[ ص: 388 ] سورة التوبة
nindex.php?page=treesubj&link=34128_34129_34130_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين فصل في نزولها
هي مدنية بإجماعهم ، سوى الآيتين في آخرها
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لقد جاءكم رسول من أنفسكم فإنها نزلت بمكة . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في "صحيحه" من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء قال: آخر سورة نزلت براءة وقد نقل عن بعض
العرب أنه سمع قارئا يقرأ هذه السورة ، فقال الأعرابي: إني لأحسب هذه من آخر ما نزل من القرآن . قيل له: ومن أين علمت! فقال: إني لأسمع عهودا تنبذ ، ووصايا تنفذ .
فصل
واختلفوا في أول ما نزل من
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة على ثلاثة أقوال .
أحدها: أن أول ما نزل منها قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25لقد نصركم الله في مواطن كثيرة [التوبة:25] ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . [ ص: 389 ] والثاني:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انفروا خفافا وثقالا [التوبة:41] ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11870أبو الضحى ، وأبو مالك .
والثالث:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إلا تنصروه [التوبة:40] قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . وهذا الخلاف إنما هو في أول ما نزل منها بالمدينة ، فإنهم قد قالوا: نزلت الآيتان اللتان في آخرها
بمكة . فصل
ولها تسعة أسماء . أحدها: سورة التوبة . والثاني: براءة; وهذان مشهوران بين الناس . والثالث: سورة العذاب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة . والرابع: المقشقشة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . والخامس: سورة البحوث ، لأنها بحثت عن سرائر المنافقين ، قاله
المقداد بن الأسود . والسادس: الفاضحة ، لأنها فضحت المنافقين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والسابع: المبعثرة ، لأنها بعثرت أخبار الناس ، وكشفت عن سرائرهم ، قاله
الحارث بن يزيد ، nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق . والثامن: المثيرة لأنها أثارت مخازي المنافقين ومثالبهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والتاسع: الحافرة ، لأنها حفرت عن قلوب المنافقين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
فصل
وفي سبب امتناعهم من كتابة التسمية في أولها ثلاثة أقوال .
أحدها: رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قال: قلت
nindex.php?page=showalam&ids=7لعثمان بن عفان: ما حملكم على أن عمدتم إلى (الأنفال) وهي من المثاني ، وإلى (براءة) وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما بسم الله الرحمن الرحيم ؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 390 ] إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب ، فيقول: "ضعوا هذا في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا" ، وكانت [الأنفال] من أوائل ما نزل
بالمدينة ، (وبراءة) من آخر القرآن ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها; وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يبين لنا أنها منها ، فظننا أنها منها; فمن ثم قرنت بينهما: ولم أكتب بينهما بسم الله الرحمن الرحيم وذكر نحو هذا المعنى عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : والشبه الذي بينهما ، أن في (الأنفال) ذكر العهود ، وفي (براءة) نقضها . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة يقول: هما سورة واحدة .
والثاني: رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية ، قال: قلت لأبي: لم لم تكتبوا في (براءة) بسم الله الرحمن الرحيم فقال: يا بني ، إن (براءة) نزلت بالسيف ، وإن بسم الله الرحمن الرحيم أمان . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة عن هذا ، فقال: لأن
nindex.php?page=treesubj&link=28876التسمية رحمة ، والرحمة أمان ، وهذه السورة نزلت في المنافقين .
والثالث:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما كتب في صلح الحديبية بسم الله الرحمن الرحيم لم يقبلوها وردوها ، فما ردها الله عليهم ، قاله
عبد العزيز بن يحيى المكي . فصل
فأما سبب نزولها ، فقال المفسرون: أخذت
العرب تنقض عهودا بنتها مع
[ ص: 391 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمره الله تعالى بإلقاء عهودهم إليهم ، فأنزل (براءة) في سنة ، تسع فبعث رسول الله
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر أميرا على الموسم ليقيم للناس الحج في تلك السنة ، وبعث معه صدرا من (براءة) ليقرأها على أهل الموسم ، فلما سار ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ، فقال: "اخرج بهذه القصة من صدر (براءة) وأذن في الناس بذلك" فخرج علي على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء حتى أدرك
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر ، فرجع
أبو بكر فقال: يا رسول الله ، أنزل في شأني شيء؟ قال: "لا ، ولكن لا يبلغ عني إلا رجل مني أما ترضى أنك كنت صاحبي في الغار ، وأنك صاحبي على الحوض"؟ قال: بلى يا رسول الله . فسار
أبو بكر أميرا على الحج ، وسار
علي ليؤذن بـ (براءة) .
فصل
وفي عدد الآيات التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم من أول (براءة) خمسة أقوال . أحدها: أربعون آية ، قاله
علي عليه السلام . والثاني: ثلاثون آية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . والثالث: عشر آيات ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والرابع: سبع آيات ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . والخامس: تسع آيات ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
فصل
فإن توهم متوهم أن في أخذ (براءة) من
أبي بكر ، وتسليمها إلى
علي ، تفضيلا
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي على
أبي بكر ، فقد جهل; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجرى
العرب في ذلك على عادتهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وقد جرت عادة
العرب في عقد عهدها ونقضها ، أن
[ ص: 392 ] يتولى ذلك على القبيلة رجل منها; وجائز أن تقول
العرب إذا تلا عليها نقض العهد من ليس من رهط النبي صلى الله عليه وسلم: هذا خلاف ما نعرف فينا في نقض العهود ، فأزاح النبي صلى الله عليه وسلم العلة بما فعل . وقال
عمرو بن بحر: ليس هذا بتفضيل
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي على
أبي بكر ، وإنما عاملهم بعادتهم المتعارفة في حل العقد ، وكان لا يتولى ذلك إلا السيد منهم ، أو رجل من رهطه دنيا ، كأخ ، أو عم; وقد كان
أبو بكر في تلك الحجة الإمام ، وعلي يأتم به
وأبو بكر الخطيب ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي يسمع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة: بعثني
أبو بكر في تلك الحجة مع المؤذنين الذين بعثهم يؤذنون
بمنى: أن لا يحج بعد العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان; فأذن معنا علي بـ (براءة) وبذلك الكلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي: nindex.php?page=hadith&LINKID=934754بعث رسول الله nindex.php?page=showalam&ids=8عليا يؤذن بأربع كلمات: "ألا لا يحج بعد العام مشرك ، ألا ولا يطوف بالبيت عريان ، ألا ولا يدخل الجنة إلا مسلم ، ألا ومن كانت بينه وبين محمد مدة فأجله إلى مدته ، والله بريء من المشركين ورسوله" .
فصل
فأما التفسير ، ف قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1براءة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: هي مرفوعة بإضمار "هذه" ومثله (سورة أنزلناها)[النور:2] . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يقال: برئت من الرجل والدين براءة ، وبرئت من المرض; وبرأت أيضا أبرأ برءا وقد رووا: برأت أبرؤ بروءا ولم نجد في ما لامه همزة: فعلت أفعل ، إلا هذا الحرف . ويقال: بريت القلم ، وكل شيء نحته: أبريه بريا ، غير مهموز . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء ، nindex.php?page=showalam&ids=17167ومورق ، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر: "براءة" بالنصب . قال المفسرون: والبراءة هاهنا: قطع الموالاة ،
[ ص: 393 ] وارتفاع العصمة ، وزوال الأمان . والخطاب في قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إلى الذين عاهدتم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنه هو الذي كان يتولى المعاهدة ، وأصحابه راضون; فكأنهم بالرضا عاهدوا أيضا; وهذا عام في كل من عاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: هم ثلاثة أحياء من
العرب: خزاعة ، وبنو مدلج ، وبنو جذيمة .
[ ص: 388 ] سُورَةُ التَّوْبَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=34128_34129_34130_28980nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَصْلٌ فِي نُزُولِهَا
هِيَ مَدَنِيَّةٌ بِإِجْمَاعِهِمْ ، سِوَى الْآَيَتَيْنِ فِي آَخِرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي "صَحِيحِهِ" مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=48الْبَرَاءِ قَالَ: آَخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ بَرَاءَة وَقَدْ نُقِلَ عَنْ بَعْضِ
الْعَرَبِ أَنَّهُ سَمِعَ قَارِئًا يَقْرَأُ هَذِهِ السُّورَةَ ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: إِنِّي لَأَحْسَبُ هَذِهِ مِنْ آَخَرِ مَا نَزَلْ مِنَ الْقُرْآَنِ . قِيلَ لَهُ: وَمِنْ أَيْنَ عَلِمْتَ! فَقَالَ: إِنِّي لَأَسْمَعُ عُهُودًا تُنْبَذُ ، وَوَصَايَا تُنَفَّذُ .
فَصْلٌ
وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ مِنْهَا قَوْلُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=25لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ [التَّوْبَةِ:25] ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ . [ ص: 389 ] وَالثَّانِي:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=41انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا [التَّوْبَةِ:41] ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11870أَبُو الضُّحَى ، وَأَبُو مَالِكٍ .
وَالثَّالِثُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=40إِلا تَنْصُرُوهُ [التَّوْبَةِ:40] قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٌ . وَهَذَا الْخِلَافُ إِنَّمَا هُوَ فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنْهَا بِالْمَدِينَةِ ، فَإِنَّهُمْ قَدْ قَالُوا: نَزَلَتِ الْآَيَتَانِ اللَّتَانِ فِي آَخِرِهَا
بِمَكَّةَ . فَصْلٌ
وَلَهَا تِسْعَةُ أَسْمَاءٍ . أَحَدُهَا: سُورَةُ التَّوْبَةِ . وَالثَّانِي: بَرَاءَةٌ; وَهَذَانَ مَشْهُورَانِ بَيْنَ النَّاسِ . وَالثَّالِثُ: سُورَةُ الْعَذَابِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=21حُذَيْفَةُ . وَالرَّابِعُ: الْمُقَشْقَشَةُ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ . وَالْخَامِسُ: سُورَةُ الْبُحُوثِ ، لِأَنَّهَا بَحَثَتْ عَنْ سَرَائِرِ الْمُنَافِقِينَ ، قَالَهُ
الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ . وَالسَّادِسُ: الْفَاضِحَةُ ، لِأَنَّهَا فَضَحَتِ الْمُنَافِقِينَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَالسَّابِعُ: الْمُبَعْثَرَةُ ، لِأَنَّهَا بَعْثَرَتْ أَخْبَارَ النَّاسِ ، وَكَشَفَتْ عَنْ سَرَائِرِهِمْ ، قَالَهُ
الْحَارِثُ بْنُ يَزِيدٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=12563وَابْنُ إِسْحَاقَ . وَالثَّامِنُ: الْمُثِيرَةُ لِأَنَّهَا أَثَارَتْ مَخَازِيَ الْمُنَافِقِينَ وَمَثَالِبَهُمْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ . وَالتَّاسِعُ: الْحَافِرَةُ ، لِأَنَّهَا حَفَرَتْ عَنْ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ .
فَصْلٌ
وَفِي سَبَبِ امْتِنَاعِهِمْ مِنْ كِتَابَةِ التَّسْمِيَةِ فِي أَوَّلِهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ، قَالَ: قُلْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=7لَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمْلُكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى (الْأَنْفَالِ) وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِيَ ، وَإِلَى (بَرَاءَةَ) وَهِيَ مِنَ الْمِئِينَ ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم ؟ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
[ ص: 390 ] إِذَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ يَدْعُو بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ ، فَيَقُولُ: "ضَعُوا هَذَا فِي السُّورَةِ الَّتِي يَذْكُرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا" ، وَكَانَتِ [الْأَنْفَالُ] مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَ
بِالْمَدِينَةِ ، (وَبَرَاءَةٌ) مِنْ آَخِرِ الْقُرْآَنِ ، وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا; وَقَبَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا ، فَظَنَنَّا أَنَّهَا مِنْهَا; فَمِنْ ثَمَّ قَرَنَتْ بَيْنَهُمَا: وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم وَذُكِرَ نَحْوُ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَالشَّبَهُ الَّذِي بَيْنَهُمَا ، أَنَّ فِي (الْأَنْفَالِ) ذِكْرُ الْعُهُودِ ، وَفِي (بَرَاءَةَ) نَقْضُهَا . وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ يَقُولُ: هُمَا سُورَةٌ وَاحِدَةٌ .
وَالثَّانِي: رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12691مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي: لِمَ لَمْ تَكْتُبُوا فِي (بَرَاءَةَ) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم فَقَالَ: يَا بُنَيَّ ، إِنَّ (بَرَاءَةَ) نَزَلَتْ بِالسَّيْفِ ، وَإِنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم أَمَانٌ . وَسُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ هَذَا ، فَقَالَ: لِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28876التَّسْمِيَةَ رَحْمَةٌ ، وَالرَّحْمَةُ أَمَانٌ ، وَهَذِهِ السُّورَةُ نَزَلَتْ فِي الْمُنَافِقِينَ .
وَالثَّالِثُ:
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمَّا كَتَبَ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَن الرَّحِيم لَمْ يَقْبَلُوهَا وَرَدُّوهَا ، فَمَا رَدَّهَا اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، قَالَهُ
عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ . فَصْلٌ
فَأَمَّا سَبَبُ نُزُولِهَا ، فَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَخَذَتِ
الْعَرَبُ تَنْقُضُ عُهُودًا بِنَتْهَا مَعَ
[ ص: 391 ] رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِإِلْقَاءِ عُهُودِهِمْ إِلَيْهِمْ ، فَأَنَزَلَ (بَرَاءَةً) فِي سَنَةِ ، تِسْعٍ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْمَوْسِمِ لَيُقِيمَ لَلنَّاسِ الْحَجَّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ ، وَبَعَثَ مَعَهُ صَدْرًا مِنْ (بَرَاءَةَ) لَيَقْرَأَهَا عَلَى أَهْلِ الْمَوْسِمِ ، فَلَمَّا سَارَ ، دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيًّا ، فَقَالَ: "اخْرُجْ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ مَنْ صَدْرِ (بَرَاءَةَ) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِذَلِكَ" فَخَرَجَ عَلَيٌّ عَلَى نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَضْبَاءِ حَتَّى أَدْرَكَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ ، فَرَجَعَ
أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْزِلُ فِي شَأْنِي شَيْءٌ؟ قَالَ: "لَا ، وَلَكِنْ لَا يُبَلِّغُ عَنِّي إِلَّا رَجُلٌ مِنِّي أَمَا تَرْضَى أَنَّكَ كُنْتَ صَاحِبِي فِي الْغَارِ ، وَأَنَّكَ صَاحِبِي عَلَى الْحَوْضِ"؟ قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَسَارَ
أَبُو بَكْرٍ أَمِيرًا عَلَى الْحَجِّ ، وَسَارَ
عَلَيٌّ لِيُؤَذِّنَ بِـ (بَرَاءَةَ) .
فَصْلٌ
وَفِي عَدَدِ الْآَيَاتِ الَّتِي بَعَثَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَوَّلِ (بَرَاءَةَ) خَمْسَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَرْبَعُونَ آَيَةً ، قَالَهُ
عَلَيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ . وَالثَّانِي: ثَلَاثُونَ آَيَةً ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ . وَالثَّالِثُ: عَشْرُ آَيَاتٍ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12047أَبُو صَالِحٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالرَّابِعُ: سَبْعُ آَيَاتٍ ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16568عَطَاءٍ . وَالْخَامِسُ: تِسْعُ آَيَاتِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٌ .
فَصْلٌ
فَإِنْ تَوَهَّمَ مُتَوَهِّمٌ أَنَّ فِي أَخْذِ (بَرَاءَةَ) مِنْ
أَبِي بَكْرٍ ، وَتَسْلِيمِهَا إِلَى
عَلَيٍّ ، تَفْضِيلًا
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ ، فَقَدْ جَهِلَ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْرَى
الْعَرَبَ فِي ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ
الْعَرَبِ فِي عَقْدِ عَهْدِهَا وَنَقْضِهَا ، أَنْ
[ ص: 392 ] يَتَوَلَّى ذَلِكَ عَلَى الْقَبِيلَةِ رَجُلٌ مِنْهَا; وَجَائِزٌ أَنْ تَقُولَ
الْعَرَبُ إِذَا تَلَا عَلَيْهَا نَقْضَ الْعَهْدِ مَنْ لَيْسَ مِنْ رَهْطِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَذَا خِلَافُ مَا نَعْرِفُ فِينَا فِي نَقْضِ الْعُهُودِ ، فَأَزَاحَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعِلَّةَ بِمَا فَعَلَ . وَقَالَ
عَمْرُو بْنُ بَحْرٍ: لَيْسَ هَذَا بِتَفْضِيلٍ
nindex.php?page=showalam&ids=8لِعَلِيٍّ عَلَى
أَبِي بَكْرٍ ، وَإِنَّمَا عَامَلَهُمْ بِعَادَتِهِمُ الْمُتَعَارَفَةِ فِي حَلِّ الْعَقْدِ ، وَكَانَ لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ إِلَّا السَّيِّدُ مِنْهُمْ ، أَوْ رَجُلٌ مِنْ رَهْطِهِ دَنِيًّا ، كَأَخٍ ، أَوْ عَمٍّ; وَقَدْ كَانَ
أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحُجَّةِ الْإِمَامَ ، وَعَلِيٌّ يَأْتَمُّ بِهِ
وَأَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ ، nindex.php?page=showalam&ids=8وَعَلِيٌّ يَسْمَعُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ: بَعَثَنِي
أَبُو بَكْرٍ فِي تِلْكَ الْحُجَّةِ مَعَ الْمُؤَذِّنِينَ الَّذِينَ بَعَثَهُمْ يُؤَذِّنُونَ
بِمِنَى: أَنْ لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ; فَأَذَّنَ مَعَنَا عَلِيٌّ بِـ (بَرَاءَةَ) وَبِذَلِكَ الْكَلَامِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشَّعْبِيُّ: nindex.php?page=hadith&LINKID=934754بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيًّا يُؤَذِّنُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ: "أَلَا لَا يَحُجُّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ ، أَلَا وَلَا يَطُوفُ بِالْبَيْتِ عُرْيَانٌ ، أَلَا وَلَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا مُسْلِمٌ ، أَلَا وَمَنْ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُحَمَّدٍ مُدَّةً فَأَجَلُهُ إِلَى مُدَّتِهِ ، وَاللَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِهِ" .
فَصْلٌ
فَأَمَّا التَّفْسِيرُ ، فَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1بَرَاءَةٌ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الْفَرَّاءُ: هِيَ مَرْفُوعَةٌ بِإِضْمَارِ "هَذِهِ" وَمِثْلُهُ (سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا)[النُّورِ:2] . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : يُقَالُ: بَرِئْتُ مِنَ الرَّجُلِ وَالدِّينِ بَرَاءَةً ، وَبَرِئْتُ مِنَ الْمَرَضِ; وَبَرَأْتُ أَيْضًا أَبْرَأُ بُرْءًا وَقَدْ رَوَوْا: بَرَّأْتُ أَبْرُؤُ بُرُوءًا وَلَمْ نَجِدْ فِي مَا لَامُهُ هَمْزَةٌ: فَعَلْتُ أَفْعَلُ ، إِلَّا هَذَا الْحَرْفَ . وَيُقَالُ: بَرَيْتُ الْقَلَمَ ، وَكُلُّ شَيْءٍ نَحَتَّهُ: أَبْرِيهِ بَرْيًا ، غَيْرَ مَهْمُوزٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أَبُو رَجَاءٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=17167وَمُورِقٌ ، nindex.php?page=showalam&ids=17344وَابْنُ يَعْمُرَ: "بَرَاءَةً" بِالنَّصْبِ . قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: وَالْبَرَاءَةُ هَاهُنَا: قَطَعُ الْمُوَالَاةِ ،
[ ص: 393 ] وَارْتِفَاعُ الْعِصْمَةِ ، وَزَوَالُ الْأَمَانِ . وَالْخِطَابُ فِي قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=1إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ لِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَالْمُرَادُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ يَتَوَلَّى الْمُعَاهَدَةَ ، وَأَصْحَابُهُ رَاضُونَ; فَكَأَنَّهُمْ بِالرِّضَا عَاهَدُوا أَيْضًا; وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ عَاهَدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17132مُقَاتِلٌ: هُمْ ثَلَاثَةُ أَحْيَاءٍ مِنَ
الْعَرَبِ: خُزَاعَةُ ، وَبَنُو مُدْلِجٍ ، وَبَنُو جُذَيْمَةَ .