[ الإبداع ]
nindex.php?page=treesubj&link=28914الإبداع : بالباء الموحدة : أن يشتمل الكلام على عدة ضروب من البديع . قال
ابن أبي الإصبع : ولم أر في الكلام مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44ياأرض ابلعي ماءك [ هود : 44 ] ، فإن فيها عشرين ضربا من البديع ، وهي سبع عشرة لفظة ، وذلك : المناسبة التامة في : ( ابلعي ) و ( أقلعي ) . والاستعارة فيهما . والطباق بين الأرض والسماء .
والمجاز في قوله تعالى : ( ويا سماء ) ، فإن الحقيقة : يا مطر السماء . والإشارة في : وغيض الماء ، فإنه عبر به عن معان كثيرة ؛ لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء ، وتبلع الأرض ما يخرج منها من عيون الماء ، فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء .
والإرداف في : ( واستوت ) .
والتمثيل في : ( وقضي الأمر ) .
[ ص: 185 ] والتعليل ؛ فإن ( غيض الماء ) علة الاستواء .
وصحة التقسيم ؛ فإنه استوعب فيه أقسام الماء حالة نقصه ؛ إذ ليس إلا احتباس ماء السماء ، والماء النابع من الأرض ، وغيض الماء الذي على ظهرها .
والاحتراس في الدعاء لئلا يتوهم أن الغرق لعمومه يشمل من لا يستحق الهلاك ، فإن عدله تعالى يمنع أن يدعو على غير مستحق .
وحسن النسق وائتلاف اللفظ مع المعنى .
والإيجاز ؛ فإنه تعالى قص القصة مستوعبة بأخصر عبارة .
والتسهيم ؛ فإن أول الآية يدل على آخرها .
والتهذيب ؛ لأن مفرداتها موصوفة بصفات الحسن ، كل لفظة سهلة مخارج الحروف ، عليها رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة وعقادة التركيب ، وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام ، ولا يشكل عليه شيء منه .
والتمكين ؛ لأن الفاصلة مستقرة في محلها ، مطمئنة في مكانها ، غير قلقة ولا مستدعاة .
والانسجام . هذا ما ذكره
ابن أبي الإصبع . قلت : فيها أيضا الاعتراض .
[ الْإِبْدَاعُ ]
nindex.php?page=treesubj&link=28914الْإِبْدَاعُ : بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ : أَنْ يَشْتَمِلَ الْكَلَامُ عَلَى عِدَّةِ ضُرُوبٍ مِنَ الْبَدِيعِ . قَالَ
ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ : وَلَمْ أَرَ فِي الْكَلَامِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=44يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ [ هُودٍ : 44 ] ، فَإِنَّ فِيهَا عِشْرِينَ ضَرْبًا مِنَ الْبَدِيعِ ، وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ لَفْظَةً ، وَذَلِكَ : الْمُنَاسِبَةُ التَّامَّةُ فِي : ( ابْلَعِي ) وَ ( أَقْلِعِي ) . وَالِاسْتِعَارَةُ فِيهِمَا . وَالطِّبَاقُ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ .
وَالْمَجَازُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَيَا سَمَاءُ ) ، فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ : يَا مَطَرَ السَّمَاءِ . وَالْإِشَارَةُ فِي : وَغِيضَ الْمَاءُ ، فَإِنَّهُ عَبَّرَ بِهِ عَنْ مَعَانٍ كَثِيرَةٍ ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ لَا يَغِيضُ حَتَّى يُقْلِعَ مَطَرُ السَّمَاءِ ، وَتَبْلَعَ الْأَرْضُ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ عُيُونِ الْمَاءِ ، فَيَنْقُصُ الْحَاصِلُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ مِنَ الْمَاءِ .
وَالْإِرْدَافُ فِي : ( وَاسْتَوَتْ ) .
وَالتَّمْثِيلُ فِي : ( وَقُضِيَ الْأَمْرُ ) .
[ ص: 185 ] وَالتَّعْلِيلُ ؛ فَإِنَّ ( غِيضَ الْمَاءُ ) عِلَّةُ الِاسْتِوَاءِ .
وَصِحَّةُ التَّقْسِيمِ ؛ فَإِنَّهُ اسْتَوْعَبَ فِيهِ أَقْسَامَ الْمَاءِ حَالَةَ نَقْصِهِ ؛ إِذْ لَيْسَ إِلَّا احْتِبَاسُ مَاءِ السَّمَاءِ ، وَالْمَاءِ النَّابِعِ مِنَ الْأَرْضِ ، وَغِيضَ الْمَاءُ الَّذِي عَلَى ظَهْرِهَا .
وَالِاحْتِرَاسُ فِي الدُّعَاءِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْغَرَقَ لِعُمُومِهِ يَشْمَلُ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الْهَلَاكَ ، فَإِنَّ عَدْلَهُ تَعَالَى يَمْنَعُ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ .
وَحُسْنُ النَّسَقِ وَائْتِلَافُ اللَّفْظِ مَعَ الْمَعْنَى .
وَالْإِيجَازُ ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَصَّ الْقِصَّةَ مُسْتَوْعَبَةً بِأَخْصَرِ عِبَارَةٍ .
وَالتَّسْهِيمُ ؛ فَإِنَّ أَوَّلَ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى آخِرِهَا .
وَالتَّهْذِيبُ ؛ لِأَنَّ مُفْرَدَاتِهَا مَوْصُوفَةٌ بِصِفَاتِ الْحُسْنِ ، كُلُّ لَفْظَةٍ سَهْلَةُ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ ، عَلَيْهَا رَوْنَقُ الْفَصَاحَةِ مَعَ الْخُلُوِّ مِنَ الْبَشَاعَةِ وَعَقَادَةِ التَّرْكِيبِ ، وَحُسْنُ الْبَيَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ السَّامِعَ لَا يَتَوَقَّفُ فِي فَهْمِ مَعْنَى الْكَلَامِ ، وَلَا يُشْكِلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهُ .
وَالتَّمْكِينُ ؛ لِأَنَّ الْفَاصِلَةَ مُسْتَقِرَّةٌ فِي مَحَلِّهَا ، مُطَمْئِنَةٌ فِي مَكَانِهَا ، غَيْرُ قَلِقَةٍ وَلَا مُسْتَدْعَاةٍ .
وَالِانْسِجَامُ . هَذَا مَا ذَكَرَهُ
ابْنُ أَبِي الْإِصْبَعِ . قُلْتُ : فِيهَا أَيْضًا الِاعْتِرَاضُ .