الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس تذهب وتعود خاصة مع قرب الدورة الشهرية: ما تشخيصها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قصتي طويلة قليلًا، ولا أعلم من أين أبدأ! لكن موضوعي أني ابتُليت بالوسواس منذ كنت طفلة صغيرة، عندما كان عمري 15 سنة، كانت أول مرة يصيبني الوسواس بشكل قوي، وكان وسواس التنفس، ومنذ ذلك الوقت يأتي الوسواس ويغيب، ليس شرطًا أن يكون التنفس، بل كل مرة بفكرة مختلفة، أو قد تتكرر الفكرة، حيث يأتي الوسواس لعدة أشهر ولا أخبر به أحدًا، حتى يذهب من تلقاء نفسه.

مررت بظروف عديدة في حياتي، تزوجت صغيرة، وسافرت بعيدًا عن أهلي، وبعد 8 سنوات توفي زوجي -رحمه الله-، ولدي ابنتان، وبعد حوالي سنة كتبت كتابي مع عم بناتي، والآن مضت 5 سنوات، لكن كلٌّ منا يسكن في منزل منفصل، وهذا بناءً على رغبته هو، أما أنا فأشعر بوحدة شديدة، خصوصًا أني مغتربة!

أنا امرأة قوية -بفضل الله- وجميلة بشهادة كل من حولي، لكن لا أحد يعلم مدى الألم الذي أعانيه بداخلي، خصوصًا من الوسواس.

أريد أن أتحدث عن آخر فترة مررت بها: منذ حوالي سنة ذهبت لزيارة عائلتي، وكنت جدًّا فرِحة عندهم، وبعدما عدت من السفر إلى بيتي عاد إليّ الوسواس، وتعاملت معه مثل كل مرة، لكن هذه المرة كانت صعبة جدًّا، لم يذهب عني الوسواس، وساءت نفسيتي كثيرًا، حتى إنني قضيت ليالي طويلة بدون نوم، مع بكاء، وهذه أول مرة أخبر الجميع عن الوسواس عندي.

المشكلة الآن أن الوسواس لم يذهب عني تمامًا، أرتاح منه قليلًا ثم يعود، وفي كل مرة بفكرة مختلفة، لكن شعور الكآبة يرافقني، والآن آخر ما أفكر فيه: هل من الممكن أن يكون حسدًا لا ينفك عني، أم أنه وسواس مرتبط بهرموناتي؟ حيث إن أغلب المرات يعود الوسواس في وقت قرب الدورة الشهرية، إما قبلها أو خلالها أو بعدها مباشرة، أشعر بالتعب، وعدم القدرة على الاستمرار، وبدأت أفكر في أخذ دواء للاكتئاب حتى أخرج من الوسواس وأعود لطبيعتي؛ حيث إنني كلما أرتاح لفترة أسبوعين أو ثلاثة، تأتي فكرة جديدة وتسبب لي ضيقًا شديدًا، وأحاول أن أغيّر من نفسيتي، لكن لا أستطيع، حتى بدأ الكل يتذمّر مني ومن شكواي.

وأنا الآن خائفة أن يكون هذا حسدًا أصابني، فلم أعد كما كنت سابقًا، وأنه لو لم يكن حسدًا لتحسنت مثل ما كنت في السابق.

أرجو مساعدتي وتوضيح ما يحدث معي، مع ملاحظة أني كنت أتناول أحيانًا دواءً لمدة أيام أو أسبوع، لكنني أحاول ألّا أتناول أدوية بسبب مضاعفاتها، وقد أخذت نوعين مختلفين في السنة الماضية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mais حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أختنا الفاضلة- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

أختي الفاضلة، من خلال ما كتبت في سؤالك، لا أعتقد أن هذا حسد، وإنما هي حالة نفسية، ولكن قد لا تكون ما أسميته الوسواس، فالوساوس -أو الوسواس القهري- هي أفكار مزعجة، سلبية، يدفعها الإنسان عن نفسه، إلَّا أنها تُلحُّ عليه، وتأخذ إمَّا شكلاً له علاقة بالعبادات، وأن الوضوء غير مكتمل، والصلاة غير مكتملة، أو له علاقة بالطهارة والنظافة، أن الإنسان مهما تنظَّف أو غسل يديه يشعر بأنه في حاجة لإعادة هذا الغُسل، أو ما له علاقة بالترتيب (ترتيب الأمور المنزلية وغيرها) وأن النظافة غير مكتملة، فيبقى في دوامة من هذه الأفكار السلبية.

ما وصفت في سؤالك -أختي الفاضلة- هو أقرب للقلق والتوتر، وخاصة بحسب المدة التي تعانين منها؛ أسابيع (أسبوعين أو ثلاثة) ثم تتحسنين، ثم تعود بعض هذه المشاعر السلبية، هذا أولًا.

ثانيًا: الوسواس القهري عادة يطول لأشهر أو سنوات، وليس لعدة أسابيع.

الملاحظة الثالثة: أن ما أسميته بالوسواس يعود في وقت قبل أو أثناء أو بعد الدورة الشهرية، وهذا أقرب لحالات التوتر والقلق، وما يسمى توتر ما قبل الدورة الشهرية؛ حيث تشعر المرأة قبل قُبيل الدورة الشهرية بالتوتر والنَّزَقِ، وربما الاكتئاب والتعب، ثم بعد أن تنتهي هذه الدورة تعود المرأة إلى حالتها الطبيعية.

الملاحظة الرابعة ربما تؤكد موضوع التوتر والقلق، خاصة أنك تعانين من شيءٍ من الوحدة في بلد الهجرة التي تعيشين فيها، والظروف الأسرية التي شرحتها بشكل جيد في رسالتك.

أختي الفاضلة، الاحتمال الخامس: أن ما تعانين منه هو حالة من الاكتئاب النفسي، والذي يمكن أن يُفسِّر هذه الأعراض، ولكن أرجح أنها حالة من التوتر والقلق، سواء كان توتراً مرتبطاً بالدورة الشهرية، أو التوتر والقلق المعمم.

فماذا عليك أن تفعلي؟

أولًا: إدراك طبيعة ما تعانين منه هو نصف العلاج، وتسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة.

ثانيًا: محاولة ملء وقتك بالأمور المفيدة، وخاصة أنك ربة منزل، فكيف تقضين أيامك؟ وما هي الأنشطة التي تقومين بها؟ وكما يقال: (نفسك، إن لم تشغليها بالخير شغلتك بالشر)، فكيف تصرفين وقتك في عملٍ أو جُهدٍ فيه المنفعة لك ولأسرتك وللناس من حولك؟

فإذا استطعتِ أن تتكيفي مع كل هذه المشاعر التي وصفتها في سؤالك؛ فأنعم بها، وإلَّا أنصحك بالحديث مع أخصائية نفسية، وإن كانت غير مسلمة في البلد الذي تعيشين فيه، وإذا وجدتِ أخصائية مسلمة فهذا طيب، وإلَّا لا بأس أن تكون أخصائية نفسية وإن كانت غير مسلمة، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض القضايا التي ترشدك إليها، لكن الحديث يبقى مفيدًا للتعرف على تفاصيل المشاعر التي حاولت وصفها في الرسالة.

أدعو الله تعالى لكِ بتمام الصحة والعافية وراحة البال.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً