الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابن أختي لا يستطيع التغوط..هل فعلاً الحالة نفسية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لي ابن أخت عمره 11 سنةً، يعاني منذ حوالي ستة أشهر من ألم شديد في المعدة، ولا يستطيع الإخراج، ولا التبول طبيعيًا، بل يحتاج إلى حقنة شرجية كي يخرج، وأهله أخذوه إلى حوالي 20 طبيبًا، وسافروا به إلى الأردن، وهناك أجروا له عملية -توسيع- في المستقيم وفتحة الشرج، وأجرى جميع الفحوصات الطبية، ومنظارًا للمعدة والقولون، ولا يوجد أي شيء، وأجروا له طبقية، ولم يظهر فيها أي شيء، المهم أن جميع الأطباء الذين ذهبوا إليهم أخبروهم أنها حالة نفسية لا غير.

سؤالي: ما هي الحالة النفسية التي يعاني منها طفل عمره 11 سنةً؟ علمًا أنه لا يحب المدرسة

وماذا تفعل أختي؟ فهي في جحيم ابنها؛ فهو يبقى ليل نهار يصرخ من الألم ولا تدري ماذا تفعل! فلم يبق طبيب إلا ذهبوا إليه، والكل أخبرهم أنها حالة نفسية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن كثيرًا من حالات النفسوجسدية لدى الأطفال قد تظهر في شكل أعراض عضوية، ويُعرف أن الأطفال الذين يعانون من المخاوف، أو القلق، أو يفتقدون الاستقرار النفسي، ربما تحدث لديهم مشاكل في إخراج الغائط، وقد يكون هنالك نوع من التغوط اللاإرادي، أو تكون هنالك صعوبة شديدة في إخراج الغائط؛ مما يؤدي إلى إمساك مزمن، وهذا في حد ذاته يؤدي إلى توسع كبير في المستقيم.

ما دام الأطباء قد قاموا بكل الإجراءات الفحوصية، وكان هنالك إجماع من أن هذه الحالة حالة نفسية، فأنا أقول لك:

إن الحالة النفسية المحتملة هي: أن الطفل يعاني من مخاوف، وكذلك من اضطراب مزاجي، وهذه الحالات كما ذكرت لك تعتبر من الحالات النفسوجسدية.

الطفل لا يحب المدرسة، وهذا أيضاً دليل آخر أن لديه قلقًا حول فراق البيت، وكثير من الأطفال الذين لا يحبون الذهاب إلى المدرسة يعتقد أهله وذووه أن كراهيته للمدرسة نابع من مشاكل حصلت في المدرسة، أو أن الطفل ليس طفلاً مجتهدًا، ولا يريد الدراسة، ولكن ليس هذا هو واقع الحال، فإن معظم هؤلاء الأطفال يحسون بأمن وأمان داخل المنزل، ويكون الواحد منهم مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا دائمًا بأمه، أو بأي أحد في المنزل، ويكون الخوف هو خوف الفراق، وليس كراهيةً للمدرسة والدراسة، ولذا يفضل الطفل أن لا يذهب إلى المدرسة.

ونعرف أنه بسبب الخوف من فراق المنزل الذي ينتج عنه عدم الذهاب إلى المدرسة كثيرًا ما تظهر لدى الطفل أعراض عضوية، مثل: آلام البطن، وهي كثيرة جدًّا لدى الأطفال الذين لا يودون الذهاب إلى المدرسة، وكذلك الغثيان، ويلاحظ أن هذه الأعراض تشتد في الصباح، أو في أثناء الليل، أو حين يُذكر للطفل أنه من الضروري أن يستعد للذهاب إلى المدرسة، ومعظم هذه الأعراض تختفي بصورة جلية وواضحة جدّاً أثناء الإجازات، أو أثناء العطلة الأسبوعية.

فالذي أعتقده أن هذا الطفل يعاني فعلاً من قلق المخاوف، وطريقة العلاج هي:

أن نشجع الطفل، أن نحفزه، أن يكون هنالك نوع من الترغيب، أن نحاوره، أن نستمع إليه، أن نعرف ما يريد، ما هي أفكاره، ما هي توجهاته، وبعد ذلك نوجه له نصائح أساسية وضرورية حول أهمية المدرسة والتعليم، ونسعى بكل الوسائل إلى أن نحبب الدراسة إليه، وفي نفس الوقت يجب أن يذهب إلى المدرسة؛ لأن التراخي قد يؤدي إلى خوف كامل، ورفض تام للمدرسة.

بالنسبة لموضوع الإخراج:
فيشرح له أيضًا بصورة علمية ومبسطة جدًا حول جهازه الهضمي، وحول المعدة، والأمعاء، والقولون، والمستقيم، وفتحة الشرج، ويُذكر له أن التغوط وإخراج هذه الفضلات هو أمر طبيعي يحدث للإنسان، ويحدث للحيوان، وعليه أن يذهب إلى الحمام، وأن يجلس لفترة لا تقل عن ربع ساعة، حتى وإن لم تكن له أي رغبة في الإخراج، أي أن يكون هنالك جدول زمني معروف يذهب لبيت الخلاء في الصباح، وكذلك في المساء، حتى وإن لم تكن له أي رغبة في الإخراج، هذا يساعده كثيرًا.

كما أن من الضروري جدّاً لهذا الطفل –حفظه الله– أن يقوم بتمرينات رياضية، وخاصةً الرياضة التي تقوي عضلات البطن، مثل: رياضة الحبل، وهذه تفيد في حالة هؤلاء الأطفال.

من الضروري جدًّا من الناحية النفسية أن لا نجعل الطفل مهمَّشًا، فيجب أن نشعره أنه عضو فعال في الأسرة، ويا حبذا لو قام والداه باستشارته في بعض الأمور، ويشجع مثلاً بأن يُكلف بتنظيم ميزانية الأسرة خلال الأسبوع.

المهم هو أن نصرف انتباهه من هذه القضية والمشكلة، وأن نوجه انتباهه إلى تطوير آليات ودفاعات نفسية جديدة تساعده في تطوير مهاراته، وهذا سوف يجعله يشعر بالرضا والاسترخاء، وبصورة تلقائية -إن شاء الله- سوف تنتهي هذه المشكلة.

نحن ننصح أيضاً بأن يتناول هؤلاء الأطفال دواءً بسيطًا يعالج المخاوف لدى الأطفال، وأفضل دواء في مثل عمر هذا الصغير –حفظه الله– هو عقار يعرف تجاريًا باسم: (فافرين Faverin)، ويعرف علميًا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، يمكن إعطاؤه له بجرعة خمسة وعشرين ملجم –أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين ملجم–، يظل على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة بعد ذلك إلى خمسين ملجم ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفض مرة أخرى إلى خمسة وعشرين ملجم ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم يمكن التوقف عن تناول الدواء.

نسأل الله له العافية والشفاء، ونشكرك كثيرًا على اهتمامك بأمره، وتواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً