[ ص: 97 ] فصل : فإذا تقرر ما ذكرنا من الفروض فقد بدأ
الشافعي بفرض الزوج وفرضه النصف إن لم يكن للميتة ولد ولا ولد ابن ، فإن كان لها ولد أو ولد ابن ففرضه الربع ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين [ النساء 12 ] ، فصار
nindex.php?page=treesubj&link=13937_13969فرض الزوج النصف ، وقد يأخذه تارة كاملا وتارة عائلا وأقل فرض الربع ، وقد يأخذه تارة كاملا وتارة عائلا ولا فرق في حجب الزوج بين أن يكون الولد منهما أو منها دونه ، سواء كان ذكرا أو أنثى ، صغيرا أو كبيرا ، وهكذا ولد الابن يحجب الزوج كما يحجبه الولد ، واختلف أصحابنا هل يحجب بالاسم أو بالمعنى ، فقال بعضهم : يحجب بالاسم لأنه يسمى ولدا .
وقال آخرون : يحجب بالمعنى لا بالاسم : لأن حقيقة الولد ينطلق على ولد الصلب ، فلذلك قلنا : إن من وقف على ولده لم يكن لولد ولده فيه حق ، فأما في الحجب فقد أجمعوا أنه يقوم فيه مقام الولد إلا ما يحكى عن
مجاهد حكاية شاذة أن الزوج والزوجة لا يحجبان بولد الولد ، وهذا قول مدفوع بالإجماع ، والمعنى إن نازع في الاسم ، فعلى هذا لا فرق في ولد الابن بين ذكورهم وإناثهم الواحد والجماعة فيه سواء .
فأما ولد البنت فلا يحجب : لأنه من ذوي الأرحام ، وقول
الشافعي : فإن كان للميت ولد أو ولد ولد ، إنما أراد به ولد الابن دون ولد البنت ، وليس كما جهل بعض الناس فعابه وخطأه فيه .
[ ص: 97 ] فَصْلٌ : فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْفُرُوضِ فَقَدْ بَدَأَ
الشَّافِعِيُّ بِفَرْضِ الزَّوْجِ وَفَرْضُهُ النِّصْفُ إِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتَةِ وَلَدٌ وَلَا وَلَدُ ابْنٍ ، فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ ابْنٍ فَفَرْضُهُ الرُّبُعُ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=12وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [ النِّسَاءِ 12 ] ، فَصَارَ
nindex.php?page=treesubj&link=13937_13969فَرْضُ الزَّوْجِ النِّصْفَ ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ تَارَةً كَامِلًا وَتَارَةً عَائِلًا وَأَقَلُّ فَرْضٍ الرُّبُعُ ، وَقَدْ يَأْخُذُهُ تَارَةً كَامِلًا وَتَارَةً عَائِلًا وَلَا فَرْقَ فِي حَجْبِ الزَّوْجِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهَا دُونَهُ ، سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى ، صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا ، وَهَكَذَا وَلَدُ الِابْنِ يَحْجُبُ الزَّوْجَ كَمَا يَحْجُبُهُ الْوَلَدُ ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا هَلْ يَحْجُبُ بِالِاسْمِ أَوْ بِالْمَعْنَى ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : يَحْجُبُ بِالِاسْمِ لِأَنَّهُ يُسَمَّى وَلَدًا .
وَقَالَ آخَرُونَ : يَحْجُبُ بِالْمَعْنَى لَا بِالِاسْمِ : لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْوَلَدِ يَنْطَلِقُ عَلَى وَلَدِ الصُّلْبِ ، فَلِذَلِكَ قُلْنَا : إِنَّ مَنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ لَمْ يَكُنْ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فِيهِ حَقٌّ ، فَأَمَّا فِي الْحَجْبِ فَقَدْ أَجْمَعُوا أَنَّهُ يَقُومُ فِيهِ مَقَامَ الْوَلَدِ إِلَّا مَا يُحْكَى عَنْ
مُجَاهِدٍ حِكَايَةً شَاذَّةً أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ لَا يُحْجَبَانِ بِوَلَدِ الْوَلَدِ ، وَهَذَا قَوْلٌ مَدْفُوعٌ بِالْإِجْمَاعِ ، وَالْمَعْنَى إِنْ نَازَعَ فِي الِاسْمِ ، فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ فِي وَلَدِ الِابْنِ بَيْنَ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمُ الْوَاحِدُ وَالْجَمَاعَةُ فِيهِ سَوَاءٌ .
فَأَمَّا وَلَدُ الْبِنْتِ فَلَا يَحْجُبُ : لِأَنَّهُ مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ ، وَقَوْلُ
الشَّافِعِيِّ : فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ ، إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ وَلَدَ الِابْنِ دُونَ وَلَدِ الْبِنْتِ ، وَلَيْسَ كَمَا جَهِلَ بَعْضُ النَّاسِ فَعَابَهُ وَخَطَّأَهُ فِيهِ .