القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32416قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة والمسكنة )
قال
أبو جعفر : يعني بقوله : ( وضربت ) أي فرضت . ووضعت عليهم الذلة وألزموها . من قول القائل : " ضرب الإمام الجزية على أهل الذمة " و" ضرب الرجل على عبده الخراج " يعني بذلك وضعه فألزمه إياه ، ومن قولهم : " ضرب الأمير على الجيش البعث " ، يراد به : ألزمهموه .
وأما " الذلة " فهي " الفعلة " من قول القائل : ذل فلان يذل ذلا وذلة " ، ك " الصغرة " من " صغر الأمر " ، و" القعدة " من " قعد " .
و" الذلة " هي الصغار الذي أمر الله جل ثناؤه عباده المؤمنين أن لا يعطوهم أمانا على القرار على ما هم عليه من كفرهم به وبرسوله - إلا أن يبذلوا الجزية عليه لهم ، فقال عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون )
[ ص: 137 ] [ التوبة : 29 ] كما : -
1088 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال ، أخبرنا
عبد الرزاق قال ، أخبرنا
معمر ، عن
الحسن وقتادة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة ) ، قالا يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون .
وأما " المسكنة " فإنها مصدر " المسكين " . يقال : " ما فيهم أسكن من فلان " و" ما كان مسكينا " و" لقد تمسكن مسكنة " . ومن العرب من يقول : " تمسكن تمسكنا " . و" المسكنة " في هذا الموضع مسكنة الفاقة والحاجة ، وهي خشوعها وذلها ، كما : -
1089 - حدثني به
المثنى بن إبراهيم قال ، حدثنا
آدم قال ، حدثنا
أبو جعفر ، عن
الربيع ، عن
أبي العالية في قوله : ( والمسكنة ) قال : الفاقة .
1090 - حدثني
موسى قال ، حدثنا
عمرو بن حماد قال ، حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) ، قال : الفقر .
1091 - وحدثني
يونس قال ، أخبرنا
ابن وهب قال ، قال
ابن زيد في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وضربت عليهم الذلة والمسكنة ) ، قال : هؤلاء يهود بني إسرائيل . قلت له : هم قبط
مصر ؟ قال : وما لقبط
مصر وهذا ، لا والله ما هم هم ، ولكنهم اليهود ، يهود بني إسرائيل .
فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه يبدلهم بالعز ذلا وبالنعمة بؤسا ، وبالرضا عنهم غضبا ، جزاء منه لهم على كفرهم بآياته ، وقتلهم أنبياءه ورسله ، اعتداء وظلما منهم بغير حق ، وعصيانهم له ، وخلافا عليه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973_32416قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَعْنِي بِقَوْلِهِ : ( وَضُرِبَتْ ) أَيْ فُرِضَتْ . وَوُضِعَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَأُلْزِمُوهَا . مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : " ضَرَبَ الْإِمَامُ الْجِزْيَةَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ " وَ" ضَرَبَ الرَّجُلُ عَلَى عَبْدِهِ الْخَرَاجَ " يَعْنِي بِذَلِكَ وَضَعَهُ فَأَلْزَمَهُ إِيَّاهُ ، وَمِنْ قَوْلِهِمْ : " ضَرَبَ الْأَمِيرُ عَلَى الْجَيْشِ الْبَعْثَ " ، يُرَادُ بِهِ : أُلْزِمُهُمُوهُ .
وَأَمَّا " الذِّلَّةُ " فَهِيَ " الْفِعْلَةُ " مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ : ذَلَّ فُلَانٌ يَذِلُّ ذُلًّا وَذِلَّةً " ، كَ " الصِّغْرَةِ " مِنْ " صَغُرَ الْأَمْرُ " ، وَ" الْقِعْدَةُ " مِنْ " قَعَدَ " .
وَ" الذِّلَّةُ " هِيَ الصَّغَارُ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ لَا يُعْطُوهُمْ أَمَانًا عَلَى الْقَرَارِ عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ كُفْرِهِمْ بِهِ وَبِرَسُولِهِ - إِلَّا أَنْ يَبْذُلُوا الْجِزْيَةَ عَلَيْهِ لَهُمْ ، فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=29قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ )
[ ص: 137 ] [ التَّوْبَةِ : 29 ] كَمَا : -
1088 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ ، أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنِ
الْحَسَنِ وَقَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ) ، قَالَا يُعْطُونَ الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ .
وَأَمَّا " الْمَسْكَنَةُ " فَإِنَّهَا مَصْدَرُ " الْمِسْكِينِ " . يُقَالُ : " مَا فِيهِمْ أَسْكَنُ مِنْ فُلَانٍ " وَ" مَا كَانَ مِسْكِينًا " وَ" لَقَدْ تَمَسْكَنَ مَسْكَنَةً " . وَمِنَ الْعَرَبِ مَنْ يَقُولُ : " تَمَسْكَنَ تَمَسْكُنًا " . وَ" الْمَسْكَنَةُ " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مَسْكَنَةُ الْفَاقَةِ وَالْحَاجَةِ ، وَهِيَ خُشُوعُهَا وَذُلُّهَا ، كَمَا : -
1089 - حَدَّثَنِي بِهِ
الْمُثَنَّى بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ ، حَدَّثَنَا
آدَمُ قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَبُو جَعْفَرٍ ، عَنِ
الرَّبِيعِ ، عَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ : ( وَالْمَسْكَنَةُ ) قَالَ : الْفَاقَةُ .
1090 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ ، حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ ، حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ) ، قَالَ : الْفَقْرُ .
1091 - وَحَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ ، قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=61وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ ) ، قَالَ : هَؤُلَاءِ يَهُودُ بَنِي إِسْرَائِيلَ . قُلْتُ لَهُ : هُمْ قِبْطُ
مِصْرَ ؟ قَالَ : وَمَا لِقِبْطِ
مِصْرَ وَهَذَا ، لَا وَاللَّهِ مَا هُمْ هُمْ ، وَلَكِنَّهُمُ الْيَهُودُ ، يَهُودُ بَنِي إِسْرَائِيلَ .
فَأَخْبَرَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّهُ يُبَدِّلُهُمْ بِالْعِزِّ ذُلًّا وَبِالنِّعْمَةِ بُؤْسًا ، وَبِالرِّضَا عَنْهُمْ غَضَبًا ، جَزَاءً مِنْهُ لَهُمْ عَلَى كُفْرِهِمْ بِآيَاتِهِ ، وَقَتْلِهِمْ أَنْبِيَاءَهُ وَرُسُلَهُ ، اعْتِدَاءً وَظُلْمًا مِنْهُمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ، وَعِصْيَانِهِمْ لَهُ ، وَخِلَافًا عَلَيْهِ .