nindex.php?page=treesubj&link=28973_19736nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون
الجملة معطوفة على الجمل السابقة المتعاطفة ؛ أي : لتكملوا العدة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكبروا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولعلكم تشكرون ، ثم التفت إلى خطاب النبيء صلى الله عليه وسلم وحده ؛ لأنه في مقام تبليغ فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني ، أي : العباد الذين كان الحديث معهم ، ومقتضى الظاهر أن يقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولعلكم تشكرون وتدعون فأستجيب لكم إلا أنه عدل عنه ليحصل في خلال ذلك تعظيم شأن النبيء صلى الله عليه وسلم بأنه يسأله المسلمون عن أمر الله تعالى ، والإشارة إلى جواب من عسى أن يكونوا سألوا النبيء صلى الله عليه وسلم عن
nindex.php?page=treesubj&link=19773كيفية الدعاء هل يكون جهرا أو سرا ، وليكون نظم الآية مؤذنا بأن الله تعالى بعد أن أمرهم بما يجب له عليهم أكرمهم فقال : وإذا سألوا عن حقهم علي فإني قريب منهم أجيب دعوتهم ، وجعل هذا الخير مرتبا على تقدير سؤالهم إشارة إلى أنهم يهجس هذا في نفوسهم بعد أن يسمعوا الأمر بالإكمال والتكبير والشكر أن يقولوا : هل لنا جزاء على ذلك ؟ وأنهم قد يحجمون عن سؤال النبيء صلى الله عليه وسلم عن ذلك أدبا مع الله تعالى ، فلذلك قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك ) الصريح بأن هذا سيقع في المستقبل .
واستعمال مثل هذا الشرط مع مادة السؤال ؛ لقصد الاهتمام بما سيذكر بعده - استعمال معروف عند البلغاء قال
علقمة :
فإن تسألوني بالنساء فإنني خبير بأدواء النساء طبيب
والعلماء يفتتحون المسائل المهمة في كتبهم بكلمة " فإن قلت " وهو اصطلاح الكشاف . ويؤيد هذا تجريد الجواب من كلمة " قل " التي ذكرت في مواقع السؤال من القرآن نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير مع ما في هذا النظم العجيب من زيادة إخراج الكلام في صورة الحكم الكلي إذ جاء بحكم عام
[ ص: 179 ] في سياق الشرط فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186سألك عبادي ) وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186أجيب دعوة الداع ولو قيل : وليدعوني فأستجيب لهم ؛ لكان حكما جزئيا خاصا بهم ، فقد ظهر وجه اتصال الآية بالآيات قبلها ، ومناسبتها لهن ، وارتباطها بهن من غير أن يكون هنالك اعتراض جملة .
وقيل : إنها جملة معترضة اقترنت بالواو بين أحكام الصيام للدلالة على أن الله تعالى مجازيهم على أعمالهم وأنه خبير بأحوالهم ، قيل : إنه ذكر الدعاء هنا بعد ذكر الشكر للدلالة على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19770الدعاء يجب أن يسبقه الثناء .
والعباد الذين أضيفوا إلى ضمير الجلالة هم المؤمنون ؛ لأن الآيات كلها في بيان أحكام الصوم ولوازمه وجزائه وهو من شعار المسلمين ، وكذلك اصطلاح القرآن غالبا في ذكر العباد مضافا لضمير الجلالة ، وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أأنتم أضللتم عبادي هؤلاء بمعنى المشركين فاقتضاه أنه في مقام تنديمهم على استعبادهم للأصنام .
وإنما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فإني قريب ولم يقل : فقل لهم إني قريب ؛ إيجازا لظهوره من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وإذا سألك عبادي عني وتنبيها على أن السؤال مفروض غير واقع منهم بالفعل ، وفيه لطيفة قرآنية ، وهي إيهام أن الله تعالى تولى جوابهم عن سؤالهم بنفسه إذ حذف في اللفظ ما يدل على وساطة النبيء صلى الله عليه وسلم تنبيها على شدة قرب العبد من ربه في مقام الدعاء .
واحتيج للتأكيد بـ ( إن ) لأن الخبر غريب وهو أن يكون تعالى قريبا مع كونهم لا يرونه .
و ( أجيب ) خبر ثان لـ ( إن ) وهو المقصود من الإخبار الذي قبله تمهيدا له لتسهيل قبوله .
وحذفت ياء المتكلم من قوله : ( دعان ) في قراءة
نافع وأبي عمرو وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ؛ لأن حذفها في الوقف لغة جمهور العرب عدا
أهل الحجاز ، ولا تحذف عندهم في الوصل ؛ لأن الأصل عدمه ، ولأن الرسم يبنى على حال الوقف ، وأثبت الياء
ابن كثير وهشام ويعقوب في الوصل والوقف ، وقرأ
ابن ذكوان وعاصم بحذف الياء في الوصل والوقف وهي لغة
هذيل ، وقد تقدم أن الكلمة لو وقعت فاصلة لكان الحذف متفقا عليه في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وإياي فارهبون في هذه السورة .
وفي هذه الآية إيماء إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=19757الصائم مرجو الإجابة ، وإلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=19750شهر رمضان مرجوة دعواته ، وإلى
nindex.php?page=treesubj&link=2440مشروعية الدعاء عند انتهاء كل يوم من رمضان .
[ ص: 180 ] والآية دلت على أن
nindex.php?page=treesubj&link=19736_19737إجابة دعاء الداعي تفضل من الله على عباده ، غير أن ذلك لا يقتضي التزام إجابة الدعوة من كل أحد وفي كل زمان ؛ لأن الخبر لا يقتضي العموم ، ولا يقال : إنه وقع في حيز الشرط فيفيد التلازم ؛ لأن الشرط هنا ربط الجواب بالسؤال وليس ربطا للدعاء بالإجابة ، لأنه لم يقل : إن دعوني أجبتهم .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فليستجيبوا لي تفريع على ( أجيب ) أي : إذا كنت أجيب دعوة الداعي فليجيبوا أوامري ، واستجاب وأجاب بمعنى واحد . وأصل أجاب واستجاب أنه الإقبال على المنادي بالقدوم ، أو قول يدل على الاستعداد للحضور نحو ( لبيك ) ثم أطلق مجازا مشهورا على تحقيق ما يطلبه الطالب ؛ لأنه لما كان بتحقيقه يقطع مسألته فكأنه أجاب نداءه .
فيجوز أن يكون المراد بالاستجابة امتثال أمر الله ، فيكون ( وليؤمنوا بي ) عطفا مغايرا ، والمقصود من الأمر الأول الفعل ومن الأمر الثاني الدوام ، ويجوز أن يراد بالاستجابة ما يشمل استجابة دعوة الإيمان ، فذكر ( وليؤمنوا ) عطف خاص على عام للاهتمام به .
وقوله : ( لعلهم يرشدون ) تقدم القول في مثله ، والرشد إصابة الحق ، وفعله كنصر وفرح وضرب ، والأشهر الأول .
nindex.php?page=treesubj&link=28973_19736nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ
الْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمَلِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَاطِفَةِ ؛ أَيْ : لِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكَبِّرُوا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خِطَابِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ تَبْلِيغٍ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي ، أَيِ : الْعِبَادَ الَّذِينَ كَانَ الْحَدِيثُ مَعَهُمْ ، وَمُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يُقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونِ وَتَدْعُونِ فَأَسْتَجِيبُ لَكُمْ إِلَّا أَنَّهُ عَدَلَ عَنْهُ لِيَحْصُلَ فِي خِلَالِ ذَلِكَ تَعْظِيمُ شَأْنِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ يَسْأَلُهُ الْمُسْلِمُونَ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَالْإِشَارَةُ إِلَى جَوَابِ مَنْ عَسَى أَنْ يَكُونُوا سَأَلُوا النَّبِيءَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=19773كَيْفِيَّةِ الدُّعَاءِ هَلْ يَكُونُ جَهْرًا أَوْ سِرًّا ، وَلِيَكُونَ نَظْمُ الْآيَةِ مُؤْذِنًا بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعْدَ أَنْ أَمَرَهُمْ بِمَا يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِمْ أَكْرَمَهُمْ فَقَالَ : وَإِذَا سَأَلُوا عَنْ حَقِّهِمْ عَلَيَّ فَإِنِّي قَرِيبٌ مِنْهُمْ أُجِيبُ دَعْوَتَهُمْ ، وَجُعِلَ هَذَا الْخَيْرُ مُرَتَّبًا عَلَى تَقْدِيرِ سُؤَالِهِمْ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُمْ يَهْجِسُ هَذَا فِي نُفُوسِهِمْ بَعْدَ أَنْ يَسْمَعُوا الْأَمْرَ بِالْإِكْمَالِ وَالتَّكْبِيرِ وَالشُّكْرِ أَنْ يَقُولُوا : هَلْ لَنَا جَزَاءً عَلَى ذَلِكَ ؟ وَأَنَّهُمْ قَدْ يَحْجِمُونَ عَنْ سُؤَالِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ أَدَبًا مَعَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ ) الصَّرِيحُ بِأَنَّ هَذَا سَيَقَعُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ .
وَاسْتِعْمَالُ مِثْلِ هَذَا الشَّرْطِ مَعَ مَادَّةِ السُّؤَالِ ؛ لِقَصْدِ الِاهْتِمَامِ بِمَا سَيُذْكَرُ بَعْدَهُ - اسْتِعْمَالٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْبُلَغَاءِ قَالَ
عَلْقَمَةُ :
فَإِنْ تَسْأَلُونِي بِالنِّسَاءِ فَإِنَّنِي خَبِيرٌ بِأَدْوَاءِ النِّسَاءِ طَبِيبُ
وَالْعُلَمَاءُ يَفْتَتِحُونَ الْمَسَائِلَ الْمُهِمَّةَ فِي كُتُبِهِمْ بِكَلِمَةِ " فَإِنْ قُلْتَ " وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْكَشَّافِ . وَيُؤَيِّدُ هَذَا تَجْرِيدُ الْجَوَابِ مِنْ كَلِمَةِ " قُلْ " الَّتِي ذُكِرَتْ فِي مَوَاقِعِ السُّؤَالِ مِنَ الْقُرْآنِ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=189يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=220وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ مَعَ مَا فِي هَذَا النَّظْمِ الْعَجِيبِ مِنْ زِيَادَةِ إِخْرَاجِ الْكَلَامِ فِي صُورَةِ الْحُكْمِ الْكُلِّيِّ إِذْ جَاءَ بِحُكْمٍ عَامٍّ
[ ص: 179 ] فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186سَأَلَكَ عِبَادِي ) وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاع وَلَوْ قِيلَ : وَلْيَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُمْ ؛ لَكَانَ حُكْمًا جُزْئِيًّا خَاصًّا بِهِمْ ، فَقَدْ ظَهَرَ وَجْهُ اتِّصَالِ الْآيَةِ بِالْآيَاتِ قَبْلَهَا ، وَمُنَاسَبَتِهَا لَهُنَّ ، وَارْتِبَاطِهَا بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ هُنَالِكَ اعْتِرَاضُ جُمْلَةٍ .
وَقِيلَ : إِنَّهَا جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ اقْتَرَنَتْ بِالْوَاوِ بَيْنَ أَحْكَامِ الصِّيَامِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُجَازِيهِمْ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَأَنَّهُ خَبِيرٌ بِأَحْوَالِهِمْ ، قِيلَ : إِنَّهُ ذَكَرَ الدُّعَاءَ هُنَا بَعْدَ ذِكْرِ الشُّكْرِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19770الدُّعَاءَ يَجِبُ أَنْ يَسْبِقَهُ الثَّنَاءُ .
وَالْعِبَادُ الَّذِينَ أُضِيفُوا إِلَى ضَمِيرِ الْجَلَالَةِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ ؛ لِأَنَّ الْآيَاتِ كُلَّهَا فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الصَّوْمِ وَلَوَازِمِهِ وَجَزَائِهِ وَهُوَ مِنْ شِعَارِ الْمُسْلِمِينَ ، وَكَذَلِكَ اصْطِلَاحُ الْقُرْآنِ غَالِبًا فِي ذِكْرِ الْعِبَادِ مُضَافًا لِضَمِيرِ الْجَلَالَةِ ، وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=17أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ بِمَعْنَى الْمُشْرِكِينَ فَاقْتَضَاهُ أَنَّهُ فِي مَقَامِ تَنْدِيمِهِمْ عَلَى اسْتِعْبَادِهِمْ لِلْأَصْنَامِ .
وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَإِنِّي قَرِيبٌ وَلَمْ يَقُلْ : فَقُلْ لَهُمْ إِنِّي قَرِيبٌ ؛ إِيجَازًا لِظُهُورِهِ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي وَتَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ السُّؤَالَ مَفْرُوضٌ غَيْرُ وَاقِعٍ مِنْهُمْ بِالْفِعْلِ ، وَفِيهِ لَطِيفَةٌ قُرْآنِيَّةٌ ، وَهِيَ إِيهَامٌ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَوَلَّى جَوَابَهُمْ عَنْ سُؤَالِهِمْ بِنَفْسِهِ إِذْ حَذَفَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى وَسَاطَةِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَنْبِيهًا عَلَى شِدَّةِ قُرْبِ الْعَبْدِ مِنْ رَبِّهِ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ .
وَاحْتِيجَ لِلتَّأْكِيدِ بِـ ( إِنَّ ) لِأَنَّ الْخَبَرَ غَرِيبٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ تَعَالَى قَرِيبًا مَعَ كَوْنِهِمْ لَا يَرَوْنَهُ .
وَ ( أُجِيبُ ) خَبَرٌ ثَانٍ لِـ ( إِنَّ ) وَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْإِخْبَارِ الَّذِي قَبْلَهُ تَمْهِيدًا لَهُ لِتَسْهِيلِ قَبُولِهِ .
وَحُذِفَتْ يَاءُ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ قَوْلِهِ : ( دَعَانِ ) فِي قِرَاءَةِ
نَافِعٍ وَأَبِي عَمْرٍو وَحَمْزَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيِّ ؛ لِأَنَّ حَذْفَهَا فِي الْوَقْفِ لُغَةُ جُمْهُورِ الْعَرَبِ عَدَا
أَهْلِ الْحِجَازِ ، وَلَا تُحْذَفُ عِنْدَهُمْ فِي الْوَصْلِ ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ ، وَلِأَنَّ الرَّسْمَ يُبْنَى عَلَى حَالِ الْوَقْفِ ، وَأَثْبَتَ الْيَاءَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَهِشَامٌ وَيَعْقُوبُ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ ذَكْوَانَ وَعَاصِمٌ بِحَذْفِ الْيَاءِ فِي الْوَصْلِ وَالْوَقْفِ وَهِيَ لُغَةُ
هُذَيْلٍ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْكَلِمَةَ لَوْ وَقَعَتْ فَاصِلَةً لَكَانَ الْحَذْفُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=40وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19757الصَّائِمَ مَرْجُوُّ الْإِجَابَةِ ، وَإِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19750شَهْرَ رَمَضَانَ مَرْجُوَّةٌ دَعَوَاتُهُ ، وَإِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=2440مَشْرُوعِيَّةِ الدُّعَاءِ عِنْدَ انْتِهَاءِ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ .
[ ص: 180 ] وَالْآيَةُ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=19736_19737إِجَابَةَ دُعَاءِ الدَّاعِي تَفَضُّلٌ مِنَ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ ، غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْتَضِي الْتِزَامَ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ وَفِي كُلِّ زَمَانٍ ؛ لِأَنَّ الْخَبَرَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ ، وَلَا يُقَالُ : إِنَّهُ وَقَعَ فِي حَيِّزِ الشَّرْطِ فَيُفِيدُ التَّلَازُمَ ؛ لِأَنَّ الشَّرْطَ هُنَا رَبْطُ الْجَوَابِ بِالسُّؤَالِ وَلَيْسَ رَبْطًا لِلدُّعَاءِ بِالْإِجَابَةِ ، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ : إِنْ دَعُونِي أَجَبْتُهُمْ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي تَفْرِيعٌ عَلَى ( أُجِيبُ ) أَيْ : إِذَا كُنْتُ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي فَلْيُجِيبُوا أَوَامِرِي ، وَاسْتَجَابَ وَأَجَابَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ . وَأَصْلُ أَجَابَ وَاسْتَجَابَ أَنَّهُ الْإِقْبَالُ عَلَى الْمُنَادِي بِالْقُدُومِ ، أَوْ قَوْلٌ يَدُلُّ عَلَى الِاسْتِعْدَادِ لِلْحُضُورِ نَحْوَ ( لَبَّيْكَ ) ثُمَّ أُطْلِقَ مَجَازًا مَشْهُورًا عَلَى تَحْقِيقِ مَا يَطْلُبُهُ الطَّالِبُ ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِتَحْقِيقِهِ يَقْطَعُ مَسْأَلَتَهُ فَكَأَنَّهُ أَجَابَ نِدَاءَهُ .
فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالِاسْتِجَابَةِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ ، فَيَكُونَ ( وَلْيُؤْمِنُوا بِيَ ) عَطْفًا مُغَايِرًا ، وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْأَمْرِ الْأَوَّلِ الْفِعْلُ وَمِنَ الْأَمْرِ الثَّانِي الدَّوَامُ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِجَابَةِ مَا يَشْمَلُ اسْتِجَابَةَ دَعْوَةِ الْإِيمَانِ ، فَذِكْرُ ( وَلْيُؤْمِنُوا ) عَطْفٌ خَاصٌّ عَلَى عَامٍّ لِلِاهْتِمَامِ بِهِ .
وَقَوْلُهُ : ( لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي مِثْلِهِ ، وَالرُّشْدُ إِصَابَةُ الْحَقِّ ، وَفِعْلُهُ كَنَصَرَ وَفَرِحَ وَضَرَبَ ، وَالْأَشْهَرُ الْأَوَّلُ .