فلنبدأ بالكتاب والنظر في حقيقته ، ثم في حده المميز له عما ليس بكتاب ، ثم في ألفاظه ، ثم في أحكامه .
النظر الأول : في
nindex.php?page=treesubj&link=20752حقيقته . ومعناه هو الكلام القائم بذات الله تعالى ، وهو صفة قديمة من صفاته . والكلام اسم مشترك قد يطلق على الألفاظ الدالة على ما في النفس ، تقول : سمعت كلام فلان وفصاحته . وقد يطلق على مدلول العبارات وهي المعاني التي في النفس ، كما قيل :
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلا
وقال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول } وقال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=13وأسروا قولكم أو اجهروا به } فلا سبيل إلى إنكار كون هذا الاسم مشتركا . وقد قال قوم : وضع في الأصل للعبارات وهو مجاز في مدلولها ، وقيل عكسه ، ولا يتعلق به غرض بعد ثبوت الاشتراك وكلام النفس ينقسم إلى خبر واستخبار وأمر ونهي وتنبيه ، وهي معان تخالف بجنسها الإرادات والعلوم ، وهي متعلقة بمتعلقاتها لذاتها كما تتعلق القدرة والإرادة والعلم . وزعم قوم أنه يرجع إلى العلوم والإرادات وليس جنسا برأسه وإثبات ذلك على المتكلم لا على الأصولي .
فَلْنَبْدَأْ بِالْكِتَابِ وَالنَّظَرِ فِي حَقِيقَتِهِ ، ثُمَّ فِي حَدِّهِ الْمُمَيِّزِ لَهُ عَمَّا لَيْسَ بِكِتَابٍ ، ثُمَّ فِي أَلْفَاظِهِ ، ثُمَّ فِي أَحْكَامِهِ .
النَّظَرُ الْأَوَّلُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=20752حَقِيقَتِهِ . وَمَعْنَاهُ هُوَ الْكَلَامُ الْقَائِمُ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَهُوَ صِفَةٌ قَدِيمَةٌ مِنْ صِفَاتِهِ . وَالْكَلَامُ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ قَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَا فِي النَّفْسِ ، تَقُولُ : سَمِعْتُ كَلَامَ فُلَانٍ وَفَصَاحَتَهُ . وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مَدْلُولِ الْعِبَارَاتِ وَهِيَ الْمَعَانِي الَّتِي فِي النَّفْسِ ، كَمَا قِيلَ :
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلَا
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ } وَقَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=13وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوْ اجْهَرُوا بِهِ } فَلَا سَبِيلَ إلَى إنْكَارِ كَوْنِ هَذَا الِاسْمِ مُشْتَرَكًا . وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ : وُضِعَ فِي الْأَصْلِ لِلْعِبَارَاتِ وَهُوَ مَجَازٌ فِي مَدْلُولِهَا ، وَقِيلَ عَكْسُهُ ، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ غَرَضٌ بَعْدَ ثُبُوتِ الِاشْتِرَاكِ وَكَلَامُ النَّفْسِ يَنْقَسِمُ إلَى خَبَرٍ وَاسْتِخْبَارٍ وَأَمْرٍ وَنَهْيٍ وَتَنْبِيهٍ ، وَهِيَ مَعَانٍ تُخَالِفُ بِجِنْسِهَا الْإِرَادَاتِ وَالْعُلُومَ ، وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِمُتَعَلِّقَاتِهَا لِذَاتِهَا كَمَا تَتَعَلَّقُ الْقُدْرَةُ وَالْإِرَادَةُ وَالْعِلْمُ . وَزَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْعُلُومِ وَالْإِرَادَاتِ وَلَيْسَ جِنْسًا بِرَأْسِهِ وَإِثْبَاتُ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَكَلِّمِ لَا عَلَى الْأُصُولِيِّ .