قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137nindex.php?page=treesubj&link=28908وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون ) ( 137 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وأورثنا ) : يتعدى إلى مفعولين ، فالأول : " القوم " . و " الذين كانوا " نعت ، وفي المفعول الثاني ثلاثة أوجه : أحدها : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137مشارق الأرض ومغاربها ) : والمراد أرض
الشام أو
مصر . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137التي باركنا ) : على هذا فيه وجهان : أحدهما : هو صفة المشارق والمغارب . والثاني : صفة الأرض ، وفيه ضعف ؛ لأن فيه العطف على الموصوف قبل الصفة . والقول الثاني : أن المفعول الثاني لأورثنا . " التي باركنا " ؛ أي : الأرض التي باركنا ؛ فعلى هذا في المشارق والمغارب وجهان : أحدهما : هو ظرف ليستضعفوا . والثاني : أن تقديره : يستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها ، فلما حذف الحرف وصل الفعل بنفسه فنصب . والقول الثالث :
[ ص: 441 ] أن التي باركنا صفة على ما تقدم ، والمفعول الثاني محذوف تقديره : الأرض ، أو الملك . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137ما كان يصنع ) : " ما " بمعنى الذي ، وفي اسم كان وجهان : أحدهما : هو ضمير " ما " وخبرها يصنع فرعون ، والعائد محذوف ؛ أي : يصنعه .
والثاني : أن اسم كان " فرعون " ؛ وفي يصنع ضمير فاعل ، وهذا ضعيف ؛ لأن يصنع يصلح أن يعمل في فرعون فلا يقدر تأخيره ، كما لا يقدر تأخير الفعل في قولك قام زيد .
وقيل : " ما " مصدرية ، و " كان " زائدة . وقيل : ليست زائدة ، ولكن " كان " الناقصة لا تفصل بين " ما " وبين صلتها ، وقد ذكرنا ذلك في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10بما كانوا يكذبون ) [ البقرة : 10 ] . وعلى هذا القول تحتاج " كان " إلى اسم ، ويضعف أن يكون اسمها ضمير الشأن ؛ لأن الجملة التي بعدها صلة " ما " فلا تصلح للتفسير ، فلا يحصل بها الإيضاح وتمام الاسم ؛ لأن المفسر يجب أن يكون مستقبلا ، فتدعو الحاجة إلى أن نجعل فرعون اسم كان ، وفي " يصنع " ضمير يعود عليه . و (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137يعرشون ) : بضم الراء وكسرها لغتان ، وكذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يعكفون ) وقد قرئ بهما فيهما .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138nindex.php?page=treesubj&link=28908وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة قال إنكم قوم تجهلون ) ( 138 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138وجاوزنا ببني إسرائيل البحر ) : الباء هنا معدية كالهمزة والتشديد ؛ أي : أجزنا
ببني إسرائيل البحر وجوزنا .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138كما لهم آلهة ) : في " ما " ثلاثة أوجه : أحدها : هي مصدرية ، والجملة بعدها صلة لها ، وحسن ذلك أن الظرف مقدر بالفعل . والثاني : أن " ما " بمعنى الذي ، والعائد محذوف ، وآلهة بدل منه ، تقديره : كالذي هو لهم ، والكاف وما عملت فيه صفة لإله ؛ أي : إلها مماثلا للذي لهم . والوجه الثالث أن تكون " ما " كافة للكاف إذ من حكم الكاف أن تدخل على المفرد ، فلما أريد دخولها على الجملة كفت بما .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139nindex.php?page=treesubj&link=28908إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ) ( 139 ) .
[ ص: 442 ] قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139ما هم فيه ) : يجوز أن تكون : " ما " مرفوعة بمتبر ؛ لأنه قوي بوقوعه خبرا ، وأن تكون " ما : مبتدأ ، ومتبر خبر مقدم .
قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140nindex.php?page=treesubj&link=28908قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين ) ( 140 ) .
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140أغير الله ) : فيه وجهان : أحدهما : هو مفعول أبغيكم ، والتقدير : أبغي لكم ؛ فحذف اللام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140إلها ) : تمييز . والثاني : أن " إلها " مفعول أبغيكم ، و " غير الله " صفة قدمت عليه فصارت حالا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140وهو فضلكم ) : يجوز أن يكون حالا ، وأن يكون مستأنفا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137nindex.php?page=treesubj&link=28908وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ ) ( 137 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَأَوْرَثْنَا ) : يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ ، فَالْأَوَّلُ : " الْقَوْمَ " . وَ " الَّذِينَ كَانُوا " نَعْتٌ ، وَفِي الْمَفْعُولِ الثَّانِي ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ) : وَالْمُرَادُ أَرْضُ
الشَّامِ أَوْ
مِصْرَ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137الَّتِي بَارَكْنَا ) : عَلَى هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ صِفَةُ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ . وَالثَّانِي : صِفَةُ الْأَرْضِ ، وَفِيهِ ضَعْفٌ ؛ لِأَنَّ فِيهِ الْعَطْفَ عَلَى الْمَوْصُوفِ قَبْلَ الصِّفَةِ . وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمَفْعُولَ الثَّانِيَ لِأَوْرَثْنَا . " الَّتِي بَارَكْنَا " ؛ أَيِ : الْأَرْضَ الَّتِي بَارَكْنَا ؛ فَعَلَى هَذَا فِي الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ ظَرْفٌ لِيُسْتَضْعَفُوا . وَالثَّانِي : أَنَّ تَقْدِيرَهُ : يُسْتَضْعَفُونَ فِي مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا ، فَلَمَّا حُذِفَ الْحَرْفُ وُصِلَ الْفِعْلُ بِنَفْسِهِ فَنُصِبَ . وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ :
[ ص: 441 ] أَنَّ الَّتِي بَارَكْنَا صِفَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : الْأَرْضَ ، أَوِ الْمُلْكَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137مَا كَانَ يَصْنَعُ ) : " مَا " بِمَعْنَى الَّذِي ، وَفِي اسْمِ كَانَ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ ضَمِيرُ " مَا " وَخَبَرُهَا يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ؛ أَيْ : يَصْنَعُهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ اسْمَ كَانَ " فِرْعَوْنُ " ؛ وَفِي يَصْنَعُ ضَمِيرُ فَاعِلٍ ، وَهَذَا ضَعِيفٌ ؛ لِأَنَّ يَصْنَعُ يَصْلُحُ أَنْ يَعْمَلَ فِي فِرْعَوْنَ فَلَا يُقَدَّرُ تَأْخِيرُهُ ، كَمَا لَا يُقَدَّرُ تَأْخِيرُ الْفِعْلِ فِي قَوْلِكَ قَامَ زَيْدٌ .
وَقِيلَ : " مَا " مَصْدَرِيَّةٌ ، وَ " كَانَ " زَائِدَةٌ . وَقِيلَ : لَيْسَتْ زَائِدَةً ، وَلَكِنَّ " كَانَ " النَّاقِصَةَ لَا تَفْصِلُ بَيْنَ " مَا " وَبَيْنَ صِلَتِهَا ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=10بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ) [ الْبَقَرَةِ : 10 ] . وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَحْتَاجُ " كَانَ " إِلَى اسْمٍ ، وَيَضْعُفُ أَنْ يَكُونَ اسْمُهَا ضَمِيرَ الشَّأْنِ ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ الَّتِي بَعْدَهَا صِلَةُ " مَا " فَلَا تَصْلُحُ لِلتَّفْسِيرِ ، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا الْإِيضَاحُ وَتَمَامُ الِاسْمِ ؛ لِأَنَّ الْمُفَسَّرَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا ، فَتَدْعُو الْحَاجَةُ إِلَى أَنْ نَجْعَلَ فِرْعَوْنَ اسْمَ كَانَ ، وَفِي " يَصْنَعُ " ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَيْهِ . وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137يَعْرِشُونَ ) : بِضَمِّ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا لُغَتَانِ ، وَكَذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138يَعْكُفُونَ ) وَقَدْ قُرِئَ بِهِمَا فِيهِمَا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138nindex.php?page=treesubj&link=28908وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) ( 138 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ) : الْبَاءُ هُنَا مُعَدِّيَّةٌ كَالْهَمْزَةِ وَالتَّشْدِيدِ ؛ أَيْ : أَجَزْنَا
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ وَجَوَّزْنَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=138كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ) : فِي " مَا " ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا : هِيَ مَصْدَرِيَّةٌ ، وَالْجُمْلَةُ بَعْدَهَا صِلَةٌ لَهَا ، وَحَسَّنَ ذَلِكَ أَنَّ الظَّرْفَ مُقَدَّرٌ بِالْفِعْلِ . وَالثَّانِي : أَنَّ " مَا " بِمَعْنَى الَّذِي ، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ ، وَآلِهَةٌ بَدَلٌ مِنْهُ ، تَقْدِيرُهُ : كَالَّذِي هُوَ لَهُمْ ، وَالْكَافُ وَمَا عَمِلَتْ فِيهِ صِفَةٌ لِإِلَهٍ ؛ أَيْ : إِلَهًا مُمَاثِلًا لِلَّذِي لَهُمْ . وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ " مَا " كَافَّةً لِلْكَافِ إِذْ مِنْ حُكْمِ الْكَافِ أَنْ تَدْخُلَ عَلَى الْمُفْرَدِ ، فَلَمَّا أُرِيدَ دُخُولُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ كُفَّتْ بِمَا .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139nindex.php?page=treesubj&link=28908إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) ( 139 ) .
[ ص: 442 ] قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=139مَا هُمْ فِيهِ ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ : " مَا " مَرْفُوعَةً بِمُتَبَّرٍ ؛ لِأَنَّهُ قَوِيٌّ بِوُقُوعِهِ خَبَرًا ، وَأَنْ تَكُونَ " مَا : مُبْتَدَأً ، وَمُتَبَّرٌ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ .
قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140nindex.php?page=treesubj&link=28908قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ) ( 140 ) .
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140أَغَيْرَ اللَّهِ ) : فِيهِ وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : هُوَ مَفْعُولُ أَبْغِيكُمْ ، وَالتَّقْدِيرُ : أَبْغِي لَكُمْ ؛ فَحُذِفَ اللَّامُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140إِلَهًا ) : تَمْيِيزٌ . وَالثَّانِي : أَنَّ " إِلَهًا " مَفْعُولُ أَبْغِيكُمْ ، وَ " غَيْرَ اللَّهِ " صِفَةٌ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ فَصَارَتْ حَالًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=140وَهُوَ فَضَّلَكُمْ ) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا ، وَأَنْ يَكُونَ مُسْتَأْنَفًا .