مسألة : قال
الشافعي رضي الله عنه : وما كان منها تطوعا أكل منها لقول الله جل وعز
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأكل النبي صلى الله عليه وسلم من لحم هديه وأطعم وكان هديه تطوعا " .
قال
الماوردي : وجملة الهدايا ثلاثة أضرب : ضرب وجب في الحج جبرانا ، وضرب وجب نذرا ، وضرب ساقه تطوعا .
[ ص: 379 ] فأما
nindex.php?page=treesubj&link=3684الواجب في الحج جبرانا وهو : ما وجب لترك مأمور به أو فعل منهي عنه فلا يجوز عند
الشافعي أن يأكل من شيء منه بحال .
وقال
أبو حنيفة : يجوز أن يأكل من التمتع والقران دون ما سواهما : لأنهما عنده نسك لا جبران .
وقال
مالك : يجوز أن يأكل من جميع الدماء الواجبة إلا من دمين لا يجوز أن يأكل منهما وهما جزاء الصيد وفدية الأذى ، وقد مضى الكلام في ذلك من قبل ، ثم نقيس ما خالفوا فيه على ما أجمعوا هاهنا عليه فنقول : لأنه دم وجبت إراقته في حج فلم يجز أن يأكل منه كجزاء الصيد : ولأن الدم أحد نوعي ما يقع به التكفير في الإحرام فلم يجز أن يأكل منه كالطعام يعني : الحنطة ، فإذا ثبت أنه يجوز أن يأكل منه فأكل كان ضامنا له وفي كيفية ضمانه ثلاثة أوجه
أحدهما : أن يضمن قيمته ورقا ، لأنه أتلف على المساكين ما لا مثل له فوجبت عليه قيمته .
والوجه الثاني : عليه بقدر وزنه لحما ، لأنه أقرب عليه وأسهل وأنفع للمساكين .
والوجه الثالث : عليه أن يعتبر ما أكله من اللحم كم هو من الهدي أنصف أم ثلث ؟ فيلزمه مثله من الحيوان الحي .
مَسْأَلَةٌ : قَالَ
الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : وَمَا كَانَ مِنْهَا تَطَوُّعًا أَكَلَ مِنْهَا لِقَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=36فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَكَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ لَحْمِ هَدْيِهِ وَأَطْعَمَ وَكَانَ هَدْيُهُ تَطَوُّعًا " .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : وَجُمْلَةُ الْهَدَايَا ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ : ضَرْبٌ وَجَبَ فِي الْحَجِّ جُبْرَانًا ، وَضَرْبٌ وَجَبَ نَذْرًا ، وَضَرْبٌ سَاقَهُ تَطَوُّعًا .
[ ص: 379 ] فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=3684الْوَاجِبُ فِي الْحَجِّ جُبْرَانًا وَهُوَ : مَا وَجَبَ لِتَرْكِ مَأْمُورٍ بِهِ أَوْ فِعْلِ مَنْهِيٍّ عَنْهُ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ
الشَّافِعِيِّ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ بِحَالٍ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنَ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا : لِأَنَّهُمَا عِنْدَهُ نُسُكٌ لَا جُبْرَانٌ .
وَقَالَ
مَالِكٌ : يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ جَمِيعِ الدِّمَاءِ الْوَاجِبَةِ إِلَّا مِنْ دَمَيْنِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُمَا وَهُمَا جَزَاءُ الصَّيْدِ وَفِدْيَةُ الْأَذَى ، وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ مِنْ قَبْلُ ، ثُمَّ نَقِيسُ مَا خَالَفُوا فِيهِ عَلَى مَا أَجْمَعُوا هَاهُنَا عَلَيْهِ فَنَقُولُ : لِأَنَّهُ دَمٌ وَجَبَتْ إِرَاقَتُهُ فِي حَجٍّ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَجَزَاءِ الصَّيْدِ : وَلِأَنَّ الدَّمَ أَحَدُ نَوْعَيْ مَا يَقَعُ بِهِ التَّكْفِيرُ فِي الْإِحْرَامِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ كَالطَّعَامِ يَعْنِي : الْحِنْطَةُ ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ فَأَكَلَ كَانَ ضَامِنًا لَهُ وَفِي كَيْفِيَّةِ ضَمَانِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ
أَحَدُهُمَا : أَنْ يَضْمَنَ قِيمَتَهُ وَرِقًا ، لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَى الْمَسَاكِينِ مَا لَا مِثْلَ لَهُ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي : عَلَيْهِ بِقَدْرِ وَزْنِهِ لَحْمًا ، لِأَنَّهُ أَقْرَبُ عَلَيْهِ وَأَسْهَلُ وَأَنْفَعُ لِلْمَسَاكِينِ .
وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ : عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَبِرَ مَا أَكَلَهُ مِنَ اللَّحْمِ كَمْ هُوَ مِنَ الْهَدْيِ أَنِصْفٌ أَمْ ثُلْثٌ ؟ فَيَلْزَمُهُ مِثْلُهُ مِنَ الْحَيَوَانِ الْحَيِّ .