[ ص: 5 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الأنبياء
سماها السلف " سورة الأنبياء " . ففي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود قال : بنو إسرائيل ، والكهف ، ومريم ، وطه ، والأنبياء ، هن من العتاق الأول ، وهن من تلادي . ولا يعرف لها اسم غير هذا .
nindex.php?page=treesubj&link=28883ووجه تسميتها سورة الأنبياء أنها ذكر فيها أسماء ستة عشر نبيئا ،
ومريم ، ولم يأت في سور القرآن مثل هذا العدد من أسماء الأنبياء في سورة من سور القرآن عدا ما في سورة الأنعام . فقد ذكر فيها أسماء ثمانية عشر نبيئا في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86ويونس ولوطا فإن كانت سورة الأنبياء هذه نزلت قبل سورة الأنعام فقد سبقت بالتسمية بالإضافة إلى الأنبياء ، وإلا فاختصاص سورة الأنعام بذكر أحكام الأنعام أوجب تسميتها بذلك الاسم ، فكانت سورة الأنبياء أجدر من بقية سور القرآن بهذه التسمية ، على أن من الحقائق المسلمة أن وجه التسمية لا يوجبها .
وهي مكية بالاتفاق . وحكى
ابن عطية والقرطبي الإجماع على ذلك ، ونقل
السيوطي في " الإتقان " استثناء قوله تعالى :
[ ص: 6 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها أفهم الغالبون ، ولم يعزه إلى قائل . ولعله أخذه من رواية عن
مقاتل والكلبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن المعنى ننقصها بفتح البلدان ، أي بناء على أن المراد من الرؤية في الآية الرؤية البصرية ، وأن المراد من الأرض أرض
الحجاز ، وأن المراد من النقص نقص سلطان الشرك منها . وكل ذلك ليس بالمتعين ولا بالراجح . وسيأتي بيانه في موضعه . وقد تقدم بيانه في نظيرها من سورة الرعد التي هي أيضا مكية ، فالأرجح أن سورة الأنبياء مكية كلها .
وهي السورة الحادية والسبعون في ترتيب النزول ، نزلت بعد " حم السجدة " وقبل سورة النحل ، فتكون من أواخر السور النازلة قبل الهجرة . ولعلها نزلت بعد إسلام من أسلم من
أهل المدينة كما يقتضيه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم أفتأتون السحر وأنتم تبصرون ، كما سيأتي بيانه ، غير أن ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن قوله تعالى في سورة الزخرف :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون ، أن المراد بضرب المثل هو المثل الذي ضربه
ابن الزبعرى لما نزل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم كما يأتي يقتضي أن سورة الأنبياء نزلت قبل سورة الزخرف . وقد عدت الزخرف ثانية وستين في النزول . وعدد آيها في عد أهل
المدينة ومكة والشام والبصرة مائة وإحدى عشر ، وفي عد أهل
الكوفة مائة واثنتا عشرة .
[ ص: 5 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ
سَمَّاهَا السَّلَفُ " سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ " . فَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : بَنُو إِسْرَائِيلَ ، وَالْكَهْفُ ، وَمَرْيَمُ ، وَطَهَ ، وَالْأَنْبِيَاءُ ، هُنَّ مِنَ الْعِتَاقِ الْأُوَلِ ، وَهُنَّ مِنْ تِلَادِي . وَلَا يُعْرَفُ لَهَا اسْمٌ غَيْرُ هَذَا .
nindex.php?page=treesubj&link=28883وَوَجْهُ تَسْمِيَتِهَا سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ أَنَّهَا ذُكِرَ فِيهَا أَسْمَاءُ سِتَّةَ عَشَرَ نَبِيئًا ،
وَمَرْيَمَ ، وَلَمْ يَأْتِ فِي سُوَرِ الْقُرْآنِ مِثْلُ هَذَا الْعَدَدِ مِنْ أَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ فِي سُورَةٍ مِنْ سُوَرِ الْقُرْآنِ عَدَا مَا فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ . فَقَدْ ذُكِرَ فِيهَا أَسْمَاءُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نَبِيئًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=83وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=86وَيُونُسَ وَلُوطًا فَإِنْ كَانَتْ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ هَذِهِ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْأَنْعَامِ فَقَدْ سَبَقَتْ بِالتَّسْمِيَةِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْأَنْبِيَاءِ ، وَإِلَّا فَاخْتِصَاصُ سُورَةِ الْأَنْعَامِ بِذِكْرِ أَحْكَامِ الْأَنْعَامِ أَوْجَبَ تَسْمِيَتَهَا بِذَلِكَ الِاسْمِ ، فَكَانَتْ سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ أَجْدَرَ مِنْ بَقِيَّةِ سُوَرِ الْقُرْآنِ بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ ، عَلَى أَنَّ مِنَ الْحَقَائِقِ الْمُسَلَّمَةِ أَنَّ وَجْهَ التَّسْمِيَةِ لَا يُوجِبُهَا .
وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِالِاتِّفَاقِ . وَحَكَى
ابْنُ عَطِيَّةَ وَالْقُرْطُبِيُّ الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ ، وَنَقَلَ
السُّيُوطِيُّ فِي " الْإِتْقَانِ " اسْتِثْنَاءَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
[ ص: 6 ] nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=44أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ، وَلَمْ يَعْزُهُ إِلَى قَائِلٍ . وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ رِوَايَةٍ عَنْ
مُقَاتِلٍ وَالْكَلْبِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْمَعْنَى نَنْقُصُهَا بِفَتْحِ الْبُلْدَانِ ، أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الرُّؤْيَةِ فِي الْآيَةِ الرُّؤْيَةُ الْبَصَرِيَّةُ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ الْأَرْضِ أَرْضُ
الْحِجَازِ ، وَأَنَّ الْمُرَادَ مِنَ النَّقْصِ نَقْصُ سُلْطَانِ الشِّرْكِ مِنْهَا . وَكُلُّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالْمُتَعَيَّنِ وَلَا بِالرَّاجِحِ . وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ . وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي نَظِيرِهَا مِنْ سُورَةِ الرَّعْدِ الَّتِي هِيَ أَيْضًا مَكِّيَّةٌ ، فَالْأَرْجَحُ أَنَّ سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ مَكِّيَّةٌ كُلَّهَا .
وَهِيَ السُّورَةُ الْحَادِيَةُ وَالسَّبْعُونَ فِي تَرْتِيبِ النُّزُولِ ، نَزَلَتْ بَعْدَ " حم السَّجْدَةِ " وَقَبْلَ سُورَةِ النَّحْلِ ، فَتَكُونُ مِنْ أَوَاخِرِ السُّوَرِ النَّازِلَةِ قَبْلَ الْهِجْرَةِ . وَلَعَلَّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ إِسْلَامِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ ، كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ ، غَيْرَ أَنَّ مَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الزُّخْرُفِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=57وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذَا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ ، أَنَّ الْمُرَادَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ هُوَ الْمَثَلُ الَّذِي ضَرَبَهُ
ابْنُ الزِّبَعْرَى لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=98إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ كَمَا يَأْتِي يَقْتَضِي أَنَّ سُورَةَ الْأَنْبِيَاءِ نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الزُّخْرُفِ . وَقَدْ عُدَّتِ الزُّخْرُفُ ثَانِيَةً وَسِتِّينَ فِي النُّزُولِ . وَعَدَدُ آيِهَا فِي عَدِّ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ مِائَةٌ وَإِحْدَى عَشَرَ ، وَفِي عَدِّ أَهْلِ
الْكُوفَةِ مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ .