[ ص: 522 ] الباب السابع
في المترتبات على الإفطار
وهي سبعة أحكام :
الحكم الأول : الإمساك تشبيها بالصائمين ، وفي الجواهر : هو واجب على كل متعمد بالإفطار في شهر رمضان ، أو ظان الإباحة مع عدمها ، وغير واجب على من أبيح له إباحة حقيقية كالمريض يصح ، والمسافر يقدم ، والحائض تطهر في بقية النهار ، وقاله ( ش ) ، وقال ( ح ) : يجب قياسا على قيام البينة على رؤية الهلال .
وجوابه : أن الأداء هاهنا معلوم في البعض ، وتعلق الوجوب بالبعض الآخر محال ، والخطاب ثمة متعلق بالكل ، فيشترط الثبوت وقد ثبت فيجب ، ومن
nindex.php?page=treesubj&link=2394أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أمسك ولم يحك خلافا ، وفي الجلاب : إذا شهد على رمضان نهارا وجب الكف والقضاء ، وظاهر التلقين متعارض غير أن نقل الخلاف أصرح ، ثم قال في الجواهر : أما الصبا والجنون والكفر إذا زالت لا يجب الإمساك ، وقيل : يجب في الكفر ، وظاهر المدونة ما نقله ابن الجلاب ، قال
سند : فلو أسلم الكافر ، قال مالك : يمسك ; لكونه مخاطبا بفروع الشرع خلافا لأشهب ، ولو بلغ الصبي بقي على حاله صائما أو مفطرا ، ولو
nindex.php?page=treesubj&link=2361أفطر البالغ لعطش أباح له
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون الأكل ، ومنع
ابن حبيب ، وفرق بأن عذره يقتضي
[ ص: 523 ] إفطاره ساعة بخلاف غيره . ومنع بعض أصحابنا من وطء المسافر امرأته الطاهرة النصرانية ; لأنها مخاطبة بالصوم .
الحكم الثاني : القضاء ، وفي الجواهر : يجب قضاء رمضان على كل مفسد للصوم أو تارك له بسفر أو مرض أو حيض أو إغماء أو سهو أو جنون ، وقيل في الجنون : ما لم تكثر السنون ، وقيل : ما لم يبلغ مجنونا ، ولا يجب بالصبا أو الكفر أو عجز من الكبر ، ولا يجب التتابع فيه : ويستحب
nindex.php?page=treesubj&link=2527إذا شرع في قضاء يوم وجب عليه إتمامه وإن لم يكن على . . . فإن أفطر متعمدا وجب قضاء الأصل ، وفي قضاء القضاء قولان ، والأصل في هذا قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر ) . أو يقال : فرؤية الهلال سبب للوجوب ، والأصل عدم الخروج عن عهدته إلا ما دل عليه الدليل ، ويجب القضاء بالنذر بالإفطار عمدا أو نسيانا ، ومع العذر إن كان غير معين ، وإن كان معينا فقيل كذلك ، وقيل : لا يجب مع العذر دون النسيان ، وقيل : يجب إن كان المقصود اليوم لمعنى فيه ، وعليه يخرج الخلاف في ناذر صوم يوم يقدم فلان فقدم نهارا ، ففي الكتاب سقوطه خلافا
لأشهب ، وفي الكتاب : يقضي في عشر ذي الحجة ، قال
سند : جملة السنة وقت له إلا الفطر والنحر وأيام التشريق ، واستحب
عمر - رضي الله عنه - قضاءه من العشر . وفي
أبي داود قال - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348852ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله في هذه الأيام " يعني أيام العشر فإن قضى في يوم النحر لم يجزه ; لأن النهي دليل الفساد ، وكذلك أيام النحر الثلاثة ، وفيها الخلاف المتقدم في الشروط ، ولا يبتدئ القضاء في الرابع ، وفيه خلاف وهو أخف من الثلاثة ، ويجوز تأخيره إلى شعبان ويحرم بعده ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348853لقول عائشة - رضي الله عنها - : إن كانت إحدانا لتفطر في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما تقدر أن تقضيه مع الشغل به - صلى الله عليه وسلم - حتى يأتي شعبان .
[ ص: 524 ] قال
اللخمي : إذا لم يبق من شعبان إلا ما يسع التمتع وقضاء رمضان صام القضاء تغليبا لأصله ، فإن وسعهما بدأ بالتمتع عند مالك في الكتاب ، وخيره أشهب ، ويكره التطوع قبله عند
مالك ، ووسع فيه
ابن حبيب .
وإن
nindex.php?page=treesubj&link=2528مات ، وعليه صيام لم يصم عنه أحد - وصى به أم لا عند
مالك و ( ح ) ، ومشهور ( ش ) ، خلافا
لابن حنبل في النذر ، وفي
مسلم قال - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348854من مات وعليه صوم صام عنه وليه " .
وجوابه : صرفه عن ظاهره ; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وأن ليس للإنسان إلا ما سعى ) . فيحمل على أن يفعل ما ينوب مناب الصوم من الصدقة والدعاء ، وفي الموطأ : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنه - يقول : لا يصوم أحد عن أحد ، ولا يصلي أحد عن أحد ، وقياسا على الجهاد والصلاة في حالة الحياة .
قال
ابن القاسم : إن
nindex.php?page=treesubj&link=2527شرع في قضاء يوم ، ثم تبين له أنه قضاه لا يجوز له فطره ; لأن أقل أحواله أن يكون نفلا ، وقال
أشهب : لا أحبه ، فإن فعل فلا شيء عليه . وفي الكتاب : إن أكل في يوم القضاء أحب إلي إتمامه ويجوز فطره ، قال
سند : وإن أكل فيه عامدا لم يستحب له الإمساك ، وكذلك النذر المطلق ; لأن الإمساك لحرمة الوقت .
الحكم الثالث : الإطعام ، وفي الجواهر : لوجوبه ثلاثة أسباب : فوات فضيلة الوقت كالحامل والمرضع ، وبدل من الصوم كالشيخ والعاجز ، وتأخير القضاء عن وقته مع الإمكان ، وفي الكتاب : من
nindex.php?page=treesubj&link=2528_23396فرط في القضاء وأوصى أن يطعم عنه مد لكل يوم ، مقدم عن الوصايا لوجوبه ، مؤخر عن الزكاة ; لأنها مجمع عليها ، ولم يقف وجوبها على تبيين من المكلف ، قال
سند : إن
nindex.php?page=treesubj&link=2529مات قبل التمكن من القضاء ، أو تمكن ومات في السنة فلا إطعام خلافا ل ( ش ) في القسم الثاني ،
[ ص: 525 ] محتجا بقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ) . وهذا مطيق .
وجوابه : أنه في صوم رمضان لا في قضائه سلمناه ، لكن الإطعام كفارة لترك الواجب ، ولا يتعين إلا بخروج جملة الوقت ، قال : فإن مضى من شعبان يوم ترتب إطعام يوم ، فإن مرض في بقية شعبان لم يجب عليه غير ذلك ، فإن صح أياما وجب عليه بعددها ، وقاله ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل ، وقال ( ح ) : لا يجب ; لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فعدة من أيام أخر ) - من غير تقييد فيعم العمر لا تقييده بالسنة ، لكن خروجها يقتضي [ بقاء ] صيامه في الذمة كالصلاة بعد الوقت لا غير .
وجوابه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة - رضي الله عنهم - كانوا يقولون بذلك من غير نكير ، فكان إجماعا وقياسا على المرضع والشيخ عندنا إذا أخره سنين لم تجب إلا كفارة واحدة ، خلافا لبعض الشافعية قياسا على كفارة الإفساد .
ويقدم الإطعام على النذر ; لأن سببه مقدم في الشرع ، ويؤخر عن كفارة . . . ; لأنه مسبب عن القضاء وهي عن الأداء . و . . . إفطارا بموضع مقدم عليه لذلك ، وهو وهادي المتعة سواء ، فإن لم يوص به لا يلزم الورثة ، خلافا ل ( ش ) وإحدى الروايتين عن
مالك ، وأنكرها
ابن أبي زيد ; لأنه قد يخرجه ولا يعلمون ، أو يحمله أحد عنه ; لأنه مفتقر إلى النية ولم ينو ، والإطعام مد ، ومد العيش كسائر الكفارات ، وقال
أشهب : يخرج في غير المدونة مدا ، قال
الباجي : هو استحباب ، ويطعم عند
ابن القاسم في الكتاب مع القضاء - كالهدي مع حج القضاء ، وقال
أشهب : لا تقييد لتحقق سببه ، وإذا فرعنا على الثاني وأطعم لليوم الأول مسكينا ، ثم فرط الثاني من شعبان فلم يصمه ، جاز له
[ ص: 526 ] أن يطعم المسكين الأول ; لأنه سبب طرأ بعد الفراغ من الأول ، فإن لم يكفر عن الأول [ لم يجز ] الدفع له على الاختلاف في اجتماع الكفارات ، فلو عزم على التأخير فأطعم قبله لم يجزه عند
أشهب لعدم السبب .
الحكم الرابع في الكفارة ، وفي الجواهر : اختلف الأصحاب : هل هي متنوعة ؟ - وهو الصحيح ، أو مختصة بالإطعام ; لقوله في الكتاب : لا يعرف
مالك غير الإطعام ؟ قال صاحب التنبيهات : وهذا التأويل خلاف الإجماع ، بل ذلك محمول على الأفضل .
النوع الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12132عتق رقبة مؤمنة كاملة غير ملفقة سليمة من الاستحقاق بوجه .
النوع الثاني :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12138صوم شهرين متتابعين ; لأن التتابع وقع في بعض روايات الحديث ، وقياسا على كفارة القتل .
النوع الثالث :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12139إطعام ستين مسكينا ، لكل مسكين مد بمده - صلى الله عليه وسلم - . وخير
أشهب بينه وبين الغداء والعشاء . وإذا فرعنا على المشهور فالإطعام يعمها للحديث السابق في خبرها ، وقيل : يختص بغير الجماع ; لأن العتق والصيام وردا في الجماع فيختص بهما ، والإطعام إنما ورد في المطيق للآية ، والإطعام أفضل على المشهور لعموم نفعه لا سيما في الشدائد ، وقيل : العتق أفضل ، وقال المتأخرون : يختلف ذلك باختلاف الأحوال ، وتستقر الكفارة في الذمة عند العجز .
وقال
مالك : هي على التخيير ; لأن الحديث رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة بصيغة أو - وهي للتخيير ، وقياسا على كفارة اليمين ، وقالت الأئمة على الترتيب ، وهو أحد القولين عندنا ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - في
مسلم لم يوجب عليه خصلة إلا بعد أن . . . وقياسا على كفارة القتل والظهار .
وجوابه : أن الذي في الحديث استفهام وليس بشرط ، وفي الجلاب : إذا أطعم ثلاثين مسكينا مدين مدين في يوم عن كفارة ، جاز أن يطعمهم في يوم آخر
[ ص: 527 ] عن كفارة أخرى .
سؤال : المقصود من الإطعام هو أحد الجانبين وسد خلة المساكين ، وهما حاصلان بإطعام مسكين ذلك الطعام في ستين يوما لسد ستين خلة ، فما الفرق ؟
جوابه : أن الجماعة يمكن أن يكون فيهم ولي أو أولياء لله تعالى فيكون إطعامهم أفضل ، ولأنه يرجى من دعائهم ما لا يرجى من دعاء الواحد ، أصله الصلاة على الجنازة ، ولذلك أوجب ( ش ) في الزكاة الدفع للأصناف .
وقال
اللخمي : يقتضي المذهب الإجبار على الكفارة ، ولا توكل إلى الأمانة ; فمن ادعى إسقاطها لجهل أو تأويل لا يصدق ، إلا أن يأتي بما يشبه ، وقال . . . القياس هي موكولة إلى الأمانة .
الحكم الخامس : قال
سند : قال
مالك : العقوبة لمن تعمد الإفساد إن ظهر عليه ولم يأت مستفتيا ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعاقب السائل ، وكيلا يمتنع الناس عن الاستفتاء .
الحكم السادس : في الجواهر :
nindex.php?page=treesubj&link=23320قطع التتابع فيما يشترط فيه ، فإن أفطر فيه لغير عذر أو عذر يمكنه دفعه كالسفر ، فأما ما لا يمكنه من سهو أو مرض أو عدة أو حيض فلا ، وفي الجلاب : إن تعمد صيام ذي الحجة مع علمه بأيام التشريق لم يجزه ، وإن جهل أفطر وبنى ، ويستحب له الابتداء ، ولو صام شعبان ورمضان لكفارته وفرضه قضى ثلاثة أشهر .
الحكم السابع : قطع النية الحكمية ، وفي الجواهر : تنقطع بإفساد الصوم أو تركه على الإطلاق ، ولعذر أو لغير عذر ، أو بزوال التحتم كالسفر والمرض .
[ ص: 522 ] الْبَابُ السَّابِعُ
فِي الْمُتَرَتِّبَاتِ عَلَى الْإِفْطَارِ
وَهِيَ سَبْعَةُ أَحْكَامٍ :
الْحُكْمُ الْأَوَّلُ : الْإِمْسَاكُ تَشْبِيهًا بِالصَّائِمِينَ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : هُوَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُتَعَمِّدٍ بِالْإِفْطَارِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، أَوْ ظَانٍّ الْإِبَاحَةَ مَعَ عَدَمِهَا ، وَغَيْرُ وَاجِبٍ عَلَى مَنْ أُبِيحَ لَهُ إِبَاحَةً حَقِيقِيَّةً كَالْمَرِيضِ يَصِحُّ ، وَالْمُسَافِرِ يَقْدَمُ ، وَالْحَائِضِ تَطْهُرُ فِي بَقِيَّةِ النَّهَارِ ، وَقَالَهُ ( ش ) ، وَقَالَ ( ح ) : يَجِبُ قِيَاسًا عَلَى قِيَامِ الْبَيِّنَةِ عَلَى رُؤْيَةِ الْهِلَالِ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّ الْأَدَاءَ هَاهُنَا مَعْلُومٌ فِي الْبَعْضِ ، وَتَعَلُّقُ الْوُجُوبِ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ مُحَالٌ ، وَالْخِطَابُ ثَمَّةَ مُتَعَلِّقٌ بِالْكُلِّ ، فَيُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ وَقَدْ ثَبَتَ فَيَجِبُ ، وَمَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2394أَصْبَحَ يَوْمَ الشَّكِّ مُفْطِرًا ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَمْسَكَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافًا ، وَفِي الْجُلَّابِ : إِذَا شَهِدَ عَلَى رَمَضَانَ نَهَارًا وَجَبَ الْكَفُّ وَالْقَضَاءُ ، وَظَاهِرُ التَّلْقِينِ مُتَعَارِضٌ غَيْرَ أَنَّ نَقْلَ الْخِلَافِ أَصْرَحُ ، ثُمَّ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ : أَمَّا الصِّبَا وَالْجُنُونُ وَالْكُفْرُ إِذَا زَالَتْ لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ ، وَقِيلَ : يَجِبُ فِي الْكُفْرِ ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ الْجَلَّابِ ، قَالَ
سَنَدٌ : فَلَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ ، قَالَ مَالِكٌ : يُمْسِكُ ; لِكَوْنِهِ مُخَاطَبًا بِفُرُوعِ الشَّرْعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ ، وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَقِيَ عَلَى حَالِهِ صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا ، وَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2361أَفْطَرَ الْبَالِغُ لِعَطَشٍ أَبَاحَ لَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ الْأَكْلَ ، وَمَنَعَ
ابْنُ حَبِيبٍ ، وَفَرَّقَ بِأَنَّ عُذْرَهُ يَقْتَضِي
[ ص: 523 ] إِفْطَارَهُ سَاعَةً بِخِلَافِ غَيْرِهِ . وَمَنَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا مِنْ وَطْءِ الْمُسَافِرِ امْرَأَتَهُ الطَّاهِرَةَ النَّصْرَانِيَّةَ ; لِأَنَّهَا مُخَاطَبَةٌ بِالصَّوْمِ .
الْحُكْمُ الثَّانِي : الْقَضَاءُ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : يَجِبُ قَضَاءُ رَمَضَانَ عَلَى كُلِّ مُفْسِدٍ لِلصَّوْمِ أَوْ تَارِكٍ لَهُ بِسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ إِغْمَاءٍ أَوْ سَهْوٍ أَوْ جُنُونٍ ، وَقِيلَ فِي الْجُنُونِ : مَا لَمْ تَكْثُرِ السُّنُونُ ، وَقِيلَ : مَا لَمْ يَبْلُغْ مَجْنُونًا ، وَلَا يَجِبُ بِالصِّبَا أَوِ الْكُفْرِ أَوْ عَجْزٍ مِنَ الْكِبَرِ ، وَلَا يَجِبُ التَّتَابُعُ فِيهِ : وَيُسْتَحَبُّ
nindex.php?page=treesubj&link=2527إِذَا شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إِتْمَامُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى . . . فَإِنْ أَفْطَرَ مُتَعَمِّدًا وَجَبَ قَضَاءُ الْأَصْلِ ، وَفِي قَضَاءِ الْقَضَاءِ قَوْلَانِ ، وَالْأَصْلُ فِي هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) . أَوْ يُقَالُ : فَرُؤْيَةُ الْهِلَالِ سَبَبٌ لِلْوُجُوبِ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَتِهِ إِلَّا مَا دَلَّ عَلَيْهِ الدَّلِيلُ ، وَيَجِبُ الْقَضَاءُ بِالنَّذْرِ بِالْإِفْطَارِ عَمْدًا أَوْ نِسْيَانًا ، وَمَعَ الْعُذْرِ إِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا فَقِيلَ كَذَلِكَ ، وَقِيلَ : لَا يَجِبُ مَعَ الْعُذْرِ دُونَ النِّسْيَانِ ، وَقِيلَ : يَجِبُ إِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ الْيَوْمَ لِمَعْنًى فِيهِ ، وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ الْخِلَافُ فِي نَاذِرِ صَوْمِ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ نَهَارًا ، فَفِي الْكِتَابِ سُقُوطُهُ خِلَافًا
لِأَشْهَبَ ، وَفِي الْكِتَابِ : يَقْضِي فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ ، قَالَ
سَنَدٌ : جُمْلَةُ السَّنَةِ وَقْتٌ لَهُ إِلَّا الْفِطْرَ وَالنَّحْرَ وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ ، وَاسْتَحَبَّ
عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَضَاءَهُ مِنَ الْعَشْرِ . وَفِي
أَبِي دَاوُدَ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348852مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ " يَعْنِي أَيَّامَ الْعَشْرِ فَإِنْ قَضَى فِي يَوْمِ النَّحْرِ لَمْ يُجْزِهِ ; لِأَنَّ النَّهْيَ دَلِيلُ الْفَسَادِ ، وَكَذَلِكَ أَيَّامُ النَّحْرِ الثَّلَاثَةُ ، وَفِيهَا الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الشُّرُوطِ ، وَلَا يَبْتَدِئُ الْقَضَاءَ فِي الرَّابِعِ ، وَفِيهِ خِلَافٌ وَهُوَ أَخَفُّ مِنَ الثَّلَاثَةِ ، وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهُ إِلَى شَعْبَانَ وَيَحْرُمُ بَعْدَهُ ;
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348853لِقَوْلِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - : إِنْ كَانَتْ إِحْدَانَا لَتُفْطِرُ فِي زَمَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا تَقْدِرُ أَنْ تَقْضِيَهُ مَعَ الشُّغْلِ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَأْتِيَ شَعْبَانُ .
[ ص: 524 ] قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إِلَّا مَا يَسَعُ التَّمَتُّعَ وَقَضَاءَ رَمَضَانَ صَامَ الْقَضَاءَ تَغْلِيبًا لِأَصْلِهِ ، فَإِنْ وَسِعَهُمَا بَدَأَ بِالتَّمَتُّعِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْكِتَابِ ، وَخَيَّرَهُ أَشْهَبُ ، وَيُكْرَهُ التَّطَوُّعُ قَبْلَهُ عِنْدَ
مَالِكٍ ، وَوَسَّعَ فِيهِ
ابْنُ حَبِيبٍ .
وَإِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2528مَاتَ ، وَعَلَيْهِ صِيَامٌ لَمْ يَصُمْ عَنْهُ أَحَدٌ - وَصَّى بِهِ أَمْ لَا عِنْدَ
مَالِكٍ وَ ( ح ) ، وَمَشْهُورُ ( ش ) ، خِلَافًا
لِابْنِ حَنْبَلٍ فِي النَّذْرِ ، وَفِي
مُسْلِمٍ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348854مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ " .
وَجَوَابُهُ : صَرْفُهُ عَنْ ظَاهِرِهِ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=39وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ) . فَيُحْمَلُ عَلَى أَنْ يَفْعَلَ مَا يَنُوبُ مَنَابَ الصَّوْمِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالدُّعَاءِ ، وَفِي الْمُوَطَّأِ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَقُولُ : لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ، وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ ، وَقِيَاسًا عَلَى الْجِهَادِ وَالصَّلَاةِ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ .
قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2527شَرَعَ فِي قَضَاءِ يَوْمٍ ، ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ قَضَاهُ لَا يَجُوزُ لَهُ فِطْرُهُ ; لِأَنَّ أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنْ يَكُونَ نَفْلًا ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : لَا أُحِبُّهُ ، فَإِنْ فَعَلَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ . وَفِي الْكِتَابِ : إِنْ أَكَلَ فِي يَوْمِ الْقَضَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ إِتْمَامُهُ وَيَجُوزُ فِطْرُهُ ، قَالَ
سَنَدٌ : وَإِنْ أَكَلَ فِيهِ عَامِدًا لَمْ يُسْتَحَبَّ لَهُ الْإِمْسَاكُ ، وَكَذَلِكَ النَّذْرُ الْمُطْلَقُ ; لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ .
الْحُكْمُ الثَّالِثُ : الْإِطْعَامُ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : لِوُجُوبِهِ ثَلَاثَةُ أَسْبَابٍ : فَوَاتُ فَضِيلَةِ الْوَقْتِ كَالْحَامِلِ وَالْمُرْضِعِ ، وَبَدَلٌ مِنَ الصَّوْمِ كَالشَّيْخِ وَالْعَاجِزِ ، وَتَأْخِيرُ الْقَضَاءِ عَنْ وَقْتِهِ مَعَ الْإِمْكَانِ ، وَفِي الْكِتَابِ : مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2528_23396فَرَّطَ فِي الْقَضَاءِ وَأَوْصَى أَنْ يُطْعَمَ عَنْهُ مُدٌّ لِكُلِّ يَوْمٍ ، مُقَدَّمٌ عَنِ الْوَصَايَا لِوُجُوبِهِ ، مُؤَخَّرٌ عَنِ الزَّكَاةِ ; لِأَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا ، وَلَمْ يَقِفْ وُجُوبُهَا عَلَى تَبْيِينٍ مِنَ الْمُكَلَّفِ ، قَالَ
سَنَدٌ : إِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=2529مَاتَ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنَ الْقَضَاءِ ، أَوْ تَمَكَّنَ وَمَاتَ فِي السَّنَةِ فَلَا إِطْعَامَ خِلَافًا لِ ( ش ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي ،
[ ص: 525 ] مُحْتَجًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةُ طَعَامِ مَسَاكِينَ ) . وَهَذَا مُطِيقٌ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّهُ فِي صَوْمِ رَمَضَانَ لَا فِي قَضَائِهِ سَلَّمْنَاهُ ، لَكِنَّ الْإِطْعَامَ كَفَّارَةٌ لِتَرْكِ الْوَاجِبِ ، وَلَا يَتَعَيَّنُ إِلَّا بِخُرُوجِ جُمْلَةِ الْوَقْتِ ، قَالَ : فَإِنْ مَضَى مِنْ شَعْبَانَ يَوْمٌ تَرَتَّبَ إِطْعَامُ يَوْمٍ ، فَإِنْ مَرِضَ فِي بَقِيَّةِ شَعْبَانَ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ غَيْرُ ذَلِكَ ، فَإِنْ صَحَّ أَيَّامًا وَجَبَ عَلَيْهِ بِعَدَدِهَا ، وَقَالَهُ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ ، وَقَالَ ( ح ) : لَا يَجِبُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ) - مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فَيَعُمُّ الْعُمُرَ لَا تَقْيِيدُهُ بِالسَّنَةِ ، لَكِنَّ خُرُوجَهَا يَقْتَضِي [ بَقَاءَ ] صِيَامِهِ فِي الذِّمَّةِ كَالصَّلَاةِ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا غَيْرُ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنَ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وَأَبَا هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَقُولُونَ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا وَقِيَاسًا عَلَى الْمُرْضِعِ وَالشَّيْخِ عِنْدَنَا إِذَا أَخَّرَهُ سِنِينَ لَمْ تَجِبْ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ ، خِلَافًا لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ قِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْإِفْسَادِ .
وَيُقَدَّمُ الْإِطْعَامُ عَلَى النَّذْرِ ; لِأَنَّ سَبَبَهُ مُقَدَّمٌ فِي الشَّرْعِ ، وَيُؤَخَّرُ عَنْ كَفَّارَةٍ . . . ; لِأَنَّهُ مُسَبَّبٌ عَنِ الْقَضَاءِ وَهِيَ عَنِ الْأَدَاءِ . وَ . . . إِفْطَارًا بِمَوْضِعٍ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ لِذَلِكَ ، وَهُوَ وَهَادِي الْمُتْعَةِ سَوَاءٌ ، فَإِنْ لَمْ يُوصِ بِهِ لَا يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ ، خِلَافًا لِ ( ش ) وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ
مَالِكٍ ، وَأَنْكَرَهَا
ابْنُ أَبِي زَيْدٍ ; لِأَنَّهُ قَدْ يُخْرِجُهُ وَلَا يَعْلَمُونَ ، أَوْ يَحْمِلُهُ أَحَدٌ عَنْهُ ; لِأَنَّهُ مُفْتَقِرٌ إِلَى النِّيَّةِ وَلَمْ يَنْوِ ، وَالْإِطْعَامُ مُدٌّ ، وَمُدُّ الْعَيْشِ كَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : يُخْرِجُ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ مُدًّا ، قَالَ
الْبَاجِيُّ : هُوَ اسْتِحْبَابٌ ، وَيُطْعِمُ عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ مَعَ الْقَضَاءِ - كَالْهَدْيِ مَعَ حَجِّ الْقَضَاءِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : لَا تَقْيِيدَ لِتَحَقُّقِ سَبَبِهِ ، وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الثَّانِي وَأَطْعَمَ لِلْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِسْكِينًا ، ثُمَّ فَرَطَ الثَّانِي مِنْ شَعْبَانَ فَلَمْ يَصُمْهُ ، جَازَ لَهُ
[ ص: 526 ] أَنْ يُطْعِمَ الْمِسْكِينَ الْأَوَّلَ ; لِأَنَّهُ سَبَبٌ طَرَأَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْأَوَّلِ ، فَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ عَنِ الْأَوَّلِ [ لَمْ يَجُزِ ] الدَّفْعُ لَهُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اجْتِمَاعِ الْكَفَّارَاتِ ، فَلَوْ عَزَمَ عَلَى التَّأْخِيرِ فَأَطْعَمَ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ عِنْدَ
أَشْهَبَ لِعَدَمِ السَّبَبِ .
الْحُكْمُ الرَّابِعُ فِي الْكَفَّارَةِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : اخْتَلَفَ الْأَصْحَابُ : هَلْ هِيَ مُتَنَوِّعَةٌ ؟ - وَهُوَ الصَّحِيحُ ، أَوْ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِطْعَامِ ; لِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ : لَا يَعْرِفُ
مَالِكٌ غَيْرَ الْإِطْعَامِ ؟ قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ : وَهَذَا التَّأْوِيلُ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ ، بَلْ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَفْضَلِ .
النَّوْعُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12132عِتْقُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ كَامِلَةٍ غَيْرِ مُلَفَّقَةٍ سَلِيمَةٍ مِنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِوَجْهٍ .
النَّوْعُ الثَّانِي :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12138صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ; لِأَنَّ التَّتَابُعَ وَقَعَ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْحَدِيثِ ، وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ .
النَّوْعُ الثَّالِثُ :
nindex.php?page=treesubj&link=23396_12139إِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ، لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ بِمُدِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَخَيَّرَ
أَشْهَبُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ . وَإِذَا فَرَّعْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَالْإِطْعَامُ يَعُمُّهَا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ فِي خَبَرِهَا ، وَقِيلَ : يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْجِمَاعِ ; لِأَنَّ الْعِتْقَ وَالصِّيَامَ وَرَدَا فِي الْجِمَاعِ فَيَخْتَصُّ بِهِمَا ، وَالْإِطْعَامُ إِنَّمَا وَرَدَ فِي الْمُطِيقِ لِلْآيَةِ ، وَالْإِطْعَامُ أَفْضَلُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِعُمُومِ نَفْعِهِ لَا سِيَّمَا فِي الشَّدَائِدِ ، وَقِيلَ : الْعِتْقُ أَفْضَلُ ، وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ : يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ ، وَتَسْتَقِرُّ الْكَفَّارَةُ فِي الذِّمَّةِ عِنْدَ الْعَجْزِ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : هِيَ عَلَى التَّخْيِيرِ ; لِأَنَّ الْحَدِيثَ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ بِصِيغَةِ أَوْ - وَهِيَ لِلتَّخْيِيرِ ، وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْيَمِينِ ، وَقَالَتِ الْأَئِمَّةُ عَلَى التَّرْتِيبِ ، وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي
مُسْلِمٍ لَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ خَصْلَةً إِلَّا بَعْدَ أَنْ . . . وَقِيَاسًا عَلَى كَفَّارَةِ الْقَتْلِ وَالظِّهَارِ .
وَجَوَابُهُ : أَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ اسْتِفْهَامٌ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ ، وَفِي الْجُلَّابِ : إِذَا أَطْعَمَ ثَلَاثِينَ مِسْكِينًا مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فِي يَوْمٍ عَنْ كَفَّارَةٍ ، جَازَ أَنْ يُطْعِمَهُمْ فِي يَوْمٍ آخَرَ
[ ص: 527 ] عَنْ كَفَّارَةٍ أُخْرَى .
سُؤَالٌ : الْمَقْصُودُ مِنَ الْإِطْعَامِ هُوَ أَحَدُ الْجَانِبَيْنِ وَسَدُّ خَلَّةِ الْمَسَاكِينِ ، وَهُمَا حَاصِلَانِ بِإِطْعَامِ مِسْكِينٍ ذَلِكَ الطَّعَامَ فِي سِتِّينَ يَوْمًا لِسَدِّ سِتِّينَ خَلَّةً ، فَمَا الْفَرْقُ ؟
جَوَابُهُ : أَنَّ الْجَمَاعَةَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ وَلِيٌّ أَوْ أَوْلِيَاءُ لِلَّهِ تَعَالَى فَيَكُونُ إِطْعَامُهُمْ أَفْضَلَ ، وَلِأَنَّهُ يُرْجَى مِنْ دُعَائِهِمْ مَا لَا يُرْجَى مِنْ دُعَاءِ الْوَاحِدِ ، أَصْلُهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ ، وَلِذَلِكَ أَوْجَبَ ( ش ) فِي الزَّكَاةِ الدَّفْعَ لِلْأَصْنَافِ .
وَقَالَ
اللَّخْمِيُّ : يَقْتَضِي الْمَذْهَبُ الْإِجْبَارَ عَلَى الْكَفَّارَةِ ، وَلَا تُوكَلُ إِلَى الْأَمَانَةِ ; فَمَنِ ادَّعَى إِسْقَاطَهَا لِجَهْلٍ أَوْ تَأْوِيلٍ لَا يُصَدَّقُ ، إِلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يُشْبِهُ ، وَقَالَ . . . الْقِيَاسُ هِيَ مَوْكُولَةٌ إِلَى الْأَمَانَةِ .
الْحُكْمُ الْخَامِسُ : قَالَ
سَنَدٌ : قَالَ
مَالِكٌ : الْعُقُوبَةُ لِمَنْ تَعَمَّدَ الْإِفْسَادَ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَأْتِ مُسْتَفْتِيًا ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُعَاقِبِ السَّائِلَ ، وَكَيْلَا يَمْتَنِعَ النَّاسُ عَنِ الِاسْتِفْتَاءِ .
الْحُكْمُ السَّادِسُ : فِي الْجَوَاهِرِ :
nindex.php?page=treesubj&link=23320قَطْعُ التَّتَابُعِ فِيمَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ، فَإِنْ أَفْطَرَ فِيهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ أَوْ عُذْرٍ يُمْكِنُهُ دَفْعُهُ كَالسَّفَرِ ، فَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُهُ مِنْ سَهْوٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ عِدَّةٍ أَوْ حَيْضٍ فَلَا ، وَفِي الْجُلَّابِ : إِنْ تَعَمَّدَ صِيَامَ ذِي الْحِجَّةِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لَمْ يُجْزِهِ ، وَإِنْ جَهِلَ أَفْطَرَ وَبَنَى ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ الِابْتِدَاءُ ، وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ لِكَفَّارَتِهِ وَفَرْضِهِ قَضَى ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ .
الْحُكْمُ السَّابِعُ : قَطْعُ النِّيَّةِ الْحُكْمِيَّةِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ : تَنْقَطِعُ بِإِفْسَادِ الصَّوْمِ أَوْ تَرْكِهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ ، وَلِعُذْرٍ أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ ، أَوْ بِزَوَالِ التَّحَتُّمِ كَالسَّفَرِ وَالْمَرَضِ .