الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=28914الاكتفاء ، وهو أن يقتضي المقام ذكر شيئين بينهما تلازم وارتباط ; فيكتفى بأحدهما عن الآخر ، ويخص بالارتباط العطفي غالبا ; فإن
nindex.php?page=treesubj&link=28914الارتباط خمسة أنواع : وجودي ، ولزومي ، وخبري ، وجوابي ، وعطفي .
[ ص: 191 ] ثم ليس المراد الاكتفاء بأحدهما كيف اتفق ; بل لأن فيه نكتة تقتضي الاقتصار عليه .
والمشهور في مثال هذا النوع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سرابيل تقيكم الحر ( النحل : 81 ) أي : والبرد ، هكذا قدروه ، وأوردوا عليه سؤال الحكمة من تخصيص الحر بالذكر ، وأجابوا بأن الخطاب للعرب ، وبلادهم حارة ، والوقاية عندهم من الحر أهم ; لأنه أشد من البرد عندهم .
والحق أن الآية ليست من هذا القسم ; فإن البرد ذكر الامتنان بوقايته قبل ذلك صريحا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها ( النحل : 80 ) وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وجعل لكم من الجبال أكنانا ( النحل : 81 ) وقوله في صدر السورة :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5والأنعام خلقها لكم فيها دفء ( النحل : 5 ) .
فإن قيل : فما الحكمة في ذكر الوقايتين بعد قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81والله جعل لكم مما خلق ظلالا ( النحل : 81 ) فإن هذه وقاية الحر ، ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وجعل لكم من الجبال أكنانا ( النحل : 81 ) فهذه وقاية البرد على عادة العرب ؟ قيل : لأن ما تقدم بالنسبة إلى المساكن وهذه إلى الملابس ، [ نعم اعملوا في الآية ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وجعل لكم من الجبال أكنانا ( النحل : 81 ) ولم يقل السهل وفيه الجوابان السابقان .
وأمثلة هذا القسم كثيرة ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وله ما سكن في الليل والنهار ( الأنعام : 13 ) فإنه قيل : المراد : " وما تحرك " وإنما آثر ذكر السكون ; لأنه أغلب الحالين على المخلوق من الحيوان والجماد ، ولأن الساكن أكثر عددا من المتحرك ، أو لأن كل متحرك يصير إلى السكون ، ولأن السكون هو الأصل والحركة طارئة .
[ ص: 192 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بيدك الخير ( آل عمران : 26 ) تقديره : " والشر " إذ مصادر الأمور كلها بيده جل جلاله ، وإنما آثر ذكر الخير ; لأنه مطلوب العباد ومرغوبهم إليه ; أو لأنه أكثر وجودا في العالم من الشر ; ولأنه يجب في باب الأدب ألا يضاف إلى الله تعالى ، كما قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018689والشر ليس إليك .
وقيل : إن الكلام إنما ورد ردا على المشركين فيما أنكروه مما وعده الله به على لسان
جبريل من فتح بلاد
الروم وفارس ، ووعد النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك ، فلما كان الكلام في الخير خصه بالذكر باعتبار الحال .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الذين يؤمنون بالغيب ( البقرة : 3 ) أي : والشهادة ; لأن الإيمان بكل منهما واجب ، وآثر الغيب لأنه أبدع ، ولأنه يستلزم الإيمان بالشهادة من غير عكس .
ومثله :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25أم يجعل له ربي أمدا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عالم الغيب ( الجن : 25 - 26 ) أي : والشهادة بدليل التصريح به في موضع آخر .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يكاد البرق يخطف أبصارهم ( البقرة : 20 ) فإنه سبحانه ذكر أولا الظلمات والرعد والبرق ، وطوى الباقي .
ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=67وإذا مسكم الضر في البحر ( الإسراء : 67 ) أي : والبر ، وإنما آثر ذكر البحر لأن ضرره أشد .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5وما بينهما ورب المشارق ( الصافات : 5 ) أي : والمغارب .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لا يسألون الناس إلحافا ( البقرة : 273 ) أي : ولا غير إلحاف .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=113من أهل الكتاب أمة قائمة ( آل عمران : 113 ) أي : وأخرى غير قائمة .
[ ص: 193 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55ولتستبين سبيل المجرمين ( الأنعام : 55 ) أي : والمؤمنين .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ( البقرة : 2 ) أي : والكافرين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري ، ويؤيده قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هدى للمتقين ( البقرة : 185 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41ولا تكونوا أول كافر به ( البقرة : 41 ) ، قيل : المعنى : وآخر كافر به ، فحذف المعطوف لدلالة قوة الكلام ، من جهة أن أول الكفر وآخره سواء ، وخصت الأولوية بالذكر لقبحها بالابتداء .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن ( الملك : 19 ) أي : ويبسطن ، قاله
الفارسي .
وحكى في " التذكرة " عن بعض أهل التأويل في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أكاد أخفيها لتجزى ( طه : 15 ) أن المعنى : " أكاد أظهرها أخفيها لتجزى " فحذف " أظهرها " لدلالة أخفيها عليه .
قال : وعندي أن المعنى " أزيل خفاءها " فلا حذف .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285لا نفرق بين أحد من رسله ( البقرة : 285 ) أي : بين أحد وأحد .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل ( الحديد : 10 ) أي : ومن أنفق بعده وقاتل ; لأن الاستواء يطلب اثنين ; وحذف المعطوف لدلالة الكلام عليه ; ألا تراه قال بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا ( الحديد : 10 ) .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ( النساء : 172 ) أي : ومن لا يستنكف ولا يستكبر ; بدليل التقسيم بعده بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173فأما الذين آمنوا ( النساء : 173 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173وأما الذين استنكفوا ( النساء : 173 ) .
[ ص: 194 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ( الأعراف : 17 ) فاكتفى هنا بذكر الجهات الأربع عن الجهتين .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ( فصلت : 14 ) الاكتفاء بجهتين عن سائرها .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل ( الشعراء : 22 ) أي : ولم تعبدني .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176إن امرؤ هلك ليس له ولد ( النساء : 176 ) أي : ولا والد ، بدليل أنه أوجب للأخت النصف ، وإنما يكون ذلك مع فقد الأب ، فإن الأب يسقطها .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=67فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين ( القصص : 67 ) ولم يذكر القسم الآخر الذي تقتضيه " أما " إذ وضعها لتفصيل كلام مجمل ، وأقل أقسامها قسمان ، ولا ينفك عنهما في جميع القرآن إلا في موضعين هذا أحدهما ، والتقدير : وأما من لم يتب ولا يؤمن ولم يعمل صالحا فلا يكون من المفلحين ، والثاني في آل عمران :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فأما الذين في قلوبهم زيغ ( آل عمران : 7 ) إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7إلا الله ( آل عمران : 7 ) هذا أحد القسمين ، والقسم الثاني ما بعده ، وتقديره : وأما الراسخون في العلم فيقولون .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم ( البقرة : 59 ) أي : وفعلا غير الذي أمروا به ; لأنهم أمروا بشيئين : بأن يدخلوا الباب سجدا ، وبأن يقولوا حطة ; فبدلوا القول في " حنطة " " حطة " ، وبدلوا الفعل بأن دخلوا يزحفون على أستاههم ، ولم يدخلوا ساجدين ، والمعنى : إرادتنا حطة ، أي : حط عنا ذنوبنا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وما يستوي الأعمى والبصير ولا الظلمات ولا النور ولا الظل ولا الحرور ( فاطر : 19 - 20 - 21 )
[ ص: 195 ] قال
ابن عطية : دخول " لا " على نية التكرار ; كأنه قال : ولا الظلمات ولا النور ولا النور والظلمات ، واستغنى بذكر الأوائل عن الثواني ; ودل بمذكور الكلام على متروكه .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ( البقرة : 187 ) فإن قيل : ليس للفجر خيط أسود ، إنما الأسود من الليل .
فأجيب : إن
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187من الفجر ( البقرة : 187 ) متصل بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187الخيط الأبيض ( البقرة : 187 ) والمعنى : حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الفجر من الخيط الأسود من الليل ; لكن حذف " من الليل " لدلالة الكلام عليه ، ثم لوقوع الفجر في موضعه ; لأنه لا يصح أن يكون من الفجر متعلقا بالخيط الأسود ; ولو وقع من الفجر في موضعه متصلا بالخيط الأبيض لضعفت الدلالة على المحذوف ; وهو " من الليل " فحذف " من الليل " للاختصار ، وأخر " من الفجر " للدلالة عليه .
الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=28914الِاكْتِفَاءُ ، وَهُوَ أَنْ يَقْتَضِيَ الْمَقَامُ ذِكْرَ شَيْئَيْنِ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ وَارْتِبَاطٌ ; فَيُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا عَنِ الْآخَرِ ، وَيُخَصُّ بِالِارْتِبَاطِ الْعَطْفِيِّ غَالِبًا ; فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28914الِارْتِبَاطَ خَمْسَةُ أَنْوَاعٍ : وُجُودِيٌّ ، وَلُزُومِيٌّ ، وَخَبَرِيٌّ ، وَجَوَابِيٌّ ، وَعَطْفِيٌّ .
[ ص: 191 ] ثُمَّ لَيْسَ الْمُرَادُ الِاكْتِفَاءَ بِأَحَدِهِمَا كَيْفَ اتُّفِقَ ; بَلْ لِأَنَّ فِيهِ نُكْتَةً تَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ .
وَالْمَشْهُورُ فِي مِثَالِ هَذَا النَّوْعِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ( النَّحْلِ : 81 ) أَيْ : وَالْبَرْدَ ، هَكَذَا قَدَّرُوهُ ، وَأَوْرَدُوا عَلَيْهِ سُؤَالَ الْحِكْمَةِ مِنْ تَخْصِيصِ الْحَرِّ بِالذِّكْرِ ، وَأَجَابُوا بِأَنَّ الْخِطَابَ لِلْعَرَبِ ، وَبِلَادُهُمْ حَارَّةٌ ، وَالْوِقَايَةُ عِنْدَهُمْ مِنَ الْحَرِّ أَهَمُّ ; لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنَ الْبَرْدِ عِنْدَهُمْ .
وَالْحَقُّ أَنَّ الْآيَةَ لَيْسَتْ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ ; فَإِنَّ الْبَرْدَ ذُكِرَ الِامْتِنَانُ بِوِقَايَتِهِ قَبْلَ ذَلِكَ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=80وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا ( النَّحْلِ : 80 ) وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ( النَّحْلِ : 81 ) وَقَوْلِهِ فِي صَدْرِ السُّورَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=5وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ ( النَّحْلِ : 5 ) .
فَإِنْ قِيلَ : فَمَا الْحِكْمَةُ فِي ذِكْرِ الْوِقَايَتَيْنِ بَعْدَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا ( النَّحْلِ : 81 ) فَإِنَّ هَذِهِ وِقَايَةُ الْحَرِّ ، ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ( النَّحْلِ : 81 ) فَهَذِهِ وِقَايَةُ الْبَرْدِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ ؟ قِيلَ : لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَسَاكِنِ وَهَذِهِ إِلَى الْمَلَابِسِ ، [ نَعَمِ اعْمَلُوا فِي الْآيَةِ ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=81وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا ( النَّحْلِ : 81 ) وَلَمْ يَقُلِ السَّهْلُ وَفِيهِ الْجَوَابَانِ السَّابِقَانِ .
وَأَمْثِلَةُ هَذَا الْقِسْمِ كَثِيرَةٌ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=13وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ( الْأَنْعَامِ : 13 ) فَإِنَّهُ قِيلَ : الْمُرَادُ : " وَمَا تَحَرَّكَ " وَإِنَّمَا آثَرَ ذِكْرَ السُّكُونِ ; لِأَنَّهُ أَغْلَبُ الْحَالَيْنِ عَلَى الْمَخْلُوقِ مِنَ الْحَيَوَانِ وَالْجَمَادِ ، وَلِأَنَّ السَّاكِنَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ الْمُتَحَرِّكِ ، أَوْ لِأَنَّ كُلَّ مُتَحَرِّكٍ يَصِيرُ إِلَى السُّكُونِ ، وَلِأَنَّ السُّكُونَ هُوَ الْأَصْلُ وَالْحَرَكَةُ طَارِئَةٌ .
[ ص: 192 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=26بِيَدِكَ الْخَيْرُ ( آلِ عِمْرَانَ : 26 ) تَقْدِيرُهُ : " وَالشَّرُّ " إِذْ مَصَادِرُ الْأُمُورِ كُلِّهَا بِيَدِهِ جَلَّ جَلَالُهُ ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذِكْرَ الْخَيْرِ ; لِأَنَّهُ مَطْلُوبُ الْعِبَادِ وَمَرْغُوبُهُمْ إِلَيْهِ ; أَوْ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ وُجُودًا فِي الْعَالَمِ مِنَ الشَّرِّ ; وَلِأَنَّهُ يَجِبُ فِي بَابِ الْأَدَبِ أَلَّا يُضَافَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1018689وَالشَّرُّ لَيْسَ إِلَيْكَ .
وَقِيلَ : إِنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا وَرَدَ رَدًّا عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِيمَا أَنْكَرُوهُ مِمَّا وَعَدَهُ اللَّهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ
جِبْرِيلَ مِنْ فَتْحِ بِلَادِ
الرُّومِ وَفَارِسَ ، وَوَعَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْحَابَهُ بِذَلِكَ ، فَلَمَّا كَانَ الْكَلَامُ فِي الْخَيْرِ خَصَّهُ بِالذِّكْرِ بِاعْتِبَارِ الْحَالِ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=3الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ( الْبَقَرَةِ : 3 ) أَيْ : وَالشَّهَادَةِ ; لِأَنَّ الْإِيمَانَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَاجِبٌ ، وَآثَرَ الْغَيْبَ لِأَنَّهُ أَبْدَعُ ، وَلِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِيمَانَ بِالشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ .
وَمِثْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=25أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=26عَالِمُ الْغَيْبِ ( الْجِنِّ : 25 - 26 ) أَيْ : وَالشَّهَادَةُ بِدَلِيلِ التَّصْرِيحِ بِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ( الْبَقَرَةِ : 20 ) فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ أَوَّلًا الظُّلُمَاتِ وَالرَّعْدَ وَالْبَرْقَ ، وَطَوَى الْبَاقِي .
وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=67وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ( الْإِسْرَاءِ : 67 ) أَيْ : وَالْبَرِّ ، وَإِنَّمَا آثَرَ ذِكْرَ الْبَحْرِ لِأَنَّ ضَرَرَهُ أَشَدُّ .
وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=5وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ ( الصَّافَّاتِ : 5 ) أَيْ : وَالْمَغَارِبِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=273لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ( الْبَقَرَةِ : 273 ) أَيْ : وَلَا غَيْرَ إِلْحَافٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=113مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ ( آلِ عِمْرَانَ : 113 ) أَيْ : وَأُخْرَى غَيْرُ قَائِمَةٍ .
[ ص: 193 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=55وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ ( الْأَنْعَامِ : 55 ) أَيْ : وَالْمُؤْمِنِينَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ( الْبَقَرَةِ : 2 ) أَيْ : وَالْكَافِرِينَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=2هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ( الْبَقَرَةِ : 185 ) .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=41وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ ( الْبَقَرَةِ : 41 ) ، قِيلَ : الْمَعْنَى : وَآخِرَ كَافِرٍ بِهِ ، فَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ لِدَلَالَةِ قُوَّةِ الْكَلَامِ ، مِنْ جِهَةِ أَنَّ أَوَّلَ الْكُفْرِ وَآخِرَهُ سَوَاءٌ ، وَخُصَّتِ الْأَوْلَوِيَّةُ بِالذِّكْرِ لِقُبْحِهَا بِالِابْتِدَاءِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ ( الْمُلْكِ : 19 ) أَيْ : وَيَبْسُطْنَ ، قَالَهُ
الْفَارِسِيُّ .
وَحَكَى فِي " التَّذْكِرَةِ " عَنْ بَعْضِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=15أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى ( طه : 15 ) أَنَّ الْمَعْنَى : " أَكَادُ أُظْهِرُهَا أُخْفِيهَا لِتُجْزَى " فَحَذَفَ " أُظْهِرُهَا " لِدَلَالَةِ أُخْفِيهَا عَلَيْهِ .
قَالَ : وَعِنْدِي أَنَّ الْمَعْنَى " أُزِيلُ خَفَاءَهَا " فَلَا حَذْفَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ( الْبَقَرَةِ : 285 ) أَيْ : بَيْنَ أَحَدٍ وَأَحَدٍ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ ( الْحَدِيدِ : 10 ) أَيْ : وَمَنْ أَنْفَقَ بَعْدَهُ وَقَاتَلَ ; لِأَنَّ الِاسْتِوَاءَ يَطْلُبُ اثْنَيْنِ ; وَحُذِفَ الْمَعْطُوفُ لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ; أَلَا تَرَاهُ قَالَ بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=10أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا ( الْحَدِيدِ : 10 ) .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا ( النِّسَاءِ : 172 ) أَيْ : وَمَنْ لَا يَسْتَنْكِفُ وَلَا يَسْتَكْبِرُ ; بِدَلِيلِ التَّقْسِيمِ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا ( النِّسَاءِ : 173 )
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا ( النِّسَاءِ : 173 ) .
[ ص: 194 ] وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=17ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ ( الْأَعْرَافِ : 17 ) فَاكْتَفَى هُنَا بِذِكْرِ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ عَنِ الْجِهَتَيْنِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=14إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ ( فُصِّلَتْ : 14 ) الِاكْتِفَاءُ بِجِهَتَيْنِ عَنْ سَائِرِهَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ( الشُّعَرَاءِ : 22 ) أَيْ : وَلَمْ تُعْبِدْنِي .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=176إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ ( النِّسَاءِ : 176 ) أَيْ : وَلَا وَالِدَ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ أَوْجَبَ لِلْأُخْتِ النِّصْفَ ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ فَقْدِ الْأَبِ ، فَإِنَّ الْأَبَ يُسْقِطُهَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=67فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ( الْقَصَصِ : 67 ) وَلَمْ يَذْكُرِ الْقِسْمَ الْآخَرَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ " أَمَّا " إِذْ وَضْعُهَا لِتَفْصِيلِ كَلَامٍ مُجْمَلٍ ، وَأَقَلُّ أَقْسَامِهَا قِسْمَانِ ، وَلَا يَنْفَكُّ عَنْهُمَا فِي جَمِيعِ الْقُرْآنِ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ هَذَا أَحَدُهُمَا ، وَالتَّقْدِيرُ : وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَتُبْ وَلَا يُؤْمِنُ وَلَمْ يَعْمَلْ صَالِحًا فَلَا يَكُونُ مِنَ الْمُفْلِحِينَ ، وَالثَّانِي فِي آلِ عِمْرَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ( آلِ عِمْرَانَ : 7 ) إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=7إِلَّا اللَّهُ ( آلِ عِمْرَانَ : 7 ) هَذَا أَحَدُ الْقِسْمَيْنِ ، وَالْقِسْمُ الثَّانِي مَا بَعْدَهُ ، وَتَقْدِيرُهُ : وَأَمَّا الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ فَيَقُولُونَ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ ( الْبَقَرَةِ : 59 ) أَيْ : وَفِعْلًا غَيْرَ الَّذِي أُمِرُوا بِهِ ; لِأَنَّهُمْ أُمِرُوا بِشَيْئَيْنِ : بِأَنْ يَدْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا ، وَبِأَنْ يَقُولُوا حِطَّةٌ ; فَبَدَّلُوا الْقَوْلَ فِي " حِنْطَةٍ " " حِطَّةٌ " ، وَبَدَّلُوا الْفِعْلَ بِأَنْ دَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاهِهِمْ ، وَلَمْ يَدْخُلُوا سَاجِدِينَ ، وَالْمَعْنَى : إِرَادَتُنَا حِطَّةٌ ، أَيْ : حُطَّ عَنَّا ذُنُوبَنَا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=19وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ ( فَاطِرٍ : 19 - 20 - 21 )
[ ص: 195 ] قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : دُخُولُ " لَا " عَلَى نِيَّةِ التَّكْرَارِ ; كَأَنَّهُ قَالَ : وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ وَلَا النُّورُ وَالظُّلُمَاتُ ، وَاسْتَغْنَى بِذِكْرِ الْأَوَائِلِ عَنِ الثَّوَانِي ; وَدَلَّ بِمَذْكُورِ الْكَلَامِ عَلَى مَتْرُوكِهِ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ( الْبَقَرَةِ : 187 ) فَإِنْ قِيلَ : لَيْسَ لِلْفَجْرِ خَيْطٌ أَسْوَدُ ، إِنَّمَا الْأَسْوَدُ مِنَ اللَّيْلِ .
فَأُجِيبَ : إِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187مِنَ الْفَجْرِ ( الْبَقَرَةِ : 187 ) مُتَّصِلٌ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ ( الْبَقَرَةِ : 187 ) وَالْمَعْنَى : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْفَجْرِ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ اللَّيْلِ ; لَكِنْ حُذِفَ " مِنَ اللَّيْلِ " لِدَلَالَةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ ، ثُمَّ لِوُقُوعِ الْفَجْرِ فِي مَوْضِعِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْفَجْرِ مُتَعَلِّقًا بِالْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ; وَلَوْ وَقَعَ مِنَ الْفَجْرِ فِي مَوْضِعِهِ مُتَّصِلًا بِالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ لَضَعُفَتِ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمَحْذُوفِ ; وَهُوَ " مِنَ اللَّيْلِ " فَحُذِفَ " مِنَ اللَّيْلِ " لِلِاخْتِصَارِ ، وَأُخِّرَ " مِنَ الْفَجْرَ " لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ .