُوِّرَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهَا ؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى تَيَقُّنِ بَرَاءَةِ الرَّحِمِ ، وَقَدْ وُجِدَ وَعَدَمُ حُصُولِ أُمَيَّةِ الْوَلَدِ بِهَا ؛ لِأَنَّ مَدَارَهَا عَلَى وُجُودِ اسْمِ الْوَلَدِ ، وَلَمْ يُوجَدْ ( وَحَيْثُ أَقُولُ الْجَدِيدُ ) وَهُوَ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
بِمِصْرَ وَمِنْهُ الْمُخْتَصَرُ
nindex.php?page=showalam&ids=13920وَالْبُوَيْطِيُّ وَالْأُمُّ خِلَافًا لِمَنْ شَذَّ .
وَقِيلَ مَا قَالَهُ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ
بَغْدَادَ إلَى
مِصْرَ ( فَالْقَدِيمُ )
[ ص: 54 ] وَهُوَ مَا قَالَهُ قَبْلَ دُخُولِهَا ( خِلَافُهُ ) وَمِنْهُ كِتَابُهُ الْحُجَّةُ ( أَوْ ) أَقُولُ ( الْقَدِيمُ أَوْ فِي قَوْلٍ قَدِيمٍ ) لَا يُنَافِيهِ عَدَمُ وُقُوعِ هَذِهِ فِي كَلَامِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ قَالَهَا بَلْ إنْ صَدَرَتْ فَهِيَ كَسَابِقِهَا ( فَالْجَدِيدُ خِلَافُهُ ) وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ إلَّا فِي نَحْوِ عِشْرِينَ ، وَعَبَّرَ بَعْضُهُمْ بِنَيِّفٍ وَثَلَاثِينَ مَسْأَلَةً يَأْتِي بَيَانُ كَثِيرٍ مِنْهَا ، وَأَنَّهُ لِنَحْوِ صِحَّةِ الْحَدِيثِ بِهِ عَمَلًا بِمَا تَوَاتَرَ عَنْ وَصِيَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَهُوَ مَذْهَبُهُ ، وَلَوْ نُصَّ فِيهِ عَلَى مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ ، وَجَبَ اعْتِمَادُهُ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ رُجُوعُهُ عَنْ هَذَا بِخُصُوصِهِ ( وَحَيْثُ أَقُولُ وَقِيلَ كَذَا ) فَهُوَ وَجْهٌ ضَعِيفٌ
( وَالصَّحِيحُ أَوْ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَحَيْثُ أَقُولُ وَفِي قَوْلِ كَذَا فَالرَّاجِحُ خِلَافُهُ ) وَكَانَ تَرْكُهُ لِبَيَانِ قُوَّةِ الْخِلَافِ وَضِعْفِهِ فِيهِمَا لِعَدَمِ ظُهُورِهِ لَهُ أَوْ لِإِغْرَاءِ الطَّالِبِ عَلَى تَأَمُّلِهِ وَالْبَحْثِ عَنْهُ لِيَقْوَى نَظَرُهُ فِي الْمَدَارِكِ وَالْمَآخِذِ وَوَصْفُ الْوَجْهِ بِالضَّعْفِ دُونَ الْقَوْلِ تَأَدُّبًا