فصل : [
nindex.php?page=treesubj&link=29338غزوة تبوك ]
ثم غزوة تبوك إلى الروم في رجب .
وسببها : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغه أن
الروم قد اجتمعت مع
هرقل ، وانضم إليها من العرب
لخم وجذام وعاملة وغسان ، وعزموا على المسيرة ، وقدموا مقدماتهم إلى
البلقاء : فندب الناس إلى الخروج ، وأعلمهم أنه يتوجه لحرب
الروم ، وكان عادته أن يواري إذا أراد الخروج إلى وجه إلا في هذه الغزوة ، فإنه صرح بحاله لبعد المسافة ، والحاجة إلى كثرة العدد ، وبعث إلى
أهل مكة وإلى قبائل العرب يستنفرهم ، وحث على الصدقات فحملت إليه ، وأنفق
عثمان بن عفان فيها مالا عظيما ، وكان الناس في عزة من المال وشدة من الحر ، وجدب من البلاد ، وكان وقت الثمار والميل إلى الظلال ، فشق على الناس الخروج على مثل هذه الحال في مثل هذه الجهة ، فعصم الله أهل طاعته حتى أجابوا .
وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم الخميس ، وكان يحب الخروج فيه فعسكر
بثنية الوداع ، وخرج
عبد الله بن أبي ابن سلول في المنافقين ، وفي أحلافه من
اليهود فعسكروا بنفيل
بثنية الوداع ، ولم يكن عسكره بأقل العسكرين ، وتأخر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصناف : منهم
nindex.php?page=treesubj&link=30881المنافقون ، وكانوا بضعة وثمانين رجلا ، وكانوا يثبطون الناس وقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا [ التوبة : 81 ] . واستأذنوا في القعود ، فأذن لهم : منهم
الجد بن قيس ، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
لعلك تحتقب بعض بنات الأصفر فقال : لا تفتني بهن ، فأنزل الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني ألا في الفتنة سقطوا [ التوبة : 29 ] .
وصنف منهم المعذرون وكانوا اثنين وثمانين رجلا ، ذكروا أعذارا واستأذنوا في القعود ، فأذن لهم ، ولم يعذرهم .
[ ص: 82 ] وصنف منهم
nindex.php?page=treesubj&link=30880البكاءون : وهم سبعة :
سالم بن عمير ،
وعلبة بن زيد ،
وسلمة بن صخر ،
والعرباض بن سارية ،
وعبد الله بن المغفل ،
ومعقل بن يسار ،
وعمرو بن حمام أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحملونه فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون [ التوبة : 92 ] . فنزلت فيه هذه الآية .
وصنف منهم
nindex.php?page=treesubj&link=30880متخلفون بغير شك ولا ارتياب وهم ثلاثة :
كعب بن مالك ،
ومرارة بن الربيع ،
وهلال بن أمية ، تخلفوا
بالمدينة إلى أن قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليها واقترن بهم اثنان تأخرا في الطريق ، ثم لحقا به
أبو ذر الغفاري ،
وأبو خيثمة السالمي ، فأما
أبو خيثمة فإنه رجع إلى أهله فوجد امرأتين له ، قد صنعتا له طعاما ورشت كل واحدة منهما عريشها ، فذكر ما فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الحر ، وما هو فيه من الكن ، فحلف لا يقيم حتى يلحق به فأدركه ، وقد سار إلى
تبوك ، وهو نازل بها فقال الناس : يا رسول الله هذا راكب على الطريق ، فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924940كن أبا خيثمة فقالوا : هو والله
أبو خثيمة ، فلما أناخ أقبل فسلم عليه ، وأخبره بخبره ، فدعا له وقال فيه خيرا .
وأما
أبو ذر : فإن بعيره بعد السير أبطأ به ، فتأخر عن الناس ، فذكر تأخيره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
إن يكن فيه خير فسيلحقه الله بكم فلما لم ينهض به البعير حمل متاعه على ظهره وسار تبع الآثار ، فلما دنا من الناس ، قالوا : يا رسول الله هذا رجل يمشي وحده ، فقال :
كن أبا ذر ، فقالوا : هو والله
أبو ذر فقال :
يرحم الله أبا ذر يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده .
فلما نزل
أبو ذر الربذة وحضرته الوفاة ، ولم يكن معه إلا امرأته وغلامه وصاهما أن يغسلاه ويكفناه ، ويضعاه على قارعة الطريق ، فأول ركب يمر قولا له : هذا
أبو ذر صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعينونا على دفنه ، ففعلا ذلك ووضعاه على قارعة الطريق ، فأقبل
عبد الله بن مسعود في رهط من
أهل العراق عمارا فقام إليهم الغلام فقال : هذا
أبو ذر فأعينونا على دفنه ، فاستهل
عبد الله بن مسعود باكيا وقال : صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
تمشي وحدك ، وتموت وحدك ، وتبعث وحدك . فكان هذا وما تقدم من أمر
أبي خيثمة من معجزاته - صلى الله عليه وسلم - .
ولما أزمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسير من معسكره
بثنية الوداع استخلف
محمد بن مسلمة على
المدينة ،
nindex.php?page=treesubj&link=30871واستخلف علي بن أبي طالب على أهله ، واستخلف
أبا بكر على الصلاة بالناس في معسكره ، وصار في ثلاثين ألفا ، وفيهم عشرة آلاف فرس ورجع
عبد [ ص: 83 ] الله بن أبي ابن سلول فيمن معه من المنافقين
واليهود ، وسار في عسرة من الظهر كان الرجلان والثلاثة على بعير ، وفي عسرة من النفقة ، وفي عسرة من الماء ، فظهر من معجزاته في هذا المسير أنه مر بالحجر فنزلها ، واستقى الناس من مائها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
لا تشربوه ولا تتوضأوا منه ، ومن عجن به عجينا فلا يأكله ، ويعلفه بعيره ولا يخرج أحد منكم الليلة إلا معه صاحب له ، ففعلوا ما أمرهم به إلا رجلين خرج أحدهما وحده لحاجته ، وخرج الآخر لطلب بعيره ، فأما الخارج لحاجته فخنق على مذهبه ، وأما الخارج لطلب بعيره ، فاحتملته الريح حتى طرحته على جبل طيئ فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك فقال : ألم أنهكم أن يخرج رجل منكم إلا ومعه صاحبه ودعا للذي أصيب على مذهبه فشفي ، وأما الواقع على جبل طيئ فإن طيئا أهدته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم إلى المدينة .
فلما أصبح الناس وساروا ولا ماء معهم عطشوا ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا الله تعالى ، فأرسل سحابة أمطرت ، فارتوى الناس واحتملوا حاجتهم منه ، وضلت راحلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذهب أصحابه في طلبها ، فقال بعض المنافقين وهو
زيد بن اللصيب أليس يزعم
محمد أنه نبي يخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ، فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : وإني والله لا أعلم إلا إن أعلمني الله ، وقد دلني الله عليها ، وهي في الوادي في الشعب الفلاني قد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوا بها ، فانطلقوا فوجدوها كذلك ، فأتوه بها ، وسار حتى نزل
تبوك ، فلما استقر بها أتاه
ابن رؤبة صاحب
أيلة فصالحه على
أيلة ، وأعطاه الجزية ، وأتاه
أهل جرباء وأذرح فأعطوه الجزية ، وكتب لهم كتابا .
nindex.php?page=treesubj&link=29339وبعث خالد بن الوليد إلى أكيدر بدومة الجندل ، وهو
أكيدر بن عبد الملك من كندة وهو ملك عليها نصراني ، فصار إليه
خالد في أربعمائة وعشرين فارسا . وقال
لخالد : إنك ستجده يصيد البقر فلما دنا
خالد أقبلت البقر تطيف بحصن
أكيدر فلما رآها في ليلة مقمرة نزل إليها مع أخيه
حسان في جماعة من أهلها : ليصيدها فأدركته خيل
خالد ، فقتل
حسان ، وأسر
أكيدر ، وأجاره على دمه حتى يأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أتاه حقن دمه ، وكان
خالد قد أجاره من القتل على فتح الحصن ، وصالحه على عمله بألفي بعير وثمانمائة رأس وأربعمائة درع عزل منه الخمس والصفي ، وقسم باقيه بين الغانمين فكان السهم خمس فرائض ، وبذل الجزية : فأقره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليها ، ورده إلى موضعه ، وأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة ،
وهرقل بحمص ، ثم انصرف عن
تبوك ، ولم يلق كيدا ، وقدم
المدينة في شهر رمضان ، ولما نزل قبل دخول
المدينة بذي أوان ، وبينه وبين
المدينة ساعة من نهار وكان أهل
مسجد الضرار حين مر
[ ص: 84 ] بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند مسيره إلى
تبوك سألوه أن يصلي بهم فامتنع وقال : حتى نرجع إن شاء الله ، وهم اثنا عشر رجلا ، اتخذوا
مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين ، وإرصادا لمن حارب الله ورسوله ، كما حكاه الله عنهم في كتابه ، فأنفذ من
ذي أوان مالك بن الدخشم ،
وعاصم بن عدي حتى أضرما في
nindex.php?page=treesubj&link=33995مسجد الضرار نارا ، ودخل
المدينة فأتاه المنافقون يحلفون ويعتذرون ، فصفح عنهم ، وإن كان الله تعالى لم يعذرهم ، ونهى عن كلام
nindex.php?page=treesubj&link=30880الثلاثة الذين تخلفوا ، وهم
كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية فامتنع المسلمون من كلامهم ، حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت ، وضاقت عليه أنفسهم ، وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ، ثم تاب عليهم بعد أن اعتزلهم الناس ، واعتزلوا الناس ، وقبلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ما كانوا عليه من صحة الإيمان ونفي الارتياب .
وكانت هذه غزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخذ المسلمون في قدومهم منها في بيع أسلحتهم ، وقالوا : قد آن قطع الجهاد ، فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924946لا تزال عصابة من أمتي يجاهدون على الحق حتى يخرج الدجال .
[ ص: 85 ] بسم الله الرحمن الرحيم
فَصْلٌ : [
nindex.php?page=treesubj&link=29338غَزْوَةُ تَبُوكَ ]
ثُمَّ غَزْوَةُ تَبُوكَ إِلَى الرُّومِ فِي رَجَبٍ .
وَسَبَبُهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَغَهُ أَنَّ
الرُّومَ قَدِ اجْتَمَعَتْ مَعَ
هِرَقْلَ ، وَانْضَمَّ إِلَيْهَا مِنَ الْعَرَبِ
لَخْمٌ وَجُذَامٌ وَعَامِلَةُ وَغَسَّانُ ، وَعَزَمُوا عَلَى الْمَسِيرَةِ ، وَقَدَّمُوا مُقَدَّمَاتِهِمْ إِلَى
الْبَلْقَاءِ : فَنَدَبَ النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ ، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُ يَتَوَجَّهُ لِحَرْبِ
الرُّومِ ، وَكَانَ عَادَتُهُ أَنْ يُوَارِيَ إِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَى وَجْهٍ إِلَّا فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ ، فَإِنَّهُ صَرَّحَ بِحَالِهِ لِبُعْدِ الْمَسَافَةِ ، وَالْحَاجَةِ إِلَى كَثْرَةِ الْعَدَدِ ، وَبَعَثَ إِلَى
أَهْلِ مَكَّةَ وَإِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ يَسْتَنْفِرُهُمْ ، وَحَثَّ عَلَى الصَّدَقَاتِ فَحُمِلَتْ إِلَيْهِ ، وَأَنْفَقَ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فِيهَا مَالًا عَظِيمًا ، وَكَانَ النَّاسُ فِي عِزَّةٍ مِنَ الْمَالِ وَشِدَّةٍ مِنَ الْحَرِّ ، وَجَدْبٍ مِنَ الْبِلَادِ ، وَكَانَ وَقْتُ الثِّمَارِ وَالْمَيْلُ إِلَى الظِّلَالِ ، فَشَقَّ عَلَى النَّاسِ الْخُرُوجُ عَلَى مِثْلِ هَذِهِ الْحَالِ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْجِهَةِ ، فَعَصَمَ اللَّهُ أَهْلَ طَاعَتِهِ حَتَّى أَجَابُوا .
وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ، وَكَانَ يُحِبُّ الْخُرُوجَ فِيهِ فَعَسْكَرَ
بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ ، وَخَرَجَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِي الْمُنَافِقِينَ ، وَفِي أَحْلَافِهِ مِنَ
الْيَهُودِ فَعَسْكَرُوا بِنُفَيْلٍ
بِثَنِّيَةِ الْوَدَاعِ ، وَلَمْ يَكُنْ عَسْكَرُهُ بِأَقَلِّ الْعَسْكَرَيْنِ ، وَتَأَخَّرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَصْنَافٌ : مِنْهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=30881الْمُنَافِقُونَ ، وَكَانُوا بِضْعَةَ وَثَمَانِينَ رَجُلًا ، وَكَانُوا يُثَبِّطُونَ النَّاسَ وَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=81لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا [ التَّوْبَةِ : 81 ] . وَاسْتَأْذَنُوا فِي الْقُعُودِ ، فَأَذِنَ لَهُمْ : مِنْهُمُ
الْجَدُّ بْنُ قَيْسٍ ، قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
لَعَلَّكَ تَحْتَقِبُ بَعْضَ بَنَاتِ الْأَصْفَرِ فَقَالَ : لَا تَفْتِنِّي بِهِنَّ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=49وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا [ التَّوْبَةِ : 29 ] .
وَصِنْفٌ مِنْهُمُ الْمُعَذِّرُونَ وَكَانُوا اثْنَيْنِ وَثَمَانِينَ رَجُلًا ، ذَكَرُوا أَعْذَارًا وَاسْتَأْذَنُوا فِي الْقُعُودِ ، فَأَذِنَ لَهُمْ ، وَلَمْ يَعْذُرْهُمْ .
[ ص: 82 ] وَصِنْفٌ مِنْهُمُ
nindex.php?page=treesubj&link=30880الْبَكَّاءُونَ : وَهُمْ سَبْعَةٌ :
سَالِمُ بْنُ عُمَيْرٍ ،
وَعُلْبَةُ بْنُ زَيْدٍ ،
وَسَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ ،
وَالْعِرْبَاضُ بْنُ سَارِيَةَ ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُغَفَّلِ ،
وَمَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ ،
وَعَمْرُو بْنُ حَمَامٍ أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَحْمِلُونَهُ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=92لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [ التَّوْبَةِ : 92 ] . فَنَزَلَتْ فِيهِ هَذِهِ الْآيَةُ .
وَصِنْفٌ مِنْهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=30880مُتَخَلِّفُونَ بِغَيْرِ شَكٍّ وَلَا ارْتِيَابٍ وَهُمْ ثَلَاثَةٌ :
كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ ،
وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ ،
وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ ، تَخَلَّفُوا
بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَنْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْهَا وَاقْتَرَنَ بِهِمُ اثْنَانِ تَأَخَّرَا فِي الطَّرِيقِ ، ثُمَّ لَحِقَا بِهِ
أَبُو ذَرٍّ الْغِفَارِيُّ ،
وَأَبُو خَيْثَمَةَ السَّالِمِيُّ ، فَأَمَّا
أَبُو خَيْثَمَةَ فَإِنَّهُ رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ فَوَجَدَ امْرَأَتَيْنِ لَهُ ، قَدْ صَنَعَتَا لَهُ طَعَامًا وَرَشَّتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَرِيشَهَا ، فَذَكَرَ مَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْحَرِّ ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْكَنِّ ، فَحَلَفَ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَلْحَقَ بِهِ فَأَدْرَكَهُ ، وَقَدْ سَارَ إِلَى
تَبُوكَ ، وَهُوَ نَازِلٌ بِهَا فَقَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَاكِبٌ عَلَى الطَّرِيقِ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924940كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ فَقَالُوا : هُوَ وَاللَّهِ
أَبُو خَثْيَمَةَ ، فَلَمَّا أَنَاخَ أَقْبَلَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، وَأَخْبَرَهُ بِخَبَرِهِ ، فَدَعَا لَهُ وَقَالَ فِيهِ خَيْرًا .
وَأَمَّا
أَبُو ذَرٍّ : فَإِنَّ بَعِيرَهُ بَعْدَ السَّيْرِ أَبْطَأَ بِهِ ، فَتَأَخَّرَ عَنِ النَّاسِ ، فَذُكِرَ تَأْخِيرَهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ :
إِنْ يَكُنْ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ فَلَمَّا لَمْ يَنْهَضْ بِهِ الْبَعِيرُ حَمَلَ مَتَاعَهُ عَلَى ظَهْرِهِ وَسَارَ تَبِعَ الْآثَارِ ، فَلَمَّا دَنَا مِنَ النَّاسِ ، قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا رَجُلٌ يَمْشِي وَحْدَهُ ، فَقَالَ :
كُنْ أَبَا ذَرٍّ ، فَقَالُوا : هُوَ وَاللَّهِ
أَبُو ذَرٍّ فَقَالَ :
يَرْحُمُ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ يَمْشِي وَحْدَهُ ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ .
فَلَمَّا نَزَلَ
أَبُو ذَرٍّ الرَّبَذَةَ وَحَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ ، وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا امْرَأَتُهُ وَغُلَامُهُ وَصَّاهُمَا أَنْ يُغَسِّلَاهُ وَيُكَفِّنَاهُ ، وَيَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، فَأَوَّلُ رَكْبٍ يَمُرُّ قُولَا لَهُ : هَذَا
أَبُو ذَرٍّ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ ، فَفَعَلَا ذَلِكَ وَوَضَعَاهُ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ ، فَأَقْبَلَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فِي رَهْطٍ مِنْ
أَهْلِ الْعِرَاقِ عُمَّارًا فَقَامَ إِلَيْهِمُ الْغُلَامُ فَقَالَ : هَذَا
أَبُو ذَرٍّ فَأَعِينُونَا عَلَى دَفْنِهِ ، فَاسْتَهَلَّ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ بَاكِيًا وَقَالَ : صَدَقَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
تَمْشِي وَحْدَكَ ، وَتَمُوتُ وَحْدَكَ ، وَتُبْعَثُ وَحْدَكَ . فَكَانَ هَذَا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِ
أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - .
وَلَمَّا أَزْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَسِيرَ مِنْ مُعَسْكَرِهِ
بِثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ اسْتَخْلَفَ
مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ عَلَى
الْمَدِينَةِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=30871وَاسْتَخْلَفَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى أَهْلِهِ ، وَاسْتَخْلَفَ
أَبَا بَكْرٍ عَلَى الصَّلَاةِ بِالنَّاسِ فِي مُعَسْكَرِهِ ، وَصَارَ فِي ثَلَاثِينَ أَلْفًا ، وَفِيهِمْ عَشَرَةُ آلَافِ فَرَسٍ وَرَجَعَ
عَبْدُ [ ص: 83 ] اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ فِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ
وَالْيَهُودِ ، وَسَارَ فِي عُسْرَةٍ مِنَ الظَّهْرِ كَانَ الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةِ عَلَى بَعِيرٍ ، وَفِي عُسْرَةٍ مِنَ النَّفَقَةِ ، وَفِي عُسْرَةٍ مِنَ الْمَاءِ ، فَظَهَرَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ فِي هَذَا الْمَسِيرِ أَنَّهُ مَرَّ بِالْحِجْرِ فَنَزَلَهَا ، وَاسْتَقَى النَّاسُ مِنْ مَائِهَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
لَا تَشْرَبُوهُ وَلَا تَتَوَضَّأُوا مِنْهُ ، وَمَنْ عَجَنَ بِهِ عَجِينًا فَلَا يَأْكُلْهُ ، وَيَعْلِفْهُ بَعِيرَهُ وَلَا يَخْرُجْ أَحَدٌ مِنْكُمُ اللَّيْلَةَ إِلَّا مَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ ، فَفَعَلُوا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ إِلَّا رَجُلَيْنِ خَرَجَ أَحَدُهُمَا وَحْدَهُ لِحَاجَتِهِ ، وَخَرَجَ الْآخَرُ لِطَلَبِ بِعِيرِهِ ، فَأَمَّا الْخَارِجُ لِحَاجَتِهِ فَخُنِقَ عَلَى مَذْهَبِهِ ، وَأَمَّا الْخَارِجُ لِطَلَبِ بَعِيرِهِ ، فَاحْتَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى طَرَحَتْهُ عَلَى جَبَلٍ طَيِّئٍ فَأُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ فَقَالَ : أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ يَخْرُجَ رَجُلٌ مِنْكُمْ إِلَّا وَمَعَهُ صَاحِبُهُ وَدَعَا لِلَّذِي أُصِيبَ عَلَى مَذْهَبِهِ فَشُفِيَ ، وَأَمَّا الْوَاقِعُ عَلَى جَبَلٍ طَيِّئٍ فَإِنَّ طَيِّئًا أَهْدَتْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ قَدِمَ إِلَى الْمَدِينَةِ .
فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ وَسَارُوا وَلَا مَاءَ مَعَهُمْ عَطِشُوا ، فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا اللَّهَ تَعَالَى ، فَأَرْسَلَ سَحَابَةً أَمْطَرَتْ ، فَارْتَوَى النَّاسُ وَاحْتَمَلُوا حَاجَتَهُمْ مِنْهُ ، وَضَلَّتْ رَاحِلَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَهَبَ أَصْحَابُهُ فِي طَلَبِهَا ، فَقَالَ بَعْضُ الْمُنَافِقِينَ وَهُوَ
زَيْدُ بْنُ اللُّصَيْبِ أَلَيْسَ يَزْعُمُ
مُحَمَّدٌ أَنَّهُ نَبِيٌّ يُخْبِرُكُمْ عَنْ خَبَرِ السَّمَاءِ ، وَهُوَ لَا يَدْرِي أَيْنَ نَاقَتُهُ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ : وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَعْلَمُ إِلَّا إِنْ أَعْلَمَنِي اللَّهُ ، وَقَدْ دَلَّنِي اللَّهُ عَلَيْهَا ، وَهِيَ فِي الْوَادِي فِي الشِّعْبِ الْفُلَانِيِّ قَدْ حَبَسَتْهَا شَجَرَةٌ بِزَمَامِهَا ، فَانْطَلِقُوا حَتَى تَأْتُوا بِهَا ، فَانْطَلَقُوا فَوَجَدُوهَا كَذَلِكَ ، فَأَتَوْهُ بِهَا ، وَسَارَ حَتَّى نَزَلَ
تَبُوكَ ، فَلَمَّا اسْتَقَرَ بِهَا أَتَاهُ
ابْنُ رُؤْبَةَ صَاحِبُ
أَيْلَةَ فَصَالَحَهُ عَلَى
أَيْلَةَ ، وَأَعْطَاهُ الْجِزْيَةَ ، وَأَتَاهُ
أَهْلُ جَرْبَاءَ وَأَذْرَحَ فَأَعْطَوْهُ الْجِزْيَةَ ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا .
nindex.php?page=treesubj&link=29339وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ إِلَى أُكَيْدَرَ بِدُومَةِ الْجَنْدَلِ ، وَهُوَ
أُكَيْدِرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِنْدَةَ وَهُوَ مَلِكٌ عَلَيْهَا نَصْرَانِيٌّ ، فَصَارَ إِلَيْهِ
خَالِدٌ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ فَارِسًا . وَقَالَ
لِخَالِدٍ : إِنَّكَ سَتَجِدُهُ يَصِيدُ الْبَقَرَ فَلَّمَا دَنَا
خَالِدٌ أَقْبَلَتِ الْبَقَرُ تَطِيفُ بِحِصْنِ
أُكَيْدَرَ فَلَمَّا رَآهَا فِي لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ نَزَلَ إِلَيْهَا مَعَ أَخِيهِ
حَسَّانَ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِهَا : لِيَصِيدَهَا فَأَدْرَكَتْهُ خَيْلُ
خَالِدٍ ، فَقَتَلَ
حَسَّانَ ، وَأَسَرَ
أُكَيْدِرَ ، وَأَجَارَهُ عَلَى دَمِهِ حَتَّى يَأْتِيَ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمَّا أَتَاهُ حَقَنَ دَمَهُ ، وَكَانَ
خَالِدٌ قَدْ أَجَارَهُ مِنَ الْقَتْلِ عَلَى فَتْحِ الْحِصْنِ ، وَصَالَحَهُ عَلَى عَمَلِهِ بِأَلْفَيْ بَعِيرٍ وَثَمَانِمِائَةِ رَأْسٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ دِرْعٍ عَزَلَ مِنْهُ الْخُمُسَ وَالصَّفِيَّ ، وَقَسَمَ بَاقِيَهُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ فَكَانَ السَّهْمُ خَمْسَ فَرَائِضَ ، وَبَذَلَ الْجِزْيَةَ : فَأَقَرَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَيْهَا ، وَرَدَّهُ إِلَى مَوْضِعِهِ ، وَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ ،
وَهِرَقْلُ بِحِمْصَ ، ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْ
تَبُوكَ ، وَلَمْ يَلْقَ كَيْدًا ، وَقَدِمَ
الْمَدِينَةَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، وَلَمَّا نَزَلَ قَبْلَ دُخُولِ
الْمَدِينَةِ بِذِي أَوَانٍ ، وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ
الْمَدِينَةِ سَاعَةٌ مِنْ نَهَارٍ وَكَانَ أَهْلُ
مَسْجِدِ الضِّرَارِ حِينَ مَرَّ
[ ص: 84 ] بِهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى
تَبُوكَ سَأَلُوهُ أَنْ يُصَلِّيَ بِهِمْ فَامْتَنَعَ وَقَالَ : حَتَّى نَرْجِعَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا ، اتَّخَذُوا
مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، كَمَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي كِتَابِهِ ، فَأَنْفَذَ مِنْ
ذِي أَوَانٍ مَالِكَ بْنَ الدُّخْشُمِ ،
وَعَاصِمَ بْنَ عَدِيٍّ حَتَّى أَضْرَمَا فِي
nindex.php?page=treesubj&link=33995مَسْجِدِ الضِّرَارِ نَارًا ، وَدَخَلَ
الْمَدِينَةَ فَأَتَاهُ الْمُنَافِقُونَ يَحْلِفُونَ وَيَعْتَذِرُونَ ، فَصَفَحَ عَنْهُمْ ، وَإِنْ كَانَ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَعْذُرْهُمْ ، وَنَهَى عَنْ كَلَامِ
nindex.php?page=treesubj&link=30880الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تَخَلَّفُوا ، وَهُمْ
كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ وَمُرَارَةُ بْنُ الرَّبِيعِ وَهِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ فَامْتَنَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ كَلَامِهِمْ ، حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ، وَضَاقَتْ عَلَيْهِ أَنْفُسُهُمْ ، وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ، ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ بَعْدَ أَنِ اعْتَزَلَهُمُ النَّاسُ ، وَاعْتَزَلُوا النَّاسَ ، وَقَبِلَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ صِحَّةِ الْإِيمَانِ وَنَفْيِ الِارْتِيَابِ .
وَكَانَتْ هَذِهِ غَزَوَاتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذَ الْمُسْلِمُونَ فِي قُدُومِهِمْ مِنْهَا فِي بَيْعِ أَسْلِحَتِهِمْ ، وَقَالُوا : قَدْ آنَ قَطْعُ الْجِهَادِ ، فَنَهَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=924946لَا تَزَالُ عِصَابَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُجَاهِدُونَ عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَخْرُجَ الدَّجَّالُ .
[ ص: 85 ] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ