الطبقة الرابعة :
تشتمل على فضائل العلم والمعاملات
فيها ثمانية وعشرون مجلسا :
[ ص: 562 ] [ ص: 563 ] المجلس الأول :
في
nindex.php?page=treesubj&link=34134_18468_18467_18470فضائل العلم والعمل
الحمد لله الذي بيده الإيجاد والإنشاء ، والإماتة والإحياء ، والإعادة والإبداء ، والإنعام والآلاء ، والرخص والغلاء ، والحظ والعلاء ، والعافية والبلاء ، والداء والدواء ، خلق
آدم وخلقت لأجله الأشياء ، فمن جراه كانت الأرض والسماء ، والظلمات والأضواء ، والصباح والمساء ، والريح والماء ، وعلمه العلم فانجلت عنه الظلماء ، وعرفه خط الخط فجاء الهجاء : الألف والباء ، والتاء والثاء ، والجيم والحاء ، والخاء والدال والذال والراء ، والزاي والسين والشين والصاد والضاد والطاء ، والظاء والعين والغين والفاء ، والقاف والكاف واللام والميم والنون والهاء ، والواو ولام الألف والياء .
وبث من نسله الرجال والنساء ، فمنهم العالم الذاكر ومنهم الجاهل النساء ، وأكثرهم الغافلون وأقلهم الألباء ، وليست
زرقاء اليمامة كالأعشى ، ولا النهار كالليل إذا يغشى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إنما يخشى الله من عباده العلماء .
أحمده له بتوفيقي لحمده الآلاء ، وأقر بأنه مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ، وأصلي على رسوله
محمد أشرف راكب حوته البيداء ، وعلى صاحبه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق مصاحبه إن وقعت الشدة أو الرخاء ، وعلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الفاروق الذي دوخ الكفر فذلت له الأعداء ، وعلى
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان الصابر وقد اشتد به البلاء ، وعلى
nindex.php?page=showalam&ids=8علي الذي حصل له دون الكل الإخاء ، وعلى عمه
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس الذي سألت الصحابة به الغيث فسالت السماء .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=692984 " إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء ، يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهداة " .
وهذا المثل من أوقع المثال ، لأن طرق التوحيد والعلم بالآخرة لا يدرك بالحس ، وإنما يعرف بالدليل ، والعلماء هم الأدلاء فإذا فقدوا ضل السالك .
وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650098 " إن الله عز وجل لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ، ولكن يقبض العلم بقبض [ ص: 564 ] العلماء ، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ العباد رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم ، فضلوا وأضلوا " .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12685ابن الحصين بسنده عن
صفوان بن عسال أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665828 " إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى بما يطلب " .
وذكر
أبو سليمان الخطابي في معنى وضعها أجنحتها ثلاثة أقوال : أحدها بسط الأجنحة . والثاني : أن المراد به التواضع لطالب العلم . والثالث : النزول عند مجالس العلم وترك الطيران ، لقوله صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=665670 " ما من قوم يذكرون الله تعالى إلا حفت بهم الملائكة " .
وفي الصحيحين من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي عليه السلام :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653425 " والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم " .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=4أبو الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675080 " من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة ، وإن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض والحيتان في الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافر " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل رضي الله عنه : تعلموا العلم فإن تعلمه لله خشية ، وطلبه عبادة ، ومدارسته تسبيح ، والبحث عنه جهاد ، وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة ، وبذله لأهله قربة ، وهو الأنس في الوحدة والصاحب في الخلوة .
وقال
كعب : أوحى الله تعالى إلى
موسى عليه السلام : أن تعلم يا
موسى الخير وعلمه للناس ، فإني منور لمعلم الخير ومتعلمه في قبورهم حتى لا يستوحشوا في مكانهم .
وقال
عيسى عليه السلام : من تعلم وعلم وعمل فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : خير
سليمان بن داود عليه السلام بين العلم والمال والملك ، فاختار العلم فأعطي المال والملك معه .
[ ص: 565 ] وقال بعض الحكماء : ليت شعري أي شيء أدرك من فاته العلم ؟ وأي شيء فات من أدرك العلم .
ولا يخفى فضل العلم ببديهة العقل ، لأنه الوسيلة إلى معرفة الخالق وسبب الخلود في النعيم الدائم ، ولا يعرف التقرب إلى المعبود إلا به ، فهو سبب لمصالح الدارين .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : لولا العلماء لصار الناس مثل البهائم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران : كتابة حديث واحد أحب إلي من قيام ليلة .
وكيف لا يقول هذا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم
" يوزن مداد العلماء مع دم الشهداء فيرجح مداد العلماء على دم الشهداء " .
ومن آداب العالم : أن يترك فضول الدنيا ليتبعه الناس ، فإن الاستدلال بالفعل أقوى من الاستدلال بالقول ، فإن الطبيب إذا أمر الحمية ثم خلط لم يلتفت إلى قوله .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن عبد الله بسنده عن
أبي همام الكلاعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه مر ببعض القراء على بعض أبواب السلاطين ، فقال : أقرحتم جباهكم ، وفرطحتم نعالكم ، وجئتم بالعلم تحملونه على رقابكم إلى أبوابهم فزهدوا فيكم ؟ أما إنكم لو جلستم في بيوتكم حتى يكونوا هم الذين يرسلون إليكم لكان أعظم لكم في أعينهم ، تفرقوا فرق الله بين أعضائكم !
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : إن الزبانية إلى فسقة حملة القرآن أسرع منهم إلى عبدة الأوثان ، فيقولون : ربنا ما بالنا يتقدمون إلينا ؟ فيقول الله تعالى : ليس من يعلم كمن لا يعلم !
أخبرنا
يحيى بن علي بسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان ، قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : من قرأ القرآن عظمت قيمته ، ومن تفقه نبل قدره ، ومن كتب الحديث قويت حجته ، ومن تعلم اللغة رق طبعه ، ومن تعلم الحساب جزل رأيه ، ومن لم يصن نفسه لم ينفعه علمه .
سمعت
إسماعيل بن أحمد يقول : سمعت
عبد الله بن عطاء ، يقول : سمعت
أبا نصر الحواري يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11970أبا حاتم الرازي يقول بسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=17418يونس بن عبد الأعلى يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول : كتب حكيم إلى حكيم : يا أخي قد أوتيت علما فلا تدنس علمك بظلمة الذنوب فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنور علمهم .
والمأخوذ على العلم : أن يطلب العلم للعمل به . ففي الحديث
nindex.php?page=hadith&LINKID=930991 " من طلب العلم ليباهي به العلماء ، أو يماري به السفهاء ، أو ليصرف وجوه الناس إليه لم يرح رائحة الجنة " .
[ ص: 566 ] وفي أفراد
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660535 " إن أول الناس يقضى فيه يوم القيامة ثلاثة ، فذكر منهم رجلا تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن ، فيقال له : ما عملت ! فيقول : تعلمت فيك العلم وعلمته وقرأت القرآن . فيقال : كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم فقد قيل . وقرأت القرآن ليقال هو قارئ وقد قيل . ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار " .
أخبرنا
أبو منصور وعبد الرحمن بن محمد بسندهما عن
أبي جعفر عبد الله بن إسماعيل بن توبة . يقول : رأيت
أبا بكر الأدمي القارئ في النوم بعد موته يمد يده ، فقلت له : تلك الليالي والمواقف والقرآن ؟ فقال لي : ما كان شيء أضر علي منها لأنها كانت للدنيا . فقلت له : فإلى أي شيء انتهى أمرك ؟ قال : قال لي تعالى : آليت على نفسي أن لا أعذب أبناء الثمانين .
الطَّبَقَةُ الرَّابِعَةُ :
تَشْتَمِلُ عَلَى فَضَائِلِ الْعِلْمِ وَالْمُعَامَلَاتِ
فِيهَا ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَجْلِسًا :
[ ص: 562 ] [ ص: 563 ] الْمَجْلِسُ الْأَوَّلُ :
فِي
nindex.php?page=treesubj&link=34134_18468_18467_18470فَضَائِلِ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِيَدِهِ الْإِيجَادُ وَالْإِنْشَاءُ ، وَالْإِمَاتَةُ وَالْإِحْيَاءُ ، وَالْإِعَادَةُ وَالْإِبْدَاءُ ، وَالْإِنْعَامُ وَالْآلَاءُ ، وَالرُّخْصُ وَالْغَلَاءُ ، وَالْحَظُّ وَالْعَلَاءُ ، وَالْعَافِيَةُ وَالْبَلَاءُ ، وَالدَّاءُ وَالدَّوَاءُ ، خَلَقَ
آدَمَ وَخُلِقَتْ لِأَجْلِهِ الْأَشْيَاءُ ، فَمَنْ جَرَّاهُ كَانَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاءُ ، وَالظُّلُمَاتُ وَالْأَضْوَاءُ ، وَالصَّبَاحُ وَالْمَسَاءُ ، وَالرِّيحُ وَالْمَاءُ ، وَعَلَّمَهُ الْعِلْمَ فَانْجَلَتْ عَنْهُ الظَّلْمَاءُ ، وَعَرَّفَهُ خَطَّ الْخَطِّ فَجَاءَ الْهِجَاءُ : الْأَلِفُ وَالْبَاءُ ، وَالتَّاءُ وَالثَّاءُ ، وَالْجِيمُ وَالْحَاءُ ، وَالْخَاءُ وَالدَّالُ وَالذَّالُ وَالرَّاءُ ، وَالزَّايُ وَالسِّينُ وَالشِّينُ وَالصَّادُ وَالضَّادُ وَالطَّاءُ ، وَالظَّاءُ وَالْعَيْنُ وَالْغَيْنُ وَالْفَاءُ ، وَالْقَافُ وَالْكَافُ وَالَّلَامُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ وَالْهَاءُ ، وَالْوَاوُ وَلَامُ الْأَلِفِ وَالْيَاءُ .
وَبَثَّ مِنْ نَسْلِهِ الرِّجَالَ وَالنِّسَاءَ ، فَمِنْهُمُ الْعَالِمُ الذَّاكِرُ وَمِنْهُمُ الْجَاهِلُ النَّسَّاءُ ، وَأَكْثَرُهُمُ الْغَافِلُونَ وَأَقَلُّهُمُ الْأَلِبَّاءُ ، وَلَيْسَتْ
زَرْقَاءُ الْيَمَامَةِ كَالْأَعْشَى ، وَلَا النَّهَارُ كَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ،
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=28إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ .
أَحْمَدُهُ لَهُ بِتَوْفِيقِي لِحَمْدِهِ الْآلَاءَ ، وَأُقِرُّ بِأَنَّهُ مَالِكُ الْمُلْكِ يُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ وَيَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ يَشَاءُ ، وَأُصَلِّي عَلَى رَسُولِهِ
مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ رَاكِبٍ حَوَتْهُ الْبَيْدَاءُ ، وَعَلَى صَاحِبِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مُصَاحِبِهِ إِنْ وَقَعَتِ الشِّدَّةُ أَوِ الرَّخَاءُ ، وَعَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ الْفَارُوقِ الَّذِي دَوَّخَ الْكُفْرَ فَذَلَّتْ لَهُ الْأَعْدَاءُ ، وَعَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ الصَّابِرِ وَقَدِ اشْتَدَّ بِهِ الْبَلَاءُ ، وَعَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ الَّذِي حَصَلَ لَهُ دُونَ الْكُلِّ الْإِخَاءُ ، وَعَلَى عَمِّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=18الْعَبَّاسِ الَّذِي سَأَلَتِ الصَّحَابَةُ بِهِ الْغَيْثَ فَسَالَتِ السَّمَاءُ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=692984 " إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ " .
وَهَذَا الْمَثَلُ مِنْ أَوْقَعِ الْمِثَالِ ، لِأَنَّ طُرُقَ التَّوْحِيدِ وَالْعِلْمِ بِالآخِرَةِ لَا يُدْرَكُ بِالْحِسِّ ، وَإِنَّمَا يُعْرَفُ بِالدَّلِيلِ ، وَالْعُلَمَاءُ هُمُ الْأَدِلَّاءُ فَإِذَا فُقِدُوا ضَلَّ السَّالِكُ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650098 " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ النَّاسِ ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ [ ص: 564 ] الْعُلَمَاءِ ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ عَالِمٌ اتَّخَذَ الْعِبَادُ رُؤُوسًا جُهَّالًا فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " .
أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=12685ابْنُ الْحُصَيْنِ بِسَنَدِهِ عَنْ
صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=665828 " إِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًى بِمَا يَطْلُبُ " .
وَذَكَرَ
أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ فِي مَعْنَى وَضْعِهَا أَجْنِحَتَهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا بَسْطُ الْأَجْنِحَةِ . وَالثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ التَّوَاضُعَ لِطَالِبِ الْعِلْمِ . وَالثَّالِثُ : النُّزُولُ عِنْدَ مَجَالِسِ الْعِلْمِ وَتَرْكُ الطَّيَرَانِ ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=665670 " مَا مِنْ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَعَالَى إِلَّا حَفَّتْ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ " .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=31سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653425 " وَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ " .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=675080 " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا مِنْ طُرُقِ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ ، وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، فَإِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَإِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ " .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=32مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ خَشْيَةٌ ، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ ، وَمُدَارَسَتَهُ تَسْبِيحٌ ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُهُ صَدَقَةٌ ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ ، وَهُوَ الْأُنْسُ فِي الْوَحْدَةِ وَالصَّاحِبُ فِي الْخَلْوَةِ .
وَقَالَ
كَعْبٌ : أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : أَنْ تَعَلَّمْ يَا
مُوسَى الْخَيْرَ وَعَلِّمْهُ لِلنَّاسِ ، فَإِنِّي مُنَوِّرٌ لِمُعَلِّمِ الْخَيْرِ وَمُتَعَلِّمِهِ فِي قُبُورِهِمْ حَتَّى لَا يَسْتَوْحِشُوا فِي مَكَانِهِمْ .
وَقَالَ
عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : مَنْ تَعَلَّمَ وَعَلَّمَ وَعَمِلَ فَذَلِكَ يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاءِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : خُيِّرَ
سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْمَالِ وَالْمُلْكِ ، فَاخْتَارَ الْعِلْمَ فَأُعْطِيَ الْمَالَ وَالْمُلْكَ مَعَهُ .
[ ص: 565 ] وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : لَيْتَ شِعْرِي أَيُّ شَيْءٍ أَدْرَكَ مَنْ فَاتَهُ الْعِلْمُ ؟ وَأَيُّ شَيْءٍ فَاتَ مَنْ أَدْرَكَ الْعِلْمَ .
وَلَا يَخْفَى فَضْلُ الْعِلْمِ بِبَدِيهَةِ الْعَقْلِ ، لِأَنَّهُ الْوَسِيلَةُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْخَالِقِ وَسَبَبُ الْخُلُودِ فِي النَّعِيمِ الدَّائِمِ ، وَلَا يُعْرَفُ التَّقَرُّبُ إِلَى الْمَعْبُودِ إِلَّا بِهِ ، فَهُوَ سَبَبٌ لِمَصَالِحِ الدَّارَيْنِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : لَوْلَا الْعُلَمَاءُ لَصَارَ النَّاسُ مِثْلَ الْبَهَائِمِ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15265الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ : كِتَابَةُ حَدِيثٍ وَاحِدٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ .
وَكَيْفَ لَا يَقُولُ هَذَا ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" يُوزَنُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ مَعَ دَمِ الشُّهَدَاءِ فَيَرْجَحُ مِدَادُ الْعُلَمَاءِ عَلَى دَمِ الشُّهَدَاءِ " .
وَمِنْ آدَابِ الْعَالِمِ : أَنْ يَتْرُكَ فُضُولَ الدُّنْيَا لِيَتَّبِعَهُ النَّاسُ ، فَإِنَّ الْاسْتِدْلَالَ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنَ الْاسْتِدْلَالِ بِالْقَوْلِ ، فَإِنَّ الطَّبِيبَ إِذَا أَمَرَّ الْحِمْيَةَ ثُمَّ خَلَطَ لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَى قَوْلِهِ .
أَخْبَرَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16604عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بِسَنَدِهِ عَنْ
أَبِي هَمَّامٍ الْكَلَاعِيِّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنِ أَنَّهُ مَرَّ بِبَعْضِ الْقُرَّاءِ عَلَى بَعْضِ أَبْوَابِ السَّلَاطِينِ ، فَقَالَ : أَقْرَحْتُمْ جِبَاهَكُمْ ، وَفَرْطَحْتُمْ نِعَالَكُمْ ، وَجِئْتُمْ بِالْعِلْمِ تَحْمِلُونَهُ عَلَى رِقَابِكُمْ إِلَى أَبْوَابِهِمْ فَزَهَدُوا فِيكُمْ ؟ أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ جَلَسْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ حَتَّى يَكُونُوا هُمُ الَّذِينَ يُرْسِلُونَ إِلَيْكُمْ لَكَانَ أَعْظَمَ لَكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ ، تَفَرَّقُوا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَ أَعْضَائِكُمْ !
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ : إِنَّ الزَّبَانِيَةَ إِلَى فَسَقَةِ حَمَلَةِ الْقُرْآنِ أَسْرَعُ مِنْهُمْ إِلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ ، فَيَقُولُونَ : رَبَّنَا مَا بَالُنَا يَتَقَدَّمُونَ إِلَيْنَا ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : لَيْسَ مَنْ يَعْلَمُ كَمَنْ لَا يَعْلَمُ !
أَخْبَرَنَا
يَحْيَى بْنُ عَلِيٍّ بِسَنَدِهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14356الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ عَظُمَتْ قِيمَتُهُ ، وَمَنْ تَفَقَّهَ نَبُلَ قَدْرُهُ ، وَمَنْ كَتَبَ الْحَدِيثَ قَوِيَتْ حُجَّتُهُ ، وَمَنْ تَعَلَّمَ اللُّغَةَ رَقَّ طَبْعُهُ ، وَمَنْ تَعَلَّمَ الْحِسَابَ جَزِلَ رَأْيُهُ ، وَمَنْ لَمْ يَصُنْ نَفْسَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ عِلْمُهُ .
سَمِعْتُ
إِسْمَاعِيلَ بْنَ أَحْمَدَ يَقُولُ : سَمِعْتُ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَطَاءٍ ، يَقُولُ : سَمِعْتُ
أَبَا نَصْرٍ الْحَوَارِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=11970أَبَا حَاتِمٍ الرَّازِيَّ يَقُولُ بِسَنَدِهِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17418يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى يَقُولُ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ يَقُولُ : كَتَبَ حَكِيمٌ إِلَى حَكِيمٍ : يَا أَخِي قَدْ أُوتِيتُ عِلْمًا فَلَا تُدَنِّسْ عِلْمَكَ بِظُلْمَةِ الذُّنُوبِ فَتَبْقَى فِي الظُّلْمَةِ يَوْمَ يَسْعَى أَهْلُ الْعِلْمِ بِنُورِ عِلْمِهِمْ .
وَالْمَأْخُوذُ عَلَى الْعِلْمِ : أَنْ يَطْلُبَ الْعِلْمَ لِلْعَمَلِ بِهِ . فَفِي الْحَدِيثِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=930991 " مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ ، أَوْ يُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ ، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " .
[ ص: 566 ] وَفِي أَفْرَادِ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660535 " إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةٌ ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ ، فَيُقَالُ لَهُ : مَا عَمِلْتَ ! فَيَقُولُ : تَعَلَّمْتُ فِيكَ الْعِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ . فَيُقَالُ : كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ لِيُقَالَ هُوَ عَالِمٌ فَقَدْ قِيلَ . وَقَرَأْتَ الْقُرْآنَ لِيُقَالَ هُوَ قَارِئٌ وَقَدْ قِيلَ . ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ " .
أَخْبَرَنَا
أَبُو مَنْصُورٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بِسَنَدِهِمَا عَنْ
أَبِي جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ تَوْبَةَ . يَقُولُ : رَأَيْتُ
أَبَا بَكْرٍ الْأَدَمِيَّ الْقَارِئَ فِي النَّوْمِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَمُدُّ يَدَهُ ، فَقُلْتُ لَهُ : تِلْكَ اللَّيَالِي وَالْمَوَاقِفُ وَالْقُرْآنُ ؟ فَقَالَ لِي : مَا كَانَ شَيْءٌ أَضَرَّ عَلَيَّ مِنْهَا لِأَنَّهَا كَانَتْ لِلدُّنْيَا . فَقُلْتُ لَهُ : فَإِلَى أَيِّ شَيْءٍ انْتَهَى أَمْرُكَ ؟ قَالَ : قَالَ لِي تَعَالَى : آلَيْتُ عَلَى نَفْسِي أَنْ لَا أُعَذِّبَ أَبْنَاءَ الثَّمَانِينَ .