nindex.php?page=treesubj&link=18883والمغرور إذا أقبلت عليه الدنيا ظن أنها كرامة من الله وإذا صرفت عنه ظن أنها هوان كما أخبر الله تعالى عنه إذ قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن فأجاب الله عن ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كلا أي : ليس كما قال ، إنما هو ابتلاء نعوذ بالله من شر البلاء ونسأل الله التثبيت ، فبين أن ذلك غرور قال الحسن كذبهما جميعا بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كلا يقول ليس : هذا بإكرامي ، ولا هذا بهواني ، ولكن الكريم من أكرمته بطاعتي غنيا كان أو فقيرا ، والمهان من أهنته بمعصيتي غنيا كان أو فقيرا .
nindex.php?page=treesubj&link=18884وهذا الغرور علاجه معرفة دلائل الكرامة والهوان ; إما بالبصيرة أو بالتقليد .
أما البصيرة فبأن يعرف وجه كون الالتفات إلى شهوات الدنيا مبعدا عن الله ، ووجه كون التباعد عنها مقربا إلى الله ويدرك ذلك بالإلهام في منازل العارفين والأولياء وشرحه من جملة علوم المكاشفة ، ولا يليق بعلم المعاملة .
وأما معرفته بطريق التقليد والتصديق ، فهو أن يؤمن بكتاب الله تعالى ويصدق رسوله وقد قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون وفي تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سنستدرجهم من حيث لا يعلمون أنهم كلما أحدثوا ذنبا أحدثنا لهم نعمة ليزيد غرورهم وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إنما نملي لهم ليزدادوا إثما وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار إلى غير ذلك مما ورد في كتاب الله تعالى وسنة رسوله فمن آمن به تخلص من هذا الغرور فإن منشأ هذا الغرور الجهل بالله وبصفاته ، فإن من عرفه لا يأمن مكره ، ولا يغتر بأمثال هذه الخيالات الفاسدة وينظر إلى فرعون
وهامان وقارون وإلى ملوك الأرض وما جرى لهم كيف أحسن الله إليهم ابتداء ثم دمرهم تدميرا فقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98هل تحس منهم من أحد الآية ، وقد حذر الله تعالى من مكره واستدراجه فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=99فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا يشعرون ، وقال عز وجل :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15إنهم يكيدون كيدا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=16وأكيد كيدا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=17فمهل الكافرين أمهلهم رويدا فكما لا يجوز للعبد المهمل أن يستدل بإهمال السيد إياه وتمكينه من النعم على حب السيد بل ينبغي أن يحذر أن يكون ذلك مكرا منه وكيدا مع أن السيد لم يحذره مكر نفسه فبأن يجب ذلك في حق الله تعالى مع تحذيره استدراجه أولى ، فإذن من أمن مكر الله فهو مغتر ومنشأ هذا الغرور أنه استدل بنعم الدنيا على أنه كريم عند ذلك المنعم واحتمل أن يكون ذلك دليل الهوان ، ولكن ذلك الاحتمال لا يوافق الهوى فالشيطان ، بواسطة الهوى يميل بالقلب إلى ما يوافقه ، وهو التصديق بدلالته على الكرامة ، وهذا هو حد الغرور .
nindex.php?page=treesubj&link=18883
nindex.php?page=treesubj&link=18883وَالْمَغْرُورُ إِذَا أَقْبَلَتْ عَلَيْهِ الدُّنْيَا ظَنَّ أَنَّهَا كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ وَإِذَا صُرِفَتْ عَنْهُ ظَنَّ أَنَّهَا هَوَانٌ كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ إِذْ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=15فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=16وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ فَأَجَابَ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كَلا أَيْ : لَيْسَ كَمَا قَالَ ، إِنَّمَا هُوَ ابْتِلَاءٌ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّ الْبَلَاءِ وَنَسْأَلُ اللَّهَ التَّثْبِيتَ ، فَبَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ غُرُورٌ قَالَ الْحَسَنُ كَذَّبَهُمَا جَمِيعًا بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=17كَلا يَقُولُ لَيْسَ : هَذَا بِإِكْرَامِي ، وَلَا هَذَا بِهَوَانِي ، وَلَكِنَّ الْكَرِيمَ مَنْ أَكْرَمْتُهُ بِطَاعَتِي غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا ، وَالْمُهَانَ مَنْ أَهَنْتُهُ بِمَعْصِيَتِي غَنِيًّا كَانَ أَوْ فَقِيرًا .
nindex.php?page=treesubj&link=18884وَهَذَا الْغُرُورُ عِلَاجُهُ مَعْرِفَةُ دَلَائِلِ الْكَرَامَةِ وَالْهَوَانِ ; إِمَّا بِالْبَصِيرَةِ أَوْ بِالتَّقْلِيدِ .
أَمَّا الْبَصِيرَةُ فَبِأَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ كَوْنِ الِالْتِفَاتِ إِلَى شَهَوَاتِ الدُّنْيَا مُبْعِدًا عَنِ اللَّهِ ، وَوَجْهُ كَوْنِ التَّبَاعُدِ عَنْهَا مُقَرِّبًا إِلَى اللَّهِ وَيُدْرِكُ ذَلِكَ بِالْإِلْهَامِ فِي مَنَازِلِ الْعَارِفِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَشَرْحُهُ مِنْ جُمْلَةِ عُلُومِ الْمُكَاشَفَةِ ، وَلَا يَلِيقُ بِعِلْمِ الْمُعَامَلَةِ .
وَأَمَّا مَعْرِفَتُهُ بِطَرِيقِ التَّقْلِيدِ وَالتَّصْدِيقِ ، فَهُوَ أَنْ يُؤْمِنَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُصَدِّقَ رَسُولَهُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=55أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=56نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=44فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ وَفِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=182سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ أَنَّهُمْ كُلَّمَا أَحْدَثُوا ذَنْبًا أَحْدَثْنَا لَهُمْ نِعْمَةً لِيَزِيدَ غُرُورُهُمْ وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=178إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا وَرَدَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فَمَنْ آمَنَ بِهِ تَخَلَّصَ مِنْ هَذَا الْغُرُورِ فَإِنَّ مَنْشَأً هَذَا الْغُرُورِ الْجَهْلُ بِاللَّهِ وَبِصِفَاتِهِ ، فَإِنَّ مَنْ عَرَفَهُ لَا يَأْمَنُ مَكْرِهِ ، وَلَا يَغْتَرُّ بِأَمْثَالِ هَذِهِ الْخَيَالَاتِ الْفَاسِدَةِ وَيَنْظُرُ إِلَى فِرْعَوْنَ
وَهَامَانَ وَقَارُونَ وَإِلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ وَمَا جَرَى لَهُمْ كَيْفَ أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْهِمُ ابْتِدَاءً ثُمَّ دَمَّرَهُمْ تَدْمِيرًا فَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=98هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ الْآيَةَ ، وَقَدْ حَذَّرَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ مَكْرِهِ وَاسْتِدْرَاجَهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=99فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=50وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=54وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=15إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=16وَأَكِيدُ كَيْدًا nindex.php?page=tafseer&surano=86&ayano=17فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا فَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ الْمُهْمِلِ أَنْ يَسْتَدِلَّ بِإِهْمَالِ السَّيِّدِ إِيَّاهُ وَتَمْكِينِهِ مِنَ النِّعَمِ عَلَى حُبِّ السَّيِّدِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَحْذَرَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَكْرًا مِنْهُ وَكَيْدًا مَعَ أَنَّ السَّيِّدَ لَمْ يُحَذِّرْهُ مَكْرَ نَفْسِهِ فَبِأَنْ يَجِبَ ذَلِكَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ تَحْذِيرِهِ اسْتِدْرَاجِهِ أَوْلَى ، فَإِذَنْ مَنْ أَمِنَ مَكْرِ اللَّهِ فَهُوَ مُغْتَرٌّ وَمَنْشَأُ هَذَا الْغُرُورِ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِنِعَمِ الدُّنْيَا عَلَى أَنَّهُ كَرِيمٌ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُنْعِمِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ دَلِيلَ الْهَوَانِ ، وَلَكِنَّ ذَلِكَ الِاحْتِمَالَ لَا يُوَافِقُ الْهَوَى فَالشَّيْطَانُ ، بِوَاسِطَةِ الْهَوَى يَمِيلُ بِالْقَلْبِ إِلَى مَا يُوَافِقُهُ ، وَهُوَ التَّصْدِيقُ بِدَلَالَتِهِ عَلَى الْكَرَامَةِ ، وَهَذَا هُوَ حَدُّ الْغُرُورِ .
nindex.php?page=treesubj&link=18883